spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

هاني الترك OAM- نعم كان قبلها وإعتذرت له

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM دخلت المواطنة أولغا...

ريما الكلزلي- قراءة في فكر الباحث ماجد الغرباوي

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة ريما الكلزلي تجلّيات التنوّع...

أ.د.عماد شبلاق ـ الشعب يريد تعديل النظام!

مجلة عرب أستراليا- بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق-رئيس الجمعية الأمريكية...

كارين عبد النور- الحسم لـ”الدونكيشوتية” والفرز السياسي في “مهندسي بيروت”

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «ما رأيناه...

ليلى تبّاني- التّغريبة الهلالية ……….ظُفرُ نَعام.

مجلة عرب أستراليا سيدني

التّغريبة الهلالية ……….ظُفرُ نَعام.

بقلم الكاتبة ليلى تبّاني

كان الشيخ غانم هلايليا أصيلا، وهو شيخ قبيلة ضاربة بخيامها في منطقة “بوسعادة” وكان متزوّجا من بربرية شاوية وله معها ابن وحيد اسمه “ذياب”أنْجَبه عن كِبَر.

في يوم من الأيام بينما كان ذياب يلعب خارج خيمة والده ، فإذا برَجُلين بَرْبَريَيْن يتَسَلّلان إلى القبيلة ويختطفانه ويفرّان به.  تعالت صرخات الطفل فرآهما بعض من أهل القبيلة، فسارعوا مباشرة الى والده الشيخ غانم يخبرونه بالأمر.امتطى جواده وانطلق يقتفي أثرهم مستشيرا كل من رأى في طريقه من رعاة إبل وأولاد لكنّه لم يجد له أثرا فرجع الى قبيلته مهموما حزينا والتف حوله رجال قبيلته وقرروا مساعدته في البحث وانطلقوا في الصباح الباكر وتفرقوا ضاربين في السباريت، وكلّما تصادفوا بقبيلة نزلوا فيها على أنّهم ضيوف وجاسوا أخبارها وفتّشوا عن الطّفل فيها، ظلوا على تلك الحال أكثر من شهرين الى أن عثروا عليه في إحدى القبائل لكن سارقه أصر على الافتراء ونسَب الطّفل له ، كان هناك خلاف كبير بين البربر أصحاب الأرض الحقيقيون، وبين قبائل بني هلال العربية الدّخيلة ، إذكانت تندلع الحروب بينهم لأبسط الأسباب لذلك آثر الشيخ غانم وقد كان لوذعيا حكيما على التعامل مع الأمر بحكمة ورويّة فعرض على الرجل بأن يحتكما إلى جمع من رجال قبيلته البربرية فلم يجد الرجل سارق الطفل بدّا من التهرب سوى القبول ظنّا منه أن رجال قبيلته سيقفون في صفّه .

اجتمع رجال القبيلة وقالوا للشيخ غانم أثبت أنّه ولدك فقال لهم: اتركوه بعيدا يلعب مع أقرانه من أطفالكم واعطوا لكل طفل عودا وانظروا كيف يتصرف ففعلوا ما اقترحه عليهم، فإذا بأطفالهم يتّخذون من العيدان عصيا ويشيرون بها كأنّهم يهشون على غنم أو ابل ويًصدِرون أصوات الرّعاة على طريقة أهاليهم بينما أخذ ذياب عوده وتمطّاه وركض به كما اعتاد أن يفعل مع والده وأهل قبيلته من الرّجال فصاح الشّيخ غانم ما تقولون يا رجال ؟ أليس هذا الطفل هِلاليا ؟ ثم قال لهم لايزال هناك دليل آخر على أنّ الطفل ابني فنادوه هو وطفل آخر من أولادكم ـــــ وكان الهلاليون يشتهرون بطلاقة اللّسان والفصاحة على عكس البربر الذين كانت لغتهم هجينة بين رطانة لغتهم الاصلية والعربية الدّخيلة بعد اسلامهم ـــــ  فأَتَوا له بالطّفلين وكان ذياب حينها بالكاد ابن أربع سنوات، فقال لأحدهما : اسألوا الطفلين السؤالين التاليين : علاه راسك كبير؟ علاه رجليك عوجين؟ فسُئل الطّفل البربري فلم يَنبُس ببنت شفة، ثم جاء دور ذياب فسُئل : علاه راسك كبير : فأجاب بكل طلاقة وبديهة : من الرأي والتدبير. علاه ساقين عوجين: فقال لهم من ركوب الخيل .اثرها حكم الرّجال بأنّ الطفل هلايليا وسلّموه لوالده .ّ

ترعرع ذياب وسط أهل قبيلته وعكِف والده على تعليمه الفروسية والضرب بالسّيف وعادات العرب الأصيلة، وأنشأه على الشّجاعة والإقدام وضرورة الذّود عن قبيلته وأهله، فرغم حبِّه  الشّديد له إلاّ أنّه كان يتعمَّد استخدام القسوة والصّرامة معه، بينما كانت أمّه “ظفر نعام” تحرص على تدليله وتبالغ في الخوف عليه ، خاصة وأنّه وحيدُها وكانت تفعل ذلك من وراء ظهر زوجها.

شبّ الولد ذياب واخضرّ ربيع عَذاره وفُتِلت عضلاتُه وصَحُلَت حنجرته ، فأصبح من الواجب عليه مغادرة القبيلة وتدبير شُؤونِه وجَلْب رِزقه بنفسه وحراسة حمى القبيلة والذود عنها، حسب ما تقتضيه اعراف العرب آنذاك.

فزاد همّ والدتِه “ظفر نعام” وأشفقت على ابنها الوحيد، ولم يهن عليها خروجَه إلى القفار مكابداً خطر قطاّع الطرق والأّعداء من البربر. فجمعت أغراضه في رزمة وزاده في مكتل، وطلبت منه الذهاب الى خالِه بضْع سنوات أخرى حتى يكبر أكثر ويصبح أكثر قدرة على تحمل المشاق. خرج ذياب من قبيلته واتجه الى قبيله خاله الذي استقبله وأصبح يصطحبه معه يوميا لرعي الابل والغنم إلى أن اعتاد على حياة الرعي فاصبح يتولى المهمة بنفسه.

كانت علامات الحيرة والقلق والخوف تبدو على “ظفر نعام”،  كيف لا وقد دفعت بابنها الى مخالفة أعراف القبيلة ، ولو علم زوجها بالأمر لما نجَت لا هي ولا ابنها من أعسَر عقاب قد يكون فيه طلاقَها خاصّة لوِ اكتشف أهلُ القبيلة ذلك .لكن الشّيْخَ”غانم” كان فَطِنا لبيبا واستشعر أنّ هناك أمراً يُحَيِّرُ زوجَته ويقضّ مضجَعها، وما خاب ظنُّه حينما ربط ذلك بابنهما ذياب وما يحتمل أن تفعلَه في سبيل اعفائه ممّا تفرضُه عليه أعراف القبيلة. كان يعلم أنّها لا ملجأ لها سوى أخيها، وحتّى يتأكّد من الأمر طلب منها أنْ تذهب لزيارة أخيها وتسأله عن: الحُرّة في الطيور، والحُرّة في الشجور، والحُرّة في الحجور ؟

وكانت “ظفر نعام” امرأة ساذجة حيلتُها أصغر من أن تكتشف نوايا زوجِها، فخرجت من قبيلتها قاصدة قبيلة أخيها،  وفي الطريق صادفت ابنها ذياب يرعى الغنم والإبل فاحتضنته مُجهشَة بالبكاء حامدة الله على سلامته وخلاصِه من مشاقّ حراسة قبيلته، فسألها عن وجهتها فأخبرته أنّ والدَه أرسلها عند أخيها ليستفتيه عن خبر : الحُرّة في الطيور والحُرّة في الشجور والحُرّة في الحجور .فأحسّ ذياب أنّ وراء سؤال أبيه غرض إن لم يكن قد اكتشف أمرَه ،  فطلب من أمِّه أن تسلُك طريقَه عند عودته.

وصلت “ظفر نعام”إلى قبيلة أخيها وقصدت خيمته فرحّبوا بها وأحسنوا ضيافتها وعندما همّت بالرّجوع إلى بيتها أخبرت أخاها أنّ الشيخ غانم يسأله عن: الحرة في الطيور والحرة في الحجور والحرة في الشجور، فضحكوا عليها وأجابوها أنّ الحُرّة في الطيور: هي الخُطّاف، وأنّ الحُرّة في الشجور هي الصّنوبر ،وأنّ الحُرّة في الحجور هي حَجَرُ الزّناد.

قفلت “ظفر نعام” عائدة الى قبيلتها وتذكّرت ما أوصاها به ابنها، فقصدت مرعاه فوجدته ينتظرها: فقال لها ما أجابك خالي يا أمّاه ؟ حاولت “ظفر نعام”أن تتذكّر ما قاله أخوها لكن دون جدوى، وكانت الشمس قد زالت، وليس لها وقت للعودة الى قبيلة أخيها فاحتارت واغتمّت وخافت من سخط زوجها فما كان ذياب سوى أن يجيبها هو عن الأسئلة فقال لها: لا تحزني يا أمّاه وقولي للشيخ غانم: الحُرّة في الطيور النّحلة والحُرّة في الشجور النّخلة والحّرّة في الحجور حجرة   مكّة……….يتبع……….

رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=29169

ذات صلة

spot_img