spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

روني عبد النور ـ عن غزو الفضاء وتحدّياته الجسدية والنفسية

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الكاتب روني عبد النور أطلقت...

هاني الترك OAMـ أستراليا الحائرة بين أميركا والصين  

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM أثنت الصحيفة...

صرخة تحت الركام: حكاية نازح لبناني صحا ليجد أحلامه أنقاضاً

مجلة عرب أستراليا ـ صرخة تحت الركام: حكاية نازح...

منير الحردول ـ المدارس في العالم العربي بين تعليم التربية وتربية التعليم

مجلة عرب أستراليا سيدني- المدارس في العالم العربي بين تعليم التربية وتربية التعليممنير الحردول

بقلم منير الحردول

المدرسة ليست هي الارتباط بالنجاح في الامتحانات، أو الانتقال عبر الأسلاك والمستويات، وإنما هي الوعي وإدراك قيمة الشيء، والقدرة على تكييف السلوك، حسب الوضعيات والمواقف المختلفة، والمتنوعة التي تواجه الإنسان طيلة حياته، الخاصة والعامة، الوظيفية والأسرية.

مع نكران الذات، وعدم الاعتداء على الغير، والجد، والاحترام، والابتعاد عن نهب أموال الناس وهكذا دواليك.

ولعل إصلاح الامتحانات الإشهارية، للابتدائي والإعدادي في أفق الوصول لامتحانات الباكالوريا، قد ييسر طرق التدريس، ويساهم في إعادة الوعي بالحقوق والواجبات للسكة الصحيحة، وضمان الانتقال السلسل الهادئ بين المستويات، مما يؤدي لا محالة إلى ترسيخ الانضباط، ويساهم في لجم الانفلات الأخلاقي ويقلص بعض أشكال الهدر المدرسي، ويحد من النفور النفسي من مصطلح المدرسة!

ومن تم يساهم هذا الانخراط الجماعي، في أجراه المعرفة الأكاديمية سلوكيا، وليس نظريا كما هو عليه الحال الآن، عبر التعليم العالي الميسر، وليس المعسر، وهو بالتأكيد من الأشكال التي تدفع باتجاه التدرج القيمي التربوي، من خلال ترسيخ القيم المدرسية المتنوعة، سلوكيا ووقعي، وليس إشهاريا وورقيا، بنقط قد تكون مناقضة تماما مع الجانب التربوي المعاملاتي للتلميذ(ة) أو الطالب(ة)، أمام الذات والأسرة والمجتمع والدولة ككل، أو مع الأصدقاء والأقارب والجيران والزوجة وغير ذلك.

ومن هنا، فالوصول إلى إدراك أهمية التعلم المربي، وقيمة النجاح الأخلاقي التربوي والمعرفي في المستويات العليا، هو السبيل الحقيقي للرقي الاجتماعي، والنجاح التنموي، من خلال إسناد المهام للأخلاق أولا وأخيرا، أخلاق عنوانها الصدق في كل شيء، والالتزام بالأمانة، وعدم التحايل على الضعفاء، وتجنب نهش أعراض الناس، وتحمل المسؤولية في الأخطاء، والاعتراف بها قبل فضحها من قبل وسائل الإعلام، وترجمة ذلك إجرائيا وليس نظريا. فمطابقة الأقوال مع الأفعال نجاح للجميع دون استثناء، وليس كما هو الحال حاليا، حيث يغلب الشحن المعرفي والزمني الذي خلق عاهات في نظامنا التربوي ككل، لتتوالى الإصلاحات ولا زالت ولا ندري كيف ستكون نتائجها مستقبلا.

إذ أصبح الكل يشهد ويندهش من ردود فعل المراهقين والرجال والنساء! ، والنتائج وطرق ردود الفعل والسلوكان العامة، الصادرة عن خريجي المدارس والجامعات، تشهد على التناقضات الصارخة، بين المعرفة والأجرأة الفعلية لتلك المعارف الملقنة، داخل مؤسسات التعليم المختلفة.

ولعل الانحرافات والتقليد، ومحاولة الوصول قبل الوصول! والرغبة في تحقيق كل شيء بلا شي! وتفشي مظاهر الاتكالية، والخداع والغش، والتطبيع مع الكذب لقضاء الأغراض، والاضرار بالبيئة والاستهزاء بالأوطان والسب والشتم، وغياب التكافل والوقار، وعدم الاحترام الواجب اتجاه الغير والأسرة والجار، بل وصل هذا النوع من الانحرافات لدرجات عليا! من خلال سب المؤسسات ورموز الدول في مواقع التواصل الاجتماعي، دون مراعاة لقواعد الدين أو الأخوة الإنسانية، ودون خجل.

والمظاهر التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام خير دليل على أن هناك أزمة وانحراف، وانهيار كبير في القيم المرتبطة بالانضباط، فها هم البعض ممن يتلقون العلاج في المستشفيات من الوباء، يرقصون ويتمردون على الأطقم الطبية والتمريضية، ويدعون أنهم تركوا جوعى وما هم بجوعى، وظاهرة سرقة المستشفيات من قبل المرضى يستحيي منها الضمير ولا أحد قادر على الوقوف على تحليل انحرافها! فها هو الاغتصاب والكبت في كل شيء، وللحديث بقية في مقالات لاحقة!

بل تحول ذلك، عند البعض إلى بطولة، يتباهى بها الشخص، كي يحصل على نسب كبيرة من المشاهدة أو الإعجاب التافه في وسائل التواصل الاجتماعي، الذي برهن على تفاهة صاحبه وأصحابه.فالتعثر في نهاية المطاف لا يعني الفشل كما تصوره التمثلات الراسخة لمن يدعون المعرفة الزائدة، إذ إن المعرفة تقاس دائما وأبدا بالإبداع المرتبط بالمهارات المتنوعة، وليس الحفظ والترتيل والتقليد النقلي.

المدرسة بتركيزها فقط على الامتحانات الإشهارية تمنع الليونة، وتشجع على إقصاء من يبرعون في مهن أخرى. فالمدرسة أصلا هي قيمة، تنتج القيم والقيم المضادة، وقد تكون مؤثرة وقد تتأثر هي نفسها بعولمة جارفة، وشارع متناقض أو أسر غير مبالية لأبنائها، أو إعلام تتحكم فيه أقلام تكن العداء لعقدة اسمها المدرسة! ربما لا زمت أصحابها طيلة حياتهم الدراسية المهنية.

ولعل إلغاء الامتحانات الإشهارية في الابتدائي والإعدادي وتقليص الزمن المدرسي، الممل بكثافة مواده، وضغوطه المستمرة على البنية النفسية والجسدية للناشئة، قد يقلص من ظاهرة الهدر المدرسي كذلك!

النتائج عبرة والدليل واضح على مستوى الترجمة الفعلية لقيم المعرفة على سلوك التربية .فلا الجهل توقف، ولا الرشوة تقلصت، ولا العنف انحدر ولا الاحترام استقام، ولا الأخوة سادت، فأصبحت قيم المدرسة المغربية في واد، في مقابل المعرفة الملقنة في واد آخر غريب، وعجيب!

إذ، أن التمادي في تحميل هيئة التدريس، عبء مسؤولية الحراسة وضبط الغش، والمواجهة مع الغشاشين، وتربية المتمدرسين في مقابل تناقض الإعلام وتراجع دور الأسر بسبب ثقل الهموم المعيشية الضاغطة على كل شيء، لا يستقيم لا تربويا ولا وظيفيا مع مهمة المدرسة كجامعة للقيم التربوية والأخوة الإنسانية!

فإلغاء الامتحانات الإشهارية أو وضع حد لهالاتها، مع إعادة النظر في الجانب الكمي، وقهر طول الزمن المدسي سيفك من عقدة الانتقال بين الأسلاك، وييسر المسار التعليمي للملايين، ويلجم الهدر المدرسي، ويعطي للقيم مكانتها التطبيقية المفقودة، كما سيساهم في تحقيق الحاكمة المالية.

كما أن تقييم تكلفة الامتحانات الإشهارية، من حيث الجودة، والمال والأمن، والضغط النفسي للجميع، يسائل توالي التقارير الدورية، والسنوية الوطنية والعالمية! والتي أصبحت تصنف أغلب البلدان العربية في مراتب متدنية، مخجلة لبلاد عرفت بالعلم والمعرفة منذ القدم!

إذن لم العجلة في الإصلاح، بدل تقييم الأمور، ووضع النقط على الحروف في مكانها الصحيح، عوض كثرة استعمال الممحاة، التي قد تساهم في ضياع اللون الأبيض للورقة!

التشخيص الموضوعي قد يكون مؤلما في بعض الأحيان. لكن الحقيقة الواضحة هي أننا في العالم العربي نعاني من انحدار في قيم، هذا الانحدار قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تهديد سلامة جودة حياة الجميع!

وفي بداية النهاية! إذا كانت المدرسة في واد، وقيم المجتمع العربي في واد آخر، فهذا يعني شيئا واحدا، إلى وهو أننا نعيش العشوائية في الحياة، وهو ما ينعكس واقعيا على المسار التنموي لتلك الأقطار ككل!

رابط مختصر…https://arabsaustralia.com/?p=14943

ذات صلة

spot_img