spot_imgspot_img

إصدارات المجلة

العدد 54

آخر المقالات

هيفاء العرب ـ مواكب الجمال…

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم المهندسة هيفاء العرب ـ...

عباس مراد ـ “لحظةً سوداء في تاريخ أستراليا”

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الكاتب عباس علي مراد هاجم...

الدكتور طلال أبوغزاله ـ غزة تواجه المجاعة والخذلان

مجلة عرب أسترالياـ  بقلم الدكتور طلال أبوغزاله الخطاب الغربي...

غدير بنت سلمان ـ صرخة الجائع… وأفول الإنسانية في زمن “النظام”

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتبة غدير بنت سلمان  منذ...

هاني الترك OAMـ فرقة الأنغام العربية الساحرة

مجلة عرب أسترالياـ بقلم الكاتب هاني الترك OAM حضرت الأسبوع...

عباس مراد ـ أستراليا: تداعيات الزلزال الإنتخابي “اغتيالات وانشقاقات سياسية”

spot_img

مجلة عرب أستراليا ـ بقلم الكاتب عباس مراد

هذا هو الأسلوب المعمول به في حزب العمال وعلى أعضاء القبيلة (الحزب) القبول بنهج القبيلة

رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي

انتهت الانتخابات الفيدرالية الأسترالية إلى ما انتهت إليه، نصر انتخابي غير مسبوق للعمال منذ الحرب العالمية الثانية (93 مقعداً)، وهزيمة انتخابية هي الأولى من نوعها والأسوأ لحزب الأحرار منذ تأسيسه عام 1949 (43 مقعداً)، ونهاية الحياة السياسية لزعيم الحزب بيتر داتون الذي خسر مقعده الانتخابي، وهذا ما حصل أيضاً لزعيم حزب الخضر آدم باندت الذي خسر مقعده في مجلس النواب، بالإضافة إلى نائبين آخرين ليحتفظ الحزب بمقعد واحد في مجلس النواب، بينما لم تتأثر كتلة الحزب في مجلس الشيوخ (11 عضواً) والمستقلين 9 مقاعد والمقاعد الأربعة الباقية ذهبت للأحزاب الصغيرة.

في الوقت الذي يستمتع حزب العمال بالانتصار، ويتجرع الائتلاف والخضر مرارة الهزيمة الكاسحة، لكن تداعيات الزلزال الانتخابي على الأحزاب الأربعة الرئيسية لم ينجُ منها الرابحون والخاسرون،
فالرابحون بدأت مشاكلهم تطفو إلى السطح، وكذلك الخاسرون الذين بدأوا لملمة جراح الهزيمة وانتخاب قيادات جديدة وإعادة التموضع السياسي.

حزب العمال، وقبل أن يمضي أسبوع على النصر التاريخي حتى كشرت عن أنيابها الطبيعة القبلية لرؤساء الأجنحة الحزبية، وبدأت حرب تصفيات سياسية أطلقها نائب رئيس الوزراء ريتشارد مارلز الذي يتزعم جناح اليمين في فكتوريا، ورغبة منه في تعزيز حصته والتموضع لخلافة أنتوني ألبانيزي، فتخلص من النائب مارك دريفوس النائب العام السابق اليهودي الوحيد في الحكومة، ووصلت رصاصات اغتيالاته إلى نيو ساوث ويلز والتخلص من أد هيوسك الوزير المسلم الوحيد في حكومة قبل الانتخابات، لاحقاً تم ترقية آن علي لتصبح أول امرأة مسلمة عضواً في مجلس الوزراء الفيدرالي والتي تسلمت حقيبة التعددية الثقافية في الحكومة الجديدة.

هيوسك وصف ما قام به مارلز بأنه اغتيال سياسي وبدون قناع، من شخص كان من المفترض أن يتصرف كرجل دولة، لكنه فضل أن يتصرف بأنانية وكرئيس مجموعة حزبية ولأسباب شخصية مقدماً مصلحته على مصلحة الحزب والناخبين وأستراليا، وانتقد هيوسك رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي لعدم تدخله ووضع حد لجموح مارلز، خصوصاً أن ألبانيزي خرج من الانتخابات بتفويض غير مسبوق من الناخبين، لكن ألبانيزي رفض التدخل وبرر ذلك بأن هذا هو الأسلوب المعمول به في حزب العمال، وعلى أعضاء القبيلة القبول بنهج القبيلة حيث تتوزع الأجنحة الحصص الوزارية.
ألبانيزي الذي يترأس جناح اليسار في الحزب والذي زاد عدد أعضائه بـ 9 نواب في الانتخابات الأخيرة وحسب العرف الحزبي أو القبلي كما أسماه ألبانيزي، سوف تزيد حصته الوزارية، لذلك لم يتدخل لإنقاذ هيوسك (من اليمين) الذي تم التضحية به لصالح بقاء الوزراء طوني بورك وجيسن كلير وكريس بوين وجميعهم من جناح اليمين في نيو ساوث ويلز لكنهم أقرب إلى ألبانيزي.
من جهته ألبانيزي كما ريتشارد مارلز مارس نوعاً من الكيدية السياسية للتخلص من تركة غريمه السياسي بيل شورتن زعيم الحزب السابق، الذي ترك العمل السياسي فأعطى حقيبة الخدمات الاجتماعية لتانيا بليبرسك بدل البيئة حقيبتها التي كانت تشغلها في الوزارة السابقة رغم أنها من جناح اليسار.
مارك دريفوس المدعي العام السابق والذي أُطيح به ينتمي لجناح اليمين في فكتوريا الذي يترأسه مارلز، لم يدلِ بأي تصريح عقب عزله وقد عومل دريفوس باستخفاف من قبل مارلز الذي لم يرد على مكالمته الهاتفية ليعود ويبلغه التخلي عنه لحساب حلفاء مارلز الخلص.
وزير الخزينة جيم شالمرز برر ما حصل بأننا بحاجة إلى دماء جديدة لإعطاء دفع للعمل الحكومي، مع العلم أن هيوسك أصغر سناً منه ولديه خبرة وزارية وازنة، ولدى هيوسك رواية أخرى لتراجع حظوظه للبقاء في الحكومة بسبب صراحته وموقفه بشأن الرد الإسرائيلي على هجمات حماس في 7 أكتوبر (وصف ما تقوم به إسرائيل بالتطهير العرقي) ومناقشته الموضوع داخل مجلس الوزراء وأضاف غاضبًا: “لا يمكنك الاحتفاء بالتنوع وتتوقع مني أن أبقى صامتًا في مقعدي” وهذا ما لم يرضِ وزيرة الخارجية بيني وونغ التي لا تريد بقاء هيوسك في الحكومة حسبما قال المحرر السياسي للهيرالد بيتر هارتشر في برنامج (إنسايدرز) على قناة أي بي سي 11/5/2025.

تصرف ألبانيزي ولا مبالاته وعدم تدخله للحفاظ على هيوسك ودريفوس لاقى انتقاداً قاسياً من رئيس الوزراء العمالي السابق بول كيتنغ، وكذلك فعل وزير الخارجية الأسبق غاريث إيفانز.

حزب الأحرار بعد الهزيمة القاسية يفتقر إلى القوة اللازمة للفوز في الانتخابات القادمة هيكلياً، لجأ أخيراً إلى انتخاب سوزان لي كأول امرأة لرئاسة الحزب منذ تأسيسه عام 1949، ولكن مجلس الحزب لم يعطِها تفويضاً كبيراً ففازت بفارق بسيط على منافسها وزير الخزينة السابق في حكومة الظل المعارضة أنغس تايلر (29 صوتاً للي مقابل 25 لتايلر) مما سيجعل مهمتها صعبة وأقرب إلى الفشل رغم أنها وعدت بالعمل مع الذين انتخبوها والذين عارضوا انتخابها، وقد انتخب نائباً لها تيد أوبراين الذي كان يشغل منصب وزير الطاقة في حكومة الظل السابقة التي كان يرأسها بيتر داتون.

لي المولودة في نيجيريا والبالغة من العمر 63 عاماً تنتمي إلى جناح يمين الوسط في حزب الأحرار، كانت قد تولت مناصب وزارية في حكومات طوني أبوت ومالكوم تيرنبول وسكوت موريسون وشغلت منصب نائب زعيم المعارضة تحت رئاسة داتون وعدت بالعمل من أجل إعادة الحزب إلى الساحة السياسية، ومقاربة مختلفة لأستراليا المعاصرة، وإعادة النظر بالسياسات التي أدت إلى خسارة الحزب الكاسحة سواء العلاقة مع النساء أو الشباب وسياسة الحزب المتعلقة بالطاقة وزيادة أعضاء الحزب وغيرها …

فهل ستنجح لي حيث فشل داتون وتعود وتكسب ثقة الناخبين أم أنها ستفشل حيث نجح داتون بتوحيد الحزب؟؟

حزب الوطنيين شريك الأحرار الصغير في الائتلاف أعاد انتخاب ديفيد ليتل براود لرئاسة الحزب بعد أن تحدى زعامته مات كانفان، يقضي القانون الداخلي للحزب بأن يصبح منصب رئيس الحزب شاغراً بعد الانتخابات العامة بعكس الأحزاب الأخرى.

لكن الحزب لم ينجُ من تداعيات الانتخابات حيث أعلنت النائبة جاسينتا برايس الانشقاق عن الحزب والالتحاق بحزب الأحرار، بعد وعد من الأحرار بانتخابها نائبة لرئيس الحزب مع تايلر لتعود وتتخلى عن ترشحها بعد أن أظهرت الأرقام ترجيح كفة سوزان لي، وقد وصف زملاؤها في الحزب الوطني خطوتها بالخيانة لأن الحزب سوف يخسر من حصته في حكومة الظل بسبب انشقاقها بعد أن فازت بمقعدها كمرشحة عن الحزب الوطني.

حزب الخضر والذي لديه آلية خاصة في اختيار زعيم الحزب، اختار الخميس 15/5/2025 السيناتورة لاريسا ووتر المولودة في كندا زعيمة للحزب، ومهريني فاروقي نائبة لها، ولاريسا هي المرأة الثانية التي تتولى زعامة الحزب الذي شغلته سابقاً كريستين ميلين، وجاء اختيار ووتر بعد خسارة زعيم الحزب آدم باندت منصبه في مجلس النواب بسبب تبادل حزب العمال الأصوات التفضيلية مع حزب بولين هانسون أمة واحدة اليميني المتطرف، والائتلاف من أجل الإطاحة بباندت الذي نال النسبة الأعلى من الأصوات الأولية وعزى باندت هذا التصرف لموقفه من حرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة.

إذن، اكتملت صورة المشهد السياسي بعد اختيار الأحزاب لقياداتها الجديدة وتشكيل حزب العمال لحكومته التي أقسمت اليمين الدستورية أمام الحاكم العام سام موستين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل ستطول إقامة ألبانيزي في اللودج بعد أدائه في تشكيل الحكومة وترك الأجنحة أو القبائل المتصارعة كما أسماها تنفذ أجندتها، وعدم تدخله في وقف الاغتيالات السياسية كما قال النائب والوزير السابق أد هيوسك؟

المعروف أن حزب العمال لديه سوابق في هذا الشأن عندما انقلب على زعيمه كيفن راد عام 2010 رغم أنه حقق لهم فوزاً كبيراً في انتخابات عام 2007 بعد 11 عاماً أمضاها العمال في المعارضة لينصّب مكانه جوليا غيلارد.

نعم، كتب أنتوني ألبانيزي التاريخ، وسجل له مكاناً في كتب التاريخ كما قال طوني بيري.

نعم، أطاح ألبانيزي بزعيمي خصومه السياسيين الأحرار بيتر داتون والخضر آدم باندت.

نعم، حصل ألبانيزي على نتيجة مهمة للعمال من حيث عدد المقاعد، وليس من حيث عدد الأصوات (نال العمال ثلث الأصوات فقط) كما قال نيك ماكيم، النائب من حزب الخضر والذي شغل منصب القائم بأعمال زعيم حزب الخُضر قبل انتخاب لاريسا ووتر.

أخيراً، ارتسمت الابتسامات على الوجوه أمام الكاميرات عند أداء الوزراء اليمين الدستورية أمام الحاكم العام الثلاثاء 13/5/2025، لكن الجميع سيتذكر الدماء التي سالت في قاعة اجتماعات مجلس الحزب (الكوكس) بسبب حفنة من أصحاب النفوذ والمحسوبية التي يمارسونها في أجنحتهم وقبائلهم.

هنا يطرح السؤال نفسه، هل سنكون أمام فريق عمل حكومي متجانس أم جماعة من المتنافسين تطغى عليها الممارسة الفئوية الانقلابية، وهل سيقبل ألبانيزي في حال انقلب عليه زعماء الأجنحة بما ارتضاه للوزيرين دريفوس وهيوسك، أم سيتخلى عن الكياسة أو اللطف الذي قال إنه لا يعني الضعف والتي تغنى بها في مناظرته الأخيرة مع بيتر داتون على القناة السابعة أثناء الحملة الانتخابية؟

إن غداً لناظره قريب وكيف سيكون رد الناخبين في حال لم تقم الحكومة بتنفيذ وعودها الانتخابية والعمل على تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين.

رابط النشر-https://arabsaustralia.com/?p=42212

ذات صلة

spot_img