spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 46

آخر المقالات

هاني الترك OAM-هذا ليس خلقاً من العدم

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM طوّر العلماء الاستراليون...

كارين عبد النور- قصّة أنف نازف… وإبرة وخيط

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «فتنا على...

د. زياد علوش- قرار مجلس الأمن الدولي”2728″يؤكد عزلة اسرائيل ولا ينهي العدوان

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تبنى مجلس الأمن...

هاني التركOAM- البحث عن الجذور

مجلة عرب أستراليا-بقلم هاني الترك OAM إن الانسان هو الكائن...

إبراهيم أبو عواد- التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

مجلة عرب أستراليا-بقلم الكاتب إبراهيم أبو عواد الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط...

عصام جميل -لولا فُسحة  ألأمل (قصه قصيره )

مجلة عرب استراليا سدني -لولا فُسحة  ألأمل بقلم الكاتب عصام جميل 

(قصه قصيره )

استيقظت السيدة سميث على حلم مزعج عكر صفو نومها. لقد حلمت انها كانت تتجول في سوق السبت المفتوح لبيع الخضار مع رفيقتها تريسي ثم في زحمة السوق فقدتها ولم تعثر عليها.

حاولت ان تعود الى النوم فلم تستطع، ثم ان شخير زوجها المتواصل كعادته جعلها تترك السرير لتجلس في غرفة المعيشة المفتوحة على المطبخ، حيث تجد راحتها فتطلق العنان لأشرعة ذاكرتها التي ما زالت مستيقظة  رغم سنواتها السبعين  .

جلست على الكرسي القديم واسدلت رأسها الى الخلف، كان صوت شخير زوجها ما زال يخترق الجدران والعوازل الصوتية ولم يكن من وسيلة لتفاديه غير التفكير بصديقتها تريسي التي غادرت سدني الى ملبورن منذ سنتين ثم انقطعت اخبارها فجأة . أيكون صفو محبتها لها قد تعكر لسبب ما ؟ هكذا فكرت وهي تنظر الى الحبل القطني الرفيع الذي عُلِقَت عليه معايدات عيد الميلاد . كانت كلما نظرت الى هذا الحبل تذكرت ان تريسي لم تبعث لها معايدة هذه السنة على غير عادتها.

هي عادة اكتسبتها من ذويها منذ الصغر في  أن تحتفظ بكل المعايدات التي تُرسَل على حبل رفيع تعلق عليه كل ما يصلها ، ولكنها أضافت الى هذه العادة ان تترك الحبل معلقاً حتى بعد أن تمضي اعياد الميلاد ، غير مكترثة حتى لو علا الغبار تلك المعايدات بفعل الزمن. وها قد مضى احد عشر اسبوعاً على انقضاء اعياد الميلاد وما زالت تلك المعايدات معلقة كاشباح تقطع غرفة المعيشة وتجعل من يحاول المرور مضطراً أن يخفض رأسه كي لا يقطع الحبل وما عليه.

حاولت ابنتها الوحيدة تيفاني ان تمرّسْها على استعمال الهاتف النقال وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي أثناء زياراتها المتقطعة لها لكي تستطيع ان تتواصل مع من بقي على قيد الحياة من صاحباتها بدلا من المعايدات الورقية التقليدية التي فقدت اهميتها مع الزمن ، ولكنها على الرغم من الجهد الكبير الذي بذلته لم تستطع الإحاطة  بتلك التكنولوجيا الحديثة التي هطلت فجأة على عالمها القديم الذي لا يقيم وزناً إلا للكلمات  المطبوعة. في الواقع كان أكثر شئ يربكها هو ان يكون لها بريد الكتروني ، إذ لم تكن قادرة على الفهم كيف يمكن ان يكون لها بريد بدون ذكر عنوان مسكنها واسم الشارع والمحلة والمدينة.

تعالى شخير زوجها مرة أخرى مما قطع عليها تأملاتها فنهضت مستندة على عكازها ثم خَطَت باتجاه غرفة ابنتها . حين فتحت الباب ودخلت ارتسمت الابتسامة على وجهها بعد ان غمرها عبق الذكريات الجميلة . ما زالت تلك الغرفة تحمل على جدرانها آثار طفولة تيفاني وشبابها . وقفت امام صورها حيث كانت في الثالثة عشرة من عمرها ترتدي ملابس السباحة وتقف في مسبح المدرسة وعلى رقبتها ميدالية برونزية حصلت عليها في أحدى المسابقات الرياضية، ثم صورة اخرى وهي ترتدي ملابس التخرج و تقف لاستلام شهادتها الجامعية. اما على الجدار المقابل حيث يوجد سرير النوم عُلِقَت صورة للمطرب الفيس بريسلي .

كانت كلما ضاق بها الحال تجلس على حافة السرير وتتأمل في هذه الغرفة التي بقيت على حالها منذ تركت تيفاني المنزل لتسترجع كل الذكريات الجميلة التي ذَوَت بفعل الزمن . لقد فكرت مراراً وتكراراً ان تجلب سريرها وتستخدم هذه الغرفة للنوم هرباً من شخير زوجها ، ذلك ان البيت لم يكن يحتوي  سوى غرفتي نوم ، وغرفة معيشة ومطبخ . ولكن كعادتها، ما ان تجلس في هذه الغرفة وتجول بنظرها الى مقتنيات ابنتها وما تحمله من ذكريات جميلة ، حتى تتراجع عن قرارها.

“كلا ، لن أغير شئ في هذه الغرفة، ستبقى هذه غرفة تيفاتي ”

قالت مع نفسها ثم اقتربت ونظرت من الشباك بعد أن تناهى الى سمعها صوت جرّافات في الخارج ، ولكن سرعان ما انقبضت نفسها وهي تنظر الى تلك الجرّافات ومعدات الحفر التي زحفت كأسراب جراد تلتهم كل ما يحيط بمنزلها وتثقل ذلك الصباح بأصواتها المزعجة .

“لا ادري متى ينتهي هذا الضجيج ! ” قالت هذا منزعجة وهي تًسدِل الستائر على الشباك ثم جلست على حافة السرير مرة اخرى . وعادت بذاكرتها الى الوراء حين كانت هذه الغرفة هي المفضلة لديها لانها تُشرِف من علوٍ على الجانب الغربي المنخفض من مدينة سدني . لقد تغير كل شئ من حولها اليوم ، وها هي ذي الجرّافات تواصل التهام الروابي الخضر التي كانت تحيط بمنزلها العتيق وتبتلع معها كثير من ذكرياتها الجميلة.

كانت تيفاني تزور امها في اوقات متباعدة، وغالباً ما كانت تفعل ذلك لوحدها اذ كانت العلاقة بين زوج تيفاني وامها في توتر مستمر سببه اتهام والدتها له بأنه يرفض انجاب الاطفال . من جانب آخر كانت تيفاني تؤكد لها في كل مرّة إن هذا الامر منوط بقرار اتخذه الزوجان بعدم الانجاب ، في الوقت الحالي على الاقل. وعلى أية حال لم تكن الام على استعداد لتصدق مثل هذه التبريرات  .

حيث كانت تنظر الى زوج ابنتها على انه رجل مجرد من العواطف ، فقد حرمها من اجمل امنية وهي ان ترى حفيدها المنتظر .

كانت حياة السيدة سميث تمر باقسى  مرحلة من مراحل حياتها ، لا سيما بعد ان فقدت الاتصال بصديقتها تريسي، التي كانت تشغل حيزاً كبيراً من حياتها . حسنا وماذا عن زوجها السيد سميث ، او اذا اردنا ان نسميه باسمه الكامل فهو جورج سميث. في الواقع ان حالته الصحية اخذت تتدهور في السنوات الاخيرة بعد أن فقد السمع تقريباً ، كما صار فكره مشوشاً وضعفت ذاكرته الى حد كبير حتى اصبح عبئاً على الجميع .

كان الزوج والزوجة يتلقيان مساعدات اجتماعية تشمل تنظيف المنزل ومرافقتهما الى الطبيب وحمام السباحة لتلقي تمرينات رياضية تحت سطح الماء، إلا ان هذه النشاطات لم تكن تغطي سوى أوقات محددة وقليلة في اسبوع مترامي الساعات. كانت الابنة تيفاني تحمل بعضاً من ذلك العبء فقد اعتادت ان تزورهما مرة كل اسبوعين، وغالباً ما تكون الزيارة في يوم سبت لانشغالها بعملها في احدى شركات التأمين . اليوم كان سبت ومن المتوقع ان تكون تيفاني بينهم عما قريب.

كانت السيدة سميث ما زالت جالسة على حافة سرير ابنتها حين قطع جرس الباب تأملاتها  :

“من يكون هذا ؟ ألعل تيفاني فقدت مفاتيح البيت”

نهضت بتثاقل على عكازها ثم خَطَت خارج الغرفة ولكنها حين وصلت الباب وجدت زوجها قد نهض من فراشه وسبقها اليه .

كان السيد سميث يقف واجماً وهو يستمع الى شاب وسيم يرتدي بدلة رسمية سوداء اللون وبيده اوراق ونشرات اعلانية. كان الشاب منهمكاً في تقديم  عروض شراء للمنزل ، مستعرضاً  كل قدراته ومهاراته ليقنع السيد سميث بأن مكتب العقارات الذي يعمل به يستطيع ان يقدم لهم السعر الأفضل الذي يستحقه بيتهم.

كان الوقت الذي قطعته السيدة سميث وهي تمشي على عكازها كافياً لها لكي تستمع الى كل العروض التي قدمها ذلك الشاب. وما أن وصلت عند الباب حتى شكرت الشاب بفضاضة قبل ان تغلق الباب.

“شكراً لا نريدُ بيع البيت” ثم التفتت الى زوجها موبخة:

“قلت لك الف مرّة لا تفتح الباب لأحد ”

قالت ذلك بينما كان الزوج واقفاً بلا حراك ، ولم يتفوه بأي كلام . كان وجهه لا يحمل اي تعبير ، وبدا مستغرقاً في عالم آخر ، عالم لا يقيم وزناً  للكلام .

في الواقع كان مشهد ذلك الشاب الذي قدم عروض الشراء مألوفاً لهم كل يوم، فمنذ ان أخذت الشركات العقارية تستثمر فيما حولهم وتحول المنازل القديمة الى مباني سكنية شاهقة وبيوتات صغيرة متلاصقة حتى صار طرق الباب يسمع كل حين . لا بل إن  الامر زاد وأخذ يتكرر حينما بيعَت كل المنازل القديمة ولم يبق منها سوى بضع منازل قليلة، ومنها منزل السيدة سميث، التي كانت ترفض وبشدة بيعه .

ومع ذلك لم يكن رأي الابنة تيفاني يتعارض مع رأي والدتها في هذا الأمر ، فقد كانت تنظر الى هذا المنزل كمدخرات ستعود لها عاجلا ام آجلا طالما كانت هي الابنة الوحيدة التي لا يشاركها احد في الارث. ولكن حين وصلت تيفاني الى البيت ، وكانت الساعة قد جاوزت الثانية عشرة ظهراً، بدا وإن موقفها قد تبدل ، فحينما شكَتْ لها والدتها من  ذلك الازعاج المتكرر الذي يواجهوه من قبل سماسرة العقارات وعروضهم التي لا تنقطع حول شراء البيت، لاحظت ان موقف ابنتها أخذ شكلا آخر . فقد ابدت الابنة ملاحظتها في بداية الأمر ، وَشَكَتْ بأن بيتها صار بعيداً عنهم وانها صارت تتجشم عناء قيادة السيارة في شوارع سدني التي اصبحت مكتضة . ولم يخفَ على السيدة سميث ما يكمن وراء هذه الملاحظة فقالت:

” هذا الأمر ليس بجديد ، فما الذي تغير ”

“حسناً يا أمي اني افضل ان تبيعوا هذا المنزل حيث يمكنكم ان تشتروا شقة صغيرة قريبة من بيتي ”

قالت تيفاني ذلك وهي ترسم ابتسامة مصطنعة على وجهها ، لقد كانت متوجسة وهي تراقب وجه والدتها وقسماته . ولم يكن عسيراً على السيدة سميث في ان تقرأ افكار ابنتها ، فقد كانت امرأة حاذقة ولم تأخذ سنواتها السبعين  منها نباهتها ، فقد علمت إن الامر وراءه أنتوني، وهو زوج ابنتها. وهكذا أخذت تستدرج ابنتها في الكلام حتى استطاعت ان تصل الى لب الموضوع ، وهو ان أنتوني يروم البدء بمشروع تجاري جديد وهو بحاجة الى بعض المال. وما أن نطقت ابنتها بأسم أنتوني وأقرت حتى أستُفِزت امها ونهضت مستندة على عكازها صارخة:

” آه ، كنت اعلم إن الامر وراءه أنتوني ، فهمت الآن سبب تغيرك المفاجئ ورغبتك في بيع البيت، ولكن لا ، لن يأخذ مني ولا سنت واحد  ما دمت على قيد الحياة ”

كانت تيفاني تستمع لأمها بصمت وهي منكسرة، ثم بعد ان هدأت ثائرة ألام قالت لها بلين:

” ماما حبيبتي ، لماذا تكرهين أنتوني كل هذا ألكره ، صدقيني انه يحبك”

” نعم ، واضح جداً ، انه يحبني لدرجة انه يحرمني من امنيتي الوحيدة في الحياة وهي ان ارى أحفادي”

قالت الام هذا واغرورقت عيناها بالدموع.

” ماما حبيتي، صدقيني ليس الامر كما تتصورين ، كل ما في الأمر اننا متفقان على لا ننجب الآن”

” متى اذاً …متى ، انها السنة الخامسة لزواجكما فمتى يحين الوقت، بعد سنة ..سنتين ..ثلاث ، متى ، ايكون ذلك بعد موتي .. انظري الي ، كم سنة سأعيش ، انت لا تفكرين كم اصبحت الحياة صعبة ومملة بالنسبة لي ، انا لا أجد احداً أكلمه ، ها انت تَرَي حالة ابوك، انه بالكاد يسمعني ، وإن سمعني فهو لا يجيب، حتى تريسي صديقتي وأنيستي فقدتها ، اي حياة تعيسة اعيشها انا ، انه لمن الأفضل ان اموت وأُدفَن من أن أعيش هكذا  حياة”

أمسكت ألام عن غضبها وسكتت ثم ساد صمت طويل لم تستطع تيفاني ان تكسره فبقيت صامته لا تعرف ماذا تقول.

“حسناً ، سأقول لك ماذا أفعل ” قالت ألام ذلك وعلى وجهها علامات تصميم على أمر ما ثم تابعت:

” سوف اكتب وصيتي وأُضَمِنُها شرطاً وهو أن يؤول  البيت بعد موتي الى احفادي..وهكذا سوف تُرغمين على الإنجاب ، واذا ما رفضت فسيذهب البيت بعد موتي الى الدولة”

“ماما … ما هذا الذي تقولينه ! ” قالت منكسرة.

“ليس هذا فحسب ، سوف تأتين معي الآن الى مكتب البريد، اريد ان ابعث برسالة مسجلة الى تريسي”

“حسناً، الافضل هو ان آتي لك بمغلف الرسالة وتقومين انت بتعبئته ثم آخذه انا بنفسي الى مكتب البريد” قالت تيفاني

“كلا ،  بل سأبعثه انا بنفسي ، اريد ان أتأكد بنفسي ان رسائلي تذهب الى تريسي”قالت الأم بإصرار.

” وهل سنترك بابا لوحده!” قالت تيفاني بصوت منخفض وبطريقة تحمل التوسل والاحتجاج معاً ولكن الأم ردّتْ بتصميم :

” لا بأس ، فليأت معنا ، انه يذهب معي دائما الى التمرينات الرياضية في حمام السباحة ، فما الذي يمنع هذه المرّة”.

سكتت تيفاني ونظرت بعينين مستسلمتين ، رغم انها كانت تعلم مدى المشقة التي ستبذلها للوصول الى مكتب البريد، وخصوصاً مع والدها ، ولكنها وجدت ان الانصياع لرغبة امها لابد منه ، بل لعله يخفف عما في صدرها من غضب ليُنسيها فكرة الوصية التي أُربِكَت لسماعها اليوم.

وبالفعل ، كانت الرحلة من البيت الى مكتب البريد شاقة رغم ان المكتب لا يبعد سوى عشر دقائق بالسيارة. ولكن المشقة بدأت عندما ترجلوا عند موقف السيارات وبدأوا يقطعون الرصيف مشياً  على الاقدام. كان والدها يقف كل حين امام اي اشارة ضوئية حمراء لتنظيم سير العجلات معتقداً انه يجب عليه الوقوف بانتظار الضوء الاخضر، على الرغم من أنه كان يمشي على رصيف المشاة. أو انه كان ينجذب الى شئ ما مما تعرضه واجهات المحلات فيبقى ساهماً لا يتحرك. وهكذا فقد قضوا اكثر من ساعة في الطريق بغية ارسال رسالة مسجلة.

عندما عادت تيفاني بهم الى البيت وغادرتهم كانت الساعة قد جاوزت الثالثة ظهراً. ودّعتهم وطبعت على وجه امها قبلة حارة ثم احتضنتها بحنان دون ان تعيد على ذكرها موضوع بيع المنزل.

عندما وصلت الى سيارتها ، كانت تيفاني منهكة. جلست خلف مقود السيارة ولكنها بقيت ساهمة . التقطت هاتفها المحمول وطلبت زوجها أنتوني فجاء صوته عبر الهاتف:

“هلو حبيبتي ، كيف الحال ”

“ليس على ما يرام ” قالت مهمومة

“كنت اتوقع هذا ، لقد رفضت والدتك فكرة بيع البيت ،

اليس كذلك ”

“ليت الأمر توقف على ذلك، انها تريد ان تكتب وصية في أن تكون ملكية البيت بعد موتها لأحفادها”

ساد صمت طويل قبل سَماعِ صوت أنتوني يقول:

“يحب ان تخبريها بالحقيقة ، هذا أمرٌ لا مفر منه، اطلعيها على نتائج الفحوصات الطبية التي اجريتِها لكي تكون على بيِنة”

“لا استطيع ، لا استطيع أن أقول لها انني لا استطيع الإنجاب لعلّة تتعلق بي ، ذلك سوف يقضي عليها”

“ولكن الأمر تعقد الآن ، لو كَتَبَت أمك هذه الوصية فسوف تُحرَمين انت ايضا من ملكية البيت ”

“أعلم ذلك ” صمتَت لبعض الوقت قبل ان تواصل الحديث:

” أفضل ان أفقد البيت على أن أحرمها من أمل تتعلق به ، حتى لو كان أملاً واهناً”

ساد صمت طويل بعد ذلك ثم أُغلِق الخط . كانت عينا تيفاني تشُعُ حزناً، مدت يدها ببطء ثم فتحت  حقيبتها وأخرجت منها ظرف رسالة بريدية قديمة ، أستلّت الرسالة وبدأت تقرأ بصوت غير مسموع، كانت حروف الرسالة مكتوبة بخط يدوي واضح:

⁃          عزيزتي تيفاني ، ارجو ان تكونوا بخير ، يؤسفني أن انقل لك خبراً محزناً علينا جميعاً ، لقد قضت تريسي نحبها في المستشفى الاسبوع الماضي على أثر تفشي مرض السرطان في جسمها. لا ادري كيف سيكون وقع الخبر على والدتك ، ولهذا  فضلّت ان اكتب لك لكي تخبريها بنفسك، تحياتي للجميع. التوقيع …مايكل ، زوج تريسي

طوت تيفاني الرسالة واعادتها الى الظرف بعناية ثم نظرت الى خارج السيارة شاردة الذهن وهي تردد مع نفسها :

” من الأفضل أن تعيش على أمل واهن على أن تفقد الأمل ”

كانت السماء قد بدأت تنثر رذاذاً ايذاناً بالمطر بينما كانت الجرافات مازالت تلتهم الارض في الخارج . وابتل زجاج نافذة السيارة بالمطر حتى صار الناظر الى تيفاني من الخارج صعب عليه ان يميز بين دموعها وبين حبيبات المطر.

رابط مختصر –https://arabsaustralia.com/?p=16393

ذات صلة

spot_img