spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

هاني الترك OAMـ أستراليا الحائرة بين أميركا والصين  

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM أثنت الصحيفة...

صرخة تحت الركام: حكاية نازح لبناني صحا ليجد أحلامه أنقاضاً

مجلة عرب أستراليا ـ صرخة تحت الركام: حكاية نازح...

هاني الترك OAM ــ  الحظ السعيد

مجلة عرب أسترالياــ بقلم الكاتب هاني الترك OAM إني لا...

أ.د . عماد شبلاق ـ أدب ورقي التخاطب والتعامل مع النفس

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم أ.د. عماد وليد شبلاق رئيس...

علي شندب -ماكرون بين تقليص نفوذ ايران والتخادم معها

مجلة عرب أستراليا سدني 

ماكرون بين تقليص نفوذ ايران والتخادم معها

بقلم -علي شندب

شيء ما، على شكل عبوة سياسية ساخنة، ألغى زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان. تقليد درجت عليه الرئاسة الفرنسية التي أوفدت وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو لتمضية عيد رأس السنة مع كتيبة بلاده في اليونيفل بجنوب لبنان. ملامح إلغاء الزيارة برزت قبل حادثة العاقبية التي أدت لمقتل جندي من الكتيبة الايرلندية، والتي تواطأت أطراف دولية ولبنانية بما فيها حزب الله على معالجتها.

وشكل الحدّ من تداعيات حادثة العاقبية هاجساً محموماً لمختلف القوى الدولية واللبنانية وخصوصاً حزب الله الذي لطالما عمل على ضبط حركة القوات الدولية عبر “الأهالي” الذين لديهم أمر عمليات دائم بمراقبة تحركات اليونيفل خصوصاً بعد قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي أعطى اليونيفل صلاحيات التحرك والتنقل دون مواكبة الجيش اللبناني، الأمر الذي أثار ريبة الحزب من تبييت سلوكيات معادية ضده. لكن مقتل الجندي الإيرلندي اخترق السقف المحدّد لتحركات الأهالي، فكان لا بد للحزب من “التضحية النادرة” والقيام بتسليم بعض مطلقي النار للجيش اللبناني.

اذن “حادثة العاقبية” شكلت العبوة التي نسفت زيارة ماكرون اللبنانية المقرّرة بعد مغادرته قمة بغداد الثانية في عمّان حيث برزت تصريحات لافتة للرئيس الفرنسي اعتبر فيها “أن حزب الله يستفيد من قدرة النظام والآلية السياسية لحل مشاكل الناس.. وانه من الضروري تغيير القيادة في لبنان.. ثم إعادة هيكلة النظام المالي، ووضع خطة مع رئيس نزيه ورئيس حكومة نزيه وفريق عمل ينفذها ويحظى بدعم الشارع، وإخراج الذين لا يعرفون القيام بذلك”.

وبخلاف قمة بغداد الاقليمية الأولى التي بدا فيها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون كمن يحاول تعبئة فراغ إخلاء الولايات المتحدة للمنطقة وتفرغها للتوجه شرقا لمواجهة الصين وروسيا، والتي شهدت تغوّلاً بروتوكولياً مشهوداً على قادة القمة من وزير خارجية ايران حسين أمير عبداللهيان الذي التقاه ماكرون مرتين.

في قمة بغداد الثانية حرص ماكرون على إرسال المواقف والاشارات اللافتة حيال ايران، مؤكداً بأنه “لا يمكن إيجاد أي حل لمشكلة لبنان والعراق وسوريا إلا في إطار حوار لتقليص التأثير الإقليمي الإيراني”. وقد بدا لافتاً حرص الرئاسة الفرنسية على ابلاغ الناشطة الايرانية المعارضة مسيح علي نجاد “أن ماكرون لم يلتق أو يصافح عبداللهيان في قمة بغداد الثانية” التي عقدت في البحر الميت بالاردن منذ أسبوعين. موقف ماكرون المستجد حيال ايران ونفوذها الاقليمي أتى بعد لقائه نظيره الاميركي جو بايدن في واشنطن التي باتت تنظر الى المنطقة انطلاقاً من دور دولها في الحرب مع روسيا التي تتلقى إسناداً ودعماً ايرانياً مقلقاً للمحور الاوروبي الاميركي الداعم لأوكرانيا.

عبارة “تقليص التأثير الإقليمي الإيراني” التي كرّرها ماكرون وغيره من المسؤولين الاوروبيين، هي بالتأكيد ليست بسبب تغوّل ايران في دول المنطقة الذي لم يحصل من أساسه إلا بسبب التخادم المزمن بين الولايات المتحدة والغرب عامة وايران، وهو التخادم الذي أوقع البلاد العربية تحت وطأة الابتزاز الغربي في توفير الحماية من التغوّل والتوغل الايراني. لكنها بالتأكيد بسبب الأدوار التحالفية التي تلعبها ايران لصالح روسيا في حربها مع الغرب انطلاقا من المسرح الاوكراني.

ليس من قبيل الصدفة أن تنهار العملات الوطنية في دول محور الممانعة من سوريا الى العراق ولبنان بشكل دراماتيكي متناسق وغير مسبوق. وليس مصادفة مثلاً أن يصبح سعر التومان الايراني المستند الى حقول النفط والغاز والموارد الكبرى مطابقاً لسعر الليرة اللبنانية. واذا كان مفهوماً أن بلداً مثل لبنان يعاني فقداناً للكهرباء، فالأمر غير مفهوم في سوريا التي تعيش غالبية مدنها انقطاعاً شبيه بلبنان. انقطاع يضع مكرمات ايران عبر زعيم حزب الله لتزويد لبنان بالفيول مجاناً محل سؤال جدي عن سبب تمنّع ايران عن ارسال مكرماتها الطاقوية الى سوريا الحليف المتقدم في محور الممانعة.

أن يصيب الانهيار الاقتصادي والمالي بلداً بعينه فهذا أمر مفهوم. لكن أن يصيب عدة دول مجاورة لأسباب متشابهة فهذا أمر عصي على الفهم، اللهم الا اذا كان الداء الذي يصيب هذه البلدان واحداً. لكن لماذا نجحت المعالجات العسكرية والحربية في ضمان نجاح ايران ومخالبها في الدول المتغوّلة عليها، وفشلت في تأمين المعالجات الاقتصادية الحياتية لشعوب المنطقة ومنها لبنان الذي تركب عوائله قوارب الموت طلباً للحياة والنجاة والذين هم أكثر ما حفل بجثثهم الغرقى العام 2022 كتمهيد حقيقي لما يحمله العام 2023 من فوضى طائفية ومشاريع أمن ذاتي في أكثر من منطقة لبنانية.

ربما على شعوب المنطقة الموجوعة من التوغل والتغوّل الايراني ومنها لبنان، عدم الوقوع في فخ تصديق الوعود الماكرونية بتغيير الطبقة السياسية. فاللبنانيون يحفظون لماكرون دوره “عقب انفجار مرفأ بيروت المعطلة تحقيقاته” في توفير الأوكسيجين للطبقة السياسية وانعاشها وتمكينها من التقاط أنفاسها والإفلات من حراك 17 تشرين الموؤودة، وبات رموز هذه الطبقة السياسية يتنمّرون على الشعب اللبناني، فيعطلون مؤسّساته الدستورية ويمنعون انتظام حياتهم الدستورية والسياسية في اعادة تكوين السلطة وتشكيلها.

كلنا يذكر أنه من نتاج قمة بغداد الأولى ولدت حكومة نجيب ميقاتي بتفاهم بين ماكرون ونظيره الايراني ابراهيم رئيسي. تفاهم كشف عن طفولة ماكرون السياسية لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار عمق التوازنات اللبنانية، كما وأضلاع التوازنات الاقليمية وخصوصا المملكة العربية السعودية التي نجحت في تصحيح بوصلة ماكرون الذي يعيش ومن خلفه ادارة بايدن تحديات انتاج تسوية اقليمية جديدة عمادها نجاح الحوار السعودي الايراني، وإلغاء فترة التخادم الأميركي الغربي مع ايران التي لم تزل تمتلك القدرة على تخريب ترتيبات المنطقة التي تعيش انسدادات مستعصية ضاعفها مأزق الاتفاق النووي، الا إذا نجحت الانتفاضة الايرانية في تحقيق أهدافها وصناعة معادلة جديدة.

رابط مختصر –https://arabsaustralia.com/?p=26769

ذات صلة

spot_img