spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 45

آخر المقالات

روني عبد النور- عن نموّ نظريّات المؤامرة وتناسلها

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتب روني عبد النور قبل سنوات،...

إبراهيم أبو عواد- الجذور الاجتماعية للنقد الثقافي

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتب إبراهيم أبو عواد   إنَّ...

هاني الترك OAM- لقاء الغزاويين

مجلة عرب أستراليا-بقلم هاني الترك OAM إن النكبة الأولى عام...

قصة إبادة السكان الأصليين في أستراليا  للكاتب الاسترالي “كليف تورنبل “

مجلة عرب أستراليا سدني 

“الحرب السوداء “هي قصة إبادة  سكان تسمانيا الأصليين ، الذين تم تدمير عرقهم تمامًا في غضون خمسة وسبعين عامًا على يد الإمبراطورية الانجليزية بقلم الكاتب الأسترالي كليف تورنبل . أول دراسة مستفيضة للموضوع منذ القرن التاسع عشر, وتم  طبع الكتاب 1948.

يكشف كتاب “حرب قذرة” للكاتب الاسترالي “كليف تورنبل” وحشية المستعمر الإنجليزي في احتلاله لجزيرة تسمانيا إحدى جزر القارة الاسترالية وإبادة أهلها أبان القرن التاسع عشر .


وقد عايش راوي المأساة .. خضم أحداث هذه الحرب القذرة وتتبع ملابسات هذه الإبادة خلال 75 سنة ، حيث ينتمي “الشاهد المؤلف” ترو نبل إلى الجيل الثاني من المستعمرين الإنجليز الذين رأوا بأعينهم عنصرية الرجل الأبيض مدعي الحضارة والمدنية .


ويكشف لنا ترونبل عبر صفحات قصته عن المخططات الإرهابية والوحشية التي استخدمها المستعمر الإنجليزي في إبادة سكان الجزيرة الأصلين  ، وحلل ترو نبل الدوافع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي دفعت الإنجليز لاستعمار هذه الجزيرة و إبادة سكانها الأصلين  باستخدام أخس وأحط الأساليب وأشدها بربرية .

فضح انتهاكات الاحتلال الإنجليزي

فقد ارتكب الإنجليز تحت شعار تصدير المدنية الغربية أبشع الجرائم أقلها نشر الأمراض وأحداث المجاعات ونشر الفساد من خمور ودعارة حتى تقتل في كل نفس القدرة على المقاومة .
كان هذا هو حال أهل جزيرة تسمانيا الاصليين  على يد أسوأ أنواع المجرمين الإنجليز الذين ضاقت بهم سجون إنجلترا مثلما حدث لقبائل الهنود الحمر من قبل في الأريزونا حين تعرضوا للطرد والإبادة من قبل الشركات متعددة الجنسيات بالتحالف مع الإمبرياليين الجدد خلال نشأة الولايات المتحدة الأمريكية .


وعبر عشرة فصول كاملة يروي ترونبل “الشاهد من أهلها” القصة الحقيقية لإبادة السكان الاصلين  لجزيرة تسمانيا الأسترالية ،فقد بدأ روايته في الفصل الأول تحت عنوان “الرواد” بتوضيح أصل أهل تسمانيا وجنسهم ، مشيرا الى ان التسمانيين أناس بعيدين عن الحضارة وهم بطبعهم مسالمين ودودين كما وصفهم الرواد الأوائل الذين رست سفنهم شمال شرق الجزيرة ، لكن المقاصد الاستعمارية والإمبريالية البريطانية حولت الجزيرة إلى مستعمرة حين قامت بتهجير البريطانيين المذنبين المحتالين والمتشردين والمتسولين إلى أسترااليا على مدى 15 عاما ، ووصل عددهم في هذه البقعة والتي كان يطلق عليها “أرض فان ديمين ” إلى 80 ألف وفق أعلى التقديرات التي أوردها المؤلف وقد تم نقل 6000 إلى 7000 مسجون للاستيطان في هذه الأرض لمنع فرنسا من الوصول إلى الجانب الشرقي للجزيرة والسيطرة على منتجاتها الطبيعية .

 


وحشية انجلترا في نقل السكان الأصليين  إلى المستعمرات
ولم يغفل المؤلف في الفصل الثاني الحديث عن الخلفية الاجتماعية العصر الفيكتوري وحياة الإنسان ووحشية الدولة في انجلترا وعن الظلم الاجتماعي-فى تلك المرحلة – مشيرا الى ان ” الاشتغال بالمناجم عام 1842 كان أمرا عاديا بالنسبة للأطفال في سن السادسة والخامسة والنساء ربطوا كالكلاب ساحبين عربات النقل تحت الأرض وبعض الأطفال دفعوا الى مداخن ساخنة فلم تكن مفاجأة ان وحشية الدولة في انجلترا قد نقلت الى المستعمرات فابادة الابروجيني كانت جزءا من سياسة لاترحم فالأمة التي لاتهتم بشعبها تهتم أقل بالآخرين لقد جاء الى أستراليا بأشد البريطانيين ميول راسخة في أساليب القمع “.


ومنذ السنة الأولى للاستعمار بدأ تصفية أهل هذه الجزيرة وزاد عدد المستوطنين في عام 1804 حيث بلغ سكان أرض فان ديمين 80 من الأشخاص الأحرار و 400 من المذنبين وعام 1825 بلغ 680 من الأحرار ،6800 أرقاء و في عام 1830 بلغ 13000 أحرارا ،10000 أرقاء ، وفي عام 1835 بلغ 22000 أحرارا ،17000 أرقاء.
وبدأ المستوطنون في بداية عام 1805 في تنفيذ جرائمهم البشعة من اغتصاب للنساء وقتل للرجال بالرصاص وسحق أدمغة الأطفال.

الإعلام البريطاني وتزييف الحقائق
في الفصل الثالث أكد الكاتب النزعة الإمبريالية لدى المستعمر الإنجليزي في الحرص على مصلحته الشخصية وحمايته للمستوطنين.
فقد شجع الاستعمار الإنجليزي المستعمرين على ارتكاب المزيد من الجرائم ضد السكان الأصليين  دون الإلتفات إلى أهل الجزيرة الذي يمكن ان يقطع إصبعه لاستخدامه كسيجار للتدخين أو أن تقطع أذنه مثلا دفاعا عن عرضه .
ومن المعروف أن الإنجليز أول من بدأوا النظر الى أهمية وسائل الإعلام في تغطية الجرائم الوحشية التي يرتكبها الجيش البريطاني فكثيرا ما زيفت جريدة ” الكولونيال تايمز ” الحقائق واستنكرت المقاومة المشروعة على شعب تحاك ضده أبشع جرائم الابادة .
يشير الكاتب في الفصل الرابع إلى ان المستعمرين قد أعطوا الأمر للبدء بعزم في ابادة أهل الجزيرة بداية من عام 1828 .


وكان البديل هو نقلهم إلى جزيرة نائية حيث لا يكون هناك حاجة لطعامهم وشرابهم . فضلا عن أن القوانين العسكرية كانت وراء إبادة أكثر من الثلثين من أهل تسمانيا خلال 12 شهراً فقط ، كما استمر اغتصاب النساء وسحق أدمغة رؤساء القبائل بالبنادق وقتل الأطفال. وهكذا أضحت ،هذه الأعمال الوحشية الإرهابية إلى حرب أفراد أبطالها المستعمرون وضحاياها أهل هذه الجزيرة.


الحزام الأسود..وابادة السكان الأصليين 
في الفصل الخامس يتحدث ترونبل عن المخططات الإرهابية التي أعلن عنها المكتب الاستعماري البريطاني لابادة السكان الوطنيين وقتلهم.
كان شعار هذه الحملات المشكلة من الجنود والمستوطنين و المجرمين والشباب الذين انضموا للجنود مشكلين الحزام الأسود ” اقبض عليهم إن استطعت وإن لم تستطع أبدهم المذنب مع البريء”.
فمنذ عام 1805 وعندما اجتاحت الجزيرة مجاعة وتم تهجير بعض من السكان الأصليين إلى الغابات وعاملوهم بوحشية حيث كانوا يختطفوا النساء ويقتلون الرجال.


وتطبيقا لخطة الحزام الأسود يقول الكاتب في الفصل السادس أنه تقرر طرد الوطنيين الى مستوطنة تشكلت عام 1831 في خليج صغير على الجانب الغربي. كان المجرى مليئا بالصخور والتيارات كانت قوية لا تغري الوطنيين بالسباحة والصيد .
كان هذا المكان هو مكان الإبادة البطيئة الغير مكلفة لهم فقد أصابهم الضمور في سجنهم الصخري لعدم القيام بأي نشاط ، وساعدت في ذلك برودة الطقس وجدب الأرض الأمر الذي قادهم إلى الموت كما تموت الدببة ، وكما هي العادة فإن الشعار موجود ويرفع حين الحاجة إليه حيث قال المؤلف إن جرائم القتل هذه تسترت بشعار ” منع الرزايا التي يعاني منها رعايا صاحب الجلالة ” وكما يضيف الراوي لقد كان هذا الشعار من وجهة نظرهم أكثر اتفاقا مع العدل والإنسانية.


وعن تأثير مكان الإبادة الجديد لأهل الجزيرة الأصلين والذي أطلق عليه “اللاوجونز” يروي لنا المؤلف في الفصل السابع عما شاهده في مكان التهجير القسري حيث يصفه بأنه مستنقع مائي مالح أو بحيرة ضحلة والماء العذب الذي يوجد في تجاويف حجر الجرانيت غير صحية تحتوي بالإضافة إلى الملوثات مركبات الصودا بكميات ليست بالقليلة.
ويؤكد المؤلف أن السكان الأصلين  يدركوا أنهم هجروا قسرا من موطنهم الأصلي إلى هذا المكان الجاف لم يكن إلا حكما بالموت ، لأنهم معتادون أن يناموا عرايا في الهواء الطلق تحت مأوى غاية في الخشونة فالتغيير إلى مساكن مغلقة ومدفأة أضفى إلى أن يجعلهم حساسين للبرد نتيجة التغيرات الجوية.


كما أن الجهد الذي كان يبذل في الغابة للحصول على الغذاء الضروري أبقاهم أشداء أما بعد أن فقدوا الدافع لبذل الجهد حينما أصبحوا يحصلون على الطعام باستمرار وغرقوا في حياة الكسل وفقدوا قوتهم الطبيعية وأصبحوا فريسة سهلة لأي مرض يهاجمهم. فقد تسببت نزلات البرد مثلا في حالات كثيرة من الوفيات بين السود وكذا النزلات الرئوية والزكام الذين ليس لديهم مناعة ضد هما بسبب التغيير المفاجئ لعاداتهم في الطعام وأسلوب الحياة.


استمرارا لتغيير عاداتهم تحدث الكاتب في الفصل الثامن عن أكاديمية ” لاجادو” التي سعى الاستعمار الإنجليزي من خلالها إلى محو الثقافة الوطنية للسكان الوطنيين ، مثل حرمانهم من الاحتفالات الوطنية وكان على حضارة مزيفة أن تحل محل حضارتهم تحت ستار ” التقدم نحو المدنية “. ووصل الأمر أحيانا إلى تغيير أسماء أهل الجزيرة وإضافة إلى ذلك تأديتهم التحية لعلم بريطانيا يوميا.
في الفصل التاسع يستكمل الراوي وحشية التهجير التي لجأ إليها المستعمر البريطاني لإبادة أهل جزيرة تسميانيا ولكنه هذه المرة لم يكن إجبارا بقدر ما كان محاولة إقناع من تبقي في ركاب المستعمرين بالهجرة إلى ” هولندا الجديدة ” أستراليا  الآن – حيث كان الهدف وراء ذلك هو طرد باقي الوطنيين ليس أكثر فلم تكن أسباب إنسانية بل أنانية خالصة ،لقد كان في تصور المستعمرين أن البقايا المحتضرة من أهل الجزيرة تشكل خطراً عظيما على المستوطنين .


بداية النهاية
ونصل في الفصل العاشر والأخير من الرواية إلى بداية النهاية لأهل تسمانيا حيث يلقى ترونبل نظرة على الماضي من تاريخ هذه الجزيرة الاسترالية التي أباد أهلها المستعمر البريطاني تحت شعارات المدنية المزيفة ، فيروي ” إن أهل تسمانيا عاشوا في طعامهم على حيوانات الغابة وأحياء البحر وبشكل أساسي على حيوانات الغابة،فقد كانت حياة الكد والترحال على مساحة كبيرة من إقليم متباين أمر حيوي لبقائهم على قيد الحياة، وإبادة غذاؤهم الطبيعي كان كارثة شديدة عليهم وحينما اجتمع التقييد بالابادة بفعل أشخاص متوحشين لم تكن النهاية ببعيدة .وحينما حل العزل والتعرض لأسلوب الحياة الغريب والضار محل تقييد الحرية وابادة الحيوانات أصبحت النهاية لاشك فيها.

رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=24142

ذات صلة

spot_img