spot_img
spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 52

آخر المقالات

هاني الترك OAMـ أستراليا الحائرة بين أميركا والصين  

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM أثنت الصحيفة...

صرخة تحت الركام: حكاية نازح لبناني صحا ليجد أحلامه أنقاضاً

مجلة عرب أستراليا ـ صرخة تحت الركام: حكاية نازح...

هاني الترك OAM ــ  الحظ السعيد

مجلة عرب أسترالياــ بقلم الكاتب هاني الترك OAM إني لا...

علي شندب- إحراق المصحف وثنائيات الخيانة من روسيا الى لبنان

مجلة عرب أستراليا سيدني

إحراق المصحف وثنائيات الخيانة من روسيا الى لبنان

بقلم الكاتب علي شندب

أشعلت عملية إحراق نسخة من المصحف الشريف أمام مسجد ستوكهولم المركزي غضب العرب والمسلمين في رياح الدنيا الأربع جرّاء هذا السلوك الإستفزازي الخطير والمتكرّر، والذي تمّ بموافقة الشرطة السويدية وتحت أنظارها، وفق الشعار الخطير الآخر والمموج “حرية التعبير”. والحق أن سلوك الشرطة السويدية الساهرة على ضمان حرية التعبير المرذولة، يتطابق تماماً مع سلوك الجيش الإسرائيلي وهو يحمي المستوطنين عند اقتحاماتهم المتكرّرة للمسجد الأقصى المبارك. الخطير في عملية ستكوهولم تكرارها وتحت أعين الشرطة وبموافقتها، فالمرّة السابقة كانت أمام السفارة التركية في ستوكهولم، وربما لهذا السبب كانت الزمجرة الصوتية للرئيس التركي رجب طيّب اردوغان قوية ولافتة، علماً أن ما يتطلبه الموقف من اردوغان هو رفع الفيتو بوجه انضمام السويد لحلف الناتو، وليس رفع الصوت فقط.

مع هذا، لم تسرق عملية إحراق المصحف الشريف في السويد، الأضواء عن أحداث روسيا، رغم دخول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خط هذه الحادثة الخطيرة، وإعلانه خلال زيارته لمسجد “الجمعة” بمدينة بربند في داغستان، وهو يحتضن المصحف أن “روسيا تكن احتراماً شديداً للقرآن ولمشاعر المسلمين الدينية، وعدم احترامهذا الكتاب المقدّسجريمة، وفقاً للمادة 282 من القانون الجنائي لروسيا”، وإذ شكر بوتين إمام المسجد على إهدائه نسخة من المصحف الشريف،أكد بأنّه سيحظى بمكان لائق في الكرملين.

لم تسرق الأضواء، لأنّ تداعيات تمرّد زعيم فاغنر، ما زالت تخيّم على روسيا الخاضعة لمراقبة حثيثة وبالميكروسكوبات السوبر دقيقة. ورغم معالجة بوتين وفكفكته للكثير من مفاصل مجموعة فاغنر، فيرجّح أن أحداث التمرّد القصير زمنياً والذي حبس أنفاس الكوكب، ستخيم لزمن غير معلوم وفقاً لـ “ثنائية بريغوتين”، المعادلة التي عرضناها في المقال السابق.إنها المعادلة التي لا تنطلق من تماثل في ميزان القوى بين ضلعي بريغوتين. بل تنطلق من حجم الهزّة العنيفة التي أحدثها بريغوجين في كرسي بوتين، كما ومن حجم حبس الأنفاس المطبق الذي سكن العالم لنحو 37 ساعة. ولأنه ربّ محنة قد تتحول الى منحة،فيبدو أن هذه المحنة قد أيقظت كل عناصر الشك من بوتين تجاه كل ما ومن حوله، وخصوصاً بين جنرالات الجيش ودهاليزه. ما يعزّز ضمناً وجاهة بعض مطالب بريغوجين التي لم تُسمع جيداً من سيّد الكرملين لولا التمرّد، أو الخيانة التي لا تُغتفر.

لن نستغرق كثيراً في الحديث عن توقيفات واعتقالات بين جنرالات الجيش الروسي، ولا عن احتمالية مرجّحة وغير مكبوتة بإعفاء وزير الدفاع شويغو. بل دعونا نتوقف قليلاً عند الخيانة، وكيف أسقط بعض الإعلام العربي خيانة بريغوجين لبوتين على العراق، وشبّهها بخيانة الفريق حسين كامل لعمه الرئيس صدام حسين.بدون شك أنّ الفرق كبير وهائل بين الواقعتين، سيّما وأن حسين كامل، وبخلاف بريغوجين، كان جزءاً أساسياً من البنية القيادية العسكرية للعراق وليس فقط للجيش العراقي، رغم أن جزءاً مركزياً من سقوط بغداد بيد الأمريكيين والإيرانيين معاً، كان بسبب تواطئات (حتى لا نقول خيانات) عربية، وخيانات داخلية ومن خارج النظام.

ربما كان على بعض الإعلام العربياستحضار إنقلاب رفعت الأسد (قائد سرايا الدفاع الشبيهة جداً بمجموعة فاغنر، سيّما وأنها لم تكن خاضعة لوزارة الدفاع السورية)، على شقيقه الرئيس حافظ الأسد تزامناً مع تعرضه لأزمة قلبية أدخلته المستشفى، وكيف نجح يومذاك الرائد عبدالسلام جلود موفداً من العقيد معمّر القذافي فيإقناع قائد سرايا الدفاع بسحب قواته ودباباته من شوراع دمشق، ليغادر بعدها محملاً بمبلغ 200 مليون دولار من خزينة ليبيا وليس من الخزينة السورية التي تفتقد لهذا المبلغ، الى الإتحاد السوفياتي. وبهذا تمكنت المبادرة الليبية وقت ذاك وفق مذكرات جلود، من إنقاذ دمشق من حمام دمّ مؤكد، نتيجة إقتتال الأخوة المحتّم. لينتقل بعدها رفعت الأسد وملايينه الدولارية للإقامة بين باريس وماربيّا الإسبانية، ولينشىء امبراطورية عقارية، ثمّ لينتهي به المطاف بعد ملاحقته قانونياً في فرنسا لاجئاً الى دمشق بعد سماح الرئيس بشار الأسد له بما يشبه الإقامة الإنسانية.

ثمة أنواع أخرى من الخيانة، شبيهة بتلك التي تحدّث عنها بوتين، بينها ما أصاب العقيد معمر القذّافي، والأشد فتكاً منها كانت على يد رفاق الثورة والسلاح، ومنهم عبدالسلام جلود إيّاه. لكن بوتين الذي لطالما جاهر بأنّه قد تعلم من درس ليبيا، فأثبت بأنّه كان ينظر الى هذا الدرس ليس بمقياس الخيانة التي أصابت صديقه القذّافي، بل بمقياس غدر حلف الناتو له بتجاوزه تطبيق القرار 1973 الخاص بليبيا، والذي انطلق من حماية المدنيين الى تدمير ليبيا دولة ونظاماً ومقدرات بشرية ومادية، فتعلّم بوتين لدرس ليبيا كان في الثأر من عدوان الناتو ضد ليبيا، عبر قوّات فاغنر التي أعادت التوازن الإستراتيجي لروسيا ليس في ليبيا فحسب، وإنما في غالبية شمال افريقيا ودول الساحل والصحراء حيث يتبخّر النفوذ الاستعماري الفرنسي التقليدي من كل هذه البلدان وبفعل فاعل اسمه فاغنر، التي يبدو أن زعيمها بريغوجين بات متساوياً مع الناتو من وجهة نظر بوتين الذي يغفر كل شيء عدا الخيانة.

في لبنان، ثمّة نوع آخر من الخيانة. إنها الخيانة السياسية التي استفاض زعيم حزب الله في شرحها وتفصيلها وهو يعرض لمواصفات رئيس الجمهورية الجديد الذي لا يطعن المقاومة في ظهرها. وبعد تأنٍ مستفيض مُستولد من عقيدة الصبر الإستراتيجي لطبّاخها الإيراني، أسقط نصرالله هذه المواصفات على شخص رئيس تيار المرده سليمان فرنجية دون غيره،تاركاً لحليفه وشريكه السابق في تفاهم مار مخايل رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل، إثبات ليس فقط عدم مطابقته لهذه المواصفات، بل مطابقته لمواصفات أفضل من يجيد طعن المقاومة في صدرها وظهرها معاً، رغم تذاكيه المستمر بإعلان تمسّكه “الإستراتيجي” بخيار المقاومة، في ذات الوقت الذي يقرّ فيه بحقّ إسرائيل (غير المختلف معها ايديولوجياً) بالاستقرار والأمان.

الوقائع المستعرضة أعلاه، تثبت أن الثنائيات غالباً ما تكون محكومة بالخيانة خصوصاً إذا كانت من الأخ والشقيق، والأمثلة أكثر ممّا تقدم. وبحكم موقع ودور وحجم روسيا “الاسترالوجي”، فإن “ثنائية بريغوتين”التي تتناسل فصولها حول دور ومصير قوات فاغنر خصوصاً في افريقيا، ستكون الأكثر تأثيراً ودوياً وإيلاماً داخل روسيا وخارجها.

في الحديث المستغرق عن المرتزقة التي توصف بها فاغنر، ينبغي إنعاش ذاكرة البعض، بأن الأمريكيين هم أصحاب الفضل والسبق في تأسيس شركات المرتزقة العسكرية، ومن بينها شركة بلاك ووتر التي انفضح دورها في العراق، بعد تعليق عدد من جثث عناصرها على أعمدة الكهرباء بمداخل مدينة الفلوجة.

رابط مختصر-https://arabsaustralia.com/?p=29932

ذات صلة

spot_img