spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

سهير سلمان منيرـ تحسين الذكاء بالغذاء !

مجلة عرب أسترالياــ بقلم مستشارة التغذية سهير سلمان منير...

 أ.د .عماد شبلاق ـ “أيام الآحاد في سيدني والذكرى السنوية لأكتوبر!”

 بقلم أ.د . عماد وليد شبلاق-رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي...

أ.د.عماد شبلاق -النداء النهائي والأخير لرحلة العودة رقم (000)

مجلة عرب أستراليا- بقلم أ.د. عماد وليد شبلاق رئيس الجمعية...

كارين عبد النور _ الأوبئة والأمراض التي تهدّد النازحين اللبنانيين: خطر يتفاقم في ظلّ الأزمات

مجلة عرب أستراليا- كارين عبد النور  حذّرت منظمة الصحة العالمية...

كارين عبد النور _ لورين بطلة من لبنان: تهميشٌ بالأمس… تكريمٌ اليوم!

الكاتبة كارين عبد النور
الكاتبة كارين عبد النور

مجلة عرب أسترالياـ لورين بطلة من لبنان: تهميشٌ بالأمس… تكريمٌ اليوم!

عام تقريباً مرّ على “تهميشها” في أحد الأندية الرياضية اللبنانية، يوم سعت لتحقيق حلمها في تطوير هوايتها الكرويّة المفضّلة. لكن عاماً يغيّر الكثير. فها هي لورين، ابنة العشر سنوات من ذوي الاحتياجات الخاصة، تُكرَّم من قِبَل وزير الشباب والرياضة اللبناني، جورج كلاس. ميدالية التكريم وشهادته جاءا تقديراً لنجاحها في صفّ السباحة مع جمعية “Proteam Swimming“. الأمل لا يعرف الانكسار.

شاء القدر أن تقع لورين منذ الولادة ضحية سقطات ثلاث: جهْل مجتمعي واستهتار طبّي وافتقاد دولتي لأدنى مقوّمات حماية المواطن ورعايته. ففي اليوم الثالث لإبصارها النور، أصيبت بحالة طبيّة تُعرف بـ”يرقان الرضّع”، ما تسبّب لها بتضرّر العصب السمعي والحركي. في عمر الخامسة، خضعت لعملية زراعة قوقعة الأذن، فاستعادت سمعها. وترافق ذلك مع علاج نفسي وحركي، وآخر لتقويم النطق. لكن التقويم لم يثمر تماماً لأن عمرها السمعي يقلّ عن رفاقها بواقع خمس سنوات.

ظُلم وتخاذُل

لا ينفكّ والد لورين، رياض، يخبر عن شعوره يوم امتنع المدرّب عن استقبال ابنته في نادي كرة القدم العام الماضي. والتهمة أنها مختلفة. “المشهد الذي استفزّني هو رؤيتها تقف وحيدة في زاوية الملعب في حين تواجد أربعة مدرّبين، أقلّه، بين الأولاد. فتساءلت في قرارة نفسي عن المانع من اهتمام أحد هؤلاء بها حفاظاً على صحتها النفسية ولجماً لسياسة التهميش التي واجهتها”.

نظرة المجتمع إلى ذوي الاحتياجات الخاصة كعاجزين ومختلفين هي مغلوطة للغاية. وهنا يأتي دور العائلة والمدرسة والمؤسسات المعنيّة في نشر الوعي اللازم لمساعدة هؤلاء على التفاعل والاندماج، من جهة، وتدريب الأجيال على تقبّل الآخر “المختلف”، من جهة ثانية. كيف لا وجميعنا أبناء جنس واحد بخصائص مختلفة تحدّد هويتنا؟

ثم أن دور النشاطات الرياضية كوسيلة أساسية لترقية الجانب الصحي والنفسي والاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة، لا يمكن التقليل من شأنه. فممارسة الرياضة تمدّهم بالقدرة على التكيّف مع وضعهم وتحقيق اندماجهم الاجتماعي. لكن، مع ذلك، ما زال الدمج الرياضي غائباً بشكل شبه كلّي في لبنان، عدا مبادرات خجولة لوزارة الشؤون الاجتماعية. ورغم أن القانون رقم 220/2000 منح ذوي الاحتياجات حقوقاً عدة (وتضمّن الكثير من المحفّزات)، لكن مجلس النواب لم يحرّك ساكناً منذ العام 2000 لإقرار مراسيمه التطبيقية.

رحلة ألم وأمل

على أي حال، ليست لورين سوى تجسيد لحالة من آلاف أخرى. لكنها، بخلاف كثيرين، حظيت باحتضان أسري وبوالدَين تحدّيا الصعاب من أجلها. “لم يكن لدينا خيار سوى الأمل والجهد والتحدّي للتغلّب على هذه الإعاقة البدنية وما خلّفته. اعتبرنا ما حصل لابنتنا قضاءً وقدراً. سامحنا وتقبّلنا الواقع واستبدلنا الإحباط بإرادة جديّة لتحسين وضعها بمساعدة الأطباء المختصين والمعالجين الفيزيائيين. أما المجهود الأكبر الذي بذلناه، فكان سعينا الدائم لكسر حاجز الخوف ورفع معنويات لورين، البطلة الشجاعة. فجعلناها تؤمن بقدراتها لتتمكن من خوض غمار معركتها”.

سنوات مرّت تعلّمت خلالها لورين المشي والكتابة والسباحة والركض وغيرها من النشاطات. هي رحلة طويلة يتذكّرها رياض بعَينين مفعمتين بإرهاق ممزوجٍ بروح التحدّي ورغبة النجاح. “أذكر حين كنت أنام بجانبها. أساعدها للتقلّب على ظهرها أو جنبيها. نجحنا في مراحل لاحقة في تعليمها الجلوس والوقوف والمشي وصعود الدرج بمفردها. كنت أطلب من الأصدقاء والأقارب عدم مساعدتها كي تتّكل على نفسها، وكنت أجبرها على تكرار الكلمات إلى أن تلفظها بشكل سليم”.

عزيمة البطولة

الزوجة (الأم) كانت ولا تزال السند والمعين. فحين اضطرّ رياض أن يلتحق بعمله، بعد انقطاع، لتأمين الدخل اللازم، تكفّلت الزوجة بالمهام المرتبطة بلورين، صحياً وتربوياً. فراحت الابنة تُراكم خطوات التحسّن والنجاح وتنتقل مع رفاقها من صفّ إلى آخر. ولم تغِب النشاطات الرياضية، شغف لورين الدائم، عن المشهد.

“لا بدّ لي من توجيه شكر كبير إلى أعضاء فريق العمل والكادر التعليمي في مدرسة “المنار الحديثة” لحسن معاملتهم للورين ودعمها في مسيرة تطوير قدراتها ومهارتها، وبلوغ الصفّ الخامس إبتدائي. كذلك أتوجه بالشكر إلى فريق السباحة في جمعية “Proteam Swimming” الذين تسلّحوا بإصرار شديد على تعليمها السباحة التي تتقنها اليوم بمفردها”.

قبل عام، لم تجد لورين لها مكاناً فوق ملعب كرة القدم. لكنها تحدّت “جهل” و”ظلم” المجتمع لتتوَّج منذ أسبوعين بطلة في السباحة، مستحقة تقديراً رسمياً. تجربتها خلاصة رسالة تُوجَّه لكل عائلة تحتضن حالة مشابهة: “لا تجعلوا مكاناً بينكم لليأس والإحباط. خياركم الوحيد هو تكرار المحاولة وتحويل تجارب الفشل إلى قصص نجاح”.

شاكراً وزارة الشباب والرياضة، وعلى رأسها الوزير كلّاس، على الدعم المعنوي والإحاطة لجعل تجربة لورين مثالاً يحتذى، ختم الوالد الفخور قائلاً: “مستمرّون رغم أن الطريق طويل وشاق. مختلفون، نعم. لكننا لسنا متخلّفين وعن تحقيق النجاحات لسنا عاجزين”. ليس ثمة أصدق من الكلمات الخارجة من رحم المعاناة.

https://arabsaustralia.com/?p=38982

ذات صلة

spot_img