spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

هاني الترك OAM- نعم كان قبلها وإعتذرت له

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM دخلت المواطنة أولغا...

ريما الكلزلي- قراءة في فكر الباحث ماجد الغرباوي

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة ريما الكلزلي تجلّيات التنوّع...

أ.د.عماد شبلاق ـ الشعب يريد تعديل النظام!

مجلة عرب أستراليا- بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق-رئيس الجمعية الأمريكية...

كارين عبد النور- الحسم لـ”الدونكيشوتية” والفرز السياسي في “مهندسي بيروت”

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «ما رأيناه...

أستراليا بلد التكامل الاجتماعي رغم تهديدات التطرف والإرهاب

أستراليا بلد التكامل الاجتماعي رغم تهديدات التطرف والإرهاب بقلم صاحبة...

تعرف على قصه شاب من لبنان ..استراليا تحتضنه ويحصل على تأشيرة العمال المهرة

مجله عرب استراليا – سدني – اس بي اس –أصبح الشالوحي أول عديم الجنسية يحصل على تأشيرة العمال المهرة من أستراليا

 لم تكن 27 عاما قضاها فادي الشالوحي في لبنان كافية ليحصل على الجنسية اللبنانية، رغم أنه وُلد في لبنان لأم لبنانية. ظل فادي حبيس بلد يرفض منحه أي أوراق ثبوتية، حتى تغير عالمه تماما قبل ستة أشهر.

أصبح الشالوحي أول شخص عديم الجنسية يحصل على تأشيرة العمال المهرة في أستراليا، ولأول مرة في حياته يصبح على طريق قد ينتهي بجنسية وجواز سفر وأوراق ثبوتية اعتيادية.

ولد فادي الشالوحي لأب سوري مسلم وأم لبنانية مسيحية. والده كان أحد أفراد المخابرات السورية في لبنان أثناء فترة الوصاية التي انتهت عام 2005. بعد ستة أشهر من ولادة فادي، تخلى والده عنه ورحل عن البلاد دون تسجيل الزواج أو ولادة فادي.

الحياة دون جنسية: “لم أكن موجودا”

كما هو معروف لا يسمح القانون اللبناني للأم بمنح الجنسية اللبنانية لأولادها كما لا يمكن تسجيل الأولاد في حال عدم إثبات الزواج، ما جعل فادي عديم الجنسية أو Stateless.

يصف الشالوحي معاناته كعديم الجنسية في لبنان: ” لم يكن لدي وثيقة ولادة، لا أستطيع أن أحصل على إخراج قيد أو بطاقة هوية كما لا يمكنني التقدم على رخصة قيادة. لا أستطيع أن أفتح حساباً مصرفياً وليس لدي أي وجود قانوني في لبنان”.

هذا يعني أن فادي ليس بإمكانه الحصول على تأمين صحي أو ضمان اجتماعي، كما لا يمكنه السفر، ولا يستطيع فتح حساب مصرفي، كما يشرح:” ليس لدي أي وجود قانوني، إذا قام أحد بقتلي في لبنان هو قانونياً لم يقتل أحد.”

كل خطوة من حياة فادي كانت تتم بصعوبة، بداية من دخوله المدرسة وهو طفل. اضطرت والدته للتوسل إلى الراهبات لكي يسمحوا له بحضور الصف الدراسي بشكل غير نظامي. كانت هذه الطريقة الوحيدة ليحصل الطفل فادي على قدر من التعليم مثل نظرائه، لكن الأمر لم يكن سهلاً: “في كل مرّة كان يأتي المفتّش من الدولة  ليزور المدرسة كنت أختبئ في الحمام أو كانت أمي تأخذني إلى المنزل لأنه كان ممنوع أن يراني في الصف بحيث لم أكن مسجلاً”.

لكن التعليم الذي حصل عليه لم يكن مسجلا في أي مكان، واضطرت الكنيسة المارونيّة للتدخل لكي يُسمح له بأداء امتحاني الشهادة الرسمية: “لم أتمكن من التقديم على الشهادة المتوسطة أو الشهادة الثانوية إلا بأمر من المحكمة الروحية المارونية”.

دخوله الجامعة لم يكن يعني أنه أصبح لديه هوية: “بطاقتي الجامعية كانت هي هويتي وكان  مكتوب عليها: الاسم: فادي / اسم الأب: مجهول / الجنسية: غير محددة / تاريخ الولادة: غير محدد”.

هذه البطاقة سبّبت له مشاكل كبيرة على حواجز الجيش اللبناني التي كانت توقفه لأكثر من سبع ساعات أحياناً: “لم يكن عناصر الجيش يعرفون ماذا يفعلون بيّ، كانوا يظنون أني أكذب لأنهم لا يعرفون من أكون ولا أستطيع لومهم على ذلك”.

طبقا للقانون الدولي، الشخص عديم الجنسية هو ”الشخص الذي لا تعتبره أي دولة مواطناً فيها بمقتضى قوانينها“.

وبحسب منظمة هيومان رايتس واتش فإن القانون اللبناني الحالي يميّز ضد النساء اللبنانيات المتزوجات من أجانب وأطفالهم عبر حرمانهم من الجنسية. أضف إلى ذلك أن لبنان لم يوقع على اتفاقية عام 1961 لتفادي حالات انعدام الجنسية أو اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين.

والدة فادي لم تكن متعلّمة، ولم يكن لديها فكرة عن معنى أن يكون شخص عديم الجنسية: “أمي لم يكن لديها فكرة عن وجود الأمم المتحدة، لذا لم يتم تسجيلي لدى الأمم المتحدة إلا حين أصبح عمري 22 عاما. خلال أول عشرين عاما من حياتي لم أكن أدري ماذا أفعل بنفسي، لم أكن أعرف حتى أني عديم الجنسيّة أو أن هناك شيء اسمه Stateless”.

لا أحد يسمع في لبنان 

لا تصدر الحكومة اللبنانية أرقاما رسمية بخصوص عدد الأشخاص عديمي الجنسية على أرضها، ولكن منظمة “رواد الحقوق” اللبنانية وجدت في دراسة لها عام 2012/2013 إن 73 بالمئة من عديمي الجنسية في لبنان، والذين لا ينحدرون من أصول فلسطينية، يشتركون أن أمهاتهم لبنانيات. وفي دراسة صدرت في 2013، قدّرت المنظمة وجود 60 ألف إلى 80 ألف شخص منعدم الجنسية في لبنان، باستثناء الفلسطينيين والمهاجرين.

فادي الشلوحي حاول حل المشكلة داخل أروقة الدولة اللبنانية: “لم أترك مسؤولاً، لم أترك نائباً، لم أترك وزيراً إلا وزرته مع أمي التي كانت في عمر الخامسة والخمسين و تعاني من مرض السرطان. وقال فادي بمرارة “كانت تتوسل إليهم وتقبل أرجلهم وتقول (سجلولي هالصبي ما عندي غيرو، ما معو أوراق شب عمره عشرون سنة) لكن أحداً لم ينظر إلينا”.

فادي ليس منتمياً لأي حزب في لبنان، لكن كونه مسيحيا مارونيا، جرّب طرق أبواب الأحزاب المسيحية: “لم أترك حزباً مسيحياً إلا ولجأت إليه من التيار الوطني الحر إلى القوات اللبنانية وتيار المرده وصولاً إلى الحزب السوري القومي ولم يخدمني أحد إلا الكنيسة المارونية. وأضاف “ساعدتني الكنيسة على التعلم وأداء الامتحانات الرسمية ودخول الجامعة، غير أن أي حزب مسيحي لبناني لم ينظر إلي مع أنني شاب مسيحي معمّد في الكنيسة المارونية تربّيت في قرية مارونية ووالدتي مارونية”.

وأضاف فادي الشالوحي بغضب: “ما كان بدي مصاري، ما بحياتنا طلبنا مصاري لا أنا ولا أمي، كل شي كان بدنا ياه هو أوراق كان بدنا بس شاب عاش 25 سنة في لبنان أن يحصل على الجنسية اللبنانية، هذا كل ما أردته”.

مسألة السماح للبنانيات بمنح الجنسية لأبنائهن، هي مسألة خلافية ضاربة بجذورها في عمق السياسة اللبنانية والحرب الأهلية. حيث يروّج المعارضون أن هذا من شأنه الإخلال بالتوازن الطائفي في البلد، لو بدأت اللبنانيات المتزوجات من اللاجئين الفلسطينيين بمنح الجنسية لأبنائهن.

وبسبب الضغوط الشعبية اقترح وزير الخارجية جبران باسيل في آذار/ مارس 2018 تعديل قانون الجنسية للاعتراف بحق الأمهات اللبنانيات المتزوجات من أجانب بالمساواة بإعطاء الجنسية لأبنائهن. لكن مشروع القانون استثنى المتزوجات من فلسطينيين أو سوريين.

وفي أيار/ مايو 2018، منح مرسوم، كان الأخير في سلسلة مراسيم تجنيس مثيرة للجدل، الجنسية لأكثر من 400 أجنبي تعود جذورهم إلى لبنان، ما أثار غضب القائمين على حملة المطالبة بالجنسية لأبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب. 

“راسلت الجميع لحل مشكلتي حتى أنجلينا جولي” 

كانت لحظة انفصال فادي عن لبنان، هي وفاة والدته بمرض السرطان عام 2016. آخر ما كان يربطه بالبلد الذي يرفض الاعتراف به انتهى، فبدأ في البحث عن فرص للسفر إلى الخارج. كان فادي يعرف أن ظروفه استثنائية، فلم يكن أمامه إلا المثابرة والاستمرار: “أرسلت أكثر من 1500 ايميل بظرف سنتين تقريبا، من ضمنها رسالة لأنجيلينا جولي”.

وفي عام 2017، تواصل مع منظمة “مواهب بلا حدود” التي تعمل في مجال دعم اللاجئين ولكن بطريقة مبتكرة. تسعى المنظمة إلى إيجاد بلد آمن لاستقبالهم دون الحاجة إلى برامج التأشيرات الإنسانية، بل تسعى لتأمين تأشيرات عمل استنادا إلى مهارات هؤلاء اللاجئين.

جون كاميرون مؤسس المنظمة في أستراليا شرح طريقة عملها: “أول سؤال نطرحه، ما هي مهاراتك؟ لو كان هذا الشخص يملك مهارات تحتاجها شركات في بلدان مثل أستراليا، نقرر العمل معه على الفور بغض النظر عن تعقيد وصعوبة وضعه.”

فادي لديه خبرة خمس سنوات في مجال إدارة المشاريع وشهادة ماجستير في العلوم المالية، كما يتحدث ثلاث لغات هي الفرنسية والإنجليزية إلى جانب اللغة العربية.

وقال كاميرون “لم يكن فادي يواجه المشاكل التقليدية التي تواجه غير من اللاجئين، حيث كان يتحدث الإنجليزية بشكل جيد للغاية كما كان يتمتع بمهارات تجعله مؤهلا للعمل.”

بدأت المنظمة في تقديم فادي إلى عدد من الشركات لترى إن كان هناك اهتمام، كما يشرح كاميرون: “أول خطوة هو إيجاد شركة ترغب في توظيفه ومنحه عرض توظيف مكتوب.” وبالفعل أبدت Accenture للاستشارات رغبتها في إجراء مقابلة وظيفية معه، تبعها ثلاث مقابلات أخرى حتى اقتنعت الشركة أنه أفضل المرشحين وقررت توظيفه.

قال كاميرون مؤسس المنظمة في أستراليا “كانت هذه أول عقبة احتفلنا بتجاوزها، كان الأمر مذهلا، خاصة أنه تم عبر عملية تنافسية عادية.” لكن العقبة الثانية سرعان ما ظهرت: “ثم واجهتنا مشكلة كيف نخرجه من لبنان، كيف نحصل له على بطاقة هوية.” بدأت الجهود التي شاركت فيها منظمة مواهب بلا حدود وشركة Accenture، حيث عمل على قضيته نحو 11 محاميا، وتم إرسال شخصين خصيصا إلى لبنان ليقدما فادي إلى السفير الأسترالي في لبنان ويحصلوا على دعمه.

توصلوا في النهاية إلى أن فادي، رغم أنه ليس فلسطينيا إلا أنه يمكنه الحصول على جواز المرور الذي يُعطى عادة للاجئين الفلسطينيين. فادي، المسيحي الماروني، وجد أن لديه الكثير من القواسم المشتركة معهم، فهو أيضا يعيش في لبنان دون هوية أو بلد يعترف به.

ذات صلة

spot_img