مجلة عرب أستراليا سدني- الانزاك والعرب
بقلم الكاتب هاني الترك OAM
تحيي استراليا يوم الاثنين المقبل ذكرى «الانزاك».. وبهذه المناسبة استعرض الانزاك والعرب: في عام ١٩١٤ اندلعت الحرب العالمية الأولى.. ساهمت استراليا في الحرب مع مجموعة من دول الحلفاء.. انطلاقاً من انها كانت تابعة للتاج البريطاني.. أرسلت قواتها الى شاطئ «غالبولي» في تركيا عام ١٩١٥.. في فندق «شيبرد» في القاهرة حيث تمركزت القوات الأسترالية والنيوزلندية.. قبل ان تبدأ معركة «غالبولي» بأيام.. فكان موظف استلام التموين يكتب على الصناديق المشحونة اسم «فيلق الجيش الأسترالي النيوزلندي».. ومن هنا اشتقت كلمة «انزاك».. فلما كان الاسم طويلاً ومن الصعب استعماله كاملاً في المستندات والبرقيات والشفرة.. صنع ضابطان في الفندق ختماً مطاطياً يحمل اسم «ANZAC» إشارة للفيلق.. وبعد هزيمة جنود الحلفاء في تركيا في «غالبولي» أصبحت تلك المعركة تسمى بـ«الانزاك».. وهي ترمز ايضاً الى المعارك الأخرى التي خاضتها استراليا خارج حدودها.
وكانت القوات الأسترالية مع جيوش الحلفاء تدافع عن مصر وقناة السويس.. والقوات الأسترالية بالذات منعت الاتراك من دخول مصر.. ودخلت جيوش الحلفاء عبر سيناء واحتلت مدينة غزة بفرق المشاة المسلحة والفرسان والجمال واجبرت القوات التركية على الفرار.. تابعت القوات الأسترالية زحفها الى مدينة «بئر السبع» في فلسطين ودارت معركة بين قوات الخيالة الأسترالية والأتراك وهزمت القوات التركية.. واحتلت بعد ذلك الخليل والقدس مع القوات البريطانية باقي فلسطين عام ١٩١٨.. ورغم ان عدد جنود الاتراك كان يفوق عدد جنود الحلفاء الا ان عدداً قليلاً من الاستراليين قتل في معارك فلسطين.
واحتلت قوات الحلفاء امارة شرق الأردن وعمان السلط واريحا واتجهت الى دمشق وبعلبك وحمص وحماة وحلب وطرابلس حتى بيروت والعراق والخليج العربي.
وكان «الأمير فيصل» في الحجاز قد عقد اتفاقية مع الحلفاء على ان يقوم بمساعدتهم وينصبوه ملكاً على دولة سوريا الكبرى.. وهي سوريا وفلسطين ولبنان وامارة شرق الأردن والعراق.. الا ان السوريين رفضوه وأصبح ملكاً على العراق وشقيقه «الأمير عبد الله» اميراً على امارة شرق الأردن.. وبعد انتهاء الحرب في انتصار الحلفاء قسم الحلفاء البلاد العربية لتحكمها فرنسا وبريطانيا.. على ان تحصل بريطانيا على العراق والأردن وفلسطين ومصر.. وتصبح سوريا ولبنان تحت الحكم الفرنسي.
ففي الحرب العالمية الثانية التي تشير الى (الانزاك) ايضاً اشتركت القوات الأسترالية في معركة العلمين في مصر وهي اهم معركة في التاريخ الحديث والتي حسمت الحرب العالمية الثانية لصالح الحلفاء ضد دول المحور.. اذ التقى على ارض العلمين (٢٦٥٫٠٠٠) جندي من الحلفاء حاربوا جيوشاً من إيطاليا وألمانيا وغيرها من دول المحور.
وكعادتها في الحروب الكبرى كانت القوات الأسترالية تحارب في الخطوط الامامية في مقدمة جميع الجيوش لسبيين:
اولاً: ان بريطانيا لن تضحي بجنودها في المقدمة لان الخسائر فادحة بالأرواح.
ثانياً: ان الجندي الأسترالي معروف بصلابته وشجاعته وقوة احتماله في الحروب وقد اثبتت التجارب صحة هذه الحقيقة.
ومعركة «طبرق» في ليبيا خاضها الاستراليون وتحملوا اهوالها في الحرب العالمية الثانية.. ففي نيسان عام (١٩٤١) حصن ما يقارب (٣٠٫٠٠٠) جندي استرالي مواقعهم في ميناء «طبرق» و«بنغازي» في ليبيا ضد القوات الألمانية والإيطالية التي حاصرتهم لمدة سبعة أشهر كاملة.. في محاولة للاستيلاء على الميناء لما له من أهمية استراتيجية للسيطرة على الشرق الأوسط وشمال افريقيا.. وقد قطعت في ذلك الوقت قوات المحور جميع وسائل المواصلات عن القوات الأسترالية المحاصرة والمعزولة عن العالم الخارجي الا بطريق واحد هو ميناء البحر.. وتحت القصف المتواصل دافع الاستراليون عن الموقع باستماته فريدة وبطولة نادرة.. وكان مبدأهم هو عدم الاستسلام لقوات المحور مهما كانت التضحيات والخسائر.
لقي اثناء الحصار الرهيب (٤٫٠٠٠) جندي استرالي مصرعهم وسقط كثير من الجرحى.. وأطلقت عليهم قوات المحور اسم «جرذان طبرق» وذلك لان قوات المحور كانت توجه اذاعتها إليهم باللغة الإنكليزية طوال مدة الحصار بالقول: «أيها الجرذان عودوا الى جحوركم لان القصف سيستمر».. وقد دخل اسم «جرذان طبرق» التاريخ منذ تلك اللحظة وأصبح متداولاً استعماله ويدل على البطولة والقسوة وعدم الاستسلام.
وفي لبنان وسوريا شارك الجنود الاستراليون مع جيوش بريطانيا والهند وقوات فرنسا الحرة ضد قوات (فيشي» الفرنسية التي كانت حليفة لألمانيا في سوريا ولبنان.. وكانت قوات «فيشي» الفرنسية قد عبرت نهر «الليطاني».. الا ان الفيلق الأسترالي تمكن من صدها والدفاع عن لبنان في معركة «مرج عيون».. ومنعت قوات المحور من دخول فلسطين.. وفتحت دمشق وبلغ عدد القوات الأسترالية هناك (١٦٫٠٠٠) جندي قتل منهم (٤١٦) جندياً.
نشر في جريدة التلغراف الاسترالية
رابط مختصر –https://arabsaustralia.com/?p=23099