spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

هاني الترك OAM- نعم كان قبلها وإعتذرت له

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM دخلت المواطنة أولغا...

ريما الكلزلي- قراءة في فكر الباحث ماجد الغرباوي

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة ريما الكلزلي تجلّيات التنوّع...

أ.د.عماد شبلاق ـ الشعب يريد تعديل النظام!

مجلة عرب أستراليا- بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق-رئيس الجمعية الأمريكية...

كارين عبد النور- الحسم لـ”الدونكيشوتية” والفرز السياسي في “مهندسي بيروت”

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «ما رأيناه...

كايد هاشم ـ خليل نصر .. شيخ الصحافة في الأردن

مجلة عرب أستراليا سيدني – صحيفة “الرأي” الأردنية – خليل نصر .. شيخ الصحافة في الأردن..من كفرشيما إلى عمّان

كايد هاشم

 بقلم كايد هاشم-كاتب وباحث أردني 

خليل فارس عبد الله نصر (1888-1948) شيخ الصحافة الأردنية، ابن بلدة كفرشيما من محافظة جبل لبنانالقريبة إلى بيروت بمسافة 12 كيلومتراً، قَدِم شاباً في سن العشرين إلى حيفا بعد أن أنهى دراسته الثانوية في موطنه الأول، فعمل في الصحافة العربية بفلسطين، وأصدرهناك صحيفة “الأردن” وانتقل بها إلى إمارة الشرق العربي بعد تأسيس هذه الإمارة في شرقي الأردنسنة 1921 ببضع سنوات، على إثر دعوة من أميرها – الملك المؤسِّس – عبد الله بن الحسين الذي منح خليلاً الجنسية الأردنية، فكانت “الأردن” بصدورها من عمّان سنة 1927 أولى الجرائد الأهلية في الإمارة الجديدة، ومطبعتها ثاني المطابع في بلاد الإمارة بعد مطبعة الحكومة الرسمية .

والأخيرة أوكل تأسيسها إلى خير الدين الزركلي يوم كان رئيس ديوان الحكومة فجلب معدّاتها على ظهور الدّواب من القدسسنة 1922، وأصبحت تُعرف باسم المطبعة الأميرية وتولى إدارتها محمد الشريقي . وقد وثَّق الصحفي الأستاذ شفيق عبيدات في كتاب “مسيرة الصحافة الأردنية 1920-2000” (نقابة الصحفيين الأردنيين بدعم من مركز الرأي للدراسات، عمّان، 2004) بدايات الطباعة في الأردن، وأضفت وأوضحت في كتابي “حركة النشر وروّادها في الأردن” (منشورات أمانة عمّان الكبرى، 2011) بعض المعالم والمعلومات في هذا الجانب .

أما نشأة الصحافة الأردنية فقد كانت نشأة عصامية وسَمَتها ظروف البلاد والمنطقة الواقعة تحت الانتداب الأجنبي وحداثة التكوين الاجتماعي والثقافي المؤسساتي وضعف الإمكانات الاقتصادية بصعوبات ومعوقات مختلفة، ولكنها كانت صحافة عروبية ووطنية في الاتجاه والطابع العام، ولم تعرف هذه الصحافة في داخلها اتجاهات مضادة أو مناوئة لهذا الاتجاه.

ولم تكن الصحف التي حاول أصحابها إصدارها في العهد الأول للدولة الأردنية لتستمر طويلاً، إلا أن “الأردن” استطاعت أن تكون من بين الصحف الوطنية الأطول عمراً، فاستمرت حوالي خمس وخمسين سنة ؛ حتى 1982، وإنْ أصابها في سنواتها الأخيرة اضطراب في الصدور وتكرر انقطاعها، حتى توقفت نهائياً في تلك السنة بقرارٍ حكومي .

وكان من المعوقات في عهد البدايات المبكرةعدم وجود قانون للصحافة في شرقي الأردن يراعي الاعتبارات المحلية والمستجدات بعد تأسيس الإمارة؛ إذ ظل العمل جارياً بقانون المطبوعات العثماني حتى سنة 1927. وفي السنة التي صدرت فيها صحيفة “الأردن”، كانت تصدر صحف قليلة تُعد على أصابع اليد الواحدة، مثل “الجريدة الرسمية لحكومة شرق الأردن” التي صدرت حتى حزيران (يونيو) 1926 باسم “الشرق العربي”، وصحيفة “جزيرة العرب” لحسام الدين الخطيب التي احتجبت في سنتها الثانية 1928، و”الشريعة” لمحمود الكرمي وما صدر منها لا يزيد على عشرة أعداد،و”صدى العرب” لصالح الصمادي التي صدرت في تشرين الأول (أكتوبر) 1927 لكن صدورها كان مضطرباً فأوقفها المجلس التنفيذي (الحكومة) في العام التالي .

صدرت جريدة “الأردن” بهذا الاسم أولاً في حيفا بتاريخ 8 تشرين الأول (أكتوبر) سنة 1923 بترخيص مشترك لخليل نصر الذي تولّى تحريرها وباسيلا الجدع، وقد كانا يصدران معاً منذ سنة 1919حتى ذلك الحين صحيفة انتقادية ساخرة باسم “جِراب الكردي”. ولم يلبث نصر أن استقلّ بالصحيفة ونقلها إلى عمّان بعد أن رغب إليه بذلك أمير شرقي الأردن – الملك المؤسس – عبد الله بن الحسين، الذي كان يقود مأسسة البنيان الثقافي للأردن الحديث ويعي تماماً وهو المثقف الطموح والأديب والشاعر أهمية الصحافة المدعّمة بالخبرة في إيصال صوت الدولة العربية الفتية، ووجود صحف قادرة على رصدمظاهر النهوض في البلاد، والأحداث في المنطقة والعالم على مختلف الصعد، والإسهام في التواصل مع الفعاليات الوطنية الاجتماعية والسياسيةوالاقتصادية ومخاطبة الرأي العام، وتوعية الشعب وتثقيفه، ورعاية أقلام الكُتَّاب والمبدعين .

وكان خليل نصر قد عمل خلال إقامته في فلسطين محرراً لجريدة “الكرمل” بحيفا، وهي الصحيفة التي أصدرها مواطنه اللبناني الأصل نجيب نصّار سنة 1908، وتبنّت نهج التوفيق بين العرب والتُرك، والتنبيه إلى الخطر الصهيوني في فلسطين . واكتسب نصر ثقافة سياسية وتاريخية ومعرفة واسعة بتطورات القضية العربية وقضية فلسطين في أثناء عمله في هذه الصحيفة وإلى جانب صاحب “الكرمل” نصّار الذي نبه مبكراً إلى ذلك الخطربكتابٍ نشره سنة 1911.

وانعكست ثقافة خليل نصر وحصيلته المعرفية تلقائياً على رؤيته وآرائه ومواقفه التي عبَّر عنها بمقالاته ومعالجاته الصحفية وتعليقاته سواء في “الكرمل” أو “الأردن” .وظلَّت “الأردن” منذ صدورها الأول في فلسطين صحيفة تنتهج النهج القومي والوطني المستقل، وأصبحت سجلاً تاريخياً للأردن الحديث في مختلف جوانب الحياة وتطورها، وأسهمت في استقطاب أقلام الكُتَّاب والأدباء والشعراء الأردنيين والعرب على السواء، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر –الشيخ فؤاد الخطيب، ومصطفى وهبي التل (عرار)، والدكتور محمد صبحي أبو غنيمة، وعبد المنعم الرفاعي، وروكسالعزيزي، ويعقوب العودات، والشيخ نديم الملاح، وماجد غنما، والشيخ عبود النجار، وشبلي ملاط، وغيرهم؛ مما يجعلها من مصادر الأدب والثقافة في الأردن ولا سيما خلال عهد الإمارة .

يشير إبراهيم كريم صاحب جريدة “الحسام” الدمشقية في كتابه “السجل الذهبي للعالم العربي” (1945)، وهو صديق وزميل لخليل نصر في مهنة الصحافة، إلى دور صحيفة “الأردن”بقوله :”ولن يفوتنا … أن نذكر خدماتها الجلى للثورتين السورية والفلسطينية … ومساهمتها الفعالة في رفع صوت القضية العربية عالياً”.

ينمّ أسلوب خليل نصر في الكتابة على ثقافة ممتازة في اللغة والأدب العربي،وقدرة بلاغية،وموهبة ذوقية، لم تبعدها لغة الصحافة المباشرة عن حُسن السبك وجزالة الكتابة الأدبية والتمكّن في استخدام التعابير المجازية في المقام الذي يقتضي ذلك . كتب رسالة إلى أحد أصدقائه الأدباء، في كانون الأول (ديسمبر) 1933، يصف فيها الأمير – الملك – عبد الله إجابة لرغبة صديقه، فوصفه من الوجهة العلمية بهذه العبارات : “عالِم متضلع في اللغة العربية، يجمع شتات العلوم بذاكرة وقادة، وفي العلوم الدينية إمام وحجّة، أديب يجيد الإنشاء، إذا سمع المرء حديثه ظن أنه يقرأ في كتاب، يعبِّر بلغة منضّدة غير معقدة، سهلة ممتنعة، بليغة تقرِّب البعيد بإيجاز مفيد …” .

ووصف الأمير في السياسة بأن “سموّه كان المؤثر الأكبر في سرعة إعلان النهضة العربية”، وقال: “ولو أن سعة القطر الأردني كالعراقي أو السوري لكانت مواهبه السياسية والعمرانية والاجتماعية أسرع بالظهور بصورة تتفق مع عظمة صاحبها، على أن ضيق البيئة لم يفتها عِظَم القدر والمنزلة الكبرى. وفي القِطع المرسلة من بياناته تدركون متابعة سموّه العمل في القضية العربية …”، كما وصفه في الحرب، والحلم والعطف، والشهامة والكرم على طريقة القدماء في تصوير الشخصيات التاريخية .

وإذا كان خليل نصر في مقدمة الروّاد المؤسِّسين للصحافة الأردنية، وأحد بُناة النهضة الفكرية والأدبية من خلال صحيفة “الأردن، فهو أيضاً من روّاد المحاولات الأولىلنشر المؤلَّفات الأردنية، ومنها “جواب السائل عن الخيل الأصائل” سنة 1936، و”الأمالي السياسية” سنة 1939 وكلاهما للأمير – الملك عبد الله، و”الأمالي” كتاب يدخل في باب التأريخ، وقد سمعت من المؤرخ الدكتور علي محافظة أن هذا الكتاب جعل مؤلّفه أول زعيم عربي في العصر الحديث يكتب تاريخاً لقضايا بلاده مما شهده وعاصره وشارك فيه من وقائع وأحداث موثقة . وهناك كتاب “الأئمة من قريش” لمصطفى وهبي التل “عرار” سنة 1939. كما اشترك نصر مع “عرار” في وضع كتاب “بالرفاه والبنين طلال” طبع سنة 1934، وقدماه هدية تذكارية إلى الأمير طلال بن عبد الله ولي العهد حينذاك بمناسبة زفافه، وأسهم في هذا الكتاب بكلمات وقصائد عدد من الكُتَّاب والشعراء من الأردن وبعض الأقطار العربية .

بعد انتقال خليل نصر إلى جوار ربه، انتقل امتياز الصحيفة إلى ورثته، فتحولت من صحيفة أسبوعية إلى يومية سنة 1949، وواصل القائمون عليهاالعمل على تحسينها شكلاً وتبويباً ومضموناً وتحريراً .

رابط مختصر…https://arabsaustralia.com/?p=15931

ذات صلة

spot_img