مجلة عرب أستراليا- بقلم د. رياض جنزرلي
(اغـتـنموا وجـود أمهاتـكـم) أمضى الشاعـر أكـثـر عـمره بعـيدا عن أهـله، في عالم الاغـتراب، ولم يكن يجتمع بهم إلا غـرارا من الأيام، إلى أن جاءه خبر مرض أمّه في طرابلس فأسرع إلـيها لـيلـقاها ويقـبلها، وأرجلها، إلا أنها كانت في غـيبوبة، ولم تـلـبث غـير ساعات حتى فارقـت الحياة، وكأنها كانت تنتظره، فـودعها وكتب هـذه القصيدة:
ومَـضـيـتُ أكـتـبُ في جـمـيـلِ بَـيـاني عَـن حُـبّ ذاتِ الـشـأنِ والأشجــانِ
إنّي أقــولُ وفـي الــفــــؤادِ سُــلافـــةٌ إنّ الـفــؤادَ بِـحُــبِّـهــا أضْـــنــانــي
يا مَن أخـذتِ من الـشموسِ ضـياءَهـا ومِـن الـلـيــالي أقــمُـــراّ ومَـعــاني
ونـثـرتِ ذاكَ الـنــورَ في أعـطــافِـنـا فـغـدا هَــوانــا واضـــحَ الــتِّــبْــيـانِ
فـأنا الـمسافـرُ قـدُ أضعـتُ مـراكـبي وتـشــتّـتَــتْ عـبـرَ الــدُّنى أوطـاني
ذهَــبَ الأحِـبـةُ والـزمــانُ طــواهُــمُ وغــداً نـكـونُ بـعـــالـَـمِ الـنـسـيــانِ
إلاكِ أَنــتِ فـقـــد تَجـــــذّرَ حُــبّــــك أنـتِ الـزمـانُ بـخـاطِــري وكِـيـاني
هـلْ أنـتِ إلا الطـيـبُ يَـنشُرُ عِـطـرَهُ أوْ أنـتِ غَـيـرَ الخَـيـرِ فـي الأكـوانِ
إنـّي لأحــسِـدُ أخــوَتـي لـدُنُــوّهـِــــمْ فـالـقــربُ مـنــكِ مـغــانـمُ الإنــسانِ
أمـضــيــتُ عـمــريَ والـدّنى دوّارةٌ ورَحَـلــتُ عَـنـكِ مُـمَـزَّقَ الأحْــزانِ
حـتى قـضـيـتِ وكـنـتِ أنتِ سعادَتي فَـفَــقَــدْتُ حـبّـــا يَـكْــتَـسي بِحَـنــانِ
أمّـــاهُ إنّـي قــــد أتــيــتُ فــبـــادري لا تَـتْـرُكِـيْــني وارجِـعـي لِـثــوانـي
لـكـنّ أمّـيَ فـي الـفِــراشِ مَـريْـضَـةٌ لَـم يـبـقَ غـيـرُ الروحِ في الجـثـمانِ
ودّعـتـُـهــا مَـــن ذا يـــودّعُ رُوحـَـهُ إنّ الـــوداعَ بـفَــقْــدِهــا أبـــكــانــي
فـلـثـمـتُ ذاكَ الـرأسَ والـقــدمَ الـتي مـنـهـا الـدخـولُ إلى رِضاً وجِـنـان
ورَجَعـتُ أدعُـو راجـيـا أن نـلـتــقي عــنـدَ الإلـهِ وفـي رضـا الـرحـمـن
وحَملـتُ حُزنيَ ماضـياً في غُـربـتي هـذي الحـياةُ وقـدْ أضَـعْـتُ زمـاني
يا مَـن لــهُ أمٌّ لِــيُــدرِكَ خــيـــرَهـــا إنّ الأمــومــةَ خـيــرُهـــا ربّـــــاني
رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=36552