مجلة عرب أستراليا سيدني
بقلم أ.د.عماد وليد شبلاق رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
تذهب إلى منطقه بيرود (Burwood) أو تشاس ود (Chatswood) أو حتى إيست ود (Eastwood ) (وربما كان الود مشتركا بينهم) وجميعهم في ولاية نيو ساوث ويلز أو تحديداً في مدينة سدني الكبرى عاصمة الولاية لوجدت التكتل (الصيني– الأسترالي) موجوداً وبأغلبية واضحة أما إذا ما ذهبت غربا إلى بانكستاون ( Bankstown وتنسب للسيد بانكس) وجرين أيكر ( Greenacre ) لوجدت التكتل (العربي اللبناني– الأسترالي) متركزاً هناك ،وإذا ما ذهبت إلى لاكمبا (Lakemba ) فقد تشتم رائحة الكاري والبرياني من على مدخل– هاليدين ستريت – وعندها تدرك بأنك دخلت الحدود البنغالية الهندية, حيث التكتل (الأسيوي–الأسترالي) أما غربا فهناك التكتل (العربي العراقي– الأسترالي) في منطقه فيرفيلد وهناك التكتل (الفيتنامي– الأسترالي) في كبراماتا( Cabramatta )وهناك حتى آخر القائمة للتعددية الثقافية والحضارية والاجتماعية في المجتمع الأسترالي الحديث.
ما قادني اليوم لهذه المقدمة ما تذكرت قراءته في السابق وأكرره اليوم وهو ما نشر في صحيفة التلغراف العربية (الصفحة 4 من عدد الأربعاء 23 آذار 2022) وتحت عنوان– خطة لجعل سدني مدينة عالميه قوية! وجاء في الخبر أنّ وزير التعددية الحضارية(مارك كوري) حثّ الأستراليين على تعلم لغة ثانية حتى تصبح أستراليا مدينة عالمية قوية… إذ فشلت نيو ساوث ويلز (والكلام له) الاستفادة من التعددية الحضارية من سكانها ويجب تعلم اللغة الثانية كأولوية من خلال تعلم لغة ثانية….. وطلب الوزير من وزيرة التعليم (ساره ميتشن) وضع قضية تعليم اللغة الثانية في المناهج التعليمية.. والى آخر الخبر.
وحقيقة الأمر أنّ موضوع التعددية الحضارية أو الثقافية هذا ما هو إلا وهم أو خيال أو حتى خداع ، قام السياسيون ومن جميع الأحزاب باستخدامه لدغدغة مشاعر المهاجرين من أسيويين وعرب وأفارقه لتخفيف شدة الخلافات العرقية والعنصرية بين الجنس الأوروبي وما عداهم من عرقيات أخرى قطنت القارة الأسترالية واليوم (17 آذار 2023 ) (وعلى صحيفة الأنوار والتابعة لنفس المؤسسة الإعلامية أعلاه) طرح الموضوع نفسه وعلى الصفحة الأولى وبعنوان ” حكومة نيو ساوث ويلز تشجع على تعلّم اللغات من أجل مستقبل أفضل ” وكأن لسان الحال هو تذكير لأجندة السياسين السنوية وقد تكون أحلام انتخابيه أو لمآرب أخرى لا نعلمها.
ما نعلمه تماماً ونشاهده يومياً في أستراليا هو التكتلات العرقية المتعصبة والوساطات بين الأصدقاء والمعارف وكل منحاز إلى عرقيته ولغته ودينه، فالهندي يميل لمساعده أبناء جنسه والصيني لا يوظف في بنكه أو متجره إلا من يتقن لغة الماندرين أو الكانتونيز ،ونفس الشيء بالنسبة للإيراني واليوناني والصربي والأفغاني ولم تعد اللغة الثانية ولا حتى الثالثة تجدي، فلا تعرف أين تسكن وماهي التكتلات الموجودة هناك وقد أحسّ المسؤولين ومتخذي القرار بفشل مشروع التوظيف الواسع نتيجة تعلّم اللغات. فقد اتضح أنّ هناك أكثر من 150 لغة حية يتم تداولها في أستراليا وما نشاهده اليوم في بعض أقسام القطاع العام من توظيف لطيف أو شريحة معينه من مختلف ألوان المهاجرين ما هو إلا لعبة محكمة لإيهام الناس بعدالة الاختيار والشعارات البرّاقة للنزاهة والشفافية والمساواة بالإضافة للدعاية الإعلامية وربما الانتخابية !
والله المستعان.
رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=28462