“الأبورجينيون” ، سكان أستراليا الأصليين ـ أكثر الفئات حرمانا
بقلم علا بياض- رئيسة تحرير مجلة عرب استراليا
تعد ظاهرة جنوح الأحداث من أبرز المشاكل والظواهر الاجتماعية المخلة بالنظام الاجتماعي في مجتمعتنا . ويتزايد قلق المجتمعات المعاصرة، مع تصاعد معدلات جنوح الأحداث والأطفال ، وهذا مادفع الحكومات والمجتمعات، الى اتخاذ سياسات واجراءات جديدة، ضمن مساعي الحد من الجنوح نحو الجريمة.
كشفت إذاعة ال أس بي أسSBS ، في تقريرها، أن الاحصائيات في نيوساوث ويلز للعامين 2019-2020 الى انه كان هناك 17،710 مجرم تتراوح أعمارهم بين 10 و 17 عامًا في هذه الفترة ، يمثلون 15 ٪ من إجمالي المجرمين في نيو ساوث ويلز. وحوالي (600) طفل تحت سن الرابعة عشرة يدخلون الى السجون سنويا. وقد دعت العديد من الجهات الحقوقية و الاجتماعية و الصحية الحكومة الفيدرالية و حكومات الولايات لرفع سن المسؤولية الجنائية من عشر سنوات الى اربعة عشر عاما.
و بموجب القوانين السارية المفعول حاليا يمكن اعتقال و تفتيش و سجن أطفال في سن العاشرة في مختلف أنحاء البلاد. ومايلفت النظر،إن السكان الاصليون يشكلون حوالي 65% من الموقوفين ممن تقل اعمارهم عن الرابعة عشر.
معاناة أطفال السكان الأصليين الأستراليين الأبورجيون
كشفت صحيفة الغارديان الأسترالية، في تقريرها الإستقصائي، تزايد عدد السجناء من السكان الأصليين، Aboriginal وهذا مايستدعي الاهتمام في البحث عن الأسباب والدوافع ـ وذهبت الصحيفة ابعد من ذلك، بانا مايكاد احد سكان أسرتراليا الأصليين مغادرة السجن الا وعاد اليه من جديد.
التحقيقات نقلت مشاعر وردود المعتقلين من السكان الاصليين، بان حياة التشرد التي يعيشونها في شوارع وازقة استراليا، هي ليست افضل حال من ان يكونوا خلف القضبان، وهذا مايعبر عن طبيعة الحياة التي يعيشها المواطن الاسترالي الاصلي الأبورجينز، يفاوض ان يعيش حياة افضل.
وهذا يعيد ذاكرة تاريخ السكان الاصليين الأستراليين، مطلع القرن الماضي، عندما كان البريطانييون يربطون السجناء من السكان الاصليين بالسلاسل، ليقضوا باقي عمرهم في السجون.
وأظهرت الدراسات المتعاقبة أن الاتصال مع نظام القضاء الجنائي في سن مبكرة، من شأنه أن يسبب ضرراً كبيراً للأطفال، ولعائلاتهم، وللمجتمع برمته.. وكلما كان الأطفال الذين يتم سجنهم للمرة الأولى صغار السن، كلما ازداد تكرار ارتكابهم للأعمال الجنائية، حتى ينتهي بهم المطاف إلى دخول سجون البالغين، قبل أن يبلغوا سن الثانية والعشرين من عمرهم.
وذكرت دراسة اخرى ايضا، نشرت عام 2016، إن 94% من الأطفال الذين يتم سجنهم في مرحلة ما بين 10 إلى 12 عاماً، يعودون إلى السجن قبل سن الثامنة عشرة.. اما الخبيرة الأسترالية بعلم النفس، الدكتورة تراسي ويسترمان، فتقول إن السجن لا يعلم الأطفال تحت سن العاشرة أي شيء، بل يفاقم وجع المشكلات التي يعانونها.
وبينما يشكل الأستراليون الأصليون 3% من السكان، فإنهم يمثلون أكثر من ربع السجناء البالغين، كما أنّ أكثر من نصف الأطفال المحكوم عليهم في أستراليا من السكان الأصليين، وتفيد بعض الدراسات أن الصبي المراهق من السكان الأصليين يذهب إلى السجن أكثر من الذهاب إلى الجامعة. يذكر أن سكان البلاد الأصليين ظلوا عن عمد على هامش السياسة لفترة طويلة، حتى إنهم لم يحصلوا حتى عام 1962 على حق التصويت في الانتخابات الفيدرالية، ويوجد عدد قليل جدًا منهم في البرلمان الفيدرالي.
تعريف المراهقه الجانحه والمنحرفه
تكون هذه المرحلة مليئة بالسلوكيات الجانحة وكذلك الانحرافات والسلوكيات الشاذة والتي تكون أما في مجال الجنس، السرقة، الهروب، أو المخدرات .وتكون هذه الانحرافات والجنوح نتيجة الحرمان العاطفي في البيت أو المدرسة، وكذلك مشكلة الفراغ الذي يعد الدافع الاول للانحراف والجنوح في المراهقة إذا أسيئ استخدامه. حيث يتميز هذا النوع من الجنوح عند المراهقين بعدم التفريق بين الصح والخطأ والخير والشر . ويرى “فرويد ” في نظريته أن المراهقة هي أزمة نشاط كبيره للتوترات والصراعات . ويقول “اركسون ” أن المراهقة هي مرحلة الذاتية أو الهوية، حيث أن المراهق يعيش أزمة هوية يتم حل هذه ألازمة أما بتكوين هوية ايجابية منسجمة أو هوية سلبية مشوشة.
أسباب جنوح المراهق
تعاني الكثير من الأسر في المجتمعات من تفشي ظاهرة انحراف المراهقين، وجنوح المراهقين جماعيا أو فرديا وكأنه فيروس يتكاثر بسرعة وذات عواقب وخيمة و مدمرة ، والحاجة إلى الأمان والاستقرار حاجة مهمة للإنسان عمومًا، و الشعور بالامن النفسي في مرحلة المراهق يبثّ الاستقرار والطمأنية ويسمح للمراهق أن يفهم نفسه ويتعامل معها بطريقة ايجابية، إضافة إلى التكيّف والتفاعل مع بيئته بشكل سليم، فالأمن النفسي، شأنه شأن الأمن الغذائي والاقتصادي والصحي والسياسي.
وهناك اجماع لدى الخبراء والمعنيين في “الجنائيات” إن العوامل الأجتماعية هي المسؤولة عن عدم التوافق الذي يحدث بين الفرد ومجتمعه، والذي ينتج في ألاخير الجنوح والانحراف ، حيث تتسع دائرة الفرد خاصة في مرحلة المراهقة فيلجأ بالبحث عن رفقة جديدة تتفق مع ميوله ورغباته وتشبع شهواته، وتعتبر هذه الجماعات من أشد الجماعات تأثيرا على الشخصية وعلى تكوين أنماط السلوك.
عدم ترابط الاسرة
تلعب الأسرة دورا مهما وكبيرا في مساعدة المراهق على تحمل المسؤوليات ، ومع تزايد نسبة الطلاق بين الأسر في جميع المجتمعات، وتزايد نسبة الانفصال يقع المراهقون على عاتقهم مسؤوليات تفوق أحيانا مستوى نضوجهم الفكري والعاطفي والاجتماعي، ويفرض عليهم لعب أدوار لا تتلائم مع قدراتهم وطاقاته وحرمانهم من بيئة سليمة للنمو توفير البيئه الملائمة للانجاز وتحقيق الذات. وتوصلت دراسات حديثة إلى وجود علاقة وطيدة بين قسوة الأبوين وجنوح المراهق نحو السلوكيات الخاطئة مثل التسكع في الشوارع أو الانخراط في سلوكيات جنسية أو عدوانية. وبينت الدراسة أن تدني المستوى الدراسي للوالدين داخل العائلة من العوامل المشجعة على الجنوح.
التقييم
إن الجنوح ظاهرة مرضية تهدد حياة المجتمع ومؤسساته، وتؤدي إلى ضياع فئة الشباب ، انطلاقا من فكرة أن الجانحين يعتبرون ضحايا ظروف قاهره. وان متابعة هذه الفئة بطريقة غير مباشرة لتفادي الضغط عليهم من جهة ومن جهة أخرى لتوفير الجو المناسب لتفادي انحرافهم أو جنوحهم،
ويحبذ لو تكون الرعاية بهذه الفئة قبل جنوحها وليس بعد ذلك، من أجل تفادي المشكلات التي قد تنجر عنها سواء على المراهق نفسه أو أسرته وحتى مجتمعه، ويكون ذلك عن طريق توعية الشباب بخطورة الانخراط في هذه الزمر الجانحة، وخاصة تأثيرها على المجتمع،وأن يعطي فرصة ثانية لهذه الفئة ومحاولة إعادة الاندماج، وكذلك إعطاءهم فرص أخرى في الحياة.
المعالجات
ـ إتخاذ الحكومة الأسترالية سياسات وقوانين جديدة تعيد الاعتبار الى السكان الاصليين بالحفاظ على لغتهم وثقافاتهم،ورغم ان أستراليا قدمت الاعتذار عن سياساتها ضد السكان الاصليين، لكن مطلوب منها توضيح اكثر لسياساتها الخاصة بحقوق السكان الصليين.
ـ أن تلعب المدرسة دور المساند للمراهقين .
ـ الاهتمام بحماية جسده وصحته وبتطوير قدراته الجسدية والاستمتاع بها.
ـ تطوير القدرات الذهنية والمفاهيم الضرورية للمواطنية والمشاركة الفعالة في المجتمع.
ـ بناء الصلابة الداخلية اللازمة للتكيّف مع الأوضاع الصعبة (بخاصة لهؤلاء المراهقين الذين يعيشون في ظروف صعبه ).
ـ إكتساب المهارات الحياتية اللازمة من ثقافة عامة وتعاطف اجتماعي التي تساعده على تطوير علاقته مع نفسه ومع الآخرين.
ـ التعاون مابين المدرسة والأسرة من أجل إصلاح الخلل بمحاولة الكشف المبكر بالنزوح نحو الجنوح لدى التالميذ، من أجل وضع الحلول والمعالجات الإستباقية او الوقائية.
ـ ان يكون دورا الى المؤسسات الأجتماعية، من أجل تحسين مستوى المعيشة وضمان التوعية عن طريق وسائل الاعلام المختلفة ، وتوعية الأسرة من اجل خلق جو أسري داخل البيت من شأنه ان يبث الراحة والاستقرار، ويجنب المراهق من النزوح نحو الجريمة.
نشر في جريدة التلغراف الاستراليه
رابط مختصر –https://arabsaustralia.com/?p=16703