spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

سوزان عون ـ قراءة نقدية من الأستاذ المهندس فادي جميل

مجلة عرب أستراليا-قراءة نقدية من الأستاذ المهندس فادي جميل  تستكشف...

ريفيل بالمان: تحقيق فيما إذا كانت عارضة أزياء سيدني قد قُتلت بسبب الديون

مجلة عرب أستراليا Nightly ريفيل بالمان: تحقيق يحقق فيما إذا...

علا بياض ـ أستراليا بلد التكامل الاجتماعي رغم تهديدات التطرف والإرهاب

أستراليا بلد التكامل الاجتماعي رغم تهديدات التطرف والإرهاب بقلم صاحبة...

روني عبد النور ـ البكتيريا والمستشفيات… أين تنشأ العدوى؟

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتب روني عبد النور مَن منّا...

د.زياد علوش -“قطر” ترفض استغلال وساطتها

مجلة عرب أستراليا- بقلم د.زياد علوش أكد  الشيخ محمد بن...

كارين عبد النور تكشف في تحقيقاتها تفاصيل جديدة عن إنفجار مرفأ بيروت

كارين عبد النور تكشف  في تحقيقاتها تفاصيل جديدة عن إنفجار مرفأ بيروت

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم ـ كارين عبد النور

ماذا لَو؟ 

رغم المعطيات التي وردت في الجزء الأول، غير أن البعض كان على يقين من أن المالك الحقيقي لأطنان الموت يختبىء خلف سَيل من الأسماء والشركات الوهمية. وليس جديداً على عالَم العمليات الأمنية المعقّدة أن تجنّد الجهات المنفّذة لإيصال العامة، وعن سابق تصوّر وتصميم، إلى مستندات ووثائق مفخّخة بالمعلومات المضلّلة، وتحديداً لجهة الذين يقدَّمون على أنهم أبطال الحكاية في شقّها الشرير، فيما أدوارهم الحقيقية لا تتعدى غالباً الدور الثانوي التقليدي: دور الواجهة للرأس المدبّر الفعلي وكبش فداء حين يقتضي الأمر. فمن هم الأفراد والشركات – وربما الدول – التي خطّطت لترسو الباخرة حيث رست وهل تغرق الحقيقة مع غرق السفينة؟

ماذا وراء الإسمَين الخفيَّين؟

البداية مع الروسي Igor Grechushkin الذي قيل أنه مالك السفينة Rhosus، والذي تمّ الادعاء عليه عبر الإنتربول، علماً بأن تحقيقات صحافية لاحقة أظهرت أن السفينة كانت لحظة وقوع الانفجار مملوكة من شركة Briarwood العائدة إلى رجل الأعمال القبرصي المعروف، Columbus Manolli، فيما شركة Teto Shipping، العائدة لـGrechushkin، لم تكن تملك سوى عقد تشغيل تحيطه علامات استفهام كثيرة.

إسم آخر كان قد حضر بقوة ضمن المستندات الرسمية: Boris Prokoshev، القبطان الروسي الذي كان على متن السفينة عند دخولها إلى لبنان، والذي تمّ الادعاء عليه عبر الإنتربول أيضاً، فيما بقي القبطان الأساسي،Viachelsav Abakumov ، بعيداً عن دائرة الضوء والتحقيقات، علماً بأنه من انطلق بالرحلة من ميناء باتومي في جورجيا حيث جرى تحميل البضاعة. لا بل حتى أن الورقة التي دخلت بموجبها البضاعة إلى ميناء بيروت كانت تحمل توقيعه.

جميعها مخالفات مشبوهة تؤكّد أن الباخرة كناية عن كتلة ألغاز مستقصدة. فوجود إسمَين خفيَّين وراء الإسمَين الظاهرَين لكل من قبطان السفينة ومالكها لا بدّ وأن يشكل حافزاً للاستقصاء.

من جورجيا إلى روسيا

تنطلق الرحلة الاستقصائية من مصنع Rustavi Azot وهوالمصنع الجورجي الذي طُلبت منه الشحنة والذي كان مملوكاً في تلك الفترة – ظاهرياً أقلّه – من Roman Pipia، رجل الأعمال الجورجي الحاصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من روسيا. أما المصنع، فتأسّس في العام 1947 في فترة الحكم السوفييتي لجورجيا وأثقلته الديون، أو أُثقل بها عمداً في فترة التسعينيات، قبل أن تتمّ خصخصته ليصبح مملوكاً بنسبة 90% من شركة Etra الروسية، لتنتقل ملكيته بعد ذلك، وفي صفقة مفاجئة وغامضة، إلى Pipia. وقد تبيّن أنّه جرى الاشتباه بالمصنع ببيع نترات الأمونيوم، ليس فقط للمناجم لاستخدامها كمتفجرات، بل لحركات معارِضة وإرهابية وتنظيمات مسلّحة في دول إفريقيّة مختلفة.

بانتقال ملكية المصنع من حضن الدولة الجورجية إلى حضن جهات مرتبطة بالجار الأكبر، انتقل قرار عمليات البيع في المصنع ليصبح بدوره خاضعاً لإرادة الشركات الروسية. وبتعبير أدق، لشركة Dreymoor للأسمدة الزراعية التي تتّخذ من سنغافورة مقرّاً لها، والتي صار المرور عبرها إلزامياً لأي صفقة. وبحسب تقرير وزارة التجارة الهندية في العام 1993، تبيّن أنّ العمليات التجارية لا تتمّ مباشرة مع مصنع Rustavi Azot، إنّما عبر شركة Dreymoor.

فكيف استطاع مصنع Azot أن ينفّذ هذا العقد وبهكذا سهولة وسلاسة مع مصنع موزمبيق، فيما الأمر يستحيل حدوثه دون موافقة الشركة الروسية؟

شركات وهمية

ضمن وثائقي عُرض على قناة “الجديد” اللبنانية، أكّد المتحدّث بإسم مصنع موزمبيق أنّه لم يعقد صفقة مباشرة مع مصنع جورجيا الذي صُنّعت فيه مادة نترات الأمونيوم، لا بل إن الصفقة تمّت عبر وسيط. وهذا الوسيط هو شركة Savaro التي تأسّست في العام 2006 تحت عنوان مسجّل في العاصمة البريطانية، لندن. وقد تولّت إدارتها شركة غامضة أخرى، Interstatus Limited ومقرّها قبرص، علماً بأن تصاريح الشركة منذ تأسيسها تشير إلى أنها شركة غير ناشطة.

هذه الشركات تميل عادة إلى ألّا يكون لديها وجود في العالم الفعلي من خلال عناوين لمكاتب خالية من أي موظف ودون القيام بأي نشاط تجاري. وبالعادة، لا يملكها الأشخاص الذين يقفون وراءها ما يسهّل الانخراط في عمليات مشبوهة. من ناحيتها، ونتيجة للمتابعة، تبيّن أن Savaro كانت تتصرّف كسائر الشركات المشبوهة لناحية تسجيلها كشركة غير ناشطة أو التغيير المستمرّ لأسماء المدراء والعناوين المرتبطة بها (التي ظهر أنها مجرّد عناوين لشقق مهجورة). وقد تمّ تسجيل المئات من الشركات الوهمية الأخرى على نفس تلك العناوين. فلماذا أنشئت هذه الشركة ومن هو المالك الحقيقي لها؟

 

سوريّون متورّطون

على نفس عنوان شركة Savaro، تبيّن وجود ما يقارب 70 شركة مسجّلة في بريطانيا عام 2013 وتحمل جميعها مواصفات الشركات الوهمية، باستثناء شركة واحدة كان لها نشاط فعلي، وهي شركة Hesko للهندسة والإنشاءات. والأخيرة تأسّست في آب/أغسطس 2005 وحُلّت في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، أي بعد نحو ثلاثة أشهر من انفجار مرفأ بيروت. أما مالك ومدير الشركة، فهو جورج حسواني، رجل الأعمال والملياردير السوري المقيم في موسكو والمقرّب من دوائر القرار هناك.

خرج إسم حسواني إلى دائرة الضوء بعد حادثة اختطاف راهبات معلولا في العام 2013، وتحديداً حين أقامت المختطَفات في منزله قبيل إطلاق سراحهنّ من قِبَل “جبهة النصرة”. ويُذكر أن حسواني وشركته قد أُدرجا على لائحة العقوبات الأميركية بسبب لعب أدوار ظلّ خطيرة على خط التواصل بين النظام السوري وحركة “داعش”؛ وعلاقات مشبوهة بشركتين وهميّتين في لندن صودف أنهما تتشاركان العنوان نفسه مع شركة Savaro!

ولـSavaro عنوان وهمي آخر يتطابق مع عنوان شركةIK Petroleum  التي تأسّست عام 2013 قبل أقل من شهر من إصدار بوليصة شحن نترات الأمونيوم. أما صاحب الشركة، فهو عماد خوري، من رجال سوريا الأثرياء المقيمين في روسيا والموضوعين على لائحة العقوبات. وهو شقيق مدَلّل خوري، أحد أكثر السوريّين نفوذاً في روسيا. لكن من منظار الإدارة الأميركية التي وضعته على لائحة العقوبات، فإن كل أعماله كانت مشبوهة، ومن ضمنها محاولة نقل نترات الأمونيوم تحديداً.

ما تقدّم يوضح بأن الشركة المشترية لشحنة الموت ليست سوى واجهة لجهة ما قد تكون بحجم دولة، أو حتى دول. وقد تبيّن أيضاً أن مدير الشركة الممثّلة لشركة Savaro أمام السلطات البريطانية هو Alex Strokov، الرجل الذي يرد إسمه وإسم زوجته كمشتبه فيهما في عمليات تبييض أموال، تنطلق من موسكو وتستخدم الشركات الوهمية غطاء لها.

مصرف نترات الأمونيوم

“صدفة” أخرى، لكن هذه المرة من قبرص ومن مصرف FBME، على وجه التحديد. ففي العام 2011، حصل المالك السابق، وربما الأخير، للسفينة Columbus Manolli على قرض من المصرف المذكور بقيمة 4 ملايين دولار لشراء سفينة تجارية جديدة. وحين لم يتمكن من تسديد قيمة القرض، انتهى الأمر بعد أشهر فقط ببيع المصرف للسفينة بالمزاد العلني. فهل كانت السفينة المرهونة تساوي فعلاً هذا المبلغ الباهظ؟ وإن لم يكن الأمر كذلك، لماذا وافق المصرف على قيمة القرض، ولماذا اشتراها Manolli بهذه القيمة أصلاً؟ ثم كيف ولِمَن تمّت إعادة البيع في المزاد العلني؟ وأين استُخدمت الملايين الأربع وهل دُفعت للشركات الوهمية الواردة أسماؤها في ملف الشحنة؟ وهل أعطي القرض كي يُردّ أم أنه يحمل شبهة تبييض الأموال؟

هذه الأسئلة وغيرها أصبحت مشروعة حين تبيّن أن الخزانة الأميركية وضعت مصرف FBME على لائحة العقوبات عام 2014 نظراً لعملياته المصرفية المشبوهة. وبعد التدقيق في حسابات المصرف تأكّد أن كلاً من جورج حسواني والشقيقَين مدَلّل وعماد خوري يتصدّرون قوائم عملائه.

هل هي “صدفة” أخرى أن يتوارى أفراد خطيرون وأفراد أكثر خطورة وتختبىء شركات داخل أخرى؟ أحد أسئلة كثيرة تستحق الإجابة. إذ، بناء على ما تقدّم، لم يعد الشكّ في أصل وفصل الرواية الرسمية لباخرة الموت Rhosus إثماً على الإطلاق.

 

رابط مختصر .. https://arabsaustralia.com/?p=35431

ذات صلة

spot_img