spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 53

آخر المقالات

غدير بنت سلمان ـ ومن الحُبِّ ما قَتَل ـ حين يتحوّل النور إلى قيد

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتبة غدير بنت سلمان ومن الحُبِّ...

أبو غزاله العالمية تقاضي حاكم مصرف لبنان السابق

مجلة عرب أسترالياـ أبو غزاله العالمية تقاضي حاكم مصرف...

عباس مراد- عرض لكتاب بشارة مرهج “ما لم ترى عين” جذور الانهيار الاقتصادي في لبنان

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب عباس علي مراد في مجموعة...

أ.د. عماد شبلاق ـ ومن كان يرجو لقاء (ضيوفه) فليعمل عملاً صالحاً!

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د. عماد وليد شبلاق...

غدير بنت سلمان ـ التحرّر من الخوف والحزن، قراءة ربّانية في وعي الإنسان

spot_img

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الكاتبة غدير بنت سلمان

التحرّر من الخوف والحزن، قراءة ربّانية في وعي الإنسان

في رحلة الإنسان على الأرض، لم يكن هناك شعور أرهق وعيه وأثقل قلبه مثل الخوف والحزن.

هاتان الكلمتان هما أشد ما يعطّل وعي الإنسان، وأول سلاح تستخدمه قوى الشر للسيطرة على العقول.

لكن… هل خطر ببالك يومًا:

لماذا يركّز القرآن كثيرًا على ذكر الخوف والحزن تحديدًا؟ ولماذا يربطهما بـ مسّ الشيطان؟

الخوف والحزن: عوارض في وعي الإنسان

في علم النفس والروح، يُعتبر الخوف والحزن:

• عوارض فكرية-وجدانية منشؤها تصوّر الإنسان الخاطئ لطبيعة الحياة، وللوجود، ولذاته.

• الخوف: توقّع ألم في المستقبل.

• الحزن: انغماس في ألم من الماضي.

كلاهما انفصال عن اللحظة الآنية، ووقوع في وهم إدراكي.

وكما قال ديفيد هاوكينز:

“الإنسان يتعذب ليس بسبب ما يحدث، بل بسبب ما يتوقّع حدوثه أو ما يعتقد أنه فقده.”

القرآن: لماذا الخوف والحزن تحديدًا؟

قال تعالى : {فأنجاهم الله من أسافر الخوف والحزن}

وقال : {ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}

لأن الخوف والحزن هما أكثر حالتين تهدمان وعي الإنسان، وتُخرجه عن فطرته.

وحين يتلبّس الإنسان بهذين الشعورين يصبح عرضة لما سمّاه القرآن: {من شر الوسواس الخناس}

فهو يوسوس حين تغيب فطرتك، ويخنس حين تتذكر.

مسّ الشيطان: شطط الوعي

القرآن استعمل لفظ “المس” لا “التملك”، فقال:

{الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبّطه الشيطان من المسّ}

فـ”المسّ” هو تشويش مؤقت في مسار الوعي

يجعل الإنسان يشطّ عن الفطرة، فيُصاب بما سماه القرآن {شططًا} أي انحرافًا عن المسار الطبيعي للوعي.

عوارض الخوف والحزن على وعي الإنسان

1. تثبيط الإرادة

2. تشويش البصيرة

3. ضيق الصدر

4. نزوع دائم للتشاؤم

5. الخضوع للسيطرة الخارجية

6. الوقوع في وهم الموت والخسارة

الحكمة الإلهية من وجود الخوف والحزن

لماذا خلق الله هذه المشاعر إذن؟

• ليختبر وعيك بها، لا لتكون عبدًا لها.

• لأن بدونها لا معنى للشجاعة واليقين.

• ولأن الإنسان لا يتطهّر إلا بمواجهة الخوف والحزن.

قال تعالى : {ولنبلونّكم بشيءٍ من الخوف والجوع… وبشر الصابرين}

كيف تتحرر من الخوف والحزن؟

1. تفكيك الكلمة:

إذا أدركت أن كليهما وهم مؤقت تفككت سلطتهما عليك.

2. تقنية (وماذا بعد ذلك؟)

كما قال ديفيد هاوكينز:

• أخشى أن أفقد مالي

• ثم ماذا؟

• ثم أفقد عملي

• ثم أموت

• ثم ماذا؟

• ثم أعود إلى الله

وعند هذا الإدراك… ينكسر الخوف.

3. الاستعاذة من المسّ

بذكر الله:

{فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}

4. فهم حكمة الخير والشر:

لو علمت أن:

• الألم يصقلك

• والخسارة توقظك

• والابتلاء يطهّرك

لرأيت الخوف والحزن جنودًا من جنود الوعي.

5. بسّط أمور الدنيا

افهم أن كل شيء دورة تبدأ وتنتهي.

والباقي فقط وجه الله.

خاتمة: في حضرة الاعتدال — اسم من أسماء الله

في رحلة الإنسان بين الخوف والحزن، بين الأمل والألم، لا بد من ميزان.

ميزانٌ ربّاني، جعله الله في أسمائه ليكون مفتاح وعيك.

اسم “العدل” ووجهه الآخر “الاعتدال”.

قال تعالى: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}

ليس العدل فقط بينك وبين الناس، بل بينك وبين نفسك.

بين أفكارك ومشاعرك.

بين أملك وخوفك.

بين حزنك ورجائك.

إن الله حين أمرنا بـإحصاء أسمائه، لم يكن طلبًا عدديًا، بل وعيًا وظيفيًا.

تفعيل الاسم في وعيك هو السبيل للتحرر من سيطرة المتقلبات.

فحين تعتدل:

• لا يغلبك الخوف

• ولا يسكنك الحزن

• ولا تستعبدك اللذة

• ولا يفنيك الألم

فالاعتدال هو أن تعلم:

أن الدنيا عابرة

وأن الحزن مهما طال سيمر

وأن الخوف مهما استبد سينكسر

وأن لحظتك… أغلى من أي فكرة مسيطرة.

روض تكوينك.

واجعل من نفسك بيتًا متّزنًا، عادلًا مع نفسه.

فالميزان الذي وضعه الله في الكون

مطلوب أن تعيد تثبيته داخلك.

قال تعالى: {والسماء رفعها ووضع الميزان}

دمتم في وعيٍ مبارك، وذكرٍ متّزن، وقلبٍ لا خوف عليه ولا هو يحزن.

رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=42001

ذات صلة

spot_img