spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 46

آخر المقالات

كارين عبد النور- قصّة أنف نازف… وإبرة وخيط

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «فتنا على...

د. زياد علوش- قرار مجلس الأمن الدولي”2728″يؤكد عزلة اسرائيل ولا ينهي العدوان

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تبنى مجلس الأمن...

هاني التركOAM- البحث عن الجذور

مجلة عرب أستراليا-بقلم هاني الترك OAM إن الانسان هو الكائن...

إبراهيم أبو عواد- التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

مجلة عرب أستراليا-بقلم الكاتب إبراهيم أبو عواد الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط...

د. زياد علوش ـ”إسرائيل”عالقة في وحول فشلها وفظائع مجازرها

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تتواتر التهديدات الإسرائيلية...

كايد هاشم- الثقافة والتنمية المستدامة في ضوء جائحة كورونا وتداعياتها على تمكين الشباب والمرأة في العالم العربي

مجلة عرب أستراليا سيدني- الثقافة والتنمية المستدامة في ضوء جائحة كورونا وتداعياتها على تمكين الشباب والمرأة في العالم العربي

 كايد مصطفى هاشم
         الكاتب والباحث كايد مصطفى هاشم

بقلم الكاتب والباحث كايد مصطفى هاشم- نائب الأمين العام للشؤون الثقافية/ منتدى الفكر العربي بالأردن

وجدَ العالم نفسه مع مباغتة جائحة كورونا منذ ما يزيد على العامين ووسط تلاحق تداعياتها على الإنسان والمجتمعات والبيئة والموارد والتنمية عموماً، في ما يشبه وقوعه داخل دائرة اختبار صعب، ولا سيما للجهود التي بذلت من أجل تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة السبعة عشر 2030 في إطار أبعادها الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وفي إطار سعي عالمي مثله اعتماد الأمم المتحدة لهذه الأهداف والتوافق عليها وإطلاقها عام 2015، سعياً نحو حياة فُضلى لجميع الشعوب والبلدان، دون استثناء أحد من مكاسب التنمية، ودون أن”يخلِف الرَّكب أحداً وراءه”.

قد يرى البعض في هذه الأهداف مسحة مثالية أو يوتيوبيّة، لكن ذلك لا يقلِّل من ضرورتها في الوصول إلى الحياة الفضلى التي تستحقها البشرية المُعذَّبة في أجزاء متعدّدة من عالمنا، ولا سيما مع استمرار الاضطرابات والصراعات بأشكال مختلفة في مناطق متعددة من العالم، ومنها المنطقة العربية، التي عانت في عدد من بلدانها من قبل جائحة كورونا من اضطرابات وحروب ومواجهات عنف وإرهاب ألقت بظلالها على البنى الاجتماعية والثقافية والتنموية وتركت في ملامحها تأثيرات شديدة، كما أصابت بعض المجتمعات في تماسكها، وانعكست نتائج ذلك على محيطها الإقليمي والدولي بانعكاسات من الهجرات القسرية، وبروز خطر الأفكار المتطرفة، عدا التأثيرات المباشرة على الانتماءات والهوية والتنوّع الثقافي .

واليوم تظهر نتائج ذلك الاختبار على المستوى العالمي ومنها مثلاً ارتفاع معدلات الفقر المدقع للمرة الأولى منذ 20 عاماً، إذ قُدِّرَت أعداد البشر التي دُفِعَت إلى الفقر المدقع عام 2020 من قبل الأمم المتحدة بين 119- 124 مليون شخص. كما حذرت الأمم المتحدة من بين ما حذرت منه في تقريرها حول “أهداف التنمية المستدامة” لعام 2021 من أن 101 مليون طفل أضيفوا إلى ما دون الحدّ الأدنى من القراءة؛ بمعنى أن هناك كارثة قد تصيب جيلاً كاملاً في ما يتعلق بالتعليم تلغي ما تحقق على مدى عقدين في مجال التعليم، وكذلك حذرت من تأثر فرص النساء والفتيات في التعليم والدخل والصحة بسبب انخفاض الأجور أو أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، ومن تفاقم معدلات البطالة وفقدان الوظائف التي أدت إليها جائحة كورونا والكساد الناتج عنها، وقد تأثر الشباب والنساء– خصوصاً – في العالم بشكل خاص بهذه النتائج، فبلغ معدل البطالة العالمي عام 2020 حوالي 6,5%، وارتفع العدد الإجمالي للعاطلين عن العمل في العالم بمقدار 33 مليوناً ليصبح 220 مليوناً.

وزادت جائحة كورونا من حدّة الأزمات المتعلقة بانخراط الشباب في العمل أو التعليم أو التدريب، وهي أزمات كانت قائمة وموجودة قبل الجائحة لكنها تعمقت في غضونها، وعلى سبيل المثال فإن نسبة الشباب غير المنخرطين في هذه المجالات – من الجنسين – كانت في عام 2019 في منطقة شمال إفريقيا وغرب آسيا حوالي 40% (نسبة النساء الشابات منها أعلى من الشباب وتصل إلى 29%) .

في السياق نفسه فإنه من المهم الإشارة إلى أن التطورات التي وسمت بدايات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وخاصة على صعيد اضطرابات ما سمّي بالربيع العربي، ساهمت بصورة واضحة في جلاء المعالم الديموغرافية للقطاعات الشبابية في العالم العربي، حيث أبرزت أن الشباب العرب من أعمار 15– 29 يمثلون 30% من مجموع السكان، وقُدِّرَت هذه النسبة بحوالي 105 ملايين شاب وفق ما ورد في “تقرير التنمية الإنسانية العربية” لعام 2016، وجاء النمو السكاني السريع ليزيد من الضغوط على المجتمعات العربية والبنى التحتية لبلدانها، مما جعل الشرائح الشبابية الأكثر تأثراً بما أفضت إليه الضغوط من مشكلات اجتماعية وثقافية وتنموية، وتبلورت المطالب نحو سياسات تنمية للشباب ومشاركتهم في القرار التنموي في نطاق السياسات العامة التي تمسّ حياتهم . وينظر التقرير إلى أن تمكين الشباب العربي ليس دعوة إلى تقديم الدعم لجيل الشباب، بل هو الدعوة إلى التمكين لإعادة بناء المجتمعات العربية والتوجه إلى مستقبل أفضل مع توافر الشروط الموضوعية للتعامل مع تحديات المشاركة المدنية، والهجرة، وإدماج الشابات وتمكينهم، بما في ذلك إشراك الشباب والشابات في المشاورات حول السياسات العامة وتفحص التحديات التنموية وبلورة الرؤى والحلول كنوع من إدماجهم عملياً في مجتمعاتهم، وتنمية مهاراتهم، وتعميق وعيهم بالصالح العام، وتجنيبهم مزالق الاغتراب والانعزال .

إنَّ البعُد الثقافي في أهداف التنمية المستدامة 2030 ينطوي على حصيلة واسعة من مفاتيح تمكين الشباب والشابات والنساء للقيام بدور مركزي في العملية التنموية والمشاركة في صنع مستقبل مجتمعاتهم باعتبارهم عامل تغيير إيجابي ورافد من الطاقات القادرة على الإسهام في عملية التنمية، مع ضمان المساواة لهم، من خلال أشكال التعبير الثقافي والخدمات الثقافية، وتفعيل المعارف التقليدية للمجتمعات في التعامل السويّ مع البيئة والموارد والنظم الإيكولوجية المتنوعة، وتحفيز الصناعات والمنتجات الثقافية والسياحية والحفاظ على الموارد التراثية من أجل الاستدامة البيئية، وغير ذلك من الأدوار الثقافية التي توجه لتعزيز النمو الاقتصادي.

ويكتسب التعليم والتدريب والتأهيل أهمية خاصة، بما في ذلك المهارات والمعارف الثقافية العلمية والعملية، والمشاركة في الأنشطة التعليمية، وإتاحة الفرص في مناخ صحي للتفاعل في فضاء التنوّع الثقافي والحوار بين الثقافات واحترام الحقوق الثقافية، والالتزام المشترك لتحقيق السلم، ونبذ العنف والاصطفافات ضد الاختلاف الثقافي أو العرقي أو الديني، ويشمل ذلك التمييز ضد مشاركة النساء والفتيات في الحياة الثقافية، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وإتاحة فرص الإبداع والابتكار لهما دون قيود، ومراعاة الحقوق الإنسانية وعدالة التوزيع في برامج التوظيف وفرص العمل وظروفه وعوائده .

تشكِّل الأبعاد المواضيعية الأربعة في الإطار المفاهيمي التي تقوم عليها مؤشرات الثقافة 2030 كما أوضحتها “اليونسكو” في تقريرها الأحدث حول هذه المؤشرات، المداخل الأساسية لتقييم دور الثقافة في تحقيق التنمية المستدامة من خلال المساهمة في استدامة المستوطنات البشرية بالتركيز على التراث الثقافي والطبيعي والبيئة الحضرية تحت عنوان “البيئة والقدرة على الصمود”، ثم تقييم مساهمة الثقافة في الدفع باتجاه اقتصادات أكثر شمولية واستدامة “الازدهار وسُبُل الرزق” بما يعنيه ذلك من مؤشرات لمدى مساهمة الثقافة في أهم الجوانب الاقتصادية التي تشمل: الناتج المحلي الإجمالي، التجارة، فرص العمل، الأعمال التجارية، ونفقات الأسر، مع تضمين هذا البعد مؤشراً عن حوكمة شؤون الثقافة في ما يتعلق بتعزيز دور الثقافة في التنمية الاقتصادية المحلية وتوليد سبل الرزق، وفق الهياكل والأطر المؤسسية لأنشطة قطاع الثقافة وتبايناتها بين بلد وآخر .

ويركز البُعد الخاص بـ “المعارف والمهارات” على نقل القيم والمعارف والمهارات الثقافية المحلية، وتعزيز التمكين من خلال التدريب والتعليم وآليات العمل والسياسات والوثائق، وكذلك التركيز على التنوع الثقافي في مراحل التعليم المختلفة، والتدريب المهني، وإعداد المناهج الدراسية بشكل متعمّق في تضمين المعارف الثقافية، واستثمارها من قبل السلطات والمؤسسات العامة للحث على احترام التنوّع الثقافي، والوعي بالتنمية المستدامة ونقل القيم الثقافية، ونشر المهارات والكفاءات الإبداعية .

ويندرج البُعد الرابع تحت عنوان “الاندماج والمشاركة” بهدف رئيسي يتمثل في تحفيز المجتمعات المحلية على المشاركة الفعلية في الحياة العامة، اعتماداً على دور الثقافة ومساهمتها في بناء التماسك الاجتماعي، والاندماج وحق المشاركة في الحياة الثقافية، وحرية التعبير الثقافي ومنها الحرية الفنية وحرية الإبداع .

وفي الآثار المترتبة على ما سبق الحديث عنه هنا فإنَّ كل واحد من هذه الأبعاد هو جزء من الوعي العام في المجتمعات للتحديات الحالية والمستقبلية لدور الثقافة في التنمية المستدامة والمشاركة في التخطيط للمستقبل . وكما أن هذا الوعي يبدأ ذاتياً فإن تحوله إلى وعي جمعي يتسم بالقدرة على الفعل والتأثير في الأذهان والسلوكات من أجل إيجاد تناغم في المشاركة والأداء التنموي، يتطلب أدواراً مؤسسية فاعلة تأتي عبر الاستراتيجيات والسياسات التي تتشارك في صنعها الحكومات ومنظمات المجتمع المدني ومراكز البحوث والدراسات والمؤسسات التعليمية والأكاديمية.

وتؤدي قواعد البيانات والدراسات الإحصائية والدراسات المسحية المجتمعية الدقيقة، بما يشمل المجتمعات النائية عن المدن الحضرية والمُهجّرين والمُقتلَعين الذين اتخذوا وضعاً مستقراً في بعض البلدان، دوراً مهماً في صياغة السياسات الثقافية لخدمة التنمية المستدامة على النحو الذي يحقق شرط الشمول وتجنب الإقصاء والتهميش للشرائح التي لا تتوافر عنها بيانات كافية، مع الاهتمام بقضايا الإدماج والتنوّع الثقافي والمشاركة .

إنَّ قوننة الأدوار الثقافية وتشريعها، وتعديل القوانين والأنظمة مما يساعد بشكلٍ فعّال في تعزيز هذه الأدوار وتوسيع آفاق استثمارها؛وصولاً إلى ترسيخ القيم التنموية الملائمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ويُسهم من جانب آخر في معالجة الفجوات والمشكلات التي أبطأت من السير نحو تلك الأهداف خلال السنوات السابقة .

كما أن الحوار المجتمعي متنوّع الأطياف، وهو أحد أوجه المشاركة في القرار التنموي، يصبح ضرورة في استفشاف الدروس من التجارب والمحكات التي مرت بها مجتمعاتنا في ما مضى من عقود، واستخلاص الوسائل والأساليب الملائمة في الوصول إلى الأهداف التي تحقق للمجتمعات النمو والنماء على مختلف الأصعدة .

أهم المصادر :

  • الثقافة والتنمية، تقرير أعدته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة وفق قرار الجمعية العامة 65/ 166 .
  • تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016 : الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع متغيّر، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الملخص التنفيذي، بيروت 2016.
  • تقرير أهداف التنمية المستدامة 2021، الأمم المتحدة .
  • تقرير مؤشرات الثقافة 2030، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة .
  • وقائع وآفاق في المنطقة العربية : مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية 2019– 2020، الأمم المتحدة – منظمة ESCWA.

رابط مختصر.. https://arabsaustralia.com/?p=24005

ذات صلة

spot_img