spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 48

آخر المقالات

أ. د. عماد شبلاق ـ الهندسة الحياتية ومعادلة اللاتوازن الحتمية للقضاء على حياتك!

مجلة عرب أستراليا- بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق- رئيس الجمعية...

روني عبد النور ـ توائمنا الرقميّة تهبّ لنجدتنا صحّياً

مجلة عرب أستراليا "الضغوط على موارد الصحة تتزايد عالمياً... الإنسان...

د. زياد علوش ـ”سيغموند فرود” أمريكا دولة همجية

مجلة عرب أستراليا- د. زياد علوش يقول مؤسس التحليل النفسي...

الحكومة العمالية تحقق فائض في الميزانية

مجلة عرب أستراليا الحكومة العمالية تحقق فائض في الميزانية لثاني...

الحكومة العمالية تحقق فائض في الميزانية لثاني مرة على التوالي

الحكومة العمالية تحقق فائض في الميزانية لثاني مرة على...

سوزان عون ـ قراءة نقدية من الأستاذ المهندس فادي جميل

مجلة عرب أستراليا-قراءة نقدية من الأستاذ المهندس فادي جميل 

الأستاذ المهندس فادي جميل
الأستاذ المهندس فادي جميل

تستكشف سوزان عون في قصيدتها عوالم تتجاوز الواقع الملموس، مستعينة بلغة شعرية تنبض بالرموز والصور الفنية التي تحمل طياتها أبعادًا معنوية وروحية.

هذه العناصر الشعرية لا تعبر فقط عن حالة الاغتراب والتجرد من الماديات، بل تفتح أيضًا أفقًا للتأمل في الوجود والذات بصورة تتخطى الحدود الجسدية والمادية.

من خلال تشبيهاتها غير التقليدية، تقدم عون نظرة عميقة عن التحرر من القيود الجسدية والتحليق في فضاءات أرحب تغذيها الروح والوعي الذاتي.

إن هذه القصيدة تعد دعوة لإعادة النظر في كيفية إدراكنا للعالم من حولنا، مشجعة القارئ على استكشاف مستويات أعمق من الوجود تتجاوز الماديات والحواس الجسدية.

يمكن رؤية العالم من منظور جديد، حيث الإبصار لا يتطلب العيون، والحركة لا تعتمد على الأجنحة، والاشتياق يتجاوز نبضات القلب.

هذا التجاوز للمعتاد يفتح المجال لتجربة الحياة بطريقة أكثر عمقًا وإثراءً.

بهذه الطريقة، تطرح سوزان عون أسئلة حول معنى الوجود والارتباط الروحي بالعالم، مبتعدةً عن المفاهيم المادية المحدودة.

تدعو قصيدتها القارئ للتأمل في أبعاد الحياة الغير مرئية والتي غالبًا ما تُهمل، مقدمةً بذلك إسهامًا ثريًا في الأدب العربي المعاصر.

تنجح في تمرير رسالتها بلغة شعرية موحية وعميقة تلامس الوجدان وتثير الخيال، مما يجعل من قصيدتها تجربة فريدة تتجاوز القراءة إلى الإحساس والتفكر.

تُعدّ استعارة “قلوبنا تنزف حبراً أحمر” التي استخدمتها عون، تجسيدًا لعمق المشاعر الإنسانية والتجارب الشخصية التي يعيشها الشاعر.

فعبر هذه الصورة البلاغية، لا تُشير فقط إلى الألم والمعاناة الذاتية، بل تُظهر أيضًا كيف يُمكن لهذه الأحاسيس أن تتحول إلى إبداع فني يُعبّر عنها بصدق وعمق.

ومن خلال تحويل هذه المشاعر إلى كلمات، يكون الشاعر قد ترك جزءًا من روحه مخطوطًا على الورق، مما يُضفي على النص قيمة عاطفية وإنسانية كبيرة.

الإشارة إلى الأوردة كـ “الحبال الضوئية غير المرئية” تُضيف بُعدًا آخر إلى هذه الصورة، حيث تُعبر عن الرابط الروحاني الذي يجمع بين البشر، مُشيرة إلى أن الإبداع ليس مجرد فعل فردي بل هو تجربة مشتركة تعكس الاتصال الميتافيزيقي بين الأرواح.

هذا البعد الروحاني يُعزز من فكرة أن الشعر والفن بوجه عام، يُمكنهما تجاوز الحواجز المادية والزمنية، ليصبحا وسيلة للتواصل العميق بين الناس، بغض النظر عن اختلافاتهم.

ومع اختتام عون بالعبارة “غرباء ثم غرباء”، تُؤكد على الشعور بالاغتراب الذي يُمكن أن يستمر ويتعاظم حتى في اللحظات التي نشعر فيها بأقصى درجات الاتصال الروحي والإبداعي.

هذه النهاية تُعطي النص طابعًا من اللامعقولية والأسى، وتُبرز التناقض القائم بين الرغبة في الانتماء والواقع المُرير للشعور بالعزلة.

بذلك، تُقدّم عون تصويرًا شاملًا ومُعقدًا للعملية الإبداعية، مُظهرةً كيف يُمكن للفن أن يكون في الوقت ذاته مصدرًا للتعزية والاغتراب.

تستكشف سوزان عون في قصائدها أعماق النفس الإنسانية، حيث تتجلى مسألة الوجود بكل تعقيداتها. تنطلق من تجربة الإنسان الذاتية، مروراً بالتساؤلات الوجودية التي تعتري الفرد في لحظات التأمل والغربة عن الذات والعالم.

هي تلتقط اللحظات الفارقة في الحياة اليومية، تلك التي تشكل تقاطعات مهمة في رحلة البحث عن المعنى والهوية، مستخدمةً الشعر كوسيلة للكشف والاستجابة لهذه التساؤلات العميقة.

تتميز أشعارها بجمالية شعرية رفيعة، تنبثق من صميم النفس البشرية وتقلباتها. تمزج عون بين المفردات والصور الشعرية بطريقة تعكس الصراعات الداخلية والمشاعر المتضاربة التي تواجه الإنسان في عصر الحداثة. هذه الجمالية لا تأتي فقط من اختيار الكلمات وإنما أيضاً من طريقة تناولها للموضوعات الإنسانية العميقة، مما يجعل القارئ يشعر بالتعاطف والتأمل في ذاته ووجوده.

عبر الشعر، تقدم سوزان عون نافذة على الغربة الروحية التي يشعر بها الإنسان في العصر الحديث؛ غربة تجاه الذات وتجاه العالم المحيط. هي تصور الشعر كمرآة للوجدان، تعكس مشاعرنا وأفكارنا وتساؤلاتنا الأكثر عمقاً. من خلال أعمالها، تدعو القارئ للتأمل في معنى الحياة والبحث عن الضوء في ظلمات الوجود، مقدمة بذلك مساهمة قيمة في الأدب الإنساني…

فادي سيدو

“مُبصرونَ نحنُ بِلا عيون،

مُرتحلونَ بِلا أجنحة، مُشتاقون بِلا نبضات،

قلوبنا تنزفُ حبراً أحمر.

أوردتُنا حبال ضوئية غير مرئيّة،

أصواتنا خاشعة تترنمُ بلحنٍ شجي..

وبعد كل ذلك، غرباء ثم غرباء.”

رابط النشر-https://arabsaustralia.com/?p=36928

ذات صلة

spot_img