spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

د. زياد علوش- طوفان الأقصى بنسخته اللبنانية يفتقد دور الحريرية السياسية

مجلة عرب استراليا- بقلم د. زياد علوش تغييب "الحريرية"السياسية افقد...

كارين عبد النور _ النزوح الداخلي على وقْع الحرب: مهمّة إنسانية سامية تشوبها المخاطر الأمنية

مجلة عرب أستراليا- بقلم الكاتبة كارين عبد النور الحرب الإسرائيلية...

هاني الترك OAMــ الهرب الى المجهول

مجلة عرب أسترالياــ بقلم الكاتب هاني الترك OAM إبّان الحكم...

قراءة دكتور عماد يونس فغالي في رواية غرفة مغلقة

مجلة عرب أستراليا سيدني- قراءة دكتور عماد يونس فغالي في رواية غرفة مغلقة

دكتور عماد يونس فغالي
دكتور عماد يونس فغالي
اخترتُ
عندما طلبتْ إليّ الصديقة إخلاص اختيارَ رواية لكاتبٍ لبنانيّ، أناقشُها مع زميلٍ، راح فكري توًّا إلى “غرفة مقلقة” للروائيّة لونا قصير.عرفتُ لونا قصير قبلَ قراءتي “غرفة مغلقة” معرفةً جدّ سطحيّة، شخصيًّا وأدبيًّا. إلى أن أهدتني صديقتي الشاعرة ميراي عبدالله شحادة الرواية موضوعَنا، وهي صاحبةُ منتدى شاعر الكورة الخضراء الذي أصدرها، فانكببتُ على قراءتها.
في الواقع، اهتممتُ لها اهتمامًا فريدًا، دفعني إلى الاتّصال بها ومناقشتها ملابسات كتابة النصّ في الشكل والمضمون على السواء! واكتشفتُ امرأةً معجونةً بالخبرات الإنسانيّة التي انعكستْ في الحركة النصيّة على امتداد السياق.
صحيح أنّ إخلاص طلبت أن تكون الرواية ذات حجمٍ صغير، لكنّي بالتوقّف عند “غرفة مغلقة”، لم أعرِ الطلبَ جدّيَّ اهتمام. لأنَّ مرسلةَ النصّ الإنسانيّة من جهة، والحبكةَ التي صيغَ من خلالها، أسرتاني حدّ منعي من تطلّعٍ خارجها! طبعًا، لستُ في واردِ مديحٍ للونا، ولا في معرضِ غزلٍ على استحقاقها إيّاهما. وفي طبيعةِ الحال لا أحتاج دفاعًا عن اختياري الرواية. أنا في عادياتي لا أساومُ على اعتباراتي الأدبيّة. لكنّي أضنّ بإعجاباتي.
قراءتي للرواية أدناه… هي في الواقع إضاءات موضوعاتيّة ولكن أيضًا أسلوبيّة، حاولتُ من خلالها أن أوجّه المتابعة إلى مَواطنِ الجمال فيها. هي قراءةٌ اسمحوا لي أن أدعوها إنسانيّة، لما الإنسانُ فيها وإنسانيّته ساطعٌ منذ السياق وفالشٌ على الدلالات.
مشاعرُ على العالم
“غرفةٌ مغلقة”، عنوانُ رواية لونا قصير التي دخلتْ حيّزَ الإنسان في تفاعله الكليّ مع المجتمع والبيئة. اتّخذتْ الراويةُ حقبةً من الزمن قلبت مقاييسَ الناس الذين عايشوها، أو لنقلْ عانوها، لما قدّمتْ مفاصلُها من تقلّباتٍ جعلتهم يسيّرون حياتَهم وفقَ أحداثها السريعة الضاغطة.لبنان في نشوب حربه الأهليّة وتداعياتها على مختلف مناطقها وانتماءات أهليها، هو في إنسانه بطلُ الرواية في امتياز. فتح امتدادُه على الولايات المتّحدة، لتأخذَ مسرحَ السياق إليها في الكامل، من دون اقتلاع الجذور اللبنانيّة، خصوصًا في التقاليد والمعتقدات!
تسلسلُ الأحداث دراميّ دائم، لكنّه واقعيٌّ جدًّا ومترابط، لا يخلو من عنايةٍ إلهيّة تدبّر وترعى بسترٍ خفيّ، وفي الوقت الضروريّ. دراميّ صحيح، لكنّه إنسانيّ النزعة في الفعل وردّة الفعل. ما يجعلني أردّد مع القائل: “أنا إنسان، وما هو إنسانيّ ليس غريبًا عنّي”.
هذا السياق الدراميّ المشبع بالتتابع المتصاعد، الذي يخنقكَ كلّ تقدّمكَ في القراءة، يَهدي بطبيعيّةٍ خلاّبة إلى خواتيمَ تثلجُ الصدر. “خَي” كم “نشكر الله” على الفرج والنهايات السعيدة! تمازجُ العقليّات المختلفة والمتضاربة، وقبولُها بعضها البعض، أدّتْ إلى نتائجَ مرجوّة، لكنْ في غلبةِ المحبّة الراقدة في القلوب، والسائدة على القناعات، فاحتْ ونثرتْ أريجَها العابق بالورد والطيب!
من ناحية أخرى، ارتكزت الرواية في السرد على الشخصيّات، ارتبطت الأحداثُ بكلّ واحدةٍ منها تباعًا. وهذه نادرةٌ عادةً في السياقات الروائيّة. لكنّها أدّت الدورَ بفَلاحٍ فريد!
أمّا بعد،
الغرفةُ المغلَقة، رمزيّةُ انغلاقٍ عن الخارج، عن الآخر. متى تقرّرَ انفتاحٌ عليه، في ضوئيّةِ وعيٍ واستدراكٍ مُلهم، تخلّع مصراعاها بصباحٍ باسمٍ يستقبلُ كلّ جمال! “غرفةٌ مغلقة”، صورةُ نفسٍ مقفَلة، رافضة، وداخلٍ قابضٍ على الحياة، لم تقبل إلاّ انعتاقًا… وكم فاض!
روايةٌ إنْ خرجتْ بعبرة، فمرسلتُها المشاعرُ الإنسانيّة الصادقة. مساحاتٌ مشاعريّة مالكة على المجريات النصيّة، في قراءتها النفسيّة مسلّمةٌ واحدة: هي مشاعرُ على العالم. ليست المشاعرُ إن اصطبغت بألوانِ بيئتها، محدودةً بها. هي عابرةٌ إلى الفضاءات الإنسانيّة الرحبة. والإنسانُ في أيّ زمانٍ وُلد، وعلى أيّة أرضٍ عاش، هو الإنسانُ في جوهره الواحد.روايةٌ تُقرأ من داخل، تسيرُ إلى العمق، في زوايا نظنّها قاتمة، عابقة بالسواد. لكنّها تقودنا في أنفاقٍ ودهاليز، تستنيرُ بالخبُرات ومعاجن الأيّام السمحة، لتخرجَ بإشراقاتٍ من علُ وتعِدُ بصباحاتٍ فيّاضة وتزيد!!

رابط مختصر.. https://arabsaustralia.com/?p=19270

ذات صلة

spot_img