مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM
احتفلت جمعية غزة – أستراليا بعيد القيامة المجيد وذكرى الأنزاك، وذلك خصيصًا للاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا إلى أستراليا. وكما نعلم، فإن غزة تشهد حرب إبادة جماعية، لم يسبقها في التاريخ الحديث سوى مذبحة الأرمن التي راح ضحيتها من المدنيين مليون ونصف أرمني، ومحرقة اليهود (الهولوكوست) على يد هتلر.
حضر الحفل عدد كبير من الغزّاوِيّين القدامى والجدد الذين نجوا من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة. ومن الحضور، نيابة عن صحيفة التلغراف الزميل هاني الترك، والإعلامية من إذاعة تو إم إي وشبكة الإعلام إلهام حافظ، وأمين سر منظمة فتح – فرع أستراليا، ورئيس اتحاد عمال فلسطين بشير صوالحة.
افتتح الحفل رئيس جمعية غزة أستراليا رامي شاهين وسكرتيرة الجمعية ميريان سابا باللغتين العربية والإنجليزية. وقالت ميريان: إننا نحتفل بعيد الفصح المجيد والأنزاك، حيث نعمل سويًا من أجل مساعدة الغزّاويين الجدد.
وقال رامي: إننا نتشارك الاحتفال بعيد القيامة المجيد، حيث وُلِد السيد المسيح في مزود متواضع في بيت لحم، وصُلب وتألم، وقام في اليوم الثالث بعد صلبه.
وغزة تعاني من حرب الإبادة وتشهد عدوانًا ظالمًا على الفلسطينيين. فنحن شعب يرفض أن يُهزم، ونتذكر الشهداء الذين سقطوا في الإبادة الجماعية، وننادي في عيد القيامة بالسلام والعدالة. ونتذكر أيضًا ضحايا الأنزاك الأستراليين، ونشكر أستراليا التي أحضرت بعض الغزّاويين الذين تمكنوا من الفرار من غزة والنزوح إلى أستراليا. ونحن نقدم لهم المساعدة، ونشكر أستراليا حكومةً وشعبًا الذين استقبلوهم. وكما يقول هاني الترك لأستراليا: “أنا أحبكِ إنسانًا يمسح جرح الإنسان”.
وكانت الكلمة التالية باللغة العربية لهاني الترك، وترجمتها وألقتها بالإنجليزية ميريان سابا، وهذا نصها:
المسيح قام، حقًا قام.
أنا ونحن من غزة والضفة الغربية، مسيحيون دينًا، ومسلمون وطنًا، لأن الإسلام دين وثقافة.
أنا من غزة، وقد مضى على إقامتي في أستراليا 55 سنة. ومسرور جدًا بلقائكم ونجاتكم من حرب الإبادة، وبالنيابة عن الجالية الفلسطينية في أستراليا، أرحب بالفلسطينيين الجدد. فقد عاصرتم الأهوال من حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة البطلة، بأسلحة غير متكافئة إطلاقًا. رحم الله الشهداء من الأطفال والنساء والرجال المدنيين الذين سقطوا في حرب الإبادة على بلدي غزة. أنتم الآن أستراليون فلسطينيون.
اليوم هو الأنزاك، أهم يوم في تاريخ أستراليا. ويجب أن نعرف عن موطننا الجديد أستراليا، نندمج فيه، مع عدم الذوبان، حتى نحافظ على جذورنا الفلسطينية. وقصة الأنزاك طويلة ودامية، واخترت لكم هذه الليلة نبذة عن الأنزاك وغزة وبئر السبع، إذ أن لنا نحن الفلسطينيين مع أستراليا تاريخًا مشتركًا:
اندلعت عام 1914 الحرب العالمية الأولى، شاركت فيها أستراليا مع الحلفاء. كانت قيادة القوات الأسترالية والنيوزيلندية تقيم في فندق شبرد في القاهرة. أطلق الضابطان الأستراليان على الطرود التي يستلمها الجنود الأستراليون في الفندق ويكتبان عليها ANZAC، وهي مختصرة من فيلق الجيش الأسترالي والنيوزيلندي.
حاولت قوات الفيلق الاستيلاء على شبه جزيرة غاليبولي في تركيا، انهالت النيران على السفن الأسترالية التي وصلت الشاطئ بتاريخ 15 أبريل/نيسان 1915، وتحولت مياه الشاطئ إلى اللون الأحمر من كثرة دماء الجنود الأستراليين والنيوزيلنديين. وانسحبت جنود الفيلق بعدما انهزمت.
عام 1917، أثناء الحرب، أطلق وزير الخارجية البريطاني وعد بلفور المشؤوم. كانت غزة وفلسطين تحت الحكم العثماني. توجهت القوات الأسترالية إلى غزة، وفشلت في دخولها. وحاولت مرة ثانية دخولها وفشلت أيضًا.
توجهت بعد ذلك القوات الأسترالية إلى بئر السبع، وجرت معركة على الخيل بين القوات الأسترالية والجنود العثمانيين، حيث تمكنت القوات الأسترالية من الوصول إلى مياه الأنهار قبل أن تسممها القوات العثمانية. قُتل في المعركة 97 جنديًا أستراليًا، ومن بينهم الجنود الأبوريجينيون.
تقول المؤرخة البريطانية الليدي جيل هاملتون في كتابها “First To Damascus” إن القوات الأسترالية دخلت بعد ذلك إلى غزة بعد انتصارها في بئر السبع، ثم زحفت بعد ذلك إلى لبنان وسوريا وحررتهما من الاستعمار التركي، وثأرت بذلك من تركيا بعد انهزامها في معركة غاليبولي، قبل دخول لورانس والقوات البريطانية وفرنسا والعرب، وأسرت في طريقها 40 ألف جندي عثماني.
شاركت القوات الأسترالية في الحرب العالمية الثانية عام 1939 التي خاضتها أستراليا في معركة العلمين في مصر وطبرق في ليبيا.
فاسم الأنزاك يُطلق على كل الحروب التي خاضتها أستراليا، مع أنها في الأساس كانت معركة غاليبولي. والآن، إسرائيل دمّرت غزة في حرب غير متكافئة من الناحية العسكرية. نرجو من الله أن يعطف على البشرية وتنتهي الحروب، ويعم السلام والمحبة في بلدنا فلسطين المقدسة والعالم.
نشر في جريدة التلغراف الأسترالية
رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=41971