مجلة عرب أستراليا ـ كيف يواجه السوريون مرحلة الانتقال الأكثر تعقيداً بعد سقوط نظام الأسد؟
سقط نظام بشار الأسد بعد ١٣ عاما من حرب أهلية شهدت أعداد هائلة من الضحايا في صفوف المدنيين، وفرار حوالي ٦ ملايين سوري إلى مختلف دول العالم، وجاء سقوط النظام بسرعة كبيرة، خلال بضعة أيام، ودون أي مقاومة تذكر من قبل قوات النظام، مما يطرح الكثير من التساؤلات عما حدث وعن سيناريوهات الأيام المقبلة.
ا زال الوقت مبكرا، في الساعات الأولى من سقوط نظام بشار الأسد، لرؤية واضحة حول مستقبل البلاد، ولكن ما حدث، والطريقة التي سقط بها النظام مغيرا قواعد اللعبة في المنطقة، شكلت مفاجأة كبيرة لرجل الشارع في مختلف دول العالم، ولكن هل كانت مفاجأة في كواليس السلطات المختلفة سواء في المنطقة أو في العواصم الغربية؟
تقدم صاعق للمقاتلين الإسلاميين
بين سقوط حلب في أيدي المقاتلين الإسلاميين في هجوم صاعق ودخولهم إلى العاصمة دمشق استغرق الأمر عشرة أيام تقريبا.
– رصد المراقبون أن تقدم المقاتلين الإسلاميين كان منظما بصورة كبيرة، ليس فقط على المستوى العسكري، مع خطة حركة وعتاد عسكري تم تحضيرهما منذ فترة ليست بالقصيرة، ولكن أيضا على مستوى الإمساك بمقاليد الإدارة في المدن التي استولوا عليها، حيث تم استدعاء موظفي الإدارة وعناصر الأمن في حلب، وتزويد من وافق منهم بهويات جديدة صادرة عن حركة التمرد.
– الأهم من ذلك، وما برز في أحاديث زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني مع قناة سي إن إن الأمريكية من تحضير دقيق للحديث السياسي، حيث سعى لطمأنة كافة الأقليات، والأهم من ذلك طمأنة العواصم الغربية، وخصوصا واشنطن، حيث لم يرفض الوجود الأمريكي بصورة قاطعة، وتعهد ببناء نظام يحترم حقوق كافة السوريين في إطار يلتزم بالقوانين ومصالح جميع السوريين.
– رئيس حكومة النظام السوري محمد غازي الجلالي أعلن عن استعداده للتعاون مع حركة التمرد خلال المرحلة الانتقالية، ويبدو أنه كلف بالفعل بمواصلة الإشراف على عمل الهيئات الحكومية السورية.
سقط من يسمى بـ”جزار دمشق” بعد أن امتنع الجميع عن دعمه
ما أثار الانتباه هو غياب أي رد فعل علني من بشار الأسد منذ سقوط حلب وحتى فراره في ليلة سقوط دمشق.
– يشير بعض المراقبين أن موقف رئيس السلطة قد يكون السبب وراء قرارات قيادة الجيش السوري بالانسحاب دون قتال أمام تقدم المقاتلين الإسلاميين.
– كما أنه من المؤكد أن الأسد لم يعد يتمتع بأي دعم شعبي، حتى على مستوى طائفته أو الطوائف التي تخشى وصول الإسلاميين إلى السلطة.
– يبق أن العنصر الحاسم في سقوط النظام هو امتناع الإيرانيين والروس عن دعم النظام، وما يتردد في الكواليس هو أن الروس طالبوا الأسد مرارا بالتفاهم مع أردوغان وتقليص الوجود الإيراني، وتلقي الدعم من تركيا بدلا من إيران، وهو ما رفضه الأسد دائما، ودفع بالأتراك والروس السماح لجبهة تحرير الشام وحلفائها بالتقدم نحو خط تخفيض التصعيد الذي تم الاتفاق عليه عام ٢٠١٦ في إطار اتفاقيات أستانة، ولكنهم استمروا بالتقدم حتى اسقاط دمشق.
– ويتساءل بعض المراقبين عما إذا كان تخلي بوتين عن الأسد جاء في إطار صفقة تضم إنهاء الحرب في اوكرانيا لصالح موسكو.
– كما يتردد في الكواليس أن الأمريكيين، وبالرغم من المواقف المعلنة، أغلقوا تماما شرق البلاد والحدود اللبنانية أمام أي تعزيزات محتملة تحاول الدخول إي سوريا لدعم النظام.
– الصحف الإسرائيلية تحدثت عن يوم تاريخي، ويبدو أنه كان هناك ترحيب إسرائيلي بسقوط الأسد، ولكن حكومة نتانياهو سرعان ما سربت أنباء عن اتصالات إسرائيلية مع الأكراد في شمال سوريا لتقديم الدعم لهم.
الجولاني … هل سيتمكن من حكم سوريا؟
– المؤكد أن أبو محمد الجولاني بذل جهودا كبيرة للتميز والابتعاد عن تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة، الذي كان قد انضم إليه، والاقتراب من الرؤية الغربية، وإن كان تنظيمه ما زال مصنفا كتنظيم إرهابي في الغرب.
– اللافت هو تصاعد نغمة تحليلات المختصين الروس منذ حوالي الشهر، والتي تنفي بصورة قوية صفة الإرهاب عن هيئة تحرير الشام وتصفهم بالمعارضة المسلحة.
– بصرف النظر عما إذا كان الجولاني صادقا في تحوله نحو رؤية مدنية، أم أن ما يردده هو مجرد مناورة سياسية للحصول على حياد غربي، فإنه من المعروف أن اسقاط النظام لم يتم على يد هيئة تحرير الشام وحدها، وإنما كان هذا التنظيم يقود ائتلاف يضم العشرات من التنظيمات الإسلامية المختلفة، التي توحدت حتى الآن من أجل اسقاط النظام، ولكن إدارة المرحلة الانتقالية والوصول إلى نظام جديد مستقر، يمكن أن يكون مرحلة أكثر تعقيدا مع هذا الائتلاف الواسع ذو الرؤى المختلفة والتي لا نستطيع القول بأن أيا منها ينادي بالديمقراطية كمبدأ للحكم.
المصدر: mc-doualiya
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=40156