spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 46

آخر المقالات

كارين عبد النور- قصّة أنف نازف… وإبرة وخيط

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «فتنا على...

د. زياد علوش- قرار مجلس الأمن الدولي”2728″يؤكد عزلة اسرائيل ولا ينهي العدوان

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تبنى مجلس الأمن...

هاني التركOAM- البحث عن الجذور

مجلة عرب أستراليا-بقلم هاني الترك OAM إن الانسان هو الكائن...

إبراهيم أبو عواد- التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

مجلة عرب أستراليا-بقلم الكاتب إبراهيم أبو عواد الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط...

د. زياد علوش ـ”إسرائيل”عالقة في وحول فشلها وفظائع مجازرها

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تتواتر التهديدات الإسرائيلية...

الدكتور خالد العزي- روسيا توجه ضربة قاضية للأطماع التركية في كازاخستان

مجلة عرب أستراليا سيدني- روسيا توجه ضربة قاضية للأطماع التركية في كازاخستان بقلم الدكتور خالد ممدوح العزي

الدكتور خالد ممدوح العزي
الدكتور خالد ممدوح العزي

في خطاب الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف المتلفز في 10 كانون الثاني الحالي توجّه إلى الشعب برسالة صريحة عن الأحداث، حملت شكراً خاصاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحيث قال: «لقد استجاب بسرعة كبيرة، وقبل كلّ شيء بطريقة ودّية، لندائي». إذاً هي رسالة في العلن للأميركيين لكنّها في المضمون للأتراك.

أكد الرئيس الكازاخي أمام البرلمان وهو يقوِّم ما جرى، أنّ «الكشف عن كلّ تفاصيل ما حدث مسؤولية أولى في أعناقنا. كيف دخل كلّ هذا السلاح إلى البلاد، وكيف انتشرت كلّ هذه الخلايا النائمة من المجموعات الإرهابية، ومن الذي يقف وراءها ويحرّكها؟».

فمن خلال الصورة المرعبة التي شاهدناها لأحداث كازاخستان، كانت هناك سرديتان رئيسيتان للأحداث التي نشبت، تتنافسان تفسير الحدث، الأولى أنها تظاهرات مطلبية، اقتصادية وسياسية، من الشعب في مواجهة نظام يوصف عادة بالمستبد، إذ بقي الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف في سدة الحكم ما يقرب من 3 عقود قبل أن يترك المنصب لأحد رجاله اسميّاً فقط، وفق كثيرين.

والثانية أنها أزمة مفتعلة من الولايات المتحدة والغرب في مواجهة روسيا على هامش الأزمة الأوكرانية مؤخراً، وبالتالي هي سيناريو مكرر من «الثورات الملونة» ومحاولة «التحرش» بموسكو في عمقها الإستراتيجي والإتيان بأنظمة وحكومات أبعد عنها وأقرب لواشنطن.

إذاً، منذ اندلاع الاحتجاجات في كازاخستان وما تلاها من تطورات يبدو في الشكل بأنّ كلّاً من تركيا وروسيا تتبنيان الموقف نفسه من الأزمة، والمتمثل بضرورة استعادة الإستقرار في البلاد تحت حكم الرئيس قاسم جومارت توكاييف، إلا أن مضمون المشكلة مختلف كليّاً، لأن هناك نظرة أعمق لحقيقة المواقف والأدوار تقول إنهما في حالة تنافس شديد في هذه الأزمة، وإن تعاظم الدور الروسي في الأزمة عبر إرسال قوات إلى كازاخستان هو من زاوية ما على حساب دور تركيا ومصالحها.

كان هناك محاولة تركية لوصف ما يدور في كازاخستان بـ «يالطا جديد»، مشابه لِما جرى بعد الحرب العالمية الثانية في إطار تفاهمات روسية- أميركية هذه المرّة على حساب الكثير من اللاعبين الإقليميين. لكنّ التراشق الكلامي الأخير بين موسكو وواشنطن حول الوجود العسكري الروسي في كازاخستان ومخاطره أسقط سريعاً هذا الاحتمال.

في البداية، كانت الفكرة التركية المتمثلة في إنشاء «طوران العظيم» محبّبة لهم جميعاً. وهذا يعني إنشاء جيش مشترك. هناك عدد من البلدان مع الفكرة الآن. على سبيل المثال، أوزبكستان. لكل دولة سيادتها، ويمكنها التحالف مع من تشاء حسب تقديراتها. لكن في هذه الحالة، تحقيق خطط تركيا غير مؤات.

وبعد مرور ثلاثة عقود على تجدّد حماسة الجماعات القومية التركية وأملها بانبعاث فرص إحياء حلم الكيان التركي الموحّد «من الأدرياتيكي إلى سدّ الصين»، وبعد أسابيع فقط على ولادة مشروع «منظمة العالم التركي» في مدينة إسطنبول، «آستانة الأمس»، جاء الردّ الروسي من قبل بوتين عبر تحريك القوات نحو «آستانة» كازاخستان بطلب مباشر من قياداتها لإنقاذ البلاد من السقوط بيد آلاف المجموعات «الإرهابية».

بدأ اهتمام أنقرة بهذه الجمهوريات منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، وتحدّث الرئيس التركي الأسبق تورغوت أوزال عن حدود «العالم التركي من الأدرياتيك إلى بحر الصين». وأسست تركيا في 2009 «المجلس التركي» الذي جمع الدول الناطقة باللغة التركية، وهي تركيا وأذربيجان وكازاخستان وقرغيزيا وأوزبكستان، إضافة إلى المجر بصفة مراقب.

وهو المجلس الذي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تشرين الثاني الماضي تحوّله لـ»منظمة الدول التركية» التي تسعى إلى تعميق وتطوير التعاون في «العالم التركي»، مؤكداً أن قادتها وافقوا على وثيقة «رؤية العالم التركي 2040» من منظور مستقبلي للمنظمة.

فما يجري في كازاخستان اختبار لخطط ومشاريع وأحلام بناء التكتّل التركي في آسيا الوسطى عبر دمج 136 مليون نسمة وحوالى 5 ملايين كلم مربع وتريليون ونصف تريليون دولار من الدخل القومي، من أجل التعاون في خدمة العالم التركي. والكرة في ملعب موسكو لتقول كلمتها في هذا الشأن. هل تطالب روسيا غداً بانضمامها هي الأخرى إلى منظمة الدول التركية لأنّها تستقبل أكبر أقليّة تركية فوق أراضيها؟

من الواضح أن روسيا هي التي أفشلت المشروع التركي من أجل تموضع إقليمي جديد في المنطقة، فهل يكفي ذلك لإقناع أنقرة أنّ موسكو كانت هنا فاعل خير ودافعت عن مصالح تركيا أيضاً من خلال إرسال القوات إلى كازاخستان، كي لا تنتقل الثورات الملونة إلى قلب العالم التركي؟

لذلك باتت تتطلّب المرحلة تقويم المشهد الكازاخي والبحث في أسباب الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل البلاد، ثمّ مراجعة التطوّرات في سياسة كازاخستان الإقليمية وعلاقاتها مع دول الجوار والعواصم الغربية المؤثّرة في آسيا الوسطى، والتوقّف بدقّة عند لعبة التوازنات الإقليمية الجديدة في مربّع آسيا والقرم والقوقاز والبلقان. سينقشع المشهد أكثر بعد انجلاء سحب الدخان التي تسبّبت بها الحرائق في كازاخستان طبعاً.

السؤال الذي طرح نفسه على وزراء خارجية البيت التركي في الدول الأعضاء لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي: هل هم مهتمون بإنشاء جيش مشترك؟ لكن الجواب أتى عندما أعلنت دول «منظمة العالم التركي» في قمّتها المتلفزة يوم 11 كانون الثاني الحالي في أنقرة عن دعمها للسلطات الشرعية في كازاخستان والوقوف إلى جانبها، بعدما سيطرت موسكو على الموقف بحيث كانوا من المشاركين في القوة العسكرية المشتركة.

فالصورة الحالية التي تؤكد تراجع مشروع «اتحاد العالم التركي»، تكمن في اصطفاف دول تركية، مثل كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، إلى جانب موسكو في جبهة واحدة، وتكريس التمدّد والانتشار الروسيّين الاستراتيجيّين الجديدين بدعم وموافقة جمهوريات تركية كانت أنقرة تعوّل على كسبها إلى جانبها في سياسات آسيا الوسطى.

كما تنسيق القيادة الكازاخية مع موسكو ومنظمة الأمن الجماعي في معالجة أزمتها على حساب شركائها في «العالم التركي»، وضع حدّاً نهائيّاً للأطماع التركية التي فتحت شهية قادتها للعب دور في دول آسيا الوسطى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. ونهاية، نزارباييف يوزع الأدوار ويلعب على التوازن في الجمهورية التي أنهت صفحة لتفتح حقبة جديدة في كازاخستان.

الدولة الآسيوية الجريحة تحوّلت في الأسبوعين الأخيرين إلى ساحة اختبار ومواجهة إقليمية جديدة في آسيا الوسطى. لكن من المبكر القول إنّ البلاد خرجت من دائرة الخطر، وإنّ إعادة الأحجار إلى مكانها الصحيح قد بدأت.

رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=21543

ذات صلة

spot_img