مجلة عرب أستراليا سيدني غابت الفرحة!
بقلم الكاتب عبد الفتاح خطاب
هاجرت ابنتي نادين وحفيدتي آية الى كندا.غادرتا بلداً أيقنتا بعد معاناة مريرة أنه لا يؤمّن لهما (ولن يؤمّن لهما) الفرص المتكافئة في العمل واللقمة الكريمة والأمان والرعاية المقبولة في حدّها الأدنى.فجأة غابت الحيوية واختفت الابتسامة وخرست الضحكة والقهقهة المجلجلة في منزلنا. ساد الصمت والسكون والحزن، وغلبت العتمة حين تلاشت ألوان الفجر برحيل النضارة والأمل الموعود بالغد.
واختفت رائحة الأطعمة الزكيّة التي يُعدّانها من مكوّنات بسيطة بحرفيّة عالية والتي تفوح في أرجاء المنزل وتنشر فيه أريج السعادة والهناء والرضا بنعمة الله وستره.صدق من قال ان «البنت قرة عين أبيها ونبض فؤاده، وصديقته بلا شبهات، وحبيبته بلا غيرة، رفيقة عُمْر مضمونة والقلوب بحبها مسكونة، سبب الرزق رغم ضعفها، وأم أبيها رغم صغرها، وسبيله إلى الجنة بإذن ربها» … اللهم احفظ بناتنا.
رغم فجيعتي، سأردد بكلماتي تلك القصيدة الشهيرة قائلاً: يا حادي العيس في ترحالهما الخلاص والأمل … والبداية والانطلاقة الجديدة … بإذن الله وحفظه وهديه وتوفيقه.أتقدم من ابنتي نادين ومن حفيدتي آية ببالغ الاعتذار والأسف، والأسى والندم، باسمي وباسم الآباء والأجداد لأننا جميعاً لم نستطع أن نخلق ونهيئ لهما وطناً بقدر طموحاتهما وقدراتهما وأحلامهما، وجُلّ ما استطعت هو الدعاء لهما بالتوفيق في الهجرة والغربة!
المؤلم أنه، حتى برنامج توفير القسط الجامعي الذي سدّدتُه بالدولار على مدى سنوات عديدة، والذي يُفترض أن يؤمّن أقساط الدراسة الجامعية لحفيدتي، تحوّل إلى رهينة مُحتجزة لدى المصرف المُغتصِب!
لقد تقاعسنا جميعاً عن تحقيق أحلامنا واحلام أبنائنا وأحفادنا … وأنا شديد الأسف يا ابنتي ويا حفيدتي، وخجل منكما، وحزين ومُنكسر إلى أقصى الحدود. من قلبي المفطور المفعم بالقهر أدعو كل أم وأب غاب عنهم أحبابهم في المهجر أن يُشاركوني الدعاء التالي:
أدعو الله القويّ القهّار الجبّار القادر المُهيمن المُذلّ المُميت المُنتقم … أن ينتقم لي ولعائلتي واللبنانيين من الظالمين الفاسدين القتلة الذين حرموني بصيص الأمل في شيخوختي وهجّروا فلذات كبدي.يا ربّ، اللهم عليك بمن ظلمني وظلمهما وقهرني وقهرهما. ربّي أنت حسبي ووكيلي اجعل للظالمين نصيباً مما شعرت به وآلمني.اللهم انتقم منهم في ليلة لا أخت لها، وساعة لا شفاء منها، وبنكبة لا انتعاش معها، وبعثرٍة لا إقالة منها.
اللهم اسقم أجسادهم، وانقص آجالهم، وخيّب أمالهم، وأزل ظلمهم، واجعل شغلهم في بدنهم، ولا تفُكّهم من حزنهم، وصيّر كيدهم في ضلال، وأمرهم إلى زوال، ونعمتهم إلى انتقال، وسلطانهم إلى اضمحلال، وعافيتهم إلى شر مآل، وأمِتْهم بغيظهم إذا أمتّهم، وأبقهم لحزنهم إن أبقيتهم، وقنا شرّ سطوتهم وعداوتهم، فإنّك أشدّ بأساً واشدّ تنكيلاً. إنك على كل شيء قدير يا ملاذ المكلومين ونصير المظلومين.
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=14735