spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

هاني الترك OAM- نعم كان قبلها وإعتذرت له

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM دخلت المواطنة أولغا...

ريما الكلزلي- قراءة في فكر الباحث ماجد الغرباوي

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة ريما الكلزلي تجلّيات التنوّع...

أ.د.عماد شبلاق ـ الشعب يريد تعديل النظام!

مجلة عرب أستراليا- بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق-رئيس الجمعية الأمريكية...

كارين عبد النور- الحسم لـ”الدونكيشوتية” والفرز السياسي في “مهندسي بيروت”

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «ما رأيناه...

علي شندب- عن إصلاحات عسكرية فجرت السودان

مجلة عرب أستراليا سيدني

عن إصلاحات عسكرية فجرت السودان

بقلم الكاتب علي شندب

ما كان للقيادي في حزب المؤتمر الوطني أحمد هارون التابع للرئيس المخلوع عمر البشير، أن يغادر سجنه لولا التغطية أو غضّ النظر من قبل بعض قيادة الجيش السوداني التي أثبتت التطورات الميدانية افتقادها لحاضنة شعبية كالتي تتمتع بها عادة الجيوش الوطنية غير تلك التي يوفرها للجيش نظام البشير الذي لم يزل ممسكاً بدواليب الدولة.

كلام هارون عن حمل السلاح وحماية نفسه بنفسه، كان بمثابة جرعة أو حقنة عنيفة تحتاجها تنظيمات حزب المؤتمر الوطني المحظور وحلفائه بعد الثورة التي أطاحت بواجهة النظام البشعة عمر البشير.حقنة انعكست تعبئة خطيرة تمثلّت بالدعوة لفتح “المعسكرات” أمام “المجاهدين”، ظاهرها الوقوف مع الجيش، وباطنها صبّ الزيت على النار المشتعلة أصلاً مع قوات الدعم السريع، وعُـبّر عنها بفتوى أطلقها تلفزيونياً الشيخ المتطرّف”عبد الحي يوسف”، وقضت الفتوى بهدر دم قيادات القوى السياسية والمدنية والطلب الى الجيش تفريقهم بالقوة ولو أدّى الأمر إلى قتلهم، ويرجّح أن يعبر عنها بالمفخّخات والإغتيالات أيضاً.

إنه أمر بالقتل مغلّف بفتوى إلى القوّات المسلحة إذن، لماذا؟ لأنّ قيادة القوات السودانية مُسيطر عليها من الحركات المتطرفة المتمايزة عن أقرانها في البلاد العربية، الذين يكفرون الجيوش ويفخخونها ولا يدعمونها.أمر بالقتل، يرجّح أن يدخل السودان في أتون حرب يتداخل فيها القبلي بالمناطقي بالعرقي بالطائفي. حرب تذكّر بالحرب مع حركة جون غارانغ التي انتهت بتقسيم السودان، واستقلال “جنوب السودان” بحضور الجامعة العربية. فهل سينتج عن الحرب الحالية إعادة العمل بمقص شرائط الأقاليم لتقسيم السودان الحالي الى ثلاثة دول كما تشي الخرائط الأمريكية والبريطانية؟

لن نستغرق الآن في الحديث عن التقسيم ومآلاته وتداعياته، ولا عن الفواعل الداخلية والخارجية المتربّصة بالسودان على نار باردة حيناً وحامية غالباً. لكن لماذا السودان مصاب بأزمات وجودية شبه مستعصية، رغم الثروات الطبيعية والمنجمية والطاقوية والأهم الموارد البشرية التي يكتنزها؟

نعم يكتنزها، لكنّ الأفاعي الأجنبية تمنعه من التصرّف بها، بشهادة الأمريكيين الذين تستوطن حلوقهم مرارة إنسحابهم المخزي من أفغانستان، فمارسوا الكثير من المناورات أثناء إجلاء رعاياهم تحت خط النار من الخرطوم، بعدما سبقتهم دول أوروبية وآسيوية.

أزمة السودان ليست مستعصية إذن، بل ممنوعة الحلول. فعندما كادت مظاهرات الخرطوم أن تقتلع عمر البشير بأيديها، تدخل الساحر الأميركي انتوني بلينكن مقنعاً قيادة الجيش بتنحية البشير، ومانعاً قوى التغيير من تذوق لقمة نصر حقيقية تمكنها من بناء الدولة المدنية المنشودة.وإذ بالسودانيين ونتيجة مكر الساحر الأمريكي يجدون أنفسهم أمام عمر بشير جديد إسمه عبد الفتاح البرهان الذي نفّذ ثلاثة انقلابات. أولّها، على البشير دون نظامه، وثانيها، على حكومة عبدالله حمدوك، وثالثها على قوى الحرية والتغيير والدعم السريع من خلال رفضه الإستجابة لمطالب شريكه السابق (حميدتي) في تنفيذ الإصلاحات في المؤسّسة العسكرية قبل الدمج بينها وبين الدعم السريع، ما تسبّب في إندلاع الحرب، فما هي قصّة الإصلاحات:

لم يعُد سرّاً أن حميدتي قدّم للبرهان مذكرة مسوّدة للنقاش حول الإصلاحات في المؤسّسة العسكرية قبل إتمام عملية الدمج، فاستمهله البرهان بضعة أيّام لدراستها، ثمّ أبلغ حميدتي رفضه لها. وفي مقال سابق بعنوان “حكم الأقلية للأكثرية وجذور الصراع بين الجيش والدعم السريع”عرضنا بشكل مسهب لإشكالية تحكّم أقلية اجتماعية لا يتجاوز عددها 3 ملايين نسمة، بأكثرية مناطق وولايات السودان التي تتجاوز 40 مليون نسمة. واليوم سنشرح ما المقصود بالإصلاحات في المؤسّسة العسكرية، أو التجسيد العملي الجاحظ للعميان لحكم الأقلية للأكثرية داخل الجيش السوداني بوصفه عصب السلطة ومنتجها الدائم عبر الإنقلابات.

وبحسب ما كشفه أكثر من مصدر سوداني عليم،فإنّ بند الإصلاحات الأوّل ينصّ على أنّ “تطويع الضبّاط في الكلية الحربية ينبغي أن يخضع لشرطي الدرجة العلمية وملحقاتها من جهة، ونسبة التعداد السكاني على مستوى الأقاليم والمناطق والمكونات الاجتماعية”.بمعنى أن يكون لكل مكوّن جغرافي وإجتماعي عدد من الضباط يتلاءم مع حجمه ونسبته السكانية.

وإذا ما أردنا أن نبيّن تركيبة الجيش اليوم، فيتبين أنه وبحسب “لواء ركن متقاعد كبير”يضمّ نحو 3100 ضابط، بينهم نحو 2870 ضابط ينحدرون من مناطق جغرافية ومكوّنات إجتماعية محدّدة في مناطق شمال السودان التي يصل تعدادها تجاوزاً لنحو ثلاثة ملايين نسمة. في حين أن مناطق كردفان ودارفور تضمّ نحو 15 مليون نسمة نسبتها من ضبّاط الكلية الحربية لا تتجاوز الـ 5% في أحسن الأحوال. إن هذه الأرقام والنسب المئوية لوحدها تكشف حجم الفجوة العميقة في بنية وهيكلية القوات المسلحة.

أما بالنسبة للجنود والرتباء، فالتجنيد الإلزامي في الجيش شبه حصري بالأقاليم المهمّشة مثل النيل الأزرق وكردوفان ودارفور، ويسري شكلياً في مناطق الشمال التي تُمسك بعنق وشرايين الكلية الحربية، تماماً كما تُمسك ببقية إدارات ومؤسّسات الدولة. ويُمسك بعنق كل هؤلاء كوادر حزب المؤتمر الوطني برئاسة عمر البشير الذي أرسى هذه المعادلات داخل الدولة خلال عقدين من حكمه مع حسن الترابي وبدونه.

لهذه الأسباب الوجودية رفض البرهان الإصلاحات في الجيش الذي بات واضحاً أنه بحسب مصادر متنوعة عبارة عن طبقة تمثل أقلية جغرافية واجتماعية مهمتها الدفاع عن مصالح وامتيازات خاصة، وهذا ما يفسّر انحسار الدعوة للدفاع عن الجيش برموز حزب البشير ونخب المناطق الشمالية.

لكن وللإنصاف، فحكم الأقلية ليس امتيازاً سودانياً حصرياً. فغالبية بلادنا العربية محكومة، إمّا من قبيلة الحزب أو العشيرة أو المصلحة أو الطائفية كما كان وضع لبنان قبل أن ينفجر منتصف سبعينات القرن الماضي.

فهل من يتعلم من درس السودان، كما تعلّم فلاديمير بوتين من درس ليبيا!

رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=29137

ذات صلة

spot_img