spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

هاني الترك OAM- ترامب الأسترالي

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM دونالد ترامب هو...

د. زياد علوش-حمى الله أستراليا

مجلة عرب أستراليا- د. زياد علوش آلمتنا الأخبار التي تواترت...

علا بياض- رئيس بلديّة ليفربول نيد مانون تاريخٌ حافلٌ بالإنجازات

مجلة عرب أستراليا-  مقابلة خاصة بقلم علا بياض رئيسة...

علا بياض- عيدكم سعيد

مجلة عرب أستراليا- بقلم علا بياض رئيسة التحرير   كلمة...

علي شندب -ماكرون ومالك الحزين والصهاريج

مجلة عرب أستراليا سدني – ماكرون ومالك الحزين والصهاريج

علي شندب

رغم الطابع الإحتفائي بنجيب ميقاتي رئيساً للحكومة اللبنانية في قصر الإليزيه، فقد بدا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي سبق وهنّأ نفسه على تشكيل الحكومة، بدا في سياق كلمته وهو يذكّر بجهوده ودور فرنسا من اللحظة الأولى لانفجار مرفأ بيروت وكأنه يسير على درب جلجلة ما، وبدت مرارة “الخيانة الجماعية” التي كرّر تعرضه لها من المسؤولين في بيروت، تغلّف مشهدية احتفائه بمنجزه نجيب ميقاتي الذي تمّ إستيلاده وحكومته بالشراكة مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي.

والى الإحباط الذي يلفّ فرنسا جرّاء ركلة الجزاء التي سدّدتها الترويكا الأوسترالية الأميركية البريطانية وبأسلوب مهين للمجتمع والمجمّع الصناعي العسكري الفرنسي على خلفية صفقة الغوّاصات النووية التي تريد استراليا الدولة غير النووية امتلاكها في سياق المواجهة الأميركية الباردة مع الصين، فقد ضخّم ماكرون إحتفائه بميقاتي ورفعه الى مستوى الإنتصار الذي تحتاجه ماكينة الدعاية الماكرونية كسلعة لاستثماره في الإنتخابات الرئاسية المقبلة.

وفيما ربط رئيس فرنسا تقديم المساعدات وحشد الدعم الدولي للبنان بتنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد والحوكمة في قطاعات الكهرباء والطاقة والمالية والنظام المصرفي، فضلاً عن إجراء الإنتخابات في موعدها، ودعم التحقيق في إنفجار مرفأ بيروت (حيث غاب التهديد ضد المحقق العدلي فادي بيطار من المسؤول في حزب الله وفيق صفا عن محادثات الإليزيه)، فقد سمع ماكرون من ضيفه اللبناني تأكيده على الشروع في تطبيقها بوصفها الطريق للخروج من جهنم. لكنّها الإصلاحات إيّاها، التي سبق وتعهدت المنظومة اللبنانية إيّاها أيضاً، بتنفيذها عشية وغداة “مؤتمر سدر” والذي بقيت ملياراته الأحد عشر في خزائن وصناديق المقرضين والمانحين.

وأمام منصّة الإليزيه التي كانت معقودة اللواء لبنانياً لرفيق الحريري ومن ثم لرون نساهلحزبلاهي وفيق صفا لعدلي فادي بيطار موريثه سعد الحريري، لم يكن نجيب ميقاتي مثل “مالك الحزين” كما وصفه رئيس كتلة نواب حزب الله محمد رعد أثناء جلسة الثقة بالحكومة الميقاتية تعليقاً على قوله لشبكة CNN “أنا حزين على انتهاك صهاريج المازوت الإيرانية لسيادة لبنان”. وفي جلسة الثقة التي اختتمها رعد حزب الله بكلمة كانت أشبه بصلية صاروخية تحدّد بوضوح البيان الوزاري لدولة حزب الله في لبنان، وبدت قذيفة مالك الحزين التي قصف بها جبهة ميقاتي قبل أن يمنحه الثقة أشبه بضبط إيقاع إستباقي لميقاتي حتى لا يُلاقي المصير الذي سبق ولاقاه هو وأسلافه.

حكومة ميقاتي الثالثة كما بات معلوماً هي نتاج “المبادرة الماكريسية” لصاحبيها ايمانويل ماكرون وإبراهيم رئيسي، وليست نتاج المبادرة الفرنسية بنسختيها الأولى والمعدّلة. ويومها قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي “بذل الجهود والمساعي من جانب إيران وفرنسا وحزب الله من أجل تأليف حكومة لبنانية قوية، يمكن أن يكون لمصلحة لبنان”، ويومها تواطأ كثيرون قصداً أو سهواً على تغييب مقاصد رئيسي في تظهيره حزب الله كندّ متكافىء مع القوى الإقليمية والدولية المعنية بلبنان. وبدت إحتفالية الإليزيه بميقاتي متواطئة مع هذا التغييب. لكن من بين ما قصده رئيسي بالضبط، هو الذي تسبّب لرئيس الحكومة الماكريسية بالحزن بسبب شحنات الوقود الإيرانية التي تنتهك سيادة لبنان. وهو نفسه ما تقصّد البطريرك الماروني بشارة الراعي اعتباره ومن منبر القصر الجمهوري “إنتقاصاً لسيادة لبنان”.

ما يطلبه المجتمع الدولي من الحكومة اللبنانية كالإصلاحات ومكافحة الفساد والحوكمة والانتخابات وخلافه، لا أحد يطلبه من حزب الله الذي بدت وتيرة اندفاعات صهاريجه في إنتشارها عمودياً وأفقياً من قمم الضنية وعكار وبشري فضلاً عن الكورة والبترون الى طرابلس والمنية ساحلاً وهي تملأ خزانات البيئات الرافضة لكل ما يمت لإيران وذراعها اللبنانية الضاربة بصلة. وبدت صهاريج حزب الله وهي تجوب المناطق المقفلة بوجهه لأسابيع مضت، أشبه بكاسحة ألغام نفسية سيّما وأنه بعد نجاح طلائع صهاريجه في اختراق هذه البيئات، يتجه ولمزيد من الاختراق الى تسيير قوافل مساعدات غذائية بدأت تعبر الحدود السورية اللبنانية المفتوحة والمشرّعة بعيداً عن الدولة، وتشير معلومات متداولة شعبياً أن الحزب بصدد تزويد أهالي القرى الجبلية المثلجة والباردة شتاء بالمازوت لزوم التدفئة مجاناً.

وبحسب تقارير إعلامية من نيويورك قال مسؤول إيراني “إنّنا سنستمر في تزويد لبنان بالوقود ما بقي اللبنانيون بحاجة إليه”، وإنّ “إيران حاضرة لبناء محطتين لتزويد لبنان بحاجته من الطاقة الكهربائية”. هذا الكلام الإيراني غير المشروط، مقارنة بالشروط الفرنسية والدولية لمساعدة لبنان، يبيّن حجم التنافس على ضمان وحجم النفوذ والسيطرة التي تستوجبها شركات التنقيب عن النفط والغاز اللبناني بحراً وبراً، ولمحاولة القوطبة على استجرار الغاز المصري عبر الادرن وسوريا. ما يستدعي التوقف مليّاً أمام الكلام عن مفاوضات حول ترسيم المثلث الحدودي اللبناني السوري الإسرائيلي إنطلاقاً من مزارع شبعا وجوارها توازياً مع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية وتعديل المرسوم 6433 الذي يتمنّع الرئيس ميشال عون حتى الآن عن توقيعه خلافاً لمطلب الوفد اللبناني المفاوض.

وبالكلام عن الترسيم يتضح أن توازن النفوذ والسيطرة في المنطقة جرّاء التحوّلات الإقليمية والدولية قد انعكست في تغيير موازين القوى اللبنانية لمصلحة حزب الله، وبهذا المعنى فقد بات لبنان ضمن معادلة الماكريسية التي سيُستكمل تظهيرها ربطاً بالتطورات التي تتحدث عن إنسحاب أميركي من سوريا والعراق، في إطار تفاهم أوسع مع روسيا يشمل ترسيم مناطق النفوذ وتوزيعها بين القوى الإقليمية الكبرى.

بهذا المعنى يمكن قراءة أن تكون زيارة رئيس الحكومة اللبنانية الخارجية الأولى الى فرنسا، خلافاً للتقليد التاريخي بأن تكون السعودية هي الزيارة المفتاحية الأولى لرؤساء الحكومات اللبنانية. وبهذا المعنى يبدو لبنان مثيراً للشفقة والإشفاق وهو يتسوّل المساعدات على أرصفة الدول الكبرى، سيّما وأن ليالي ما قبل تشكيل الحكومة أفصحت عن كلام قاله ماكرون لميقاتي “شكّل الحكومة وأنا سأفتح لك أبواب السعودية والخليج”.

من دواعي مكافحة جائحة كورونا أنها فرضت التباعد بين البشر، وقيّدت مناسك الحج والعمرة تقرّبا لله زلفى، وربما من حسناتها اليوم أنها أقفلت مناسك العمرة السياسية بدون تعهدات واشتراطات ومواقف ملموسة أقلّه بإعمال سلطة الدولة في وقف تهريب المخدرات والكابتغون. كما وفي إلزام حزب الله بعدم إطلاق صواريخه الصوتية وغير الصوتية ضد الدول العربية عامة والسعودية خاصة، وأيضاً في عدم الإنتظار طويلاً لمعرفة مآلات المفاوضات السعودية الإيرانية على عتبة جولتها الرابعة في بغداد. وهي المفاوضات التي إذا ما أثمرت وأينعت، فستنعكس إيجاباً على لبنان وكامل المنطقة. لكن ما الذي سيحصل فيما لو فشلت هذه المفاوضات، ربطاً مع مفاوضات فيينا النووية أو بمعزل عنها؟.

إنها المفاوضات التي لا ينتظر حزب الله نتائجها، كما إنّه لم ولن يغير حرفاً من استراتيجيته بسببها. فوحده حزب الله بين القوى اللبنانية كافة من يمتلك الخطط العملانية المتناسبة مع حالتي نجاحها أو فشلها. وهو إذ يسيطر جنوباً وبقاعاً بصواريخه، فإنه يسيطر جبلاً وشمالاً بصهاريجه، التي باتت بمثابة القوة الناعمة للحزب في زمن جائحة الإنهيار الإقتصادي والمالي والتي تسبّبت بها منظومة “غطّوا على سلاحنا، نغطّي على فسادكم”، ونجح حزب نصرالله في تحويلها من محنة الى منحة. وبهذا المعنى فمقولة “حزب الله دويلة ضمن الدولة” قد عفا عليها الزمن، لصالح مقولة أخرى مفادها أن حزب الله يسيطر على الدولة، لكن أوان إعلانه عن هذه السيطرة لم يحن بعد.

ولعلّ إعلان حزب الله انتهائه من التحضيرات للإنتخابات النيابية، وجهوزيته الكاملة لها بمثابة الدليل الإضافي على أن لصهاريج المازوت وملحقاتها إستثمار سيؤمن جزءاً من عوائده وفي هذه الإنتخابات بالذات، حيث يرجح أن الحزب سيتمدّد في ترشيحاته في غالبية البيئات والمناطق التي تصلها منصّات صهاريجه، وذلك بخلاف البيئات اللبنانية الأخرى ومنها البيئة السنية التي أخذ يطفو على سطحها الوهن والتفكك والإستضعاف والإنكسار مثل مالك الحزين تماماً.

رابط مختصر –https://arabsaustralia.com/?p=19049

ذات صلة

spot_img