مجلة عرب أستراليا ـ بقلم عباس علي مراد
كنت أعتقد أن معظم المغتربين وخصوصاً من يعتبر نفسه يملك الوعي الوطني والثقافي والإنساني… محصنين ضد الوباء المرضي الذي بسببه تم تهجيرهم لأنهم لم يهاجروا كما يحاول البعض اقناعنا.
أسباب تهجيرهم لم تكن بنت اليوم، لا بل كانت وليدة مائة عام ونيف، أي منذ ولادة لبنان الكبير في ظروف تاريخية معينة ولأسباب معينة، لا رغبة في تحسين ظروف معيشة أبناء هذا البلد ولا تخدم تطوره لأن المستعمر الفرنسي (الأم الحنونة) هو من زرع بذور الفتنة في الدستور اللبناني الأول الذي تضمن المادة 95 التي تنص على الغاء الطائفية السياسية، والتي ما زالت معلقة على مشجب الإنتظار حتى بعد مغادرة المستعمر الفرنسي وتعديل الدستور في العام 1989 في ما عرف باتفاق الطائف.
الأزمة الثانية كانت الحرب الأهلية التي بدأت في العام 1975 والتي سماها البعض حروب الاخرين على ارض لبنان، وبدأت تحت شعار إخراج الفلسطينيين من لبنان بينما الأهداف غير المعلنة بدأت تتضح يوماً بعد يوم من أجل التغطية على الفشل السلطوي في الإصلاح الشامل وبناء دولة المواطن على حساب رغبة السلطات المتوالية على الحكم في الحفاظ على امتيازات دفع اللبنانيون ثمنها من أرواحهم وارزاقهم وتهجير أبنائه في الداخل والخارج (ولم يسلم منها حتى المواطنين الذين ادعوا الدفاع عنهم ) وهذا ما برز في تحالفات هذه الفئة ذات الشمال وذات اليمين.
بعد الطائف تم تلزيم لبنان للوصاية السورية وبدأ عهد جديد من الانحدار والفساد وبنفس الأدوات السابقة مع مشاركة فئات سلطوية جديدة أدت إلى الانهيار الاقتصادي المالي والنقدي في العام 2019 والذي يعرف ابطاله جميعاً.
شارك الإعلام الذي اشترى سلامة معظمه بالرشاوي وشراء الذمم لذر الرماد في العيون وتحميل المسؤولية لما سمي بالدويلة على حساب الدولة التي كانت غائبة في الدفاع عن لبنان، الذي استبيحت أراضيه في عدة اجتياحات إسرائيلية، منها اجتياح عام 1982 والذي وصل فيه العدو إلى بيروت وعلى أثره تم توقيع اتفاق 17 أيار في عهد امين الجميل.
هنا ادعو إلى كل من دخل وسيدخل في هذا السجال أن يقرأ كتاب أسعد شفتري الحقيقة ولو بصوت يرتجف الصادر في تموز 2016.
كان لا بد من هذا السرد التاريخي الموجز للعودة إلى صلب الموضوع وهو دور المغتربين، وبشكل خاص بعض الاعلامين والذين يتسابقون في ما بينهم للدفاع عن سقطة وليد عبود عندما قال ” حلو عنا” والتي لا تبرير لها رغم محاولته تبرير انه ساوى بين السياديين والممانعين على قاعدة ظلم بالسوية عدل بالرعية.
لماذا العتب على هؤلاء الاعلاميين في الاغتراب
أولاً، بسبب الدخول في مزاد انشائي على حساب الحقيقة.
ثانياً، ندعي كمغتربين أنه من الواجب نقل التجربة الديمقراطية التي نعيشها إلى الوطن لا أن ننجر إلى زواريب المصالح السلطوية في لبنان. اليس من أجل ذلك تطالبون في المشاركة في الإنتخابات اللبنانية؟
ثالثا، كيف لنا ان نعيب على البعض مهاتراته على برامج البث المباشر في الاذاعات الناطقة باللغة العربية في أستراليا والتي تبث الترويج للفتنة.
رابعا،ً كما تعلمون، نعيش في المغترب الأسترالي حيث القوانين تمنع وتجرم خطاب الكراهية والتمييز على أساس العرق والجنس والخلفية الثقافية…
قبل أن اختم هناك الكثير من الشعارات التي ترفع لا تسمن ولا تغني اللبناني عن جوع ولم توصله إلى صليب الخلاص الوطني، منها الحياد، حب الحياة، ثقافة الموت وثقافة الحياة، ما بيشبهونا وحلو عنا…
الواضح والجلي أنّ في لبنان أزمة هوية وليس اللبناني هو من يقرر مصيره، ويجب أن لا نتوقف عند ما يقوله السفهاء والتفهاء. لان شراكتنا ومصيرنا مع الصادقين والمؤمنين بأن مصيرنا واحد ووطننا واحد والأرض لنا جميعأ، وليس هناك غير صفة واحدة تشملنا وهي صيغة ضمير الجمع نحن إذا كنا صادقين.
أخيراً، “ما هكذا يا سعد تورد الابل” هناك العديد من الأسباب التي يمكن سردها حتى لا نشارك في هذا الجدل والسجال رغم حرصنا على حرية التعبير وحرية الرأي الهادفة والتي تغني النقاش الجاد إلا إذا كنتم تريدون أن ترددوا مقولة:
إشهدوا لي عند الأمير..
رابط النشر-https://arabsaustralia.com/?p=43097