spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 46

آخر المقالات

كارين عبد النور- قصّة أنف نازف… وإبرة وخيط

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «فتنا على...

د. زياد علوش- قرار مجلس الأمن الدولي”2728″يؤكد عزلة اسرائيل ولا ينهي العدوان

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تبنى مجلس الأمن...

هاني التركOAM- البحث عن الجذور

مجلة عرب أستراليا-بقلم هاني الترك OAM إن الانسان هو الكائن...

إبراهيم أبو عواد- التناقض بين الحالة الإبداعية والموقف الأخلاقي

مجلة عرب أستراليا-بقلم الكاتب إبراهيم أبو عواد الإبداعُ الفَنِّي يَرتبط...

د. زياد علوش ـ”إسرائيل”عالقة في وحول فشلها وفظائع مجازرها

مجلة عرب أستراليا- بقلم د. زياد علوش تتواتر التهديدات الإسرائيلية...

دكتورة نجاة عبدالصمد ـ تعرف على نظرية المؤامرة في الحميات الرائجة..نظام ثلاثي صحي إتبعه مدى الحياة

مجلة عرب أستراليا سيدني- تعرف على نظرية المؤامرة في الحميات الرائجة..نظام ثلاثي صحي إتبعه مدى الحياة

بقلم دكتورة نجاة عبدالصمد

ليتَ هاجس الجمال يحيا فينا رديفاً لهاجس العافية؛ لأنهما، لو نفكر قليلاً، واحد!

كم طال تندُّر زوجي على محاولاتي التعيسة والفاشلة، التي لم ينتهِ أيٌّ منها بإنقاص وزني، وكم مازحني بينما الجدّ يتمطَّى بين ثنايا كلامه: “منذ أوَّل وعيي وأنتِ تتبعين ريجيماً ما، عبثاً”!

في الحقيقة لم يكن مخطئاً، فأنا لم أعِ معنى الريجيم إلا في عمر متأخر نسبياً، هو سن نضجنا نحن النساء، وسن حكمتنا، هو عمر الأربعين الذي انتبه الجميل محمود درويش إلى أن المرأة تدخله بكامل مشمشها، هو الجزء الحميم من كل ما يستحق الحياة…

المسار الأول خاطئٌ حقاً؛ لأنه شديد التطرف: أن تتعذبي دوماً وأنت تنظرين في المرآة إلى جسدك الذي لا تحبين ولا تحترمين، ولا تردعينه عن غواية الأكل العابث، أي أن يصير الأكل (فشة غلّ)، أو مصدر سعادة. ولا تفيقين إلا على أرطال الدهن المتكدس تحت جلدك، فتختفي سعادتك في حين ترسخت فيك عادة الشره القبيحة، وخلّتكِ في اكتئابٍ تعوضينه بالأكل وتتابعين سمنتك، إلى أن تستيقظي على هولِ ما أنت فيه؛ وتبدئي ممارسة الرياضة لساعتين في اليوم؛ حتى تدكِّي مفاصلك وعظامك وتباشري حميةً قصيرة شديدة القسوة، تجبرك على أكل ما لا تحبين، وما لا يكفيك، ولا يرضيك، وما يجعلك كائناً لا آدمياً ستتراخى مقاومته أخيراً، ويفتح باب البراد كوحشٍ جائعٍ يلتهم كلّ ما تراه عينه.

ويتعرَّض جسمك للوقوع تحت خطر تأثير “اليويو”؛ وهو مصطلح يطلق على عودة الوزن من جديد بعد مدة زمنية معينة، وربما بمقدار أكبر، أي التأرجح الدائم بين خسران الوزن الشديد عند الحمية القاسية، والعودة إلى السمنة عند تركها. ومصطلح ريجيم كما نعلم هو تنظيم الطعام وليس الحمية عنه. هذه الحميات الرائجة المبتدعة لطمأنة السمينين، تقدم لمتبعيها ما تقول إنه “حل سحري” لأوزانهم الزائدة، كحمية الموز الأخضر، أو حمية “غريب فروت” التي يقول أصحابها إنها قادرة على إذابة الشحوم وتحفيز الهضم، أو حمية أدكينز التي ترى أن الكربوهيدرات أصل البلاء ويجب التوقف عن أكلها، أو حمية الملفوف، أو الأناناس أو حصر الطعام في الخس والقرنبيط.. وغيرها.. قد تتبعها، لمرة وحيدة، عروسٌ سمينة يصادف زفافها بعد شهر مثلاً؛ لكنّ تكرارها يضرّ ولا ينفع.

قد يكون الاقتصاد هو أحد أهم عوامل ترويج هذه الحميات. (كأن تسعى شركة تُسوق الموز مثلاً إلى زيادة مبيعاتها عبر إشاعة أن حميةً خالصةً على الموز الأخضر تؤدي إلى خسران الوزن)؛ حتى إن بعض مروجي هذه الحميات الكاسحة ينظر إلى توصيات المؤسسات الطبية بعين الريبة، وقد يتبنى المروج نظرية “المؤامرة” متهماً المؤسسات الطبية بمحاولة “حجب الحقيقة” عن الناس ومنعهم من معرفة فائدة حميته الغذائية التي يصفها بـ”المعجزة”.

وبغضّ النظر عن مدى مصداقية هذا الادعاء أو كونه مجرد تفكير مبني على نظرية المؤامرة، فإن الحميات الرائجة شعبياً سواء أكانت مدعومة من شركات أم لا، فإنها لا تتوافق مع التوصيات الطبية الغذائية بالاهتمام بالصحة، والإنقاص البطيء والمعتدل للوزن، ولا تهتم بموضوع النشاط الحركي أو الرياضة، ولا تهتم بالجسم على المدى البعيد، ولا تستند إلى دليل علمي كافٍ، أو تفتقد الدليل العلمي، أو تقدِّمه في غير مكانه.

فمثلاً تعتمد حمية الجزر على أنه مصدر جيد للألياف. هذه حقيقة علمية صحيحة. أما تناوله كغذاء وحيد لزمنٍ طويلٍ بقصد فقدان الوزن، فهذا ادعاء لا يستند إلى دليلٍ علمي كافٍ، ويوصل إلى نتائج مضللة. وهذه هي النقطة الأهم؛ أي أن هذه الحميات لا تحسن صحة متبعها على المدى، بل قد تنتهي بمشكلاتٍ صحية.

والأنكى أن تدعّم الحمية بالحبوب مانعة الشهية على اختلاف أسمائها التجارية. جميع هذه الحبوب تعمل على تثبط الشهية، فتغذي (الأنا) في الحصول على نتائج مذهلة لكل هؤلاء الذين يريدون إنجازاتٍ فورية في وقتٍ قياسي ومن غير جهد. نتائج مذهلة: نعم؛ لكنها مؤقتة وهشة. وهذه الحبوب لا تثبط الإحساس بالجوع فقط، إنما -وهنا الخطورة- في أنها تثبط الذاكرة والمزاج والطاقة على العمل والأداء المهني؛ ومنها ما يسبب ميولاً جديَّةً للانتحار.

الآن، لن نعود أبداً إلى الحديث عن هذه الحميات، سننتقل إلى المسار الطبيعي الذي يخاطب العقل، ويرتكز على المعلومة العلمية لاختيار منطقٍ جديد للتعامل مع الوزن الزائد.

سننظر أولاً إلى السمنة لا كحالةٍ جماليةٍ رديئة فقط؛ بل كحمولةٍ زائدة تشبه مثلاً سلةً فيها عشرة كيلوات أو 15 أو 30 أو أكثر تثقل بها أجسادنا، وتنحني تحتها أكتافنا وتتألم مفاصلنا وتئنّ؛ هل ترانا سنتعافى قبل أن نرميها عن أكتافنا أو من أيادينا لنكمل السير. أو قد ننظر إليها “كمرض” سنداويه بنمط الحياة السليم، وسنحرص على اتباع هذا النمط كما يحرص المريض على تناول حبة دواء السكر أو الضغط في موعدها. وإذا اتفقنا على تصنيف السمنة كمرضٍ يحتاج إلى علاج؛ فهذا العلاج يقوم على أعمدة ثلاثة لو انهار أحدها سينهار بنيانه!

1ـ علاج غذائي. 2ـ علاج حركي. 3ـ علاج سلوكي.

علاج ثلاثي، نتبعه مدى الحياة، ونتدرب على امتلاك الإرادة كي لا ننحرف عنه؛ كي نُدخل إلى وعينا ولا وعينا أن هذه هي طريقتنا في الحياة، وأن هذا النظام هو الثابت فيها، لا الطارئ عليها. وأن هذه الأركان الثلاثة متداخلة إلى أقصى الحدود، وتقسيمها إلى ثلاثة بنود ليس إلا بقصد تسهيل الحديث عنها.

الغذاء الصحي يعني أن “تأكلي بعقلك”، أن تتغذي جيداً وصحياً من غير أن تفقدي متعة الأكل، أن تكافئي نفسك دوماً على التزامها بأكل كل ما تحبين؛ لكن: بالعقل، أي: بمقدار!

لو نمرّ على أقوالٍ قرأناها جميعاً، وقلّما توقفنا عندها: (المعدة بيت الداء والحمية أساس الدواء)، (البُطنة تُذهب الفطنة)، (العقل السليم في الجسم السليم). (مَن يستطيع التحكم في ما يدخل إلى جسمه؛ يمكنه التحكُّم في ما يصدر عن عقله). هل نتذكر؟!

الجسم السليم هو المعافى، وما نحن في النهاية إلا حصيلة ما نأكل.هل نتذكر مقولة سقراط للرجل الذي سأله: وما الفرق بيننا وبينكم يا معشر الفلاسفة؟ أجابه: أنتم تعيشون لتأكلوا، ونحن نأكل لنعيش. سقراط الحكيم الذي كان يعلِّم طلابه ومريديه دروسهم صباحاً وهم يتمشون فوق العشب وبين الشجر. نحن لا نطمح أن نصير فلاسفة، أقصى طموحنا أن نحيا سعداء؛ سعادتنا، من هذا المنظور، في عافيتنا، وعافيتنا في غذائنا. حقائق لا بد من ذكرها قبل الدخول في أعمدة التعامل مع السمنة:

1ـ مع تقدم العمر، ولدى الجنسَين يتباطأ حرق الحريرات. ولدى النساء يقل حرقها أكثر مما لدى الرجال؛ ولذلك فإذا أردنا الاحتفاظ بالوزن الذي نحن عليه (فضلاً عن تقليله) في أي عمر، فعلينا تباعاً أن نخفض كمية ما نأكل، وأن نرفع الجهد العضلي المبذول عما اعتدناه في العام الماضي مثلاً، بينما فعلياً يحدث العكس (مع الرفاهية والسيارة والوفرة المادية مع الوقت نوسِّع قائمة الطعام الشهي، وهكذا.. وأول ما تنمو الشحوم على منطقة البطن، وآخر ما تغادره).

2ـ لا أحد يسمن من الماء والهواء، والعلة فقط في ما نأكل. كلّ فمٍ مفتوح للطعام = بطناً يتمدد.

كثيرون يقولون: أنا لا آكل، ومع ذلك فأنا أسمن وأسمن! هناك طريقة لمراقبة الذات، لتكن سرّاً بينك وبين نفسك: جرّبي ليوم أو لأسبوع: كلما أكلتِ أي طعام ابتداء من الوجبة وانتهاء بحبة البزر أو حبة السكر أو العلكة، ضعي جانباً في مكانٍ واحد مقداراً مماثلاً لما أكلته، وفي المساء سترين بنفسك كم حشوت في بطنك. هذه الطريقة نظرية، ويصعب تطبيقها عملياً، يمكن تسجيل كل ما تأكلين على صفحة بيضاء وبنزاهة، وفي آخر اليوم ستقرئينها وتذهلين (مريضة أقسمتْ أمامي أنها تلتزم نظاماً قاسياً ورياضةً يوميةً منذ ستة أشهر، ولم تحصل على نتيجة.. كانت تصف لي نظامها وأستغرب، وعندما طلبت منها أن تدوِّن ما تأكل ظهر السبب في قطعة حلوى “المعمول الشامي” تأكلها يومياً).

3ـ الكورتيزون والفيتامينات والحديد وبعض الأدوية: كلها لا تسبِّب السمنة؛ لكنها تفتح الشهية أو تُرشِّد صرف الطاقة، أو تحبس السوائل مؤقتاً. ولا ينفع أن نحمِّلها خطيئة التسبب بالسمنة، إن لم نضبط أفواهنا.

4ـ السكر والملح: الموتان الأبيضان. يكفي سكر الخضار والفواكه وعصائرها، أما السكر المصنَّع فلا يحتاج إليه الجسم، بينما يزيد الوزن بسبب سعراته الحرارية الكثيرة، ويسوِّس الأسنان؛ خصوصاً حين يؤكل بين الوجبات. أما الملح فيكفي الملح الموجود في الخبز والمضاف إلى الطبخ البيتي. زيادة الملح ترفع ضغط الدم، وتُعرِّض إلى الإصابة بأمراض القلب أو السَّكتات الدِّماغيَّة.

5ـ بدائل السكر (السوربيتول مثلاً) ضارة؛ لأنها تنقل أخباراً كاذبة من حليمات الذوق إلى الدم عن الاكتفاء من الطعم الحلو وتوهم الجسم بارتفاع مستوى السكر في الدم، فتبطئ حرق السكريات فيه، وبالتالي تبطئ عملياته الحيوية، وتخفض أداءه وظائفه.

6ـ هناك مواد تسهم في حرق الشحوم حقاً: (الزنجبيل، الباذنجان النيئ، الكوسا النيئة، عصير الكوسا يمنح مزاجاً عالياً)؛ لكن: لا شيء يغني عن ضبط الغذاء وممارسة الرياضة.

العلاج الغذائي: صحة جيدة = أكلاً جيداً من حيث: الكمّ، النوع، التوقيت.

أولاً- الكمّ: كم نحتاج من السُّعرات الحراريَّة؟

السُّعرةُ الحراريَّة Calorie هي وحدة الطاقة في الطعام أو الشراب، وتُمثِّل الطاقةَ اللازمة لرفع درجة حرارة كيلوغرام واحد من الماء بمقدار درجة مئويَّة واحدة. يحتاج الرجلُ إلى 2500 سعرة حرارية وسطياً في اليوم، بينما تحتاج المرأةُ إلى 2000 سعرة حرارية وسطياً. هذا الرقم يكفي للنشاط اليومي العادي: التنفس، دوران الدم، الهضم، الحركة المعتدلة (وهذا الرقم لا يكفي ذوي الأعمال المجهدة أو الرياضيين النشيطين أو المرأة الحامل، أو الأطفال والمراهقين في طور النمو…). زيادة هذه السعرات تسبب السمنة، ونقصها سيفرض على الجسم أن يصرف من احتياطي دهونه.

“الأساس في معادلة إنقاص الوزن هو تقليل السعرات الحرارية أياً كان مصدرها”؛ أي أننا نستطيع أكل ما نريد والفرق فقط في المقادير، مع الحرص على تنويع مصادر التغذية؛ بحيث تشمل البروتينات والنشويات (الكربوهيدرات، السكريات)، والدهون والفيتامينات والأملاح المعدنية؛ لأن الجسد بحاجة إليها جميعاً لتسيير عملياته الحيوية. وهنا علينا أن نعرف أن أكبر عدد من السعرات الحرارية (في وحدة وزنٍ واحدة) موجود في الأغذية الدهنية ثم النشوية ثم البروتينية، وأخيراً في الفواكه والخضار.

لو تخيَّلتِ السعرات الحرارية التي تتناولينها كل يوم من هذه المصادر جميعاً، كشجرة كبيرة، فلك أن تتخيلي المقص الصغير الذي ستقلِّمين به هذه السعرات كما يشذب البستاني الماهر أغصان الشجر ليجعله زينةً للناظرين. أي أنه لو وفّرتِ 100 سعرة حرارية يومياً ستجنين فقدانَ وزن بطيئاً وصحياً على المدى البعيد. هذا التوفير سيحتاج إلى تغييرات قد تبدو لكِ بسيطة، ولكنها حتماً ليست كذلك.

ثانياً- تنويع الطعام:

أكل الفواكه والخضراوات الطازجة في موسمها، أو شرب عصير الفواكه الطبيعي غير المُحلَّى، والخضراوات المطبوخة. تدخل الخضار في قوام الوجبات الرئيسية أو كحصصٍ بين الوجبات.

* البروتينات: الحليب ومشتقاته يومياً، أفضلها اللبن الرائب بعد نزع قشرة الدسم عن سطحه. البيض ليس أكثر من بيضة 2ـ 3 مرات أسبوعياً. واللحوم والسمك: مرتان أسبوعياً حسب الإمكان. واللحم الأبيض أفضل من الأحمر، ويُفضَّل تَجنُّب المرتديلا، والسَّمك المعلَّب والمُدخَّن؛ بسبب كثرة الملح والمواد الحافظة فيه.

* تناول الأطعمة النشوية، باعتدال، لا يسبِّب السمنةَ، وهي أساسية في الوجبات الرئيسية، كالخبز الأسمر، والبطاطا بقشورها، والحبوب الكاملة بقشورها (الأرز والشعير والذرة والشوفان والحنطة.. إلخ). قشور الحبوب تحتوي على المعادِن والفيتامينات والألياف المفيدة للجهاز الهضمي، والتي تحول دون الإمساك ومشكلاته، وتُطيل شعورَ الإنسان بالشَّبع. عندما تتم إزالةُ القشرة من الحبوب وتنقيتها من غلافها (كالخبز الأبيض، والدقيق المكرّر) تقلُّ قيمتُها الغذائيَّة وتتسبب في عسر الهضم. والأفضل الاكتفاء بنوع واحد من النشويات في الوجبة الواحدة.

الدهون: يحتاج الجسم إلى الدُّهون (غير المشبعة، المفيدة): الزيوت النباتية غير المعالجة حرارياً، والسَّمك الدهني والأفوكادو والبذور والمكسرات والزيتون؛ لكن الدُّهون (المشبعة الضارة): الموجودة في الكعك والفطائر والبسكويت والحلويات بأنواعها والزبدة والنقانق، فيفضَّل تجنبها؛ لأنها ترفع الكوليسترول، وخطر أمراض القلب والأوعية.

سنأكل من كل خيرات الطبيعة (خضار وفاكهة في موسمها، بقول، حليب ومشتقاته، لحوم، بيض، الطبخ المنزلي)، لكن بمقدار! باعتدال، من غير إفراط، ومع مراعاة:

* تقليل الدهون في الأطعمة (المايونيز، الزبدة، القشطة، إزالة دهون اللحوم، وجلد الدجاج قبل طبخه)، وكذلك الكاتشب.

السلق والشيّ وليس القلي: يفضَّل الطهو داخل الفرن، لا غمر الأطعمة بزيت القلي، وإضافة الزيت (زيت الزيتون أو الذرة أو عباد الشمس) إلى الطعام بعد نضجه.

الاعتماد على سلطة الخضار الطازجة مع صلصة خفيفة، أو لبن قليل الدسم، وكذلك على الحساء (الشوربة) كمقبلات؛ لأنها ستملأ المعدة وتحميكِ من تناول كميات كبيرة من الطبق الأساسي الغني بالطبع بالسعرات الحرارية.

* اختيار الغذاء المنزلي والطبيعي والطازج والابتعاد عن المعلبات والأكل الجاهز.

الإقلال من استخدام السكر في الأطعمة عند تحضير المخبوزات مثلاً (يمكن الاستعاضة عنه بدبس العنب أو التمر) وكذلك الحد من الأطعمة والمشروبات المحتوية على السكر؛ كالعصائر الصناعية أو المشروبات الغازية الغنية بالسكر، ويُفضل استبدال الماء أو عصائر الفواكه غير المحلاة بها؛ وذلك لقلة احتوائها على السعرات الحرارية.

* تناول القهوة والشاي والأعشاب العطرية كلها بنكهتها الطبيعية وحدها، دون تحليتها بالسكر. لا أزال أتذكَّر حتى تعابير وجه البروفيسور الرائع الذي درَّسنا مادة الفيزيولوجيا في سنتنا الثانية في كلية الطب، حين قال: “نحن نشوِّه طعوم الأعشاب كلها بإضافة السكر الذي يخطف منها طعم عطورها المتفرِّدة، ولا يبقي لنا منها سوى طعم السكر الباهت”.

كذلك تقول التجارب إن الانتقال من الاعتياد القديم على طعم المشروبات المحلاة بالسكر، إلى تقبُّلها والرغبة بها كما هي بطعومها الحقيقية الرائعة دون إضافات، سوف يتحقَّق تدريجياً بعد شرب 18 فنجاناً فقط، وبعدها لن نطيق إضافة ولو ذرَّاتٍ من السكر إلى أي مشروب؛ بما فيها الشاي والقهوة.

ثالثاً- التوقيت: ينشَط استقلاب الجسم وعملياته الحيوية مع الشمس والضوء. نقسم وجباتنا من الصباح حتى الغروب إلى 3- 5 وجبات، على أن تكون معتدلة أقرب إلى الصغيرة. والفطور أهمها على الإطلاق: (تروّق فطور ملك، وتغدّى غدا أمير، وتعشَّى عشا فقير).حين يعتاد الجسد على أن يتلقى غذاءً متقارباً في الوقت وقليل الكمية سيسهل عليه هضمه، وسيبادر إلى حرقه كاملاً دون تخزين، والعكس صحيح: إذا لم نعطه سوى وجبة وحيدةٍ وهائلة في اليوم، فلن يثق بنا بسبب تجويعه أولاً ثم تغذيته بحماقة؛ حينها سيعسر عليه هضم هذه الوجبة، وسيسارع إلى تخزين جزءٍ منها على شكل شحوم؛ لأنه يعلم أنه لن يتلقى مثلها إلا بعد 24 ساعة.

3ـ لو عضَّنا الجوع بين الوجبات الرئيسية يمكن تناول نوع واحد من الخضار: خيار، ملفوف، خس، جزر بعد الوجبة على الأقل بساعتين أو نوع واحد من الفاكهة، أو بضع حبات لوز.

* التوقف عن الطعام قبل النوم بـ3- 4 ساعات؛ أي عدم تأخير وجبة العشاء، وألا يكون العشاء آخر ما نفعله قبل النوم؛ ولكن إذا اضطررنا، فمن الأفضل أن نمشي بعدها أو نقوم بنشاطٍ بدني ما. فالنوم بعد وجبة العشاء فوراً يؤدِّي إلى تَخمُّر الطعام في القناة الهضمية، وعسرة هضمه، ولاحقاً تراكم الدُّهون. يمكن أيضاً الاستعاضة عن وجبة العشاء بحصة خفيفة من الفواكه.

تخفيض الوزن عبر النوم!

1ـ يحتاج الإنسان إلى 6ـ 7 ساعات من النوم يومياً. (قال نابليون: “يحتاج الرجل إلى ست ساعاتٍ من النوم يومياً، والمرأة إلى سبع ساعات؛ لكن ألف ساعة لا تكفي للكسول البليد”). النوم عافية، والنوم الكافي فرصةٌ لتوازن الجهاز العصبي ولتحفيز كل أجهزة الجسم على تنظيف نفسها، وشحنها، وأخذ كفايتها من الطاقة اللازمة لعملها؛ أي أنه وسيلة لتنشيط الاستقلاب وإذابة الشحوم. بينما يترافق الأرق مع الشعور بالجوع والأكل وزيادة الوزن.

2ـ كي ننال حصتنا من النوم سنربط المنبه على ساعة اللجوء إلى الفراش، وليس على ساعة الاستيقاظ، فنحن نعرف متى يجب الاستيقاظ والتحضير لعملنا، ونعرف كم نحتاج من ساعات للنوم، ونضيف إليها نصف ساعة نحتاج إليها للدخول في النوم العميق. هذا يعني أنه يجب اللجوء إلى الفراش قبل الوقت اللازم للاستيقاظ بسبع ساعاتٍ ونصف الساعة.

3ـ للذين يعانون الأرق:

* قبل النوم بنصف ساعة أخذ حبة مضادة للقرحة والحموضة؛ كي لا يحدث القلس (أي رجوع الطعام من المعدة إلى المريء) الذي يسبب شهيقاً يجبر الإنسان على الاستيقاظ (والقلس أكثر ما يحدث في وضعية التمدد).

* كأس لبن رائب أو نعناع أو يانسون.

* مغطس ماء دافئ للرجلَين قبل النوم.

العلاج الحركي: الرياضة توأم العافية، وتوأم المزاج المعافى، ومهندسة الجسد المتسق! لا يمكن الحديث عن ضبط الوزن إلا والرياضة حاضرة. آخر فضائل الرياضة هو جمال الجسد: هذا الوقت الذي أقوم فيه بتماريني لي وحدي، ليس لعملي ولا لعائلتي ولا لأبنائي؛ إنه لي أنا، أنا أكافئ به نفسي، أنا أمنح نفسي الجمال والمتعة التي تستحق.

مع الرياضة: تسقط عن كتفي سنوات العمر، وترفع مزاجي، وتمنح وجهي النضارة والألق، وتهديني شباباً لا يملّ من التجدد، وتدعّم مناعة جسدي وتقيني من المرض.

كيف لي أن أمارس تماريني؟ وهل من الضرورة حقاً أن أبحث عن نادٍ أو ملعبٍ أو أن أقتني بساط المشي في بيتي، وأقضي ساعاتٍ طويلةً في التمرين؟ ليس بالضرورة؛ فالأمر أبسط من هذا بكثير.

1ـ لن تعدمي إيجاد طرُقٍ للحركة؛ مثل العودة إلى المنـزل مشياً على الأقدام أو قضاء بعض الحوائج أو التسوُّق من دون سيَّارة أو الصعود على الدَّرج بدلاً من استخدام المصعد، وإنجاز أعمال المنزل بهمَّةٍ وحيويةٍ لا بكسل. يمكن خلق ظرفٍ للحركة داخل البيت: مشيٌ سريعٌ بين الغرف، تشغيل موسيقى تحبينها أولاً وذات إيقاع حيوي ثانياً، أو أغانٍ يمكن الرقص على لحنها الرشيق. الرقص جولة فرح وتحليق وخيال وجموح وتمرد. لماذا لا نفعل كل هذا؟!

كلنا بحاجة إلى غرفة سرية كتلك التي طلبتها إحدى الجواري من الخليفة الرشيد لتأوي إليها كلما اشتد كربها. هناك كانت ترقص وحدها أو تقفز على السرير أو تركض من زاوية لأخرى حتى تتعب وتستلقي وقد تغفو ثم تصحو مستعدة للخروج والعودة إلى مجلس الخليفة. (ترى من يعرف كم هي مريرةٌ حياة الجارية؟ عليها أن تبتسم وقلبها حزين، وأن تسلي سيدها بينما هي بحاجةٍ أن تخلو إلى نفسها، وأن تحفظ الأشعار وتتدرب على الغناء والعزف، وتتثقَّف بأدب الحديث والأنس والإمتاع والتسلية، وأن تدلِّك جسد الخليفة بينما روحها محتاجة إلى مَن يدلِّكها، وأن تظهر له أنه الحبيب بينما قد يكون أحدٌ ما أقل شأناً من الخليفة بكثير قد ملك قلبها…).

2ـ عودٌ على رياضة المشي: المشي سعادة؛ نشاطٌ واسترخاء في آن معاً. الخطو على الأرض، وضع أثقال الروح مع كل خطوة، سيرٌ في الهواء الطلق، تنشق الأكسجين، تأملٌ في الطريق، حديث إلى الطبيعة، إلى الأشجار على الرصيف، إلى الزهور في حدائق البيوت على جانبي الطريق، رؤيةُ النمال السائرة إلى أشغالها، تبادل النظرات الصامتة مع الناس الوحيدين على شرفات بيوتهم، تأمل المدينة، أبنيتها النامية، عقدُ صداقاتٍ مع هذا البيت المهجور أو ذاك الآيل إلى السقوط. كل هذه وأكثر هدايا المشي إلينا قبل أن يمنحنا جمال القوام…

مَن منكم زار مدينة إسطنبول ومشى طويلاً في شارع تقسيم؟! ومَن لاحظ أن مشية البنات هناك لا تشبه سواها في عالمنا الكبير وعواصمه الكثيرة؟ تلك المشية أشبه بخطو الحجل: رأس مرفوع، ظهر مشدود، رجلان مشدودتان، مشي انسيابيٌّ ورشيقٌ وحثيث، كأن صاحبته تهرول إلى موعد حب، بينما هي تمارس عاداتها اليومية!

يعلم الجميع أن ممارسة الرياضة مفيدة للصحة.. ولكن النصح بممارستها نادراً ما يجدي نفعاً

3ـ إما المشي لا أقل من ساعةٍ إلى ساعةٍ ونصف الساعة، وإما ممارسة رياضة الأيروبيك، ولتكن التمارين التي تعلمناها في دروس الرياضة في المدرسة لتحريك كامل عضلات الجسم لمدةٍ لا تقل عن نصف ساعة على الأقل 3 مرات أسبوعياً حتى يصل الجسم إلى التعرق.

العلاج السلوكي: ولعله العلاج الأهم. المبدأ العام للحفاظ على نظام غذائي متوازن ولضبط الوزن: لا نأكل إلا حين نجوع ونكتفي قبل الشبع بقليل (حديث نبوي)، ونحرص على وجبة الإفطار مهما كان ظرفنا.

1ـ تَجنُّب العطش: يحتاج الإنسان إلى نحو 1.2 لتر من السوائل يومياً ليحمي نفسه من التجفاف؛ ولكي ينجز وظائفه الحيوية على أفضل وجه يلزمه 2 لتر يومياً على الأقل. منها نحو 400- 500 مل لتر من الماء الدافئ (درجة حرارة الغرفة) على الريق، وألا يتناول الإنسان أي طعامٍ قبل شرب الماء (وكذلك التدخين)، وقبل مضي نصف ساعة على شربه، ليغسل هذا الماء السبيل الهضمي جيداً، ويطرح منه السموم قبل البدء بمهماته اليومية. ثم تناول كأس أو اثنتين قبل كل وجبة بنصف ساعة. هذا الإجراء يقي من السمنة، وقد يحفِّز الوزن على الانخفاض بعد عدة أسابيع.

يحتاج الإنسان إلى المزيد من السوائل في الطقس الحار أو بعد التمارين أو الجهد البدني. يمكنه شرب: ماء شاي (الأخضر أفضل)، قهوة زهورات بلا سكر، مع تجنُّب المشروبات الكحولية والسكرية والفوَّارة؛ لأنها غنية بالسعرات الحرارية وضارة بالأسنان.

2ـ طريقة الأكل: كيف نتناول الطعام، أو ما يسمَّى: آداب الطعام، فالجوع غريزةٌ، نعم؛ لكنَّ إشباعها يختلف من شخصٍ لآخر حتى لو انتهى الجميع أخيراً إلى الاكتفاء أو الرضا. طريقة تناول الطعام ليست أقل من سلوكٍ مهذَّبٍ وحضاري. وقد نرسم في أذهاننا انطباعاً معيناً عن شخص ما بمجرد رؤيته وهو يتناول طعامه. الأمر يتعلق باحترام الطعام واحترام التعاطي معه؛ أن نجعل من وجبة الطعام احتفالية صغيرة نقوم بها باستمتاع، وسط طقوس بسيطة ومريحة: منها أن يكون للطعام وقته الذي لا يزاحمه عليه أي نشاط آخر كالقراءة أو متابعة التليفزيون أو الكمبيوتر أو الموبايل، أو الدخول أثناء الطعام في أحاديث مزعجة أو انفعالات عنيفة أو شجارٍ ما (أهلنا يقولون: إذا وُضِع الطعام بَطُل الكلام)، وأن نأكل جالسين؛ الجلوس يمنحنا الارتياح والهدوء، بينما يبعث الوقوف على التحفُّز والقلق والسرعة في الأكل، وأخيراً ألا نأكل إلا ما نستسيغ ونحب، ولا نبالغ في المجاملة بقبول أية ضيافة حين نكون في زيارة إذا كانت هذه الضيافة دسمةً وضارة بصحتنا.

ممارسة الرياضة تعزز قوة العضلات وتحد من تراكم الدهون وتحسن الصحة الذهنية

3 البطء في تناول الطعام: يحتاج مركز الشبع في الدماغ إلى ثلث ساعة من الوقت حتى يرسل إشارة الاكتفاء، الفرق إذن في: كم نُدخل إلى معداتنا خلالها؟ قد نلحق ضمن هذا الوقت أن نحشوها بطنجرة طبخ، أو نلقّمها بجرعاتٍ مهذَّبة من غذاءٍ متنوع ومتوازن. الأكل السريع واللاهث عادة غير مستحبة، وقد اقترح المختصون في مراقبة السلوك الغذائي وضع مرآة أمام الشخص الشره ليرى بعينيه كم لا يبدو جميلاً!

البطء في المضغ إذن مفتاح الهضم الممتاز والوصول إلى الشبع، ولاحقاً ضبط الوزن. يفضَّل مضغ اللقمة 30 مرة في الفم (جماعة اليوغا يمضغونها 50 مرة). المضغ الجيد ينجز 10- 20% من عملية الهضم؛ لأن الأسنان حينها تطحن الطعام وتمزجه باللعاب وتحولّه إلى هلامٍ طريّ تفككه المعدة بسهولة، ولا نشعر نحن بالثقل بعد الوجبة. والعكس صحيح: البلع السريع يوصل الطعام إلى المعدة على شكل كتلٍ قاسية تربكها وتكلفها بتفتيتها؛ الأمر الذي ليس من اختصاصها، فليس للمعدة أسنان لتطحن بها! وهذا ما يؤخر الهضم ويشعرنا بتلبكٍ معديّ وألم وحرقة. معظم أمراض المعدة ناتجُ عن سوء المضغ، و75% من الصداع، مرضنا جميعاً، منشؤه في المعدة. (معلمتنا حين عرفت أن عند ابنتها قرحة اثنى عشرية أخذت إجازتها السنوية لتشفيها بتنظيم طعامها). بطء المضغ أمرٌ يحتاج إلى تدريب، وأكل الخبز المحمص يساعد على تعلمه.

4ـ حين الإحساس بالجوع خارج أوقات الوجبات لا نأكل فوراً؛ فقد يكون إيحاءً كاذباً؛ نشرب كأس ماء وننتظر ربع ساعة، إن لم يذهب حسّ الجوع خلالها فهذا يعني أن الجسد يطلب غذاء، وسنلبيه.

5ـ لا نتناول الطعام من كيس مباشرة، أو من الطنجرة؛ فهذا سيجعلنا نأكل حتى نأتي على ما فيه كاملاً، بل نضع الكمية التي نريد تناولها في صحن صغير، ونأكلها ببطء.

ختاماً: أتذكَّر الآن؛ قد قرأت عبارةً في مكانٍ ما، لم أعد أذكر أين، أتذكَّر العبارة فقط:

“حصة الإنسان عبر حياته كلها تساوي بضعة أطنانٍ من الطعام، وله مطلق الخيار في أن يصرفها في 50 أو 60 أو 100 سنة…”.

رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=18968

ذات صلة

spot_img