spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

أستراليا بلد التكامل الأجتماعي رغم تهديدات التطرف والإرهاب

أستراليا بلد التكامل الأجتماعي رغم تهديدات التطرف والإرهاب بقلم صاحبة...

أ.د.عماد شبلاق- إجراءات التجنيس والتوظيف والتسكين … طلبات أصبحت مرهقة لكثير من المهاجرين!

مجلة عرب أستراليا- بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق- رئيس الجمعية...

هاني الترك OAM- ترامب الأسترالي

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM دونالد ترامب هو...

د. زياد علوش-حمى الله أستراليا

مجلة عرب أستراليا- د. زياد علوش آلمتنا الأخبار التي تواترت...

شادية الحاج- شعر محمد الديراني كثيرُ الورود والعطر

مجلة عرب أستراليا سيدني

بقلم الكاتبة والأديبة شادية الحاج-قراءة في كتاب خيال على حصان طائر..

شعر محمد الديراني كثيرُ الورود والعطر، منها ما يُهديه لحبيبة ( رحيل- ص٢٦ ):

” وأرحلُ عنك إلى الأبد ..

تاركاً لك زهرة أوجاعي

فاسقها حرية

لتبقى مثلك أبية

فأنا لا أحب القيود للورود

كي لا تصبحُ أشواكها خناجر ..

ومنها عصيان وانتفاضة ورمز لثورة في وجه الانكسار: ( لن أعلن انكساري- ص ٣٨).

” أن أعلن انكساري

سأعلمُ الوردَ أنْ لا يثورْ

وأسجنُ الأشواكْ”

وردةٌ أخرى في قصيدة يهديها إلى ابنته (سَحرَ- ص ٤٣)

” أنت وردةٌ في بستان مخيلتي”

وفي حديقة الحبيبة من جديد كلُّ الورود

“وردكِ إنْ ذبُلتْ ضفائره

عطركِ يبقى في وسنِ الأوراق”

(في حديقتكِ/ ص .٦)

وص ٦٢- لمَ الرحيل؟ :” وما زالت الورودُ

تقتفي خيالكِ لتأخذَ

من عطرك

فتفرش درباً لحبّنا”

وهمسُ الورود- ص ٦٣

” كلُ همسِ فالورود كانت في مسمعي

ورنيمُ لحنها يسكنُ في أضلعي “.

و”مسّني الصبرُ “(ص٨٣)

“في جيبي وصيةٌ

من وصايا النّهر

لوردة أنهكها العطرُ

لسنبلة خضراء

لَمْ تزل محنية ”

يحمل الجزء الأول من الديوان ومضات مبعثرة ومترابطة في آن واحد؛ كمن يفتش عن “كنز مفقود”؛ تارةً يجده في وجه الحبيبة وطوراً في عطف الوالد لابنته وتارةً أخرى في حواره مع الخالق . صوته الصارخ يبغي التحليق بعيداً وعالياً ولكن عذاب الآخرين من عذابه وألمُ المتألمين في الوطن من ألمه، فعبثاً يحاول الانفلات من سلاسل الوقت والزمن. أليستْ هذه لغة منْ ينطلق من الأعماق ومن الأسمى والأجمل؟

هذا الصوت هو صوت المتألم في وحدته ومع الآخرين يتقاسم بؤسهم اليومي، ومنهم ينطلق واليهم يعود، حتى غدا هذا الحوار قاطعاً ومتصلاً في آنٍ واحد. من البديهي والواضح أنه يتفهم بقلب نابض تجارب الآخرين ويستوعبها ويجدُ نفسه في موقع المسؤول عنها حتّى لوْ حاول عبثاً أن يتخطاها. هذا النبض هو هيكل شعر الديراني ومناخه الأصيل الموحي بومضاتٍ أعمق تطال شريان اللغة القابل لمزيد من الرؤى التي تنبتُ بين دفتي الماضي والحاضر كزهرةٍ لا تذوي.

بعد انتهاء الجزء الأول من الديوان يطوف الديراني في متاهات اللغة البيضاء- كما يُسمّيها الشاعر هنري زغيب اللغة المحكية فيقطف منها ما طاب له من الحان وقوافي

فيحاكي الوطن المسلوب الإرادة والمنهوب:” لازم تلحقو تحرقو .. الكراسي

حتىً تريحو لبنان من المآسي ”

وباللغة المحكية أيضاً لا تغيب ورود الديراني عن عطر قصائده ؛ فيحمله معه في جعبته أينما حطّ قلمه ونبض قلبه:” معقول يرجعْ هالنهر شلال

ويسقي ورود الصبح ويحلّي ”

(ع البال ص ٩١)

ويطلُّ علينا الطفل إيلان بعد قصيدة ” بواب المدينة ” وقصيدة “غيّاب “ومن زغرتي لبستْ العتم جلبابوصار الحزن خيطان لتيابي” وقصيدة ع البال” ليضفي نمطاًمشدوداً بالألم ونفساً محاوراً مع الخلق والخالق في محاولة لفهم عدالة الأرض والسماء.

(إيلان الطفل الذي استشهد عندما غرق مركب الهاربين من الحرب السورية).

ومن أوجاع الوطن إلى الغزل الذي ذكرنا بالزجل العفوي المجبول بالشوق وبلهفة المحبوب لحبيبته، فتخرج معه الكلمة إلى نور جديد؛ لتحمل معها النضارة والرشاقة والحسن والدلال، فيسكبُ عطرها بعضاً من السحر والأمل.

لن أطيل الشرح في شعر هذا الديوان، يكفي أن الديراني اتخذ من الأساطير أسطورة الحصان الطائر ال Unicorn الذي لا يضاهي جماله أي جمال حيوان آخر؛ فهو لا يختلف عن سواه فقط  بأجنحته الواسعة وسع السماء ولكنه حلم كل فتاة تنتظر موعداً جديداً مع الحب؛ هذا الحب الكوني الذي يعطي لعمرنا معنى ولحياتنا حياة.

إذا كانت كتابة الشعر تبغي اعتلاء المنابر من أجل الشهرة والترويج لصورة الكاتب وأدبه فهي ليست كتابة إنما مسخها الوقح الذي يتعدى على جمال روحها ؛ كما انها ليست معدنها الأصيل، فالشاعرُ قبل كل شيء هو مشعلُ حضارة وثقافة ورقي حتى لَوْ غاص في عالم الجنون وارتوى من ثمرات هذا الكون، لكن يبقى شعره لأجيال وأجيال رسول الجمال المبدع الذي يتوق إلى الارتقاء بالواقع إلى المثال والى النهوض نحو الأفضل والأكمل.

هذا بإختصار ما حملته قصائد وورورد محمد الديراني، الذي  أراد أن يكون صوت الذين لا صوت لهم فرمى وروده بذوراً للأرض الواعدة؛ علّ فجراً جديداً يُشرق من هذه العتمة، فكانت قصيدته بعنوان :” وردة “( ص ١١٦) :

” يا وردة وجايي من بعيد

عيَشْتينا عمر جديد

فيها ريحة عطر الشرق

رحْ احملها وأرجع عيدْ”

رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=27449

ذات صلة

spot_img