spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 46

آخر المقالات

كارين عبد النور- قصّة أنف نازف… وإبرة وخيط

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «فتنا على...

د. زياد علوش- قرار مجلس الأمن الدولي”2728″يؤكد عزلة اسرائيل ولا ينهي العدوان

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تبنى مجلس الأمن...

هاني التركOAM- البحث عن الجذور

مجلة عرب أستراليا-بقلم هاني الترك OAM إن الانسان هو الكائن...

إبراهيم أبو عواد- التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

مجلة عرب أستراليا-بقلم الكاتب إبراهيم أبو عواد الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط...

د. زياد علوش ـ”إسرائيل”عالقة في وحول فشلها وفظائع مجازرها

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تتواتر التهديدات الإسرائيلية...

شوقي مسلماني- (يا حاكمَ العالم امنحني درباً)

مجلة عرب أستراليا سيدني-(يا حاكمَ العالم امنحني درباً)

بقلم الكاتب شوقي مسلماني

1 ـ إذا تحدّثتَ إليه قال لك أنّ “فرعون” قد طغى، وهو لا يريد “فرعوناً” بعينه، بل جميع “الفراعنة”، مثلما يريد ديانةَ مصر القديمة بأصولها وفروعها، والحضارةَ “الفرعونيّة” ككلّ، التي هي في طريقته رمزُ الشِرك والفساد والشرّ والطغيان.

وذات يوم غرقتُ ذاتي في هذا المذهب عن نقص في حيّز المعلومات، حتى وقعتُ على كتاب قيّم جدّاً لصائد الآثار البريطاني الجنسيّة  السير “وَلِس بَدْج” عنوانه “الديانة الفرعونيّة ـ أفكارُ المصريين القدماء عن الحياةِ الأخرى” وهو من ترجمة وتقديم الأستاذ يوسف سامي اليوسف. قرأتُه بصبرٍ وبموضوعيّةٍ صارمة، وكانت الصورةُ كلّما تنجلي.

الباطلُ هو أن يندمغَ الكلُّ بالجزء، أو أن يطغى فصلٌ ما على الفصول. بكتابٍ حقيقيّ واحد انهارتْ مؤلّفاتٌ كثيرة دأبتْ عن غفلةٍ أو عن قصد على حجبِ الحقيقة. سادتْ الديانة المصريّة آلاف السنين، وفي الألف الرابع قبل الميلاد سطعَ نجمُ الملك “مينا” موحِّد القطرين ـ الشمال والجنوب ـ متسامياً بمصر من عصورِ ما قبل التاريخ إلى عصورِ الأهرامات العظيمة، ومن البدائيّة إلى الدولة لأوّل مرّة في التاريخ.

بكتابٍ واحد غامرٍ بأصالته انكشفت الحقيقة. لم تكن مصرُ “الفرعونيّة”  ظالمة، كانت منارة ارتحلتْ بعيداً في “الوحدانيّة”. لديها “الله” في أغلب عصورها وليس في عصر أخناتون وحده، حيث كان “واحد الواحد” في الأفق، أو “الواحد الأحد” الذي صنع “نفسَه بنفسِه” وكلَّ ما جاء من بعده من نجومٍ وكواكب وجبال وأنهار.. وكلَّ كائن حيّ.

“ربٌّ واحد وبلا شريك”. كلُّ شيء يفنى إلاّ هو. ولدى مصر “الفرعونيّة” كان البعثُ ـ الميلادُ الثاني للإنسان، كانت المحاكمةُ والأعمال في الميزان. والنعيمُ للصالح والويلُ للطالح. والصالحُ من استمسكَ بالحقّ والحقيقة، الذي لم “يكذبْ”، لم “يسرق”، لم “يزنِ”، لم “يشهد الزور” ولم “يخرّب الأراضي المفلوحة”، الذي كان “نظيفَ الفم واليدين”.

كلُّ ما سبق ليس من “روايات” تُقصّ أو تُروى، بل نصوص مكتشفة ترجع إلى أحقاب، ومنقوشة على أنصاب، أو مكتوبة على برديات بهيئة تراتيل أو صلوات باسقة في معانيها ومراميها، وهي من الهيبة في محلٍّ تأبى الإندثار، حتى قال معرّبُ الكتاب اليوسف في مقدّمته المؤثّرة مُردّداً ناموسَ النواميس، أي الأشياء مقمّطة بنواميسها، وثانيها إنّ اللاحقَ دائماً من لدنّ السابق، ولا يكاد كائن أو شيء يأبق أو يتمرّد على هذا القانون، وهكذا منذ البدء حتى نهاية العالم.

مصرُ “الفرعونيّة” أوجدتْ ما كان ومهّدتْ ما كان ونظّمتْ ما كان، ولم يبقَ أمام الأديان “التنزيهيّة” من بعدِها لكي تعمله ولكي تكون ما هي عليه الآن سوى إزالة الشوائب.

وشخصيّاً، وأنا في بحر أنوار الديانة هذه، ديانة “ماعت” ـ “الميزان”، أو ديانة “سيّد السماء والأرض”، لم أشأ أن أكون عابراً. وجدتُني منساقاً بالأمانة شبه المطلقة إلى شموخ التوحيد “الفرعوني” ونهرِ الأخلاق “الفرعونيّة”، وما عداهما ألقيتُ عليه ستاراً لا يرفعه، حتى لا يقع في التباسِ كلمةٍ وكتيِّبٍ هما شعاع بالكاد من دفقِ شمس، إلاّ من يرجع إلى كتاب “الديانة الفرعونيّة” الذي ذاته أيضاً قطرة في محيط علوم “المصريّات” المتّسع أبداً سنويّاً، لا بل يوميّاً، ما دامت مصر موطن “التاجين المتّحدين” كلّما تكشفُ عن كنوزها التي لا تنضب، و”أكثر من 70 بالمئة منها ما يزال مطموراً تحت التراب” على ما ذهبَ كبيرُ آثار مصر وصاحب كتاب “الرحلة السريّة للفراعنة” الدكتور زاهي حوّاس.

فالنصوص هيروغليفيّة، والترجمةُ الأولى الإنكليزيّة هي للسير بَدْج، والترجمة العربيّة هي للأستاذ اليوسف، والإخراج وتوزيع الأسطر وشفافيّة منّي، مقارباً الصلاة ما أمكن بأريحيّةِ القولِ الصادر دائماً إلى الحضرة ـ “الربّ القدير” من لسان “فرعوني” يلهج بالصدق والحقّ أمام وجه “ذي الجلالة، سيّد الصدق والحقّ”.

2 ـ مراكب في الضباب، وكلُّ مركب يتقدّمُ ولو مجذافاً. والسعيُ كلّه إلى حيث الضوء. والموجُ يدفع بعضَه في حركةٍ دائبة بلا انقطاع. والفريسةُ خرجتْ أخيراً من بحرِ دمها.

قلْ صدفة، خطأ وحظّاً. ما تشاء قلْ، خرجتْ تحثّها غريزةُ البقاء التي تأمّلتْ وأدركتْ.

لا إنقطاعَ في ميدان الذرى بإصرار المستعدّ لأن يبذل عمرَه في سبيل العمر الأوسع.

ومثلما عثراتٌ وآلام كانت نسائم وزهورٌ وابتسامات، ومثلما هباءٌ كان رسوخٌ. لم يكن الظلام كلّه ظلاماً، مثلما ليس نور كلّه هذا النور، ومثلما ليس ظلام كلّه هذا الظلام.

الجحودُ رذيلة، جحودُ الجذور رذيلة. نحن ما سعوا إليه، ونحن ما نسعى، نحن بنيانُهم إلى آفاقٍ جحودُها رذيلة.

3 ـ وها هنا من بعضِ أجدادِنا المصريين “الفراعنة” العظام الذين قدّسوا الكلمة:

“إذا صرتَ عظيماً وقد كنتَ لا شيء

إذا صرتَ ثريّاً وقد كُنتَ عديماً، إذا صرتَ حاكماً للمدينة

لا تكن غليظَ القلب بما أحرزتَهُ من تقدّم

لأنّك لم تصر غيرَ حارس للأشياءِ التي منحَها الربّ لك”.

**

“تمثيلُهُ في الحجر مستحيل

لا يمكن أن يُرى في الصورِ المنحوتة

التي يجعلُ الناسُ عليها التاجين المتّحدين ـ

تاجَ الجنوبِ وتاجَ الشمال

المزوّدين بصورةِ الصلّ”.

**

ما مِن عملٍ وما مِن قربانٍ يمكن أن يُقرِّبَ إليه

ليس بالمستطاعِ أن تحملَهُ على المجيء مِن مكانِه السرّي

محلٌّه الذي يحلُّ فيه مجهول، المستحيلُ هو

أن نلقاهُ في المزارات المنقوشةِ

لا وجودَ لمسكنٍ يقدرُ أن يحتويه

ولا يسع أن تُدركَ صورتَه حتى بقلبك”.

**

“احترسْ من الأشياءِ المكروهةِ عند الربّ

أنظرْ، عندما تقدّم قرباناً إلى خططِه، بأمِّ عينيك

كرّسْ نفسَك لتمجيدِ إسمه، إنّه يهبُ النفوسَ لملايين الصور

من يمجّده يمجّده الربّ”.

**

“إذا كان لكَ حقل اعملْ بحقلِك الذي وهبَه الربّ لك

عِوضَ أن تملأ فمكَ ممّا يخصُّ جيرانك، ليتكَ تُرعِب

الذين يحوزُون كلّ تلك الممتلكات”.

**

“الذين يعتمدونَ عليك إعملْ بأقصى ما لديك مِنْ قدرة

لتجعلهم راضين، هذا ما ينبغي أن يعملَهُ الذين يحبُّهم الإله رع”.

**

“ربٌّ واحدٌ بلا شريك

خلقَ الدنيا وكان فرداً”.

**

“خلقَ الكونَ وكلَّ ما يكون

خالقُ جميع ما في هذا العالم

صاغَ العالمَ بيديه، أسَّسَهُ بما انتشرَ منه

خالقُ السماوات والأرض، خالقُ الأعماقِ

والمياه والجبال، ما يتخيّلُه فؤادُه يتحقّق

يتكلّم فتتحقّق كلمتُه التي ستدوم الى الأبد”.

**

“الكاتبُ “آني” يعلنُ عن مدحِه لك

عندما تسطع، حين تُشرقُ في الفجر

يصدح مبتهجاً لميلادِك، إنّك متوَّجٌ بجلالِ جمالاتك

تصوغُ أعضاءَكَ وأنتَ تتقدّم، تأتي من دون آلامِ المخاض”.

**

“هبْني أن أجيء إلى السماءِ الدائمة

إلى الجبلِ الذي يُقيمُ فيه أحبابُك، ليتني أنضمُّ

إلى تلك الكائنات المشعّة، المقدّسة، الكاملة

ليتني معهم أتقدّم لكي أشاهدَ جمالاتك

أنت الخالقُ الباقي، وهبتُكَ فؤادي بغيرِ ارتعاش”.

**

“يا ملكَ الشمالِ والجنوب

أيّها المظفّر، يا حاكمَ العالم، امنحني درباً”.

**

“آني” الآمنُ والمنصور

يمجّدُ سيّدَه سيّد الأبديّةِ قائلاً

لكَ الإجلالُ يا مَن خلقَ نفسَه بنفسِه

أنتَ جميلٌ حينما تشرقُ في الآفاق

وتريقُ أشعّةَ النور على الأرضِ الشماليّةِ والجنوبيّة

يا ملكَ السماء، يغتبطون برؤيتك أولئك الذين هم في “توات”

ينحنون متّجهين صوبَك

يتقدّمونَ للقياك، لرؤية طلعتك البهيّة

ليتني لا أُصدّ، ليتَ أعضاءَ جسمي تعود إلى جِدّتِها مرّةً ثانية

عندما أشاهدُ جمالاتك مثل أولئك الذين هم أحبّاؤك

لأنّي أحد الذين عبدوكَ في الأرض

ليتني أبلغُ الأرضَ الأبديّة، أنتَ يا مولاي أمرتَ لي بذلك”.

**

“لم أُذنبْ، لم أفعلِ الشرَّ

لم أشهدْ شهادةَ الزور، أعيشُ على الحقِّ والصدق

أغتذي بالحقِّ، نفّذتُ الوصايا التي تعظّمُ اللهَ

أعطيتُ الخبزَ للإنسانِ الجائعِ، أعطيتُ الماءَ للعطشانِ

أعطيتُ الكساءَ للعريانِ، وزورقاً للملاّحِ ذي السفينةِ المحطّمة

أنا نظيفُ الفمِ واليدين، سمعتُ الكلمةَ القديرة”.

**

“لم أرتكبِ الظلم، لم أرتكبِ السرقة

لم أطففِ المكيال، لم أنطقْ بالكذب، لم أتصرّفْ بخداع

لم آكلْ قلبي، لم أكن عنيفاً، لم أتلفّظْ بالألفاظِ البذيئة

لم أرتكبِ الزنا، لم ألوّثْ نفسي، لم أتصرّفْ بغشٍّ

لم أختلسْ أشياءَ الإله، لم أخرّبِ الأراضي المفلوحة

لم أحدّقْ في الأشياءِ لأصنعَ السوء، ما غزوتُ أرضَ أحد

لم أُسرِّعْ قلبي، لم أُلغِّمْ كلامي بما لا ينبغي أن يُقال

لم أتصرّفْ بغطرسة، لم ألوّثِ الماءَ الجاري

لم أصم أذنيّ عن كلامِ الحقِّ والحقيقة”.

**

“لم أبجّلْ كلامي

لم أجعلْ كلامي يشتعل بالغضب

لم أجلبِ الخوفَ لأيّ إنسان

لم أتصرّفْ بعنف، لم أجعلْ أحداً يبكي”.

**

“يا ملكَ الملوك، يا سيّدَ الساداتِ وأميرَ الأمراء

بكَ يحيقُ ألقُ الفيروز، حيٌّ منذ ملايين السنين

من يتخلّلُ الأشياءَ جميعاً بجسده هو أنت

يا جميلَ المحيّا هبْ لي الأبّهةَ في السماء والقوّةَ على الأرض

رجائي أن أُمنَح أرغفة الخبز في بيتِ البرودة، ومنزلاً

إلى أبدِ الآبدين، في حقلِ القصب، مزوَّداً بالقمح

هبْ لي أن أسيرَ على نسقِ جلالتك، دعْ روحي تدخل إلى الحضرة

دعْها تكون إلى جانب سادةِ الحقِّ والحقيقة

ها قد أتيتُ إلى مدينتك، إلى الإقليم الذي وُجِد في الزمن البدئي

لكي أسكنَ في هذه الأرض، أتيتُ مع نفسي وقرينتي وشكلي الشفّاف

الربُّ سيّدُ الحقّ والحقيقة أرضُه تجتذب إليها كلَّ أرض

مبحراً فوق النهر يأتي الجنوبُ إليها ومسوقاً بالريح

يجيءُ الشمال وفقاً لأمرِ سيّدِ السلام

أيّها الربّ العظيم ها قد أتيتُ إليك

أنا نقيٌّ، أنا خالص، أنا أعرفُك، أنا أعرفُ إسمك”.

**

“الحمدُ لكَ أيّها الواحد

يا مَن تجلبُ كلَّ مَن وُلِد إلى الكينونة

أيّها القوّةُ المبجّلة لكَ الحمدُ

يا مَن يأتي بالكائناتِ الخضراء في موسمِها لكَ الحمدُ

ويا مَن يسكنُ العمقَ السماويَّ وينيرُه لك الحمدُ

لك الحمدُ يا مَن رأسُه يهبُ النورَ للذي هو أمامك”.

**

“إذا رفعتْ أُمُّكَ يديها إلى السماء سيسمعُ الربّ لها وسيؤنّبك”.

**

“جميعُ المطالب التي في السرّ اطلبْها بفؤادٍ ولهان

سوفَ يسمع ما ستقول، سيقبلُ ما إليه تُقدِّم وسيُنجِزُ عملك”.

**

“أنتَ غيرَ مُكبّل

تقتربُ من نفسِك

موجودٌ قريباً من الإله”.

**

“لن تجعلَ امرأةً أو رجلاً خائفاً

هذا اعتداء على الربّ، من يقوم بهذا العمل

سيجعله الربّ فقيراً إلى الخبز”.

**

“الأرضُ تنالُ الجسد

والسماءُ تنالُ النفس”.

shawkimoselmani1957@gmail.com

رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=22031

ذات صلة

spot_img