كتبت آسيا الموسوي- عضوه في مجله عرب استراليا – هوبارت
مجله عرب استراليا – سدني – الدهشة الأولى, الحدث الأول الذي سيثير دهشتك و الذي سيأسس حياتك على مبدأ إنتظار الأشياء و الأحداث و ترقبها, لتعيش بذلك الإحساس من جديد, مرة تلو الأخرى , اللمسة الأولى, القبلة الأولى, النظرة الأولى التي تلقيها على مولودك الجديد , المرة الأولى التي تزور فيها بلداً حلمت لسنوات بزيارته, شخص انتظرته طويلا , حتى في أبسط الأشياء كإنتظار هدية .
هي المرة الأولى التي يستعجلها الكثيرون بدون معرفتهم ان لا رجعة بعد هذه المرة, ستفقد دهشتك رويدا رويدا, ستبدأ الأمور تبدو مألوفة بالنسبة لك , و مع تآلفك مع ما انتظرته طويلا, ستفقد المتعة المرجوة.
المرة الأولى التي تسافر فيها,و التي تركب الطائرة فيها, مع البلد الأول الذي تطأه قدمك ستبدو باقي الدول التي ستزورها لاحقا مألوفة , فهذه الكنيسة رأيتها من قبل و ذاك التمثال رأيت شبيهه في زيارتك الأولى و قدماك خطتا طريقا مماثلا للطريق الذي ستمشيه في أي بلد لاحق, و بعد المرة الأولى التي تركب فيها الطائرة سيتلاشى خوفك تدريجيا, لتفقد ذلك الخوف الممتع و يحل مكانه ما هو متوقع.
المرة الأولى التي ترى فيها طفلك الذي طال انتظاره, من بعد أول نظرة رويداً رويداً ستصبح ملامحه مألوفة , ستحفظ تفاصيله عن غيب, لتراه و أنت مغمض العينين, ستتأمل اليدين و القدمين المتناهيتا الصغر لأشهر ستنتهي بعد حين, لان طفلك الصغير لن يبقى صغيراً للأبد.
و مع خروج تلك الكلمات الأولى التي طال انتظارك لها يتلاشى ترقبك لتصبح الكلمات اللاحقة أمراً متوقعا و كلماته التي تحولت الى جمل لن تثير دهشتك و خطواته التي تلي الخطوات الأولى ستتحول لخطوات ثابتة لن تصفق لها مثل الخطوة الاولى, و ما هو مرجو و مأمول سيتحول الى أمر مفروغ منه و واقع ثابت.
اللمسة الأولى التي لطالما نسجت حولها الفانتازيا الرومانسية في مخيلتك, تخيلتها آلاف المرات قبل أن تأتي المرة الأولى لتأتي بعدها مرات كثيرة ستتعجب من نفسك و من التخيلات التي رسمتها , ستبدو لك أقل من عادية بعد أن تحصل عليها، و تفقد المعاني الرومانسية.
الاغنية التي سمعتها لأول مرة و أسرت عقلك و قلبك, ستغير المحطة عندما تسمعها بعد عدة مرات, و الأكلة التي تذوقتها و شعرت أن مذاقها رائع, لن تأكلها بعد بضعة مرات, و قطعة الثياب التي ادخرت ثمنها على مدى أسابيع ستفقد رونقها بعد أن تضعها في خزانتك و هاتفك الذي دفعت فيه مئات الدولارت سترميه أينما كان بعد أن كنت تحمله بحذر.
هكذا هي الحياة محطات متلاحقة, محطة أولى و من بعدها تتوالى المحطات من دون انتباه, تحكمنا “المرة الأولى” لنقوم بأشياء لم نتخيل اننا سنقوم بها يوماً, فقط لنثبت لنفسنا أننا قادرين و جربنا.
رابط مختصلر ….https://arabsaustralia.com/?p=3391