spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 48

آخر المقالات

الحكومة العمالية تحقق فائض في الميزانية

مجلة عرب أستراليا الحكومة العمالية تحقق فائض في الميزانية لثاني...

الحكومة العمالية تحقق فائض في الميزانية لثاني مرة على التوالي

الحكومة العمالية تحقق فائض في الميزانية لثاني مرة على...

هاني الترك OAM – صورة فلسطينية تفوز بالجائزة العالمية

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتب هاني الترك OAM شهد العالم...

د. زياد علوش ـ “الكويت” قيادة رشيدة وشعب طيب

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش في ظل تعثر...

ليلى تبّاني ـ قراءة نقدية تحليلية في رواية “خي جيديوس” للكاتبة مرلين سعادة

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة ليلى تبّاني خَـيّ جيديوس ....لكم...

روني عبد النور ـ البكتيريا والمستشفيات… أين تنشأ العدوى؟

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتب روني عبد النور

مَن منّا لم يصادف شخصاً توجّس من التقاط عدوى بكتيرية داخل مستشفى بما يفوق توجُّسه من حالة طبية يعاني منها؟ ربما لا أحد. فالعدوى المكتسَبة داخل المستشفيات معضلة حقيقية. أما منظمة الصحة العالمية، فتصف مقاوَمة المضادات الحيوية كأحد أكثر عشرة تهديدات شدّة للصحة العامة العالمية. كيف التصدّي، والحال كذلك، لهذه المعضلة الحقيقية؟

بداية العام الحالي، اكتشف فريق بحثي من جامعة بازل – عبر تحليل 61 مسبّباً للأمراض البكتيرية غير المعروفة في عيّنات دم وأنسجة مرضى في المستشفيات – 35 نوعاً جديداً من البكتيريا. وتبيّن أن سبعة من الأنواع تلك قد تتسبّب بالعدوى البشرية، ما يشي بأن المعضلة آخذة في التفاقم.

بدورهم، توصّل باحثون بريطانيون أواخر العام الماضي إلى أن سوائل التبييض لا تقضي على البكتيريا الخارقة (والمميتة) في المستشفيات. واستشهدوا، كما ورد في مجلة Microbiology، بالمطثية العسيرة كأحد أنواع بكتيريا الأمعاء التي أكثر ما تصيب كبار السنّ، من يتلقّون علاجاً في المستشفيات، ومن يعانون ضعفاً في الجهاز المناعي.

رغم أن التوجيهات الحكومية البريطانية تتطلّب معالجة البكتيريا المذكورة باستخدام عوامل تنظيف تحتوي على الكلور بنسبة تركيز لا تقل عن 1000 جزء في المليون، إلّا أن ثمة اعتقاداً بعدم كفاية ذلك. وأحد الأسباب هو الإفراط في استخدام المبيدات الحيوية الذي يستحيل تزايداً في قدرة البكتيريا على المقاوَمة. وبالفعل، كشفت الأبحاث أن جراثيم سلالات المطثية العسيرة نجت من مبيّضات هيبوكلوريت الصوديوم – بتركيز يتراوح بين 1000 و10000 جزء في المليون – بعد تعريض الأولى للثانية لمدّة عشر دقائق.

لا بل هناك ما هو أسوء. فقد سلّطت دراسة إيرلندية، نُشرت قبل أشهر في مجلة Journal of Hospital Infection، الضوء على كون أنظمة الصرف الصحي في المستشفيات خزّاناً لمسبّبات الأمراض المقاوِمة للمضادات الحيوية. تمّ استخراج الحمض النووي من 20 عيّنة أنابيب من غرف أحد أجنحة مستشفى شهد حالات تفشّي للعدوى. وجرى تحليل العزلات السريرية لمرضى الجناح المذكور ممّن سبق وحُدّدت إصابتهم ببكتيريا مقاوِمة. فجاء تسلسُل الحمض النووي للعيّنات ليكشف عن مخزون متنوّع من الجينات المقاوِمة لمضادات كالتتراسيكلين وبيتا لاكتام.

وهنا المفاجأة. إذ خلصت دراسة أميركية نشرتها قبل أيام مجلة Science Translational Medicine  إلى أن معظم حالات العدوى تنتج عن بكتيريا غير ضارة سبق وتواجدت على أجسام المرضى قبل دخولهم المستشفى. وقد جرى، لمدّة عام، أخْذ عيّنات من البكتيريا التي تستوطن الأنف والجلد والبراز من أكثر من 200 مريض قبل خضوعهم للجراحة. فكشفت النتائج، رغم اختلاف أنواع البكتيريا التي تستوطن جلد ظهر المرضى، ما يلي: تلك الموجودة في الجزء العلوي من الظهر تشبه كثيراً بكتيريا الأنف؛ أما تلك المنتشرة في أسفل الظهر، فكانت أكثر تشابهاً مع التي لُحظت في القناة الهضمية والبراز.

كذلك، جاءت 86% من البكتيريا المسبّبة للعدوى بعد الجراحة مطابِقة وراثياً لتلك التي حملها المرضى قبل الجراحة. بينما ظهرت في ما يقرب 60% من حالات العدوى مقاوَمةٌ للمضادات الحيوية التي تناولوها أثناء الجراحة. فما السبيل لفكفكة هذه التعقيدات؟

تمكّن فريق من كلية إيكان الأميركية للطب، حسبما جاء في مجلة Nature Structural & Molecular Biology، من تفعيل آلية دفاع حيوية – وواعدة – لمحاربة العدوى البكتيرية، استناداً إلى نظام إشارات مضاد للفيروسات يعتمد على قليل النوكليوتيد الحلقي. وهو نمط تستخدمه بعض أنواع البكتيريا من خلال التدمير الذاتي، أي تدمير الحمض النووي للخلية بغية السيطرة على الالتهابات وصدّ الهجمات الفيروسية.

وعلى المقلب الآخر من الأطلسي، قام علماء من جامعة نوتنغهام العام الماضي، وفق مجلة Nano Select، باعتماد معقّم الكلورهيكسيدين، المستخدَم للتنظيف قبل الجراحة، لطلاء أحد أنواع البوليمر. فلاحظوا أن الطلاء المستحدَث قابل لتشكيل طبقة قادرة في غضون 30 دقيقة على القضاء على البكتيريا التي تستوطن المنتجات البلاستيكية في المستشفيات كأكياس التغذية الوريدية والأسرّة ومقاعد المراحيض.

وهنا بارقتا أمل إضافيّتان: الأولى خرجت من جامعة بازل حيث كشف باحثون أن بكتيريا (Pseudomonas aeruginosa) – المسبّبة للالتهاب الرئوي المكتسَب في المستشفيات – تنقسم إلى مجموعتين في معرض استعمارها للجسم. وبحسب دراسةٍ العام الماضي في مجلة Nature Microbiology، ظهر أن فئة من البكتيريا تلتصق بالأسطح المخاطية وتشكّل غشاء حيوياً متيناً؛ وأخرى تنتشر في باقي الأنسجة المحيطة. وهو انقسام من شأن فهمه المساعدة في بلورة استراتيجيات علاجية أكثر فعالية.

البارقة الثانية مصدرها قدرات الذكاء الاصطناعي. فمؤخّراً، طوّر فريق من مدرسة الطب بجامعة ماساتشوستس آلية للتعلّم الآلي تحدّد كيفية قضاء المضادات الحيوية على البكتيريا، كما إمكانية العثور على أهداف بكتيرية جديدة للمضادات تلك. ذلك عطفاً على دراسات سابقة استنتجت أن حوالى ربع الأدوية – من غير المضادات الحيوية – قادرة على القضاء على البكتيريا هي الأخرى.

باستخدام تقنية الفحص الجيني، جرى تحديد الجينات والعمليات الخلوية التي تتغيّر لدى تحوُّر البكتيريا. وبعد تحليل حوالى مليونَي حالة تسمّم مصدرها 200 نوع دواء وآلاف البكتيريا المتحوّرة، لجأ الفريق إلى خوارزمية لتجميع الأدوية شبكياً تبعاً لكيفية تأثيرها على أنواع البكتيريا تلك. فأظهرت البيانات أن المضادات الحيوية تجمّعت بإحكام بحسب آليات قضائها على الأخيرة. بينما شكّلت الأدوية الأخرى محاور منفصلة تماماً، متّبعة طُرقاً مختلفة لتصفية الخلايا البكتيرية.

بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، تسبّبت البكتيريا الخارقة بوفاة 1.27 مليون شخص حول العالم سنة 2019. ويُرجَّح أن يتعاظم التهديد ذاك في مقبل السنوات. لكن الأمل يبقى بأن يساهم التوفيق بين تطوُّر آليات الفحص الجيني وتقدُّم خوارزميات التعلّم الآلي في ابتكار أساليب دفاعية جديدة. أملٌ يأتي على أعتاب الذكرى المئوية الأولى لاكتشاف المضادات الحيوية. وفي الأثناء، تبقى هواجس المرضى – لا سيّما من حُكِم عليهم بدخول المستشفيات – في مكانها حقّاً.

رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=36924

ذات صلة

spot_img