spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

علا بياض- رئيس بلديّة ليفربول نيد مانون تاريخٌ حافلٌ بالإنجازات

مجلة عرب أستراليا-  مقابلة خاصة بقلم علا بياض رئيسة...

علا بياض- عيدكم سعيد

مجلة عرب أستراليا- بقلم علا بياض رئيسة التحرير   كلمة...

الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان يقيم إفطاراً في فندق ايدن باي لانكاستر

مجلة عرب أستراليا- الاتحاد لحماية الأحداث في لبنان يقيم...

د. زياد علوش- هل نضجت الظروف في “الدوحة” لإعلان مفاجئ لوقف إطلاق النار في غزة

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش في أعقاب التنديد...

روني عبد النور ـ الحاسّة السادسة والإثبات المؤجّل

مجلة عرب أستراليا قبل سنوات، نفت دراسة رائدة لجامعة ملبورن...

كايد هاشم ـ نحو تنمية مستدامة بمشاركة الشباب والمرأة

مجلة عرب أستراليا  سيدني-نحو تنمية مستدامة بمشاركة الشباب والمرأة

 كايد مصطفى هاشم
كايد مصطفى هاشم

 بقلم  كايد هاشم – كاتب وباحث، نائب الأمين العام للشؤون الثقافية في منتدى الفكر العربي ومدير تحرير مجلة “المنتدى” – الأردن

كشفت جائحة “كوفيد – 19” عن ظواهر من التباعد الاجتماعي تعاني منها أو من بعضها المجتمعات النامية،ولكن ليس بمعنى التباعد لغايات الوقاية الصحية والحدّ من انتشار الوباء، وإنما هو تباعد ذهني في حقيقته العميقة نتيجة اختلالات متراكمة في المنظومة الاجتماعية وعملية التفاعل الاجتماعي بشأن القضايا العامة، عدا انتفاء قنوات الحوار والمشاركة أو جانب كبير منها، وسيطرة النزعات الفردية، والالتجاء إلى الانتماءات الضيقة، أو حتى الخروج من دائرة الانتماء للمجتمع وقضاياه الأساسية الواقعية إلى مجتمع في الفضاء الافتراضي يلبي حاجات الفرد وليس مرتبطاً بمصالح المجموع. وأسباب ذلك متعددة تبدأ من أشكال الحرمان وعدم الاستقرار ومحدودية الفرص وعدالة توزيعها،وتمتد إلى ضغوطات معيشية واقتصادية ونفسية متفاقمة.

كما تتأثر العوامل والأسباب بتداعيات العولمة، وتتلاحق التأثيراتلتنسحب على الواقع الإنساني بالمجمل مع تلاحق المتغيرات العالمية ونتائجها على المفاهيم والأفكار المتعلقة بالهوية، وظروف الأحداث من نزاعات وصراعات لا تقلّ انعكاساتها حدّة في التحديات ضمن إطار الإمكانات والمفاعيل المجتمعيةومدى قدرتها ومرونتها على الاستجابة .

وخلال العقود الأخيرة كانت المنطقة العربية من أكثر المناطق في العالم عُرضةً لتلك الانعكاسات الدراماتيكية على البنى الاجتماعية ومشاركة شرائحها ومكوناتها، ولا سيما في الجوانب التي تتعلق بقطاعي الشباب والمرأة من حيث التأثير على قطاع يمثل أكثر من ثلثي السكان أي الشباب، والقطاع الذي يعد نصف المجتمع اعتبارياً ومفاهيمياً من حيث الأهمية والصورة العامة للهيئة الاجتماعية ومكانة المرأة ودورها، بصرف النظر عن الاستشهاد بالأرقام الإحصائية.

ولعل العودة إلى عدد من المؤشرات ونتائج الاستطلاعات والدراسات،التي سبق أن صدرت عن منظمات دولية وإقليمية ومراكز بحث معنية بالتحولات في المشهد العربي وتداعياتها منذ مطلع الألفية الثالثة،تطلّعنا علىزيادةمتصاعدة في الاهتمام بقضايا الشباب والمرأة وتحدياتها في المنطقة العربية، ولاسيما في مجال تعزيز الحقوق والمشاركة الشبابية وكذلك مشاركة المرأة في التحول الإيجابي على مختلف الصُّعُدومما يتعلق بأولويات التنمية المستدامة.

من المهم الإشارة هنا إلى أن هذه القضايا بأي حالٍ من الأحوال لا تنفصل عن قضايا تندرج في صلب ما يشكِّل قضايا مطلبيّة للقطاعات والشرائح الاجتماعية كافة، وخاصة في مجالات جودة التعليم والتدريب والتأهيل، وتوفير فرص العمل، والأمان الوظيفي، والحماية الاجتماعية، والمشاركة الاقتصادية، والاستجابة لمتطلبات التنمية البشرية، فضلاً عن الرعاية والخدمات الصحية، وجوانب خدماتية أخرى من نقل وطاقة مثلاً، ووجود تمثيل للقطاع الشبابي وقطاع المرأة في الحياة العامة، والمشاركة في صنع السياسات والاستراتيجيات ورصدها  وتقييمها، وإدارة التنوع الثقافي، والتحرر من التمييز والإقصاء، والحماية من الجريمة والعنف، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الرجال والنساء، واستخدام التكنولوجيا، والتحديات البيئية(1)، وغير ذلك من قضايا ومسائل حياتية ومعيشية مما تناولته تقارير التنمية الإنسانية العربية.

ويُلاحظ أن النُّخب العربية – بمن فيها قيادات في القطاعين المشار إليهماأو من الناشطين والناشطات – أصبحت في هذه المرحلة أكثر وضوحاً وتحديداً في التعبير عن مظاهر المشكلات التي تواجه مجتمعاتهم على الصعيد التنموي وتشخيص أسبابها، سواء أكانت مشكلات اجتماعية أم ثقافية أم اقتصادية أم سياسية، بيد أنها في كثيرٍ من الأحيان، ولوعبّرت عن انتقادات وإحباطات في بعض الجوانب بسبب أوضاع بنيوية داخلية أو بدواعٍ تتصل بظروف إقليمية ودولية تأثرت بها المنطقة، إلا أنها لا تفتقد روح الإيجابية والموضوعية وربما المُبادِرة إذا وَجَدت الفرص مُهيأةً للإسهام أو المشاركة الحقيقية في العملية التنموية، والمشاركة أيضاً بتقديم تصوّرات وأفكار وحلول مقترحة لمعالجة الفجوات في البِنى المأزومة، التي ترتبت عليها أزمات متداخلة أثَّرت على فرص الاستفادة من طاقات هذه الشرائح المجتمعية .

يشكِّل الشباب ممن تقل أعمارهم  عن (30) عاماً ثلثي سكان المنطقة العربية خلال الفترة الحالية، نصفهم ضمن الشريحة العمرية (15-29) سنة، ويقدّر عددهم بأكثر من مئة (100) مليون نسمة. ويلاحظ أن عدد سكان المنطقة العربية يتزايد بسرعة ؛ فقد وصل عام 2010 إلى 350 مليوناً، وفي عام 2050 سيصبح 604 ملايين نسمة.(2)

أمام ذلك الواقع الراهن، فإن دور المؤسسات الاجتماعية والثقافيةوالتربوية الأكاديمية وحتى مراكز الفكر العربية؛يفترض أن يزداد أهمية وفاعلية في العمل على بلورة الرؤى ودراسة آليات مواجهة التحديات القائمة في قطاعي الشباب والمرأة وغيرهما من القطاعات، بحيث تكون التصوّرات لأساليب العلاج نابعة هيكلياً من داخل الواقع العربي، وقابلة للتحقُّق فيه وفق معطياته، وذلك لا يستبعد الاستفادة من هياكل وتجارب خارج المنطقة العربية يمكن مقاربتها لتعرف أسباب النجاح الممكنة فيها.

وفي جانب المشاركة الشبابية تخصيصاً يكتسب العمل المتعلق بالتفكير والدراسات والرؤى المستقبلية الأهمية ذاتها حينما يكون الشباب والمرأة أيضاً جزءاً مشاركاً وفاعلاً في عملية إعداد الخطط والاستراتيجيات التنموية، والحوار حول أبعادها، وتقييمها، وصياغة التوقعات والسيناريوهات المستقبلية، المبنية على المعطيات الواقعية والإمكانات المادية والبشرية، ومعطيات النظام الإقليمي والنظام الدولي.

إنَّ إيجاد البيئة الصالحة للتفكير المشترك والحوار المعرفي هي حاضنة نموذجية للإبداع وتبادل الأفكار بين الاتجاهات المختلفة، بهدف صقل التجارب،واكتساب المهارات في التفكير الناقد والحصيلة المعرفية، وتوسيع الآفاق في النظر إلى المشكلات موضع البحث.

ومن الضروري تأكيد هذا الدور المؤسسي للقيام بدورمُساند للحكومات في وضع الاستراتيجيات وصنع السياسات التنموية، ما يدعو إلى تشجيع وجود هذه المراكز المستقلة من جانب الحكومات نفسها، كما نادى بذلك “الميثاق الاجتماعي العربي” الذي أطلقه منتدى الفكر العربي عام 2012 وشارك في صياغته ممثلو الشباب العربي من المشاركين في المؤتمر الشبابي الخامس (عمّان، 11/12/2012)، والتشجيع أيضاً على تفاعلها فيما بينها على المستوى العربي، وعلى مستوى المراكز النظيرة في العالم .(3)

وقد دعا “الميثاق الاقتصادي العربي” لمنتدى الفكر العربي أيضاً (2015) إلى أن يوازي ذلك تطوير مناهج التعليم الأساسي والمهني والتكنولوجي لجَسر الفجوة بين التعليم والإنتاج ومن جهة، و”جَسر الفجوة بين الأكاديميا والقطاعات الاقتصادية الاجتماعية، ومن ثم الارتقاء بها، والنظر إلى التطوير التكنولوجي على أنه لا يقل أهمية اقتصادية اجتماعية تاريخية إنسانية عن البحث العلمي النظري “. فالاقتصادات الحديثة هي اقتصادات معرفية تعتمد ثلاثية العلم والتكنولوجيا والإبداع، وتطوير السياسات التعليمية الوطنية هو شرط موضوعي لتعليم مهني وتكنولوجي يتوافق والاتجاهات العالمية نحو الاقتصاد المعرفي، واعتماد سياسات تعزز الابتكار والريادية والإبداع لدى الشباب(4)، وتوسيع هذا الإطار ليشمل أيضاً حقول الثقافة والفنون والعلوم والسياسة والإعلام.

لا يقل دور المؤسسات والمراكز المشار إليها، أهمية وفاعلية أيضاً عن دور سائر فعاليّات المجتمع المدني التي تستهدف قطاعي الشباب والمرأة بتوجهاتها وسياساتها. لكن هذا الدور ينبغي أن ينهض على قواعد من البيانات الخاصة بهذين القطاعين، تُحدَّث باستمرار لتكون ذات جدوى في عمليات البحث والتقييم، وترتبط هذه القواعد بشبكة تنسيق وتبادل بين مراكز البحوث والدراسات على المستوى الوطنيوالإقليمي والدولي(5) .

وأقدّر أن عملاً من هذا النوع يمكن أن يُسهم مُجدّداً في إطلاق وعي المجتمعات العربية محلياً وإقليمياً تجاه تحديات التنمية المستدامة، والتناغم مع العالم المعاصر والمستقبلي من أجل حياة إنسانية أفضلنحوالحدّ من مأزق الفقر والجوع، وتفعيل الطاقات الكامنة في إطار من الكرامة والمساواة، وفي ظل مناخ صحي. وحماية كوكب الأرض من التدهور، وتوخي الاستدامة في الاستهلاك والإنتاج. وتحقيق تقدم اقتصادي اجتماعي وتكنولوجي ينسجم مع الطبيعة. وإقامة مجتمعات يسودها السلام والعدل ويجد فيها الجميع متسعاً لهم، مما يفي بالأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة وخطتها الأممية : البُعد الاقتصادي، والبُعد الاجتماعي، والبُعد البيئي.(6)

وبهذا المعنى كان المفكِّر العربي الدكتور يوسف صايغ قد انتهى إلى أن المشاركة الحقيقية في فعاليات الحياة العامة تعدّ جزءاً أساسياً من مؤشرات تجاوز القصور التنموي إلى الأمام في المنطقة العربية، وتمكين القواعد المجتمعية من التعبير عن أولوياتها ورغباتها ومعاناتها، وإيصال مطالبها إلى الحلقات القيادية عبر القنوات المؤسسية، وتثمير هذا التواصل والتفاعل بشكل منطقي وواقعي في الجهود والسياسات والقرارات التنموية، كما تعزّز المشاركة نهج الحوكمة الرشيدة على الأصعدة كافة، وضمان الأمان والتماسك الاجتماعي، وتحقيق الصالح العام.(7)

(1) ينظر مثلاً : الملخص التنفيذي لتقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016: “الشباب وآفاق التنمية الإنسانية في واقع متغيّر”. المكتب الإقليمي للدول العربية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، طبع في لبنان، ص21.

(2) ينظر: تقرير التنمية الإنسانية العربية (مصدر سابق)، ص6.

(3) “الميثاق الاجتماعي العربي”، ص25-26.

(4) ينظر: “الميثاق الاقتصادي العربي”، ص44-49.

(5) ينظر: “التعليم والإبداع والاستثمار: نحو رؤية عربية مشتركة”، إشراف وتقديم: د. محمد أبوحمور، مراجعة وإعداد وتحرير: محمد سلام جميعان و كايد هاشم، منتدى الفكر العربي، عمّان، 2019، ص208.

(6) يراجع بشأن أهداف خطة التنمية المستدامة 2030 وثيقة “خطة عالمنا” – قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 أيلول/ سبتمبر 2015.

(7) ينظر: يوسف صايغ، “التنمية العربية: من قصور الماضي إلى هاجس المستقبل”. منتدى الفكر العربي، عمان، د.ت، ص38.

رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=14877

ذات صلة

spot_img