spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 53

آخر المقالات

غدير بنت سلمان ـ ومن الحُبِّ ما قَتَل ـ حين يتحوّل النور إلى قيد

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتبة غدير بنت سلمان ومن الحُبِّ...

أبو غزاله العالمية تقاضي حاكم مصرف لبنان السابق

مجلة عرب أسترالياـ أبو غزاله العالمية تقاضي حاكم مصرف...

عباس مراد- عرض لكتاب بشارة مرهج “ما لم ترى عين” جذور الانهيار الاقتصادي في لبنان

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب عباس علي مراد في مجموعة...

أ.د. عماد شبلاق ـ ومن كان يرجو لقاء (ضيوفه) فليعمل عملاً صالحاً!

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د. عماد وليد شبلاق...

غدير بنت سلمان ـ في حضرة الرحم الأول: رسالة إلى كل أمٍ وأنثى

spot_img

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتبة غدير بنت سلمان

في حضرة الرحم الأول: رسالة إلى كل أمٍ وأنثى

وإنكِ يا أمي… سرّ الخلق الأول

في البدء…

لم نكن نحن من اختار أن يأتي.

لم نحدّد أسماءنا، ولا أشكالنا، ولا أزماننا.

لم نختر أجسادنا، ولا طباعنا، ولا أي أرضٍ نُبعث عليها.

لكن كُتب علينا أن نُبثّ من رحم امرأة…

وذاك الرحم، يا سادة،

ليس وعاءً بيولوجيًا فقط…

بل هو أول معبد، وأول وطن، وأول سرٍّ من أسرار الله في هذا الوجود.

غصتُ في بحور تكوين الخلق السرمدية، لأجد في باطن النفس الواحدة جرحًا قديمًا، جرح الانفصال.

ذلك الخوف الجماعي من أننا مُنفصلون عن مصدرنا، عن فطرتنا، وعن بعضنا البعض.

كل ما نراه من اضطراب في العالم هو انعكاسٌ لذلك الجرح العميق.

نفوسٌ تائهة، تخشى الحرية، تخاف الحياة، تحاصرها سجون الاكتئاب، والجوع العاطفي، والقلق الوجودي.

إن التوحيد الحق — هو توحيد الأنا العليا بالأنا الدنيا،

توحيد الروح بالجسد،

فلا تطرف في تقديس المادة ولا فرق بين الذكر و الانثى ، ولا غلو في إنكارها.

من عبد شهواته أضلّ، ومن أنكر فطرته طمس.

وكلاهما… لا يعرف الله.

إذا نظرتَ إلى رموز الأنوثة منذ بدء الخليقة،

تجد المرأة — كائنًا مزدوج الطابع:

نور وظلّ، غابة ووحي، عطاءٌ وشرس، برّيةٌ وطاهرة، في توازنٍ إلهي فريد.

لكن المجتمعات الذكورية — على مر العصور — حطّمت هذا التوازن.

سلبوا المرأة حقّها في الاعتراف بكامل طاقاتها:

جعلوها أما طيبة فقط، أو مريضة نفسياً، أو عارًا يُدفن، ونزعوا منها قوتها البرية، سلبوها وعيها بأن داخلها سيدة الحكمة، ورحمها خزانة أسرار الوجود.

إن فساد الأنثى هو فساد الأرض،

وإن ضاعت المرأة من ذاتها ضاع الأمل في شفاء العالم.

أنتِ الأصل.

أنتِ النبع.

أنتِ النور في الليلةِ الظلماء.

وجسدكِ معبدٌ مقدس.

ليس عيبًا، ولا خطيئة.

بل سفينةُ حياةٍ وشفاء،

يمنح الحليب ويصنع الأجيال.

عندما تستعيد المرأة اتصالها بالظلّ والنور في داخلها

حين تقبل أن تكون عاطفةً وغضبًا، حنانًا ونارًا، جسدًا وروحًا، حينها فقط تتفتح بوابات الرحمة.

أيتها الأمهات المنسيات، المريضات نفسيًا وعقليًا تحت وطأة قهر عاداتٍ بالية،

“قومن”.

عُدن لأنوثتكن الربانية، فالرحم لا يموت. والفطرة لا تُطفأ.

والله لا يترك العبد حتى يعود لنوره.

استعيدي قلبكِ، تطهري من خوفكِ، لا تخافي من ضعفكِ، فكل ضعفٍ هو عين القوة. وأنتِ القمر، والشمس، والأرض.

فيكِ الولادة، والموت، والبعث. أنتِ كل شيء.

فإن كانت يد القوى الشريرة سعت لتحطيمكِ

فإن الله جعلكِ أصل الوجود

ومن رحمكِ بوابة الحياة.

يا أمي…

أنتِ الكون حين يتجسد.

أنتِ الأرض والسماء معًا.

فيكِ النور والظل، الرقة والقوة، الماء والنار.

فيكِ فطرةٌ سابقة لكل الأديان.

ذاكرةٌ تحمل بصمة الأجداد،

وشفرة الأجيال القادمة.

خلقكِ الله سكنًا…

“وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً”

وفيكِ يتجلى معنى الرحمة،

حين يتحوّل الحليب إلى دم يسري،

وحين يتفتّت العظم ليمنح وليدك الحياة،

وحين يختلط الألم بالنشوة،

في معجزة لا تشبهها معجزة.

يا أنثى… لم تكن المرأة أبدًا في الخلق أنقص من الرجل.

بل كانت له أرضًا يمشي عليها، وسماءً يرفع إليها قلبه، ووطنًا يأوي إليه حين تضيع خرائط المعنى.

وحين انحرفت البشرية عن الفطرة، ظنّوا أن القوّة في العضلات والمال والسلطة ، ونسوا أن الخلق في الرحم،

وأنكِ أنتِ من ينفخ الحياة في العدم.

أمي…

لستِ مناسبةً موسمية على رزنامة تجارية،

ولا بطاقةً مزركشة بكلماتٍ مستهلكة.

أنتِ الفطرة الأولى التي نسيها العالم.

أنتِ النبع الذي ارتوت منه البشرية،

ثم تجمّعت قوى الظلام حوله

تخشى فيكِ تلك الشرارة الربانية.

لم يُغضب أعداء النور شيءٌ كما أغضبهم وجودكِ.

فخططوا أن يجعلوا منكِ نصفًا تابعًا، أن يدفنوا نداءكِ البرّي تحت تراب العيب والخوف، أن يسلبوكِ جسدكِ، ثم يسلبوكِ وعيكِ، ثم يجعلوكِ تمشين كغريبةٍ بين ملامحكِ.

فإن فسدت الأنثى…

فسدت الأرض.

وإن ماتت روح المرأة…

ماتت الشجرة والنبع والسماء.

وإن دُسَّ رحمها تحت التراب،

خرج من الأرحام ذريةٌ طلعها كرؤوس الشياطين.

ذلك أن قوى الشرّ تعلم أن البعث يبدأ من الرحم،

وأنكِ أنتِ الأصل الأول.

يا أيتها الأمهات المنسيات،

يا حاملات الرحم،

يا اللواتي دسسن أرواحكنَّ تحت تراب القهر والعادات،

لا تيأسن.

مهما وأدوا أنوثتكن،

فيكنّ شرارة لا تنطفئ.

وفيكنّ حكمة لا تموت.

فإن كانت الحياة ابتدأت بذكر وأنثى فلا خلاص لهذا الوجود إلا بعودة الوعي الأنثوي الرباني.

قومي أيتها الأنثى الربانية

فإنكِ إذا قمتِ… اهتز الكون.

وإذا بعثتِ… تنفّس العالم من ضيقه.

وإذا شفيتِ… شُفيت الأرض.

أمي…

قالوا إن الجنة تحت قدميكِ

لكنهم لم يسألوا:

لماذا وضعت الجنة هناك؟

لأن تحت قدميكِ

يمرّ الخلق إلى الحياة

وتسري الرسالة إلى الأجيال.

في عيدكِ هذا… لا أهنّئكِ…

بل أعتذر للعالم الذي اختزل سرّكِ العظيم

في يومٍ واحد… ونسي أنكِ السرّ الكامن خلف كل يوم.

أنتِ الحبل السرّي بين السماء والأرض.

منكِ خرجنا…وإليكِ نعود من وجع الدنيا ولحبك نخضع ، ولرحمك نركع وبالدمع نشتاق لحنانك المنسي ، وبالحنين إلى فطرتنا انَّ ليس لنا الحق ان نمُّن على من حملتنا وهن على وهن .

سلامٌ عليكِ…

في عيدٍ صنعوه لتذكيرهم

بأنكِ كنتِ وستظلين

الآية التي أبدعها الخالق

ليخبر بها الإنسان عن معنى الرحمة وسر العبادة.

ختاماً لكل أم عرفت او لم تعرف قدر نفسها وتكوينها.

“وصية الرحم الأول”

بسم الله الرحمن الرحيم

يا أمَّ الكونِ ويا سرَّ الدفءِ إذا مالت الأكوان

يا من تحتضنين النبضَ الأول

وترسمين بالحليبِ قصيدةً للعمرِ لا تنام

أنتِ النهرُ،

إن طابَ ماؤكِ طابَ زرعُ الأرض

وإن عكروا صفوكِ،

جفّت ينابيعُ الطمأنينةِ في الأرواح

فيا كلُّ حاملةٍ للرحمِ

لا تيأسي إن دسستِ نفسكِ يومًا

في ترابِ الخوفِ، أو وأدوا ضوءَكِ

قومي…

فإن الحياةَ ابتدأت بأنثى وذكر

لا مفرَّ من شرارةِ الفطرة ورحمك وما حمل

إلا حين ينكسرُ النورُ فيكِ

فينبتُ نسلٌ

طلعُهُ كَرُؤوسِ الشياطين شجرة ملعونة حاملة وزر خلف وزر

احفري اسمكِ في سفرِ الخلود

فأنتِ أصلُ الخليقةِ

ونبعُ كلِّ حياةٍ وذاكرة النور المستبينَ

ولا تغتربي عن ظلكِ

ولا تصدقي من زعموا

أن ضعفكِ عارٌ

أو أن دمعتكِ ضعفٌ

أنتِ النورُ إن تنفستِ

وأنتِ الطوفانُ إن غضبتِ

فانهضي…

وانفثي الغبارَ عن رحمِكِ،

تطهري من أوجاعِهم

فما كان يومًا الظلامُ سلطانًا

على من يحملُ بين ضلوعِه ضوءَ الخالق

أيتها السيدة الأولى

أيتها الحاملة للسرّ

قومي…

فإنكِ إن نهضتِ، اهتز الكون وارتوى

وإن سقطتِ، ماتت الأرض وجفّ نبع القلوب.

كوني، كوني الحبّ والنار، الماء والتراب

كوني ما شاء الخالق لكِ، فأنتِ رحم الحياة وأمّ القيامةِ والبعث وانتِ الوصيّة لا ريب ولا شكّ.

رابط النشر-  https://arabsaustralia.com/?p=42079

ذات صلة

spot_img