spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 46

آخر المقالات

كارين عبد النور- قصّة أنف نازف… وإبرة وخيط

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «فتنا على...

د. زياد علوش- قرار مجلس الأمن الدولي”2728″يؤكد عزلة اسرائيل ولا ينهي العدوان

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تبنى مجلس الأمن...

هاني التركOAM- البحث عن الجذور

مجلة عرب أستراليا-بقلم هاني الترك OAM إن الانسان هو الكائن...

إبراهيم أبو عواد- التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

مجلة عرب أستراليا-بقلم الكاتب إبراهيم أبو عواد الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط...

د. زياد علوش ـ”إسرائيل”عالقة في وحول فشلها وفظائع مجازرها

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تتواتر التهديدات الإسرائيلية...

د.علي الموسوي- آليات مناهضة العنف والتطرف: رؤية واقعية

مجلة عرب أستراليا سيدني

آلیات مناهضة العنف والتطرف: رؤية واقعية

بقلم د.علي موسى الموسوي

الأمين العام للمجلس الدولي للحوار الديني والإنساني

تـعتبر ظاهرة الـعنف الـدیـني، مـن أبـرز الظواهر الـتي أضـحت تهدد اسـتقرار وأمـن الـعالـم. والـعراق مـن بـین الـدول الـتي عـانـت مـن تـداعـیات هذه الظاهرة الـتي تـظل دوافعها غـامـضة ومـلتبسة، لـتداخلها وتعقدها. لهذا لا یـمكننا رصـد الآلـیات الـكفیلة بـالـمساعـدة عـلى الحـد مـن هذه الظاهرة، دون رصـد الاخـتلالات الـمجتمعیة والـدیـنیة وأیـضا السـیاسـیة، الـتي تـغذي هذه الظاهرة، فـي وقـت يراهن فيه الـمجتمع الـعراقـي عـلى تـنزیـل قـیم السـلم والأمـن الـمجتمعیین. بـعد سنوات الحروب التي أنهكته.

ولا یـمكننا الإدعـاء أنه  بـإمـكانـنا مـجابـهة هذه الظاهرة والـقضاء عـليها كـلیا. ذلـك لأن الـعنف، بـاخـتلاف أسـبابه، مـرتـبط بـالـطبیعة البشـریـة الـتي یتنازعها الـخیر والشـر. وهذا مـا یـحول دون انـدثـار هذه الظاهرة الـتي تـطورت بـتطور الـحضارة الإنـسانـیة. بـل إنها اسـتفحلت بـفعل الـطابـع المادي للحضارة الیوم.

فـي الـمقابـل بـإمـكانـنا تـكثیف الجهود للحـد مـن همجية الـعنف، والـحیلولـة دون تـطبیع النشء مـعه. كـي لا یـغدو سـلوكـا عـادیـا داخـل مـجتمعاتـنا الـتي تـعانـي الـیوم أكـثر مـن أي وقـت مـضى مـن تـدمـیر لـقیم السـلم والـتعایـش والـتكافـل. فـیكفي الـشعوب الـیوم مـا تـعانيه مـن تـداعـیات جـنون السـیاسـة وتـضارب الـمصالـح. وكـأن الـعالـم لـم یـخبر مـآسـي الحـروب قـبلا وتـداعـیاتها الـتي مسـت الـكرامـة الإنـسانـیة، وتـركـت آثـارا نفسـیة واقـتصادیـة واجـتماعـیة، عـلى الأفـراد والـمجتمعات. ولأن الـعنف ظاهرة نفسـیة، فـإنه قـد یـتغذى مـن سـوء فهم لـلنص الـدیـني، كـما یـمكن أن یجـد مـبرراته فـي مـا هو سـیاسـي واقـتصادي. لهذا فـالـعنف وبـكل أشـكالـه وأنـواعـه یـلتقي عـند عـنف فـكري، یـغذي الـنعرات، مـبررا فـي الآن نفسه حـضوره الـمادي. عـنف فـكري اسـتمد مشروعيته مـن تـداعـیات نـظام عـالـمي جـدیـد أسـس لـمبادئ إنـسانـیة فـي الظاهر لكنها مـبادئ هدمت أسـس السـلم والسـلام وفـتحت بـاب الـحضارة الإنـسانـیة عـلى قـانـون الـقوة والـصراع لأجـل الهيمنة. مـا أدى بـالـفكر المتطرف إلى أدلجة الدین واستثماره فیما يعتده حربا حضاریة على الدین.

مـن هنا نـتصور أن الحـلول الـممكنة لـمجابهة هذه الآفـة الـتي تهدد الـوجـود الإنـسانـي كـكل، وتهدد المجتمع الدولي عموماً والعراقي خصوصا التواق إلى حیاة آمنة وسالمة. هي في النقاط الآتیة لورقتنا:

*التنشئة الاجتماعیة والتربیة على السلم ومناهضة العنف* إرساء دعائم ثقافة دینیة جدیدة، تراهن على الحوار والمشترك الإنساني*المقاربة الحقوقیة/القانونیة لأجل زجر السلوك العنیف.

وهي الـنقاط الـتي سـنتعرض لها بـشكل إطـرادي لـضیق الـوقـت، وتـعذر الـوقـوف عـندها بـتفصیل مطلق.

یـعیش الـعالـم الـیوم تـحولات عـدة، جـعلت مـن الـضروري الانـتباه لـلعوامـل الـمغذیـة لـلعنف، والتطرف، والتمركز حول الذات، لدوافع عقدیة وعرقیة، في رفض لا مبرر للآخر-المختلف.

لـقد تحـدت تـداعـیات الـعنف الـمأسـاویـة كـل الجهود الـخیرة. سـاءلـت ضـمائـرنـا، وجـعلتنا ننتبه لهشاشة مقومات الحضارة القائمة الیوم.

إن الفشـل الذريع لـلمجتمع الـدولـي فـي مـجابهة مسـببات الـعنف، یـنم عـن غـیاب مـشاریـع فـعالـة لاجتثاث أصـول الـعنف. خـاصـة الـمرتـبط بـالـصراعـات الـدیـنیة والـعقدیـة الـتي تـؤجـج مـشاعـر التطرف والكراهية.

فـفي الـوقـت الـذي تـأمـل فيه إنـسان الـعصر الـحالـي خـیراً مـن الـتقدم الـذي راكمته الـحضارة الـحالـیة، نجـد فـي الـمقابـل أن طـرائـق الـعنف تـطورت، وأخـذت طـابـعا مـتقدمـا، اسـتشرى فـي مجمل الحقول سواء الإعلامیة أو الفكریة أو السیاسیة أو الاقتصادیة.

ولـعل أكـثرها تـأثـیراً هو الـعنف الـفكري، لـدوره فـي بـناء وعـي جـمعي قـادر عـلى تـبریـر انـحیاز الذهنية الـمتطرفـة لقناعاتها ومبرراتها لـلعنف وإقـصاء الآخـر وترهيبه إنها تراهن عـلى اسـتقطاب الجماهير مـن خـلال خـطابـاتها الـتي تراهن عـلى الـبعد الـعاطـفي الـوجـدانـي، كـي یتخـذ عـنفها طـابـع الـمعقولـیة، خـاصـة عـندمـا یـبرر دیـنیا. تـبریـر تتسـتر وراءه الـمصالـح السـیاسـیة والاقتصادیة في أحایین كثیرة.

لهذا ضـروري جـدا أن نـنتبه لأنـماط الـتربـیة، خـاصـة الـتربـیة الـدیـنیة. لأن الـعنف المسـتشري الـیوم یـتغذى بـالخـطابـات الـدیـنیة الـمتطرفـة، الـتي تـمنحه قـدسـیة، وتـجعل منه وسـیلة لـفرض واقـع. ولا سـبیل لمواجهته، إلا بـتربـیة الـنشء عـلى قـیم الـتعایـش والسـلم والـقبول بـالآخـر، اسـتنادا إلـى المشـترك الإنـسانـي وهو الأمـر الـذي أكـدته الـمنظومـة الـقیمیة الإسـلامـیة، انـطلاقـا مـن قـول الله سبحانه وتـعالـى:” ولـقد كـرمـنا بـني آدم”.صـدق الله الـعظیم. هذا الـتكریـم یـجعلنا نـؤمـن بـإنـسانـیة الآخـر وبـقیمته وكـرامته بـعیداً عـن إشـكالـیة الإنـتماءات الـتي تـحول دون انـفتاح الـذات عـلى آخرها وعـلى تـنوعه واخـتلافه الـذي یـعتبر سـنة مـن سـنن الله سـبحانه وتـعالـى فـي الـكون، یـقول عـز وجـل:”یـا أیها الـناس إنـا خـلقناكـم مـن ذكـر وأنـثى وجـعلناكـم شـعوبـاً وقـبائـل لـتعارفـوا إن أكـرمـكم عـند الله أتـقاكـم”.صـدق الله الـعظیم. هذا الـتأسـیس الـربـانـي لـقیم الـتعایـش والسـلم والـقبول بـالاخـتلاف كـفیل بـرد عـنف الـعالـم كـكل. ولـیس فـقط  زجـر الـعنف الـفكري الـذي نشهده ویـؤسـس لـلكراهية والـتطرف ونـبذ الآخـر. لهذا نـحتاج إلـى نـظم تـربـویـة تـعلیمیة، تـركـز نـعم عـلى أهمية الـخصوصـیة الـثقافـیة، لـكنها تـؤمـن فـي الآن ذاتها بأهمية الـتنوع الـثقافـي ودوره فـي إغـناء الـشخصیة الـفردیـة، بـل وتـطویـر الـحضارة الإنـسانـیة، الـتي هي فـي الأصـل نسـیج مـتعدد ومتكامل من تنوع ثقافي یجسد الفاعلیة الإنسانیة. ویعكس سنة وعظمة الله سبحانه وتعالى.

ومـن سـننه أیـضا عـز وجـل أنه جـعل مهمة الإنـسان فـي الأرض الإعـمار لا الهدم. والـعنف هدم للبناء الحضاري ولإنسانیة الإنسان التي ستظل الهدف والمبتغى.

وهذا كـان أیـضا هدي الإمـام عـلي عليه السلام، عـندمـا ركـز فـي أوامـره الـتنفیذیـة في عهده لمالك الاشـتر، عـلى ضـرورة احـترام حـقوق الإنـسان، وأن یـعامـل الـناس بـحب وعـطف وبـدون اسـتثناء كـفارا كـانـوا أو مسـلمین:”أشـعر قـلبك الـرحـمة والـمحبة لهم والـلطف بهم ولا تـكونـن عـليهم سـبعا ضـاریـا تـغنم أكلهم فإنهم صـنفان، إمـا أخ لـك فـي الـدیـن أو نـظیر لـك فـي الخـلق.” هذه الإنـسانـیة هي الـمطلب الأسـاس الـكفیل بهزم الـفكر الـضیق الـذي يراهن عـلى الاخـتلافـات الـعقدیـة والـعرقـیة لـبث شـروره. بـل إن الإمـام عـلي عليه السلام كـان حـریـصا عـلى صـون حـقوق الأقـلیات أیـضا، مـا یـدل عـلى أن ثـقافـة الإقـصاء والكراهية دخـیلة عـلى السـلوك الإسـلامـي. والـدلـیل قـوله عليه السلام :” لـو ثـنیت لـي الـوسـادة لـحكمت بـین أهل الـتوراة بـتوراتهم وبـین أهل الإنـجیل بإنجيلهم وأهل الزبور بزبورهم وبین أھل الفرقان بفرقانهم.”

إنه السـلوك الإسـلامـي الـذي یـراعـي كـرامـة الإنـسان بـغض الـنظر عـن انـتماءاته. ولـنا فـي سـیرته عليه السلام خرز خـیر مـثال. فـي الـبر لـلنصارى والـيهود تـمامـا بـمثل بـره بـالمسـلمین مـوالـین كـانـوا أو خـوارج. لهذا نـحتاج لـتربـیة وتـعلیم يراهنان عـلى مـفهوم الـمواطـن/ الإنـسان. كـي نسـد الـطریـق عـلى الـفكر الإقـصائي الـمتطرف. أن نـعلّم النشء أن الـدیـن عـدل وإحـسان وبـر بـالإنـسان لأنه مـن روح الله عـز وجـل. یـقول سبحانه وتـعالـى:” وإذ قـال ربـك لـلملائـكة إنـي خـالـق بشــرا مــن صــلصال مــن حــمإ مــسنون فــإذا ســویـته ونــفخت فــيه مــن روحــي فــقعوا له ساجدین”.صدق الله العظیم.

هذا الرهان عـلى تـربـیة نـشء یـؤمـن بـالـتعددیـة وبـالاخـتلاف وبـالـكرامـة الإنـسانـیة، یسـتدعـي الـمطلب الـثانـي، وهو إرسـاء دعـائـم ثـقافـة دیـنیة جـدیـدة تراهن عـلى الـحوار اسـتنادا إلـى المشـترك الإنـسانـي. أن نـضع شـرط الإنـسانـیة فـي كـل حـوار لـلأنـا مـع الآخـر. عـوض الـتمركـز حـول الانـتماء الـعقدي أو الـطائـفي الـذي یسـتثمره الـفكر الـمتطرف لأجـل إذكـاء نـار الـفتنة والحـروب وتوسیع رقعة العنف.

إن أعـتى أنـواع الـعنف، الـعنف الـمقدس، ذاك الـذي یتخـذ شـكل الـدفـاع عـن الـدیـن أو الـطائـفة. لأنه یـأخـذ شـكلا ثـقافـیا، فـیغدو مـقومـا مـن مـقومـات الـثقافـة الـتي تـرى فـيه وسـیلة لإثـبات وجـودها الـحضاري. ومـن هنا یكتسـي خطورته. لهذا فـلا سـبیل لمواجهته حسـب رؤیـتنا إلا بـتكریـس مـقومـات أخـلاقـیة-دیـنیة تـتوافـق مـع سـماحـة وتـسامـح الـدیـن الإسـلامـي. وتـصبح هذه الـمقومـات أسـاس التنشـئة الاجـتماعـیة.كـي یـدرك الـفرد أنه یـعیش حـیاة مشـتركـة، یـوجـد فـيها الشـبیه والـمختلف والـمخالـف. وأن یـتجه الـنسق الـتربـوي إلـى تـعزیـز الـقیم الإنـسانـیة الـنبیلة الـتي تـزكـي الحـریـة الـفردیـة وتحـمي الـوجـود المشـترك مـن الـصراعـات والحـروب. فـطرق الـتربـیة السـلیمة هي التي تهيئ الفرد للعیش المشترك والفاعلیة المبدعة.

إن الـتربـیة بـناء لـلفرد، وإن لـم ینسجـم هذا الـبناء مـع الـفطرة السـلیمة، فـإن الـفكر والسـلوك الإقـصائـیین سـیطبعان حـیاتـنا الـعامـة. وتجـمع كـل الـدراسـات الـسوسـیولـوجـیة، عـلى ضـرورة قـیام مـشاریـع تـربـویـة عـلى مـبدأ الأنـسنة الاجـتماعـیة والـثقافـیة. كـي لا نـقذف بـالأجـیال خـارج مـبادئ التعایش واحترام الحریات.

مـن هنا أیـضا، كـان مـقترحـنا لـلآلـیة الأخـیرة الـتي راهننا فيها عـلى الـمقاربـة الـحقوقـیة/الـقانـونـیة لأجل الحد من ظاهرة العنف.

مـعلوم أن الـتأسـیس لـلأمـن والسـلم الـمجتمعین، یـقتضي تـربـیة منسجـمة مـع الـقیم الإنـسانـیة الـنبیلة، وأیـضا تـنزیـلا لـقوانـین زجـریـة تحـمي حـقوق الأفـراد. خـاصـة فـي الـمجتمعات الـمتعددة الـطوائـف والانـتماءات. وأول خـطوة تتجـلى فـي الـوعـي بمفهوم الحـریـة. فهي لیسـت تحـررا مـن الـقیود والشـروط بـل إن حـریـة الـمواطـن تـعني الالـتزام بـالـقوانـین الـمنظمة لمجـموعـة أفـراد مـختلفي الميولات والـنزعـات داخـل الـمجتمع الـواحـد. وهذا رهان دولـي أیـضا، لمواجهة شـیوع ثـقافـة الـعنف والكراهية ونـبذ الاخـتلاف. لهذا نـحتاج لـتكثیف الجهود لأجـل تـنزیـل ثـقافـة حـقوق الإنـسان لأجـل الـقطع مـع الانحـرافـات الأخـلاقـیة والـفكریـة الـتي تـتناقـض مـع طـبیعتنا الـخیرة. مـن هنا تـلتقي الـمواثـیق الـدولـیة الـمؤسـسة لـحقوق الإنـسان، مـع الـنصوص الـدیـنیة فـي مـسألـة حـقوق الـناس. بـدءا مـن الإعـلان الـفرنسـي لـحقوق الإنـسان لـعام 1780، وصـولا إلـى الإعـلان الـعالـمي لـحقوق الإنـسان. وهي الـمواثـیق الـتي تـؤكـد الـبعد الـدیـني والـحضاري لـثقافـة حـقوق الإنـسان. ومـن ثم الطابع الإلزامي لها.

هذا إلـى جـانـب أن الـقوانـین الـزجـریـة تـساعـد الـفرد الـعنیف نـفسه عـلى كـبح شـروره فـي حـال فشـل الـوازع الأخـلاقـي أو الـدیـني فـي مـساعـدته عـلى تهذيب سـلوكه الـعنیف. لأن أنـسنة سـلوكـیاتـنا مـرتـبط بـآلـیات تـربـویـة ودیـنیة وقـانـونـیة تحـمي الـمجتمع مـن الـعنف وتداعياته الـمدمـرة لـلبناء الـمجتمعي السـلیم. ثـم إن حـمایـة الـمجتمع مـن الـعنف مـسؤولـیة مـعرفـیة ودیـنیة وقـانـونـیة. تسـتدعـي جهداً مـضاعـفاً تـشاركـیاً بـین الـمجتمع الـمدنـي والـحكومـة والـمؤسـسات الـدیـنیة. لأجـل عـراق آمـن یـؤمـن بـالـتعددیـة وحـقوق الإنـسان والأمـن والسـلم. وهذا رهان المجـلس الـدولـي لـلحوار الـدیـني والإنـسانـي الـذي یـدعـو بـاسـتمرار إلـى ضـرورة أنـسنة سـلوكـیاتـنا مـن خـلال الـدفـاع عـن الـحقوق والحـریـات لأجـل تـحقیق الـتعایـش وتـنزیـل أخـلاق الـعیش المشـترك الـبناء. لأنه لا مـبرر لـلعنف والإرهاب أیـاً كـانـت الـدوافـع والأسـباب. ولأنه عـنف يهدد اسـتقرار الـشعوب فهو یـحتاج اهتماماً أكـبر وتـكثیف الجهود لـبناء وعـي دیـني جـدیـد نـواجه به الـعنف الـبنیوي الـذي تجـذر فـي الـمجتمعات بـفعل التهميش والـفقر والـصراعـات السـیاسـیة والـلاعـدالـة الاجـتماعـیة. وزادت الـثورة الـتكنولـوجـیة مـن حـدته، فـكان الإدمـان عـلى الـعنف والـتطرف والـترویـج لهما كـرد فـعل عـلى هيمنته الـحضارة الـغربـیة الـمادیـة. دون تـمییز بـین سـلبیات الـعولـمة الـتي شـیّأت الإنـسان وإیجابیاتها التي جعلت العالم یتوحد عند المشترك الإنساني والحاجة إلى السلم والأمن.

لـقد قـامـت الأدیـان والـمعتقدات عـلى مـبادئ الـرحـمة والـمحبة والـتعاون عـلى الـصلاح والـبر. لهذا كـان فـي بـناء الأفـراد عـلى هذه الـقیم الـنبیلة تـنزیـل للسـلام الـشامـل الـذي تـأمـلته الـتوجـيهات الـدیـنیة الـتي همت الإنـسان بـوصفه إنـسانـا. لهذا كـان الـتسامـح شـرطـا للسـلام وبـدیـلاً عـن الـعصبیات المذهبية والعنصریة البغیضة.

وتـبقى عـقیدة الـعنف، عـقیدة منحـرفـة ولا سـبیل لمواجهتها إلا بـفعل الـتسامـح الـذي یحـمل بـین ثـنایـاه الـرحـمة والـمحبة. إنه السـلوك الـحضاري الـكفیل بـتذویـب الاخـتلافـات، لأنه واجـب دیـني قـبل أن یـكون واجـبا أخـلاقـیا. سـلوك راهنت عـليه كـل الـدیـانـات والـمعتقدات لـصون الـحقوق والكرامة الإنسانیة.

رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=27867

ذات صلة

spot_img