spot_img
spot_imgspot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 47

آخر المقالات

هاني الترك OAM- نعم كان قبلها وإعتذرت له

مجلة عرب أستراليا- بقلم هاني الترك OAM دخلت المواطنة أولغا...

ريما الكلزلي- قراءة في فكر الباحث ماجد الغرباوي

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة ريما الكلزلي تجلّيات التنوّع...

أ.د.عماد شبلاق ـ الشعب يريد تعديل النظام!

مجلة عرب أستراليا- بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق-رئيس الجمعية الأمريكية...

كارين عبد النور- الحسم لـ”الدونكيشوتية” والفرز السياسي في “مهندسي بيروت”

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور «ما رأيناه...

الكاتب علي الموسوي: اسرار الفيزياء الذرية ورياضيات الجو

 

اسرار الفيزياء الذرية ورياضيات الجو لـ”البروفيسور العراقي عبدالجبار عبد الله”

بقلم  الكاتب علي موسى الموسوي

مجلة عرب أستراليا- سيدني- قصاصاته الحبرية المُعتقة، ابحرت بيّ نحو ساعة الزمن الفاخرة، وحملتني بجناحيّ الماضي الذي كان يشبه مزماراً بشرياً نفخت فيه الروح ليتشكل على هيئأةِ كتاب، فبين رفوف هذه المكتبة القديمة التي تجولت بداخلها فتعبقت بكلِ هذا العطر، أستنشقت رائحة العالم العراقي الفذّ عبد الجبار عبد الله (عالم الفيزياء والفلك) وكأن رفوفه كانت تحكي قصص وذكريات الغائبِ عنها بنيابة الحضور حينما يفتح لهم بهدوء نافذة روحه، جعلتني أتمايل معها كما الموج وأرست بي سفنها المؤرشفة نحو حقبةِ “التأريخ”.

علي موسى الموسوي

هذه الرواية التي كُتبت بروح أنسانية وجودية، ونُسجت بلغة مرهفة من حرير، كانت فاتنة بما يكفي لتدفعنا نحو قرائتها بشغف، فهي التي رافقته وتركت عليه أثرا ملموسا منذ طفولته بوصفها الكامل كحياة موازية، وأيضا كان يتوسد تلك الرفوف دفاتر ذكريات مركونة بحاجة لمن يمسح الغبار عن جبينها.

وأيضا تغفو بين هذا وذاك لوحات وتحف تعكس ملامح الثقافة والحضارة في العراق وبعض الصور القديمة الباهتة الألوان واليتيمة المعالم التي اجتاحتها بلا رحمة رياح الشوق وأستولت على ماتبقى منها لدرجة وجدت نفسي محشوراً بين تلك الرفوف القديمة، احاول بصعوبة ان ارتب ذاكرتي وذاتي معها كلما راودني الشعور النادر ان السطور تتنفس وتتحدث وتصرخ ثم تصمت وتتأمل كل هذا الخراب الجميل.

عبد الجبار عبد الله(1911 – 1969) عالم فيزياء عالمي وفلكي عراقي عالمي، وثاني رئيس لـجامعة بغداد، ولد في قلعة صالح بمحافظة ميسان (العمارة) لعائلة عراقية من الطائفة المندائية وتوفى خارج العراق وهو في الثامنة والخمسين من عمره، أكمل دراسته الابتدائيةوالمتوسطة في العمارة ثم انتقل الى بغداد ليواصل دراسته في الاعدادية المركزية عامي (1928 – 1930)ثم انتقل إلى بيروت والولايات المتحدة الأمريكية لاكمال دراسته الجامعية وحصل هناك على شهادة D.Ss في الفيزياء من معهد MIT وهي شهادة علمية لا تمنح الا للعلماء العظماء.

ثم عاد الى العراق وشغل منصب رئيس هيئة الطاقة الذرية العراقية عام 1958 ثم اصبح رئيسا لجامعة بغداد مابين عام 1959الى عام 1963 حيث أقيل من منصبه وأعتقل، ثم غادر العراق إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد مضايقات له وإتهامه بالانتماء إلى تيارات يسارية وهو ما كان محظوراً آنذاك.

وبالنظر الى مستوى عبد الجبار عبدالله العلمي المتفوق تعاقدت معه الجامعة الامريكية التي تخرج فيها ليكون احد تدريسيها في قسم الارصاد الجوي للسنوات 1946 حتى 1949 وبمرتبة استاذ مساعد، ثم اشترك مع العالم الالماني (فون براون) في اكتشاف اسرار القنبلة الذرية في منتصف اربعينات القرن الماضي و تطوير علم وهندسة الصواريخ.

وما يؤكد ذلك اختياره مع خمسة من المتميزين خلال مدة الدراسة العليا في الولايات المتحدة للعمل في مكان سري للغاية لمدة سنة ونصف السنة اثناء الحرب العالمية الثانية وكان نتيجة ذلك ان الرئيس الامريكي (هاري ترومان)  قلده بـ (مفتاح العلم) الذي كان يمنح لكبار العلماء المتميزين في عطاءاتهم العلمية.

احتل العالم الكبير عبدالجبار عبدالله مكانته الطبيعية بين مشاهير العلماء في العالم، ودخل اسمه في اكبر المعاجم العلمية العالمية، كرس كل حياته وطاقاته الابداعية ومؤهلاته الاكاديمية وسمعته العلمية العالية النادرة في سبيل رقي شعبه ورفع اسم وطنه الذي نبذه وأجبره ان يرحل بعيدا عنه.

كان يملك كل ادوات تخاطب الشعوب لغوياً حيث يجيد إضافة إلى العربية والآرامية اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية، له العديد من النظريات العلمية وخصوصاً في مجال الأنواء الجوية حيث ينسب له الفضل الكبير في العديد من الأعمال الخاصة بفرع الأعاصير والزوابع من فيزياء الجو، علماً ان انجازاته العلمية والثقافية كبيرة في حقل اختصاصه حيث جمع بين فيزياء الجو والرياضيات العالية جدا.

نشر اكثر من ثلاثين بحثاً عالمياً في المجلات العلمية الكبرى المرموقة في امريكا واوروبا باللغة الانكليزية وله العديد من المؤلفات في مجال الفيزياء والعلوم باللغة العربية، توفي عبد الجبار عبد الله في اليوم التاسع من تموز عام 1969 في الولايات المتحدة الامريكية، وتم نقل جثمانه الى العراق وفي 13 تموز جرى له تشيع مهيب الى مثواه الاخير في مقبرة عائلته في ابي غريب بناء على وصيته.

نعاه صديقه وقريبة الشاعر العراقي الراحل عبد الرزاق عبد الواحد بقصيدة قال فيها:

قالوا وأنت تموتُ كـانت مقلتاك تُرفـرفانِ

كحمامتين غريقتينِ عن العمـارة تبحثــانِ

وبقيتَ حتى أخرِ الأنفاسِ تلهج في حـــنانِ

لو نسمةٌ هبت بقلعـةِ صالـحٍ لك بالأمــان!

لو نهرُها ناداك أخرَ مرةِ والشّـاطئانِ

لو طوقاكَ فنمت في حُضنيهما والفجـرُ دانٍ

فترى إلى شمسِ العراقِ ومقلتاك تحــدرانِ

مشوبة هي في المياهِ وأنتَ مشوبُ المحـاني.

رابط مختصر:https://arabsaustralia.com/?p=8699

ذات صلة

spot_img