spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 46

آخر المقالات

هاني الترك OAM-هذا ليس خلقاً من العدم

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM طوّر العلماء الاستراليون...

كارين عبد النور- قصّة أنف نازف… وإبرة وخيط

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «فتنا على...

د. زياد علوش- قرار مجلس الأمن الدولي”2728″يؤكد عزلة اسرائيل ولا ينهي العدوان

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تبنى مجلس الأمن...

هاني التركOAM- البحث عن الجذور

مجلة عرب أستراليا-بقلم هاني الترك OAM إن الانسان هو الكائن...

إبراهيم أبو عواد- التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

مجلة عرب أستراليا-بقلم الكاتب إبراهيم أبو عواد الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط...

علي شندب ـ عن إدانة ساركوزي وكواليس زيارته إلى ليبيا

مجله عرب استراليا – سيدني -عن إدانة ساركوزي وكواليس زيارته إلى ليبيا- بقلم الكاتب السياسي علي شندب      

الكاتب علي شندب

بتاريخ يوم الثلاثاء 24/7/2007 غادرت مطار طرابلس العالمي طائرة فرنسية تقل سيسيلياساركوزي زوجة الرئيس الفرنسي، ومعها طاقم الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني (المحكومين في ليبيا بحقن أطفال بنغازي بفيروس الايدز)، بعد ليلة أمضتها بضيافة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في طرابلس. يومها منح الرئيس البلغاري “غيورغي بارفانوف” طاقم التمريض عفوا رئاسيا خاصا.وخلافا لاتفاق التعاون الموقع بين ليبيا وبلغاريا، استقبل الممرضين بحفاوة متلفزة ومستفزّة. انها الحفاوة التي أحرجت القذافي وأصابته وأسر ضحايا الأطفال المصابين بالإيدزبالإهانة والاستفزاز.

بعد ظهر اليوم التالي الأربعاء 25/7/2007، حطّت طائرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزيفي مطار “امعيتيقة”المخصّص لكبار الزوار. وكان في استقباله عضو القيادة الليبية مصطفى الخروبي، وامين اللجنة الشعبية العامة (رئيس الوزراء) البغدادي المحمودي،ومدير مكتب القذافيبشير صالح، ومدير المراسم نوري المسماري وحشد من القيادات الشعبية والاجتماعية.

وقد توّجت الزيارة بتوقيع عدة اتفاقيات ومذكرات تفاهم في “باب العزيزية” حيث مقر العقيد معمر القذافي، حول تزويد ليبيا بمفاعل نووي لتحلية مياه البحر، وشراكات صناعية وعسكرية، وعقود في النفط والغاز، اضافة للهجرة غير الشرعية، ومشروع “الاتحاد من أجل المتوسط” لصاحبه نيكولا ساركوزي، والذي أجهضته مقاربتين مختلفتينلكل من المستشارة الألمانية انيجلا ماركل لأسباب تتعلق بالزعامة الاوروبية. والزعيم الليبي معمر القذافي بسبب رفضه لعضوية اسرائيل بالاتحاد الساركوزي.

هذا ملخص ما يعرفه الإعلام والعالم عن أولإطلالة رسمية خارجيةلساركوزي بعد تنصيبه رئيسا للجمهورية الفرنسية، ومنالعاصمة الليبية طرابلس بالذات. لكن ماذا عن كواليس الزيارة التي عاينت بعضها مباشرة، وعلمتببعضها بعد إصداري لكتابي “القذافي يتكلم.. أسرار الحكم والحرب والثورة” عام 2012؟

إنهاالكواليس والمعلومات التي تنشر للمرة الاولى.

كواليس زيارة ساركوزي الى العاصمة الليبية طرابلس، بدأت من لحظة وصوله. فبعد الاستقبال الرسمي في المطار تحرّك موكب الرئيس الفرنسيالى مقر إقامته في فندق “كورونتيا باب افريقيا”، حيث لم يصعد ساركوزي الى جناحه الرئاسي، بل جلس في “مقهى طرابلس” ببهو الفندق.وقدسرق انتباههسيدة برازيلية ترتشف القهوة(تعمل في النادي الصحي والرياضيبالفندق)، وتسمّرت عيناه عليها فيما كان يجري اتصالات هاتفية لمدة 28 دقيقة. ثم بدأ يتمشّى أمام طاولة “البرازيلية” مؤديا بعض الابتسامات والحركات الاستلطافية غير الرئاسية.

في حين كانت البرازيلية منشغلة بمتابعة شاشة التلفزيون الليبي في المقهى وهو يبث خبروصور وصول ساركوزي.وبعد أن تنبّهت البرازيلية أن من تشاهد صوره على التلفزيون، هو نفسهمن يعاكسها، نهضت من مكانها، ونفخت في وجهه وغادرت المقهى. ليلتفت بعدها ساركوزي الرئيس الى المتحلّقين حوله من ديبلوماسيي السفارة الفرنسية، وليعطي حديثا قصيرا للصحفيين المواكبين له، وليصعد بعدها الى جناحه الرئاسي في الدور 26.

في الساعة 6:30 من صباح الخميس 26/7/2007 استيقظ ساركوزي ونزل لممارسة رياضة المشي طالبا من حراساته عدم مرافقته. لكن فريق “أمن الشخصيات” الليبي، أصرّوا على مرافقته لأن حمايته مسؤوليتهم.وواكبوه انطلاقا من فندق كورونتيا باتجاه “طريق الشط” وصولا لقرب “جسر ابوستة”ومسافتها بحدود 4 كلم والعودة الى مقر اقامته، حيث استحمّوارتدى ملابسه الرسمية وتناول الفطور الصباحي في مطعم الفندق. ثم صعد الى جناحه منتظرا حضورأمين الخارجية الليبية عبدالرحمن شلقم، ومدير المراسم نوري المسماري، لاصطحابه الى “باب العزيزية”لمقابلة العقيد القذافي في الموعد المقرّر في الساعة 9:30 صباحا. لكنهما تأخرا ولم يحضرا اليه.

نزل ساركوزي الى بهو الفندق حيث كان شلقم ينتظره امام باب المصعد، وهمّ بمصافحته لكن يده بقيت معلّقة في الهواء، فيما جلس ساركوزي في “مقهى طرابلس” في بهو الفندق. أصيب شلقم بصدمة مركبة كانت محل انتباه ورصد الحماية الأمنية وبعض الصحفيين.فقدكان شلقمبصددإبلاغ ساركوزي بقرار القذّافي تأجيل اللقاءمن التاسعة والنصف الى موعد آخر غير محدّد، وذلك بسبب انشغال القذّافي باستقبالوفودافريقية. لكن يد شلقم المعلّقة في الهواء، دفعتهلتبليغ مدير بروتوكول الرئاسة الفرنسية بتأجيل الموعد.

ثم وصل موسى كوسا رئيس جهاز الامن الخارجي الليبي وقتذاك، ووريث شلقم في الخارجية الليبية لاحقا، والمنشق عنها وعن قائده الأعلى عام 2011 ليتفيأ ظلال قطر حتى اليوم. انتحى كوسا مع شلقم جانبا وتهامسا. ثم اقترب منهما مدير البروتوكول الفرنسي وأبلغهما انزعاج ساركوزي، الذي للمناسبة كان قد بدأ بخلع سترتهضيقا وتذمرا. ثم تقدم كوسا من ساركوزي الذي مسك سترته بإصبيعه متظاهرا بأنه يريد أن يضعها على كتفه، لكنه رشق بها كوساعلى صدره.مدّ كوسا يده لمصافحة ساركوزي، فبقيت هي الأخرى معلّقة في الهواء أيضا.

لحظات استفزازية متناسلة من الاحتفاء الاستفزازيالذي شهده مطار صوفيا قبل يومينلمناسبة الإفراج عن الممرضين البلغار.انه الاحتفاء الاستفزازي الذي أرداه ذلك البدوي الليبي ردّا مماثلا على فعلة بلغاريا المدعومة من بريطانيا والاتحاد الاوروبي،حيث شهد مطار امعيتيقة في طرابلس بتاريخ 21/8/2009تنظيم احتفالية متلفزةبمناسبة الافراج عنالمدانبتفجير طائرة لوكربي عبد الباسط المقرحي والذيينظراليوم القضاء الاسكتلندي بفتح ملف تبرئته مجددا، وتصويب بوصلة الاتهام على ايران مجددا ايضا.

لحظات استفزازية بدا فيها ساركوزي شديد التوتر والغضب. فلم يتمكن من اخفاء حنقه وانزعاجهمن تلاعب القذّافي به وهو رئيس الجمهورية الفرنسية التي تملك الفيتو الدولي والنووي.ثم أخذ ساركوزي يتصبّب عرقا حتى ابتلّت ملابسه الى حد التصاق قميصه الأبيض بصدره وظهره، حتى أسعفه فريق الحماية الليبي بمنشفة بيضاءليمسح بها عرقه، وقد لفّها على يده وكأنه في حلبة مصارعة.

ثم تضاعف غضب ساركوزي، وازدادتوتره.فطلب أن يخرج في جولة بمدينة طرابلس.لكن فريق الحماية الليبي رفض طلبه بتنفيذ الجولة، لأنها تتطلبتنسيقا أمنيا عاليا ومتعددا، وترتيبات لوجستية خاصة غير متوفرة في تلك اللحظة، بالإضافة الى أن الجولة غير مدرجة في برنامج الزيارة.رفضُفريق الحماية الليبي طلب ساركوزي القيام بجولة في شوارعطرابلس،كثّف انزعاج رئيس فرنسا، وضاعف من وتيرة توتره التي بلغت في تلك اللحظة،مرحلة التأزّم النفسي والإحراج الكبير.

لكن ساركوزي المتوتر والمأزوم،لم يستسلم واندفع الى مصارعة الثيران في بلد الكلمة العليا فيه هي لسايس الابل. فالإبل كما يؤكد بدو الصحراء وأهلها، لاتخون صاحبها، وتصبر على الغيظ، وتنتقم على ظلمها والاساءة لها مهما استطال الزمن. وبعيدا من فلسفة التفريق بين مصارع الثيران وسايس الابل، فاجأ ساركوزي الفريق الليبي المكلّف بحمايته ومواكبته، بأنقرّرالقيام بجولةفي شوارع المدينةسيراً على قدميه.ثم خرج يحمل بين عينيه توتره وانزعاجه الى الشارع الممتد من فندق كورونتيا الى مسجد بورقيبة قرب قلعة طرابلس ومركز شرطتها، وبمسافة مشي نحو 500 متر،حاول ساركوزي خلالها مراراً إفتعال أي حادث او مشكلة مع أي كان في الشارع بهدف إحراج القيادة الليبية وتحميلها مسؤولية سلامته.

وخلال عودته الى الفندق تعثّر ساركوزي، فازداد توتره ثم انزلقت رجله، وكاد أن يقع أرضا لولا مسارعةضابط الحماية الليبي للامساك به من خصره. فشكره الرئيس الفرنسي بابتسامة وحركة مسيئة بيده،أتبعهماببصقة على وجه ضابط الحماية. ثم دخل بهو الفندق وجلس في مقهى طرابلس وتناول فنجان قهوة، وأجرى مكالمات هاتفية لمدة 11 دقيقة،فيما عيناه الغائرتانتفتش زوايا المقهى بحثا عن الفاتنة البرازيلية غير الموجودة،ثم شرب أكوابا من الماء قبل أن يصعد الى جناحه المؤلف من غرفتي نوم وغرفة طعام وغرفة مرافق وصالة استقبال وصالة انتظار.

بعد نحو ساعتين دخل كل من عبدالرحمن شلقم وموسى كوسا الىجناح ساركوزي، حيث التقيا مدير البروتوكول الفرنسي. فأبلغه شلقم أن موعد المقابلة “الآن”. فأجابه مدير البروتوكول ان الرئيس ساركوزي منزعجويحتاج لبعض الوقت كي يجهز نفسه. وهنا انضم اليهممدير مكتب القذافي بشير صالح الذي هو للمناسبة صديق ساركوزي.

استفسر صالح عما يجري، فأبلغه شلقم أن مدير البروتوكول الفرنسي منزعج أيضا لانه اعتبر أن تحديد الموعد تم بصيغة الأمر ودونما تنسيق مسبق معهم. فدخل بشير صالح بابتسامته المعروفة الى غرفة ساركوزي وأبلغه أن الموعد الآن. وفي رسالة افريقية مكثّفة بالدلالات الاستراتيجية قال صالح (ذو البشرة الافريقية السمراء) لساركوزي ايضا.. القائد القذّافيمشغول مع عدد من القادة والزعماء الافارقة. واذا لا يناسبك الموعد فأنت في بلدك الثاني، ونعمل لاحقا على ترتيب موعد بظروف افضل.

هنا اصطحب مدير البروتوكول الفرنسي رئيسه ساركوزي الى غرفة مجاورة بهدف اقناعه بتلبية الموعد المتاح الآن. ثم خرج مدير البروتوكول الفرنسي الى بشير صالح طالبا منه مهلة ساعة كي يجهز ساركوزي نفسه.فأجابهصالح المهلة نصف ساعة لمغادرة الفندق، ونصف الساعة الأخرى هي مسافة الطريق الى باب العزيزية حيث مراسم الاستقبال.

صياغة بشير صالح لقرار القذّافي بتغيير موعد اللقاء، أوقعت ساركوزي في ارتباك رصدته الحماية اللصيقة. وخلال إقناع مدير البروتوكول الفرنسي لساركوزيبالذهاب “الآن”لأن الموقف أصبح محرج جدا، قال له “أثناء مرافقتي شيراك الى هنا قبل عام، كانت الزيارة ناجحة جدا. ثم لا تنسى أن الاعلام الفرنسي والدولي وقادة الاتحاد الاوروبي والعالم يراقبون باهتمام نتائج اجتماعك مع القذافي. هنا ارتدى ساركوزي ملابسه الرسمية وهمّبالخروج، لكن مدير البرتوكول طلب اليه تغيير حذائه لأنه لا يتناسب مع بدلته، فاستبدله.

ثم توجه ساركوزي الى باب العزيزية حيث استقبله القذافي وأجلسه على ذات الكرسي في ذات الخيمة التي استلم فيها ساركوزي أول دفعة من الأموال الليبية لتمويل حملته الرئاسية، وعقدت جولة محادثات تخلّلها التوقيع على اتفاقيات تعاون بينها صفقة شراء طائرات الرافال.

بعدها عاد ساركوزي الى مقر اقامتهوعليه مظاهر الانشراح والارتياح، ليغادر صباح الجمعة 27/7/2007 بمراسم التوديع الرسمية. لكن كواليس مغادرته التي رُصدت، تقولأنه من المفترض ان تكون الطائرة الرئاسية جاهزة تنتظره وكذلك طابور الشرف ومودعيه. لكن ساركوزي وجد نفسه في صالة الشرف ينتظر نحو ربع ساعةلجهوزية طائرته،بعد أنسمح لها برج الطيران بالانتقال الى امام الصالة الشرفية.

نسوق ما تقدم لعدة أسباب من بينها، طلب الادعاء العام الفرنسي السجن أربع سنوات للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بتهمتي الفساد واستغلال النفوذ،وايضالمحامي ساركوزي “تييري هرتزوغ”لمحاولته رشوة القاضي في المحكمة الفرنسية العليا “جيليبر أزيبير” بمنصب رفيع في موناكو (لم يتحصل عليه القاضي للمناسبة)، مقابل تقديمه بعض معلومات التحقيق حول تلقي ساركوزي أموالا بطريقة غير قانونية من وريثة شركة لوريال العالمية للتجميل”ليليان بيتانكور” خلال حملته الرئاسية عام 2007.وقد طلب الادعاء سجن كل من محامي ساركوزي والقاضي المذكور في القضية نفسها.

كما وجه القضاء الفرنسي تهمة تمويل غير قانوني لحملة انتخابية، والارتباط بعصابة أشرار، إلى وزير الداخلية الفرنسي السابق “بريس أورتوفو”، وهي التهمة التي سبق أن وجهتلكل من “تييري غوبير” المساعد السابق للرئيس ساركوزي، ثم لساركوزي نفسه ومساعده السابق “جان كلود غيان”، وايضا في سياق قضايا أخرى متصلة بحصول ساركوزي على تمويل من الزعيم الليبي معمر القذافي لحملته الانتخابية خلال زيارة ساركوزي الى ليبيا عندما كان وزيرا للداخلية عام 2005.

الغريب، أن السجن طُلب لساركوزي بتهم الفساد واستغلال النفوذ وتلقي تمويلا غير قانوني لحملته الانتخابية، وهي جرائم يعاقب عليها القانون دون شك. في حين أنه كان يجدر بفرنسا وقضائها وقضاتها أن يدينوا ساركوزي ويحاكموه بالتهمة الحقيقية الكبيرة التي اقترفها مع الرئيس التركي رجب طييب اردوغان وحكومة أمير قطر السابق حمد بن خليفةوغيرهم جراء تدميرهم ليبيا، وتقويضهم للدولة الليبية وتهجيرهملشعبها ونهبهملثرواتها ومقدراتها، ومن ثم تركهم ليبيا نهبا لميليشياتهمالارهابية المتطرفة، التي أخذت فرنسا وغيرها يكتوون بنارها التي أوقدها ساركوزي والساركوزيون العرب والأعاجم.

رابط مختصر.. https://arabsaustralia.com/?p=12873

ذات صلة

spot_img