مجلة عرب أستراليا سيدني-الفنان حلمي التوني يحتفي بالمرأة على طريقته الخاص ب”مواويل” تشكيلية
بقلم صفاء عزب(القاهرة)
اشتهر بعشقه لحواء فكانت ملهمته وبطلة لوحات
اشتهر الفنان المصري التشكيلي الكبير حلمي التوني بعشقه للمرأة فكان أكثر الرسامين تصويرا لها ودفاعا عنها وعن حقوقها من خلال لوحاته عبر مسيرته الفنية التي تجاوزت 60 سنة فن، وبلغ اهتمامه بها أن جعلها بطلة أعماله في جميع المعارض التشكيلية التي قدمها في حياته بل كان يحرص دائما على أن يكون افتتاح معرضه في شهر مارس من كل عام باعتباره شهر المرأة في مختلف أنحاء المعمورة، تعبيرا عن حبه له وتأكيدا على مشاركته الإحتفال بها في هذه المناسبة على طريقته الخاصة حتى وإن اختلفت الموضوعات محور المعرض، لكنها تظل مرتبطة ارتباطا وثيقا بحواء معشوقته الأولى.
واستمرارا لهذا النهج احتفى التوني مؤخرا بالمرأة في عيدها العالمي هذا الشهر بمجموعة جديدة من لوحاته الجذابة وقدمهاكعادته في أبهى حالاتها، وذلك في معرضه التشكيلي المقام حاليا بمنطقة الزمالك بالقاهرة والذي اختار له عنوان “مواويل” وهو اسم يعكس مضمون المحتوى الذي يبلغ عشرات اللوحات التي تشع نورا وتفاؤلا وتنبعث منه نسمات الحب المعطرة بروائح الربيع وجماله البديع.
جاءت “مواويل” التوني معبرة عن حالة العشق الجارف التي تكتن
فه للمرأة على اختلاف خلفياتها البيئية والثقافية وبما يتسق مع حرصه الدائم على الدفاع عنها والإعلان الصريح عن مفاتنها في جميع حالاتها وفي مختلف أوضاعها الجسدية بشكل يتسم بالتحرر من القيود والجرأة في الإفصاح عن مكامن الجمال والصراخ بمفاتنه دون ابتذال وبإتقان ومهارة أنامل مبدعة تكشف عن صاحبها حتى وإن لم يضع توقيعه على اللوحة.
في أحدث معارضه المقامة حاليا بالقاهرة برع الفنان حلمي التوني في تقديم مواويله التشكيلية بأسلوب جذاب جمع بين جمال الصورة والألوان عندما استخدم المرأة ك”تيمة” أساسية كعادته في لوحاته دائما، وهي تعزف على إحدى الآلات الموسيقية مما أضفى مزيدا من السحر والجمال حتى استشعر المتلقى بألحان تصدر من اللوحات فتسكن الوجدان، تماما كما تنسجم الآذان بسماع المواويل والألحان، إضافة إلى استخدام السمكة والطيور والزهور كعناصر مشتركة بين أعماله. وزاد التوني في إبداعه أن استخدم لوحاته في إحياء بعض الأغنيات الشهيرة لكبار الفنانين أمثال سيد درويش ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم في نعومة رقيقة محدثا حالة من المتعة المزدوجة بين جمال الموسيقى وجمال المرأة وهو ما جعل “مواويل” عنوانا متناغما مع أعمال التوني.
في لقائي به بمرسمه عشية إقامة المعرض كشف التوني ل”عرب أستراليا” عن غرامه الكبير بالمرأة وحبه لها قائلا: أرسم المرأة في لوحاتي ولا أرسم الرجال إلا جزئيا لإضفاء معنى معين في الصورة يتعلق بالمرأة كأن أرسمها وزوجها تعبيرا عن مشاركتها له، ويأتي حرصي دائما لرسم المرأة لأني أشعر بالظلم الكبير الذي تتعرض له في مختلف أنحاء الكرة الأرضية وإن كان يتفاوت من مكان لآخر، ولذلك أسعى دائما لتأكيد استحقاقها للإنصاف في الحياة. كما أن المرأة كانت في مراحل تاريخية سابقة سيدة العالم وقائدته لولا ما تعرضت له من أوضاع نتقدة خاصة في العالم العربي، وهي أول بروتوتايب أي أول نموذج يرسم في البشرية من خلال “فينوس” الأم.ولا شك أن المرأة مخلوق يشع جمالا في كل مكان ولا أستطيع مقاومة عشقي لها من خلال حبي للتعبير عنها باختلاف أنماطها الثقافية.
وعن ملهمته أو الموديل الذي يستوحي منه بطلات لوحاته الجميلات يقول التوني إنني عندما أرسم المرأة لا أصورها كالكاميرا وإنما أعبر بريشتي عن الطريقة التي تراها بها عيني ومخيلتي، بما يتناغم مع الرسالة التي تحملها اللوحة أو الفكرة الكامنة وراء خطوطها. وهو يؤكد أن هناك عناصر للوحة تبدأ بالرؤية تمهيدا لعملية نقلها من الواقع مع الحفاظ على موسيقى اللوحة الذي يعتمد على توزيع الألوان ما بين المساحات الصغيرة والكبيرة على سطح اللوحة.
وبمناسبة ذكر موسيقى لوحاته، وعلاقتها بحرصه للدمج بينها وبين موسيقى الألحان والأنغام، يقول التوني إنني أعشق الموسيقى وخاصة الطربية لكني لا أستمع إليها أثناء الرسم حتى لا أنشغل بها على حساب اللوحة، ويأتي اختياري لأغنيات تعبر عنها اللوحات انطلاقا من حرصي على بث روح الجمال والتفاؤل والتخلص من كل ما يثير الحزن والإكتئاب الذي أصابنا هذه الأيام بفعل ما نمر به من أحداث. وقد تكون الأغنية هي مصدر الإلهام فأقوم بالتعبير عنها تشكيليا، وقد يحدث العكس أن أجدني أتذكر أغنية تلح علي وأنا أرسم اللوحة وهكذا.
على الرغم من اقترابه من سن التسعين لازالت أنامله تبدع بحس مرهف وروح شبابية متقدة عاشقة للحياة كما لو كان شابا في مقتبل العمر، وعن سر هذه ا لحالة الفنية الإنسانية النادرة يقول التوني إن الفن متعة جميلة والفنان ينطلق كالطفل مهما كان عمره، ولا أشعر بأي تعب حتى لو كنت أمر بأزمة صحية بل بالعكس يمنحني الرسم طاقة إيجابية على مقاومة المرض وحينما أتوقف أشعر بالتعب، فأنا أعشق عملي.
وعن “مواويله” في أحدث معارضه الذي يحمل نفس الإسم يقول الفنان حلمي التوني
أعبر عن موسيقى المواويل والأغنيت الشهيرة من خلال خطوطي وألواني باستخدام العنصر الرئيسي والأحب لقلبي وهو المرأة التي تعد هي البطلة المعبرة عن المعنى الخاص بالموال أو اللحن الشهير. مثلا رسمتها في حالة انتظار وترقب في الشرفة تعبيرا عن أغنية “أنا في انتظارك” لام كلثوم. وكذلك عبرت عن أغنية محمد عبد الوهاب “أحب عيشة الحرية” وتناولت مواله الشهير “بالتبر لم بعتكم بالتبن بعتوني” برؤية تشكيلية في لوحة أخرى. وعدت بالزمن إلى عصر الموسيقار سيد درويش وعبرت بريشتي عن أغنية طريفة فولكلورية له تقول كلماتها “خد البزة ونام” ورغم ما تبدو عليه من شعبية إلا أن باقي كلماتها تتضمن معاني وطنية ومقاومة للإحتلال البريطاني وقتها. وقد حاولت أن أنهل من المعين الشعبي الموسيقي العربي فرسمت مشهدا معبرا عن أغنية “طالعة من بيت أبوها داخلة بيت الجيران” للفنان العراقي ناظم الغزالي.
وتتنوع لوحات معرض حلمي التوني على أوتار ريشته ونغمات خطوطه وألوانه مكونة ألحانا جميلة تتناغم مع المواويل والأغنيات التي يعبر عنها من خلال بطلته ومعشوقته الأولى المرأة التي أراد من خلال معرضه أن يقدم لها هداياه الفنية ويحتفي بها على طريقته.
يذكر أن الفنان حلمي التوني فنان تشكيلي مصري من رواد فن التصوير الزيتي والتصميم وحصل على جوائز رفيعة من مختلف أنحاء العالم أبرزها ألمانيا والتي حصل منها على جائزة معرض بولونيا لكتب الطفل عام 2002 وميدالية معرض ليبرج الدولى لفن الكتاب، كما قدممعارض دولية كبرى فى سوريا ولبنان والعراق واليابان والبرتغال وألمانيا .
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=14847