مجلة عرب أستراليا سيدني– الفن المُغيّب تساؤلات لقراءة الإنسان
بقلم د.علي موسى الموسوي
” قد لا توجد أي طريقة أخرى لفهم الإنسان إلاّ من خلال الفن” بهذا التشريح الإنسانيّ العميق اختصرت الكاتبة (نادين غورديمير) جدلية الفن والمتبنيات الاعتقادية والإنسانية المتعددة الأوجه معتبرة أن الفن رسالة سامية مبنية على مشاعر وأخلاق هدفها معالجة قضايا مجتمع معين أو قضايا مجتمعات عالمية مأزومة، لأن الفن بنظرها هو الوحيد القادر على أن يمسح عن الروح غبار الحياة اليومية وان المقياس الوحيد في الفن والمفاضلة هي أيهما أجمل طالما أنه يملك قدرة استنطاق الذات لدرجة تتيح للإنسان التعبير عن نفسه أو محيطه بشكل بصري أو صوتي أو حركي، وما الفنان أو الرسول الحامل لمشعلِ ذلك الضوء المسكوب في عتمات أرواحنا على شكلِ رسالة نبيلة لكل من يحيط به ومن خلال حواس تواصلية تقوم بإرسالها وترسيخها كقيم متوارثة من جيل إلى آخر.
الجدير بالذكرِ هنا أن الفنون بجميع أشكالها وصنوفها هي عبارة عن ترجمة لأرض الواقع ولما يجول في بطانة النفس البشرية من تخيلات وتساؤلات وتأملات كونية وأخرى روحانية تدخل هي الأخرى مدار الحس الفني لأن الفن وصوره المتعددة لا يمكن إعطائها صفة البقاء إلاّ إذا اقترنت بالروحانية، أما إذا كانت غير ذلك فهي إذن ليست أكثر من نشاط بايولوجي بشري فيه من الموهبة اسماً ومن الروح عدماً.
ولو جئنا إلى رسالة الفن في الارتقاءِ بذائقة الإنسان إلى أعلى مراتب السمو، هنا تحديداً يشترط بمضامينها الانفتاح وضمِ المختلف لأن كل الرسائل عاجزة ولن تصل إلا إذا اقترنت بالآخر ليصل بذلك مفهوم الفن ورسالته الهادفة إلى قاع الواقع الخفي وإشعاره بمعاني الجمال فلا يمكن للفن أن ينفصل عن الإنسان المُتعب ويساعده في خلق البهجة مهما كانت النفس ضائقة فإنها بالفن تسعد وبالجمال تتلون وبالمشاعر الإنسانية ترتقي لأن الفن ليس تعبيراً بل هو فكرة هائلة بكل ما تحمله من مشاعر إنسانية تجاه مقتضيات الحياة المشوهة والنفوس المنكسرة لتشيع فيها الحب والطمأنينة.
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=23557