بقلم : سيمون حبيب صفير
ماذا يبقى من حزب الله إذا جَرّدته الدولة اللبنانية من سلاحه وقامت بتسليمه إلى القوى الأمنية الشرعية، من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وسائر الأجهزة الأمنية والقطعات العسكرية، مع حصر التسلّح بها دون غيرها من أحزاب ومنظمات؟
ماذا يبقى من حزب الله إذا تجاوبت الدولة اللبنانية مع ما يطلبه الشعب اللبناني منها على مستوى بسط سيادتها المطلقة على امتداد جغرافيا لبنان ، مروراً بمخيّمات اللاجئين الفلسطينيين ، بدلاً من ضعفها وغياب رجالات دولة يتمتّعون بالسيادة والحرية والاستقلال والنزاهة والوطنية؟
ماذا يبقى من حزب الله إذا اتخذت إيران قراراً تنفّذه، يقضي بإجبار الحزب على التخلّي عن سلاحه لصالح الدولة اللبنانية، وذلك عبر التوقف عن دعمه معنوياً واحتضانه وتأييده ومدّه بالمال والأسلحة والذخيرة، فيصبح أعزلاً في العراء، بالكاد يستطيع الإستمرار في العمل السياسي والنشاط الحزبي الداخلي المحدود المُدَجَّن؟
وهل من المستحيلات تغيير النظام في إيران كما تغيّر في العام 1979 بخلع الشاه وإشعال الثورة الإسلامية الفقيهية التي أطاحت بالنظام الذي كان قائماً “ديمقراطياً”؟
ممالك اندثرت. إمبراطوريات صمتت وخُنقت ودُفنت. حضارات لم يبقَ منها سوى الأشلاء المبعثرة وبقايا الأنقاض والآثار الحجريّة الشاهدة على زوالها. وهنا لا بدّ من التفكير فيما لو كان الفرقاء اللبنانيون مُجتمعون بكافة أحزابهم (التاريخية، التقليدية، اليمينيّة تحديداً والجديدة الناشئة)، لا زالوا مُتمكّنين مادياً، مُدجّجين بكلّ عتادهم وأسلحتهم، مُحصّنين بجمهورهم الداعم والمُؤيّد، هل كان ليجرؤ أحد نوّاب أو وزراء أو مُحازبي حزب الله التابع عضوياً وعقائدياً واقتصادياً لإيران أن يفعل ما يفعله بلبنان وأبنائه؟
كفى! فنحن لبنانيون حضاريون، قياميّون، نؤمن بقيام دولة الإنسان، دولة الحق والخير والجمال والعدالة والمساواة والتفاعل والانفتاح على الشرق والغرب وعلى حضاراتهما، وعلى الآفاق والأبعاد والأعماق والأغوار. نؤمن بالله وبحقوق الإنسان التي هي منه، وكلّ ما عدا ذلك ممجوج، مرفوض وزائل.
كفى استقواء بقوى إقليمية تغلّب فئة لبنانية على فئة أخرى وتؤلّب فريقاً لبنانياً على فريق آخر. كفى تشرذماً يا أبناء جرن المعموديّة الواحدة المُحرِّرة.
إنه الوقت المناسب للمطالبة بوقف فوريّ لإطلاق النار من جانب حزب الله ذي عقيدة ولاية الفقيه الأحادية والإلغائية، بعد فك الارتباط بينه وبين غزّة المحاصرة والرازحة تحت النيران الإسرائيليّة المعادية. وليقم حزب الله بتسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني، بما فيه مصلحته ومصلحة لبنان، قبل أن يبيد العدو الإسرائيلي الترسانة العسكرية لحزب الله وبناه التحتية ويجرّده من كل قدراته العسكريّة القتاليّة. ولينتسب عناصره إلى المؤسسة العسكرية اللبنانية.
كذلك، فهو الوقت المناسب لانتخاب رئيس للجمهورية، سيّد حر ومستقل، من خارج الاصطفافات السياسية والحزبية والتبعيات لمحاور خارجيّة. كما لتشكيل حكومة إنقاذيّة فاعلة، لا سيما على مستوى وضع خطة نهوض إقتصادي وحلول لكل المشكلات العالقة خاصة تلك المتعلّقة بأزمة القطاع المصرفي وأموال المودعين، على أن تعلن في بيانها الوزاري عدم تغطيتها لأي عمل عسكري لحزب الله وتطلب منه التحوّل إلى حزب سياسي بعد تسليمه السلاح إلى الدولة اللبنانية، وإعلان ولائه وانتمائه إلى لبنان الدولة والكيان والهوية.
مع ضرورة أن يكون من أبرز مهام هذه الحكومة وضع حدّ لأزمة النزوح السوري واللجوء الفلسطيني المزمن في مخيّمات على أرض لبنان ما يشكّل تهديداً أمنياً واقتصادياً وديموغرافياً للوطن. على أن تُجرى انتخابات نيابيّة مبكرة على أساس قانون إنتخابي عصري وحديث.
فهل يستفيق اللبنانيون قبل فوات الأوان؟
رابط مختصر .. https://arabsaustralia.com/?p=39228