spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

سوزان عون ـ قراءة نقدية من الأستاذ المهندس فادي جميل

مجلة عرب أستراليا-قراءة نقدية من الأستاذ المهندس فادي جميل  تستكشف...

ريفيل بالمان: تحقيق فيما إذا كانت عارضة أزياء سيدني قد قُتلت بسبب الديون

مجلة عرب أستراليا Nightly ريفيل بالمان: تحقيق يحقق فيما إذا...

علا بياض ـ أستراليا بلد التكامل الاجتماعي رغم تهديدات التطرف والإرهاب

أستراليا بلد التكامل الاجتماعي رغم تهديدات التطرف والإرهاب بقلم صاحبة...

روني عبد النور ـ البكتيريا والمستشفيات… أين تنشأ العدوى؟

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتب روني عبد النور مَن منّا...

د.زياد علوش -“قطر” ترفض استغلال وساطتها

مجلة عرب أستراليا- بقلم د.زياد علوش أكد  الشيخ محمد بن...

روني عبد النور ـ الحاسّة السادسة والإثبات المؤجّل

مجلة عرب أستراليا

قبل سنوات، نفت دراسة رائدة لجامعة ملبورن أن تكون الحاسة السادسة – أو الإدراك خارج الحواس الخمس التقليدية – من القدرات البشرية الخارقة للطبيعة. صحيح، كما ذهب الباحثون، أن بإمكان الناس اكتشاف التغيير الذي يطال محيطهم بشكل موثوق نسبياً. إلّا أن الإشارات الملتقَطة ليست سوى نتاج عمل حواسنا التقليدية لا أكثر. نفيٌ لم يحسم الجدل.

عرضت الدراسة، التي نُشرت في مجلة PLOS One، أزواجاً من صور امرأة على 48 شخصاً. وبعد إدخال اختلافات في بعض الصور على مظهر المرأة، سُئل المشاركون عمّا إذا كان التغيير قد حدث فعلاً وطُلب منهم تحديده، إن وُجد. فأبلغوا عن شعورهم بتغيير ما لم يتمكنوا، مع ذلك، من التعبير عنه لفظياً. وبينما كانت النتائج للبعض بمثابة تأكيد على امتلاكنا الحاسة السادسة، شكّك الباحثون بكونه إثباتاً دامغاً، لا بل فطرة سليمة فحسب.

لكن ثمة المزيد للتمحيص. ونبدأ مع عالِم الجيوفيزياء في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، جو كيرشفينك، الذي اعتقد سنة 2016 أنه وقع على دليل على حاستنا السادسة: القدرة على الاكتشاف البيولوجي اللاواعي للمجال المغناطيسي للأرض. وهي قدرة سبق وتأكّد استخدامها لدى الطيور والحشرات وبعض الثدييات لأغراض الهجرة والتموضع المكاني.

كان ثمة فرضيّتان غير مكتملتين هنا: الأولى تقول إن المجال المغناطيسي للأرض قد يُنتج تفاعلات كمّومية في بروتين الكريبتوكروم الذي سبق وعُثر عليه في شبكية عيون الطيور والكلاب والبشر؛ وتشير الأخرى إلى أن هناك بالفعل خلايا مستقبِلة في الجسم تحتوي على إبر بوصلة فائقة الصغر وقوامها معدن المغنتيت الصخري المرصود في خلايا مناقير الطيور وأنوف سمك السلمون.

قام كيرشفينك وزملاؤه الأميركيون واليابانيون ببناء هيكل من الألومنيوم العازل للمؤثرات الكهرومغناطيسية الخارجية، أو ما يُعرف بقفص فاراداي. وجرى ربط المشاركين بشاشات تخطيط كهربية الدماغ لرسم خريطة نشاط أدمغتهم لدى تطبيق مجال مغناطيسي دوّار مشابه لذاك الأرضي.

لمس الفريق استجابة دماغية لدى المشاركين تمثّلت بانخفاض موجات “ألفا” لديهم – وهي تغييرات تنشأ بالعادة لدى معالجة الدماغ للمعلومات – في حالة دوران المجال المغناطيسي بعكس عقارب الساعة. البحث دلّ باتّجاه امتلاكنا خلايا خاصة تحتوي على بلورات ذات بنية حديدية وتدور كإبرة البوصلة، فتحاً أو إغلاقاً للمسام في الخلايا وتغييراً للإشارات المرسَلة إلى الدماغ.

كذلك، استنتجت دراسة لجامعتَي مانشستر وليستر، نُشرت قبل شهرين في مجلة Nature، ما يشير إلى أن جميع الخلايا الحية، بما فيها خلايانا البشرية، قادرة مبدئياً على استشعار المجالات المغناطيسية، وإن بفعالية متفاوتة. فبعد التلاعب بجينات ذباب الفاكهة، وجد الفريق أن جزيئاً يُدعى Flavin Adenine Dinucleotide ويشكّل عادةً زوج جذر مع الكريبتوكروم، هو مستقبِل مغناطيسي بذاته وموجود بمستويات مختلفة في جميع الخلايا.

أزواج الجذور جزيئات تشكّل إلكتروناتها الخارجية أزواجاً من الإلكترونات المتشابكة يتغيّر دورانها نتيجة التفاعل مع المجال المغناطيسي للأرض. أما اللافت في النتائج، فهو إشارتها إلى عدم ضرورة وجود الكريبتوكرومات، ربطاً بالاعتقاد السائد، على صعيد الاستقبال المغناطيسي. اكتشاف إضافي قد يساعد في تفسير سبب إظهار الخلايا البشرية حساسية تجاه المجالات المغناطيسية مختبرياً.

جينيّاً، اعتبرت دراسة صدرت سنة 2016 في مجلة New England Journal of Medicine أن الوعي المكاني بالجسد (استقبال الحس العميق الذي يوضح كيفية فهمنا للبعد المكاني) قد يكون ذات أساس وراثي. والحال أن هناك أبحاثاً سابقة أجريت على فئران استنتجت أن جين PIEZO2 قد يلعب دوراً، وفقاً للدراسة، في توجيه خلايانا لإنتاج بروتينات حساسة ميكانيكياً.

لجأ باحثون في معاهد الصحة الوطنية الأميركية إلى مريضَين صغيرَين يعانيان من طفرات نادرة جداً في الجين المذكور. وأُخضعا لاختبارات تتعلق بالحركة والتوازن. في أحدها، واجها صعوبة في المشي معصوبَي الأعين. وفي آخر، طُلب منهما الوصول إلى غرض معيّن، أولاً بأعين مفتوحة ثم معصوبَي الأعين. فتبيّن، مقارنة مع من لا يعانون من الطفرة الجينية، أن المريضَين واجها صعوبة أكبر في الوصول كما في تخمين اتّجاه حركة الأطراف وهما معصوبَي الأعين.

أما قدرة من يعانون من مشاكل في النظر على تحديد موقعهم بالصدى، أسوة بالحيوانات واعتماداً على أصوات ارتدادية، فأضاءت عليها دراسة لجامعة دورهام سنة 2021. وشملت الدراسة التي نُشرت في مجلة PLOS One، إلى هؤلاء، مشاركين أصحاء النظر، تتراوح أعمارهم بين 21 و79 عاماً. فدُرّبوا على النقر على ألسنتهم كوسيلة تفاعلية مع البيئة المحيطة. وأتقنوا الاعتماد على تقنية النقر للتنقل عبر متاهات مختلفة وممرات ذات تقاطعات معقّدة. كما اختبروا، إذ اقتربت التجارب من نهايتها، مهاراتهم في متاهات مستحدثة. فلاحظ الباحثون، بالفعل، وقوع عدد أقلّ من الاصطدامات مقارنة ببداية التجربة.

لكن ماذا عن قدرتنا على التعرّف على المحفزات والأحاسيس المرسَلة من الجسم إلى الدماغ – أو اعتراض ما بعد الحواس الخمس الذي تربط أوساط علمية بينه وبين حالة الصحة العقلية؟

قام فريق من جامعتَي رويال هولواي في لندن وكاليفورنيا بجمع بيانات من 93 دراسة ذات صلة، وتحديداً تلك الناظرة في كيفية إدراك الناس لإشارات الأعضاء عبر مجموعة مهام. وتوصّلوا في 2022 إلى اختلاف حالة الاعتراض بين الرجال والنساء لأسباب مجهولة. فقد أظهرت النساء دقّة أقلّ في المهام التي تتمحور حول القلب والرئتين. أما صعوبة الاستفادة من حالة الاعتراض، فذات آثار محتملة على مجالات عدة، وفقاً للفريق، بما فيها الوظائف العاطفية والاجتماعية والمعرفية.

قد يأتي التمايز بين الجنسين على مستوى التغيّرات الفيزيولوجية والهرمونية ببعض التفسيرات مستقبلاً، برأي العلماء. لكن أغلب الظن ألّا تحسم التفسيرات جدل امتلاكنا لحاسة سادسة نهائياً. أما استعصاء بعض قدراتنا على التفسير، فلا يبرّر نسفها – أو يناقض تماهينا معها – من أصلها.

 

https://arabsaustralia.com/?p=36556

ذات صلة

spot_img