كتب هاني الترك Oam – جريدة التلغراف
مجلة عرب أستراليا ـ سيدني ـ بتاريخ 26 كانون الثاني يناير عام 1788 رسى الاسطول البريطاني الاول المؤلف من 11 سفينة على سيدني كوف بقيادة الكابتن آرتر فيليب .. وبعد قضاء 11 شهراً على تاريخ الوصول احتفلت المستوطنة الوليدة بعيد الميلاد المجيد الاول. وكان في المستوطنة مجموعة خيم التي شيّدوها البحّارة والسجناء وكانت مصنّعة بشكل بائس جداً لا يمكن تصوره، حتى انه لا توجد فيها نوافذ لدخول الهواء الطلق.
وكانوا قد شيّدوا ايضاً شارعين فقط بعد ان قطعوا الأشجار ولم تكن الاخبار في ذلك الزمن تصل من لندن لبعد المسافة .. ولم تكن قد وصلت السفن لمدّهم بالامدادات الأساسية لبدء الحياة.
فقد ابحرت السفن في الاسطول الاول عائدة الى بريطانيا باستثناء سفينة صغيرة كانت راسية على الهاربر.
وبلغ عدد السجناء والبحارة في ذلك الزمن 1000 شخص.. شعروا بالغربة القاتلة والوحدة الشديدة لإبحارهم لآخر مقلب في الارض.
كانت الحياة صعبة للغاية خلال مرور 11 شهراً على بدء المستوطنة.. فقد فشل المحصول الاول ومات حتى ذلك الوقت .. اي الاحتفال بعيد الميلاد الاول 103 سجناء وبحّارة مع اولادهم.
قال الكابتن ديفيد كولنز عن احتفال المستوطنة بالعيد بموعظة من القس ريتشارد جونسون .. انه دعا الحاكم الكابتن فيليب معظم البحّارة لعشاء ليلة العيد تحت الشجر التي لم يقطعوها حتى تاريخ 25 كانون الاول ديسمبر سنة 1789.
عقد القس جونسون في ذلك اليوم زواج السجين وليم إيڤلتون على السجينة ماري ديكنسون.. وعمّد ابنتهما ساره إيڤلتون.. وهي ضمن 33 طفلاً ولدوا في المستوطنة منذ بدء استيطانها.
وكان قد عُقد زواج 15 سجيناً وسجينة في احتفال عام اقيم بعد عدة اسابيع من وصول الاسطول الاول.
الا انّ الاحتفال الديني لعيد الميلاد كان غريباً على معظم السجناء في المستوطنة الجديدة.. كانوا وثنيين.. نصفهم لم يحضر خدمة الصلاة في الكنائس في بريطانيا مدة خمس سنوات قبل ان تُفرض عليهم عقوبة السجن في بريطانيا على الجرائم التي ارتكبوها هناك.
فكان العديد من السجناء هم اصلاً من مناطق فقيرة جداً في احياء لندن ولم تكن الكنائس لها أي نفوذ .. والبعض الآخر منهم كان يعمل كخدم والعمل وقت الاحتفال بعيد الميلاد في بريطانيا.. اما في سيدني كوف فكانوا يفضلون اوكار الدعارة او حانات لإحتساء الكحول عن بناء كنيسة..يشبعون رغباتهم الجنسية اكثر بكثير من خلاصهم الروحي.. وكانوا حمقى شديدي المراس لا يهتمون الا بالمقتضيات الحسية .
وليلة عيد الميلاد ضاجع البحّار بلومان السجينة اميليا ليڤي والبحّار واين ستيدين السجينة اليزابيت فولز مقابل قميص لكل من السجينتين.
وكان معظم البحارة والسجناء يشعرون بالإعياء من وجودهم في ارض مكفهرة غريبة عليهم ويودون العودة الى لندن. حضر القاضي كولنز مع الحاكم فيليب وشربوا نخب الملك جورج والعائلة المالكة البريطانية.
وكان الكابتن فيليب قد احضر في الاسطول الاول بذور القمح ولكن المحصول فشل بسبب السوس الذي ضرب المحصول .. وكادت ان تداهم المستوطنة المجاعة لولا وصول الامدادات بالسفن من لندن. كان غداء عيد الميلاد للسجناء قطعة من الخبز وقطعة صغيرة من السمك وحبوب البازيلا.
حُكم في ليلة عيد الميلاد على السجين مايكل دينسيون بالضرب 200 جلدة عقوبة له على سرقة اوقية من الدقيق من السجينة مارتا بو.. وقد خفضت العقوبة الى 150 جلدة كهدية من الحاكم فيليب بمناسبة عيد الميلاد.
تحسنت الظروف في عيد الاحتفال بعيد الميلاد الثاني للمستوطنة عام 1790 .. فقام الكابتن فيليب باستضافة البحّارة والضيوف بعشاء من لحم السلاحف احضرها معهم البحّارة في السفينة التي ابحرت من بريطانيا لإنقاذ المستوطنة.. وكان مساعد الكابتن فيليب قد زرع الملفوف باستعمال سماد البقر.. وحضر الحفل الابوروجينيزي المعروف بينيلونغ الذي وُصف بأن ذكاءه كان اكثر من المتوسط لدى الابوروجينيين.
غير ان السجناء كانوا يواجهون صعوبات الحياة اذا لم يتبادلوا ليلة عيد الميلاد الثاني سوى قطعة صغيرة من لحم الخنزير مع الملح والفاصوليا.
رابط مختصر… https://arabsaustralia.com/?p=1395
هاني الترك Oam