spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

هاني الترك OAMـ أستراليا الحائرة بين أميركا والصين  

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM أثنت الصحيفة...

صرخة تحت الركام: حكاية نازح لبناني صحا ليجد أحلامه أنقاضاً

مجلة عرب أستراليا ـ صرخة تحت الركام: حكاية نازح...

هاني الترك OAM ــ  الحظ السعيد

مجلة عرب أسترالياــ بقلم الكاتب هاني الترك OAM إني لا...

علي شندب- بوتين ومُسيّرات كاريش

مجلة عرب أستراليا سيدني- بوتين ومُسيّرات كاريش

علي شندب

بقلم الكاتب علي شندب

بدون مقدمات، هزّت مُسيّرات حزب الله طاولة الشطرنج اللبنانية “الإسرائيلية” والإقليمية، وشدّت عصب التوتر الإعلامي والسياسي والأمني في لبنان والمنطقة المتوترة أصلاً. وبدا سلوك حزب الله على خطوط التوتر الجديدة بمثابة انقلاب كامل الدسم على مواقفه التي سبق وأطلقها زعيمه حسن نصرالله بقوله “نحن وراء الدولة ومع ما تقرره في ملف الترسيم”.

25 يوماً، شكلوا المدّة الزمنية التي احتاجها نصرالله للاختباء خلف الدولة. إعلان حزب الله وبيانه عن “إطلاق ثلاث مُسيّرات غير مسلحة باتجاه المنطقة المتنازع عليها عند حقل كاريش في مهمة استطلاعية.. وأنّ المُسيّرات أنجزت المهمة المطلوبة وأوصلت الرسالة” وضع حدّاً لاختباء نصرالله، بل إنه ربما قلب الأدوار بين الحزب والدولة.

مُسيّرات حزب الله، تطايرت برقياً في عواصم العالم بدءاً من بيروت المزهوّة على زغل باستضافة الإجتماع التشاوري الثالث لنصف وزراء الخارجية العرب حيث استغرق أمين الجامعة العربية في شرح “المفهوم التشاوري” غير التقريري في أي مجال وبينها ملفات الصومال وليبيا واليمن وفلسطين والنازحين السوريين فضلاً عن عودة سوريا إلى رحاب الجامعة المأزومة.

أول الردود كانت من الوسيط الأميركي بملف الترسيم والطاقة آموس هوكشتاين الذي اعتبر “أن إرسال حزب الله لهذه المُسيّرات من شأنه إيقاف جهود التفاوض والتأثير على الايجابية التي رشحت عن المحادثات الأخيرة”.

ثاني الردود أتت من الحكومة التي يبدو أن رئيسها نجيب ميقاتي المحقون بجرعة مركزة من حليب الضباع الفرنسي المهجنة أميركياً، مصمّم على تحرير وزارة الطاقة من وزراء جبران باسيل، ولهذا فقد كان لافتاً النقد العلني النادر الذي وجهه وزير الخارجية عبدالله بوحبيب لحزب الله بعد اجتماعه مع ميقاتي لمناقشة موضوع المُسيّرات الثلاث التي أطلقت في محيط المنطقة المتنازع عليها وما أثارته من ردود فعل. لسعة النقد برزت في تساؤل بوحبيب الذي جدّد دعم مساعي هوكشتاين للتوصل الى حل يحفظ كامل حقوق الدولة اللبنانية، عن “جدوى هذه العملية التي جرت خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الدبلوماسي..”.

في الشكل تبرّأ البيان الدبلوماسي اللبناني من مُسيّرات الحزب، وبدا على طرف نقيض منها وربط نزاع معها في آن واحد. فعبارة “المنطقة المتنازع عليها” ربما ستشكل التغطية العملية التي سيتذرع بها حزب الله لتبرير حركة “مُسيّراته التصويرية” المتناسلة من فصيلة الصواريخ الصوتية إيّاها، وسيقول الحزب إن هدف المُسيّرات دعم موقف المفاوض اللبناني والضغط لإيقاف سفينة استخراج الغاز حتى إنتهاء المفاوضات.

لعلّ المدّقق في سلوك حزب الله الشطرنجي وانتقاله السريع من لغة التضامن الناعمة والبحث عن الإجماع الوطني لمواكبة ملف الترسيم، إلى قوة المُسيّرات الخشنة حتى لو كانت عارية من السلاح والتغطية الرسمية، سيكتشف بداهة أن كلام نصرالله “نحن وراء الدولة ومع ما تقرره في ملف الترسيم والنفط”، كان في الوقت المستقطع الذي انتهى بعيد فشل مفاوضات الدوحة غير المباشرة بين الأميركيين والإيرانيين حول الملف النووي.

بهذا المعنى فمُسيّرات الحزب باتجاه حقل كاريش كانت المؤشر الثاني على فشل مفاوضات الدوحة. أما المؤشر الأول فكان بقصف الحوثيين بصواريخ بالستية لمنطقة خميس مشيط ما أدى لتوقف العمل بمطار أبها السعودي، في خرق واضح للهدنة التي سبق للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وأعلن دعمها وتجديدها خلال لقائه برئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي عقب زيارته السعودية، في سياق دور أوكلته إيران للكاظمي لتنقية علاقاتها مع بعض جوارها العربي وخصوصاً مصر والأردن.

لقد جحّظ حزب الله بوضوح أن لبنان بالنسبة إليه، ليس أكثر من صندوق بريد لتوجيه الرسائل الإيرانية إلى من يعنيه الأمر في الإقليم والعالم والتي تستدعيها مصلحة إيران العليا في سياق تجميعها أوراق قوة أذرعها وبينها جناح إسماعيل هنية في حركة حماس، بهدف استخدامها في اللحظة الإستراتيجية المواتية لها.

إنها الرسائل الهادفة لإشاحة النظر.. عن القصف الإسرائيلي المركّز لمواقع إيران وحلفائها في سوريا وآخرها في محيط طرطوس بعد تعطيل مطار دمشق وإخراجه من الخدمة، وعن واقعها الداخلي المأزوم اقتصادياً وشعبياً ومعيشياً، لكنه في الأشهر الأخيرة بات مأزوم أمنياً وبصورة دراماتيكية متسارعة.

وبدا دوي التغييرات في المناصب الأمنية الحسّاسة، على خلفية تمكّن الموساد الاسرائيلي من اختراق وتجنيد العديد من جنرالات الحرس الثوري والمخابرات، أقوى من دوي الإغتيالات العاصفة، والانفجارات الناسفة. لتبقى تهديدات ايران “بتدمير إسرائيل إذا ما ارتكبت أي حماقة” كما يردّد جنرالاتها الكبار، مجرّد صواريخ صوتية تتناسل منها مُسيّرات تصويرية لأغراض الدعاية الممجوجة، أما استخدام الصواريخ المجنّحة والمُسيّرات المفخّخة، فهو وفق العقيدة الإيرانية ضد البلاد العربية حصراً.

لكن هل وجهت مُسيّرات الحزب رسائل إيرانية فقط، أم أنّها تضمنت رسائل روسية أيضا؟ الجواب على هذا السؤال يبرز البعد الإستراتيجي لحقول الغاز شرقي المتوسط التي دفعت مفوّضة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون ديرلاين لزيارة “إسرائيل” منتصف الشهر الماضي وإعلان التعاون معها في مشروعين لتصدير الغاز بعد تسييله في مصر حتى يتمكن الاتحاد الأوروبي من وقف اعتماده على الغاز الروسي.

بهذا المعنى فغاز شرقي المتوسط (وضمناً حقل كاريش) يأتي في صلب الحرب الروسية الأوروبية الأميركية في أوكرانيا، ومن السذاجة النظر لربط حزب الله للنزاع في حقل كاريش بعيداً عن تطورات الحرب المفتوحة وتداعياتها وانعكاساتها الإقليمية والدولية.

وإذا كانت غاية أوروبا توازياً مع محاولتها محاصرة روسيا، تأمين بديل عن الغاز الروسي، ما يحرّرها في المواجهة المفتوحة مع موسكو. فبديهي أن يكون من غايات روسيا استمرار الإطباق على شرايين أوروبا عبر منع أو إعاقة وبالحد الأدنى تأجيل تدفق الغاز الإسرائيلي البديل فيها، بهذا المعنى يمكن القول أن فلاديمير بوتين وليس حسن نصرالله هو من أطلق مُسيّرات كاريش. لكن هذا لا يلغ أن  بعض الرموز المرجّحة وغير المشفّرة لرسائل وأهداف المُسيّرات المتناسلة من اختناق المشروع الإيراني على ضوء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن المرتقبة إلى السعودية والمنطقة والتي ربما يختلف ما بعدها، عمّا قبلها، قد تشعل النيران وعلى امتداد المنطقة.

رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=24248

ذات صلة

spot_img