مجلة عرب أستراليا سيدني
بين متنكر ومفتخر بلبنانيته
بقلم هاني الترك Oam
نشرت الدايلي التلغراف ملحقاً في مجلة تحوي إسماء أقوى مئة شخصية في نيو ساوث ويلز.. ومن ضمنهم ثلاث شخصيات من جذور لبنانية.. والرابع إحترت في أمره.. إسم عائلته معلوف.. وهو ملياردير معروف في أستراليا.. فهل هو لبناني الأصل أم لا؟ أجريت إتصالاتي مع أصدقاء استراليين مثقفين .. لعلهم يعرفون عنه.. وقالوا لي انه يخفي جذوره.. لهذا قررت ألا أكتب عنه.
وما أثلج صدري أنني قرأت كتاباً الأسبوع الماضي صدر حديثاً لمواطن استرالي لبناني الأصل يعتز بجذوره اللبنانية.. إسمه ديفيد براون.. والكتاب من صياغة المؤرخ الاسترالي الكبير البروفيسور ريتشارد بروم.. ويحمل عنوان «الأرز ينمو» – “As Cedars Grow”.. وعلى غلافه صورة لشجرة الأرز. ومن شدة تعلقه بلبنان فقد قام ديفيد بزيارة لبنان عام 2018 وبالتحديد إلى ضيعة بان التي هاجر جدّاه منها عام 1925 الى استراليا.
يحكي الكتاب السيرة الذاتية لعائلة بعيني.. ويسرد إنطبعاته وأفكاره عن لبنان وعن ضيعته بان. يستعرض حياة جدَّيه في ضيعة بان.. حيث حررت القوات الاسترالية مع الحلفاء لبنان من الإستعمار التركي سنة 1918.. ولماذا هاجرا الى استراليا.. وغادرا لبنان.. وهما الجدّان «أنطوني طنوس» و»ألما بعيني» بحثاً عن حياة إقتصادية أفضل.. مع طفليهما وشعرا بقسوة الغربة في استراليا وبعائق اللغة الإنكليزية.
يحكي الكتاب قصة حياتهم الجديدة في استراليا.. إذ كان اللبنانيون يُصنّفون بالسوريين والأجانب في المجتمع الاسترالي. فكان 95% من سكان استراليا هم من التراث البريطاني. سكن أنطوان وألما في منطقة ردفرن والمناطق المحيطة بها مثل الساري هيل.. وكانت تُسمى تلك المنطقة بسوريا الصغرى.
أُسست كنيسة سانت مارون للموارنة الكاثوليك عام 1894. إنتقل بعذ ذلك الجدّان الى منطقة Thornleigh.. إقترضوا من البنك بعض المال لشراء قطع أراضي في تلك المنطقة.. فإن التقليد اللبناني هو الإعتزاز بملكية الأرض والمنزل.. في زمن الكساد الكبير إذ بلغت نسبة البطالة في استراليا آنذاك 25%. حصلا على الجنسية البريطانية عام 1932.. إذ لم تكن هناك جنسية استرالية الى ان صدر قانون الجنسية عام 1947.. وتجنسا بالجنسية الاسترالية عام 1979. كان الأب أنطوني يشجع أولاده على التعليم والإنخراط مع المجتمع الاسترالي مع عدم الذوبان خارج تراثهم اللبناني.
إبنته ماري براون – والدة ديفيد التي تزوجت من جندي أسترالي هو فرانك براون.. كانت ماري تمارس التقاليد اللبنانية مثل الطعام والأعياد وغيرها من المناسبات. كان الجدّان وأولادهم يتكفلون بقدوم اللبنانيين الى أستراليا وكانوا يستقبلونهم في أستراليا في منطقة السيركولر كِيِ.. ويقيمون معهم إلى أن يتمكنوا على العثور على مسكن. نما عدد المهاجرين اللبنانيين من ضيعة بان.. وخصوصاً الموارنة الكاثوليك.. وإستقروا في منطقة ثورنلي شمال غرب سيدني.. حتى وصل عددهم إلى الآلاف. في تلك المناطق يعرف الجميع ماري براون وعملها التطوعي نحو اللبنانيين الجدد والقدامى.. فقد كانت إمرأة عظيمة..
وكان الجد يعتقد أنّ جنة عدن في لبنان.. حتى أنّ سانت باتريك كان لبنانياً. الكثير من أبناء بان يعرفون أنطوني وألما وماري.. وعمَل ماري في المساعدة.. ويقولون عنها رحمها الله فقد كانت عطوفة ومثقفة ومخلصة.. وقالوا عنها انها أسطورة. ويشمل الكتاب فصولاً عن العائلة التليدة حيث أنبتت شخصيات في المهن الرفيعة لأبنائها مثل الطب والهندسة والقانون الى آخره.
ويتحدث الكتاب أيضاً عن شجرة العائلة مع صور كثيرة مع فهرس مستقيم عن كل ما يتعلق بالعائلة حتى العائلة الممتدة. إن كتاب براون يجب ان يحتفظ به كل لبناني على رفوف مكتبته ويقرأه.. فهو فخر لخلود لبنان وعظمة استراليا. وكما يقول ديفيد: «لقد بدأت أبحث عن جذوري وسافرت الى لبنان وتعلمت أثناء رحلتي الى لبنان المعلومات عن عائلتي وضيعتي ولبنان.. وعرفت قوة الثقافة الذاتية وقوة العاطفة في المساعدة».
وأنا قرأت الكتاب وتمتعت به.. أنا إبن فلسطين المتألمة ولبنان الخالد وأستراليا العظمى.
نشر في جريدة التلغراف الأسترالية
رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=30478