spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

ليلى تبّاني ـ قراءة نقدية تحليلية في رواية “خي جيديوس” للكاتبة مرلين سعادة

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة ليلى تبّاني خَـيّ جيديوس ....لكم...

كارين عبد النور ـ جارٌ يهدّد جارَه… دفاعاً عن نازح سوريّ غير منضبط!

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور إكتظاظ وعمالة...

هاني الترك OAMـ الإيمان يحتضر

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتب هاني الترك OAM حينما كنت...

روني عبد النور ـ الذاكرة والوقت والعقل ثالثهما

يقول الشاعر الأرجنتيني أنطونيو بورشيا: “يعيش المرء على أمل أن يصبح...

عباس مراد ـ أستراليا: العنف والسياسة

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتب عباس علي مراد لا شك...

الدكتور رغيد النحّاس- أوّاه يا امرَأة…

مجلة عرب أستراليا سيدني

أوّاه يا امرَأة…

بقلم الدكتور رغيد النحّاس

استوقفني رجل لبنانيّ في الطريق وقال إنّه ميّزني من صورتي التي تظهر إلى جانب كتاباتي في صحيفة التلغراف في سيدني، وبدأ بمديح كتاباتي خصوصًا ما يتعلّق منها بما سمّاه “الغزل”، وأكّد لي أنّني أكتب جيّدًا، وأنّ غزلي بالنساء في لبنان السبعينيّات قويّ جدًا.

شكرت الرجل واستأذنته مغادرًا في طريقي دون أنْ أخوض معه في نقاش حول ماهيّة ما أكتب، لكنّني رأيت نفسي في حالة استحضار واستعراض لسلسلة ما كتبت، وأسباب وأصول ما دفعني لتلك الكتابة، فوجدت نفسي أقول له:

ياليتك تعلم يا صديقي أنّ تلك النساء اللّاتي تتحدّث عنهنّ هنّ امرأة واحدة، مرّة تكون أمًّا ومرّة تكون زوجة، عشيقة أوصديقة، شقيقة أم ابنة عم، عمّة، خالة، جدّة، حماة. مرّة تصبغ شعرها، ترفعه، تنشره. مرّة تكحل الجفون. مكتسية، أم عارية. تقود سيّارة، أم تحلب بقرة. تحضّر لجلسة قضائيّة، أم تخبز منقوشة بالصعتر.

هؤلاء النساء مساحيق على وجه امرأة واحدة، اغتصبها أبناؤها بمساعدة أشقائهم وأعدائهم، ولمّا تكوّرت بطنها بجنين مكرهم وترفهم، تركوها حبلى بهموم الغيب القادم. تركوها قلقة ليس من الفضيحة بقدر ما سيحدث عند الولادة، وهي تعلم أنّ وحشًا مفترسًا ينتظر على باب دارها الجنوبيّ، له من حاسّة الشمّ ما تستشعره في فرْجها الذي صار يخشى لحظة الفَرَجْ. صارت تخشى الأمومة، وهي التي فتحت صدرها حبًّا بكل المارقين، وأعطتهم من مفرزات تلذّذها بحبهم الخادع. مات الجنين في أحشائها.

نعم! أنا واحد من عاشقيها، وقد أكون الأب الحقيقي لجنينها الذي ستأكله الضباع. لكنّني لا يمكن أنْ أثبت ذلك. وربّما لن يُسمح لي أنْ أثبت ذلك. وأنا واحد من أبنائها، وأشقائها، وأبناء عمومتها، وخالاتها، لكنّ مشكلتي أنّ لون جلدي في نظر بعضهم مغاير للون جلودهم.

كلّ الذي أعرفه أنّني أحببت هذه المرأة كثيرًا، وضاجعتها كثيرًا، وكنت أسمع أنين نشوتها وهو يخرج من مساماتي، وأشمّ عطر لذّتها حين ينسكب على جسدي. ولازلت أذكر ولادتي! رحلتي في الدهليز السحريّ الذي نقلني من داخل رحمها إلى الوهاد والسفوح في جسدها المستحم برذاذ البحر وعبق الصنوبر والأرز. نعم! أبصرت النور من فرجها، ثمّ رأيته بريقًا في عينيها. لذلك تراني أكتب عن ذكرياتي معها بهذه القوة.

أخشى أيّها المارق في طريقي أنْ أبوح لك أنّها أمّك، أختك، زوجتك…

أوّاه يا امرأة… يا لبنان.

(من مجموعتي النثريّة “طلٌّ وشرر”، منشورات كلمات، سيدني 2013. أحببت تداولها مجدّدًا لأنّ حبّي للبنان باقٍ، ولأنّ جرحي على لبنان لا يزال ينزف.)

رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=30394

ذات صلة

spot_img