بقلم الأستاذ زياد علوش
مجله عرب استراليا -سدني – تشكل عملية التخطيط الإستراتيجي وسيلة هامة لتمكين السلطات ومجموعات العمل المحلية (البلديات، والمنظمات غير الحكومية، والفئات الشبابية، وأصحاب الشأن) من تعزيز مساهمتها في رسم معالم الخطة الإنمائية وتنفيذ مشاريعها.
مشكلة التوازن في التنمية قديمة اذا اعتبرناها مجموعة من المتغيرات الذهنية والمجتمعية التي تمكن مجموعة بشرية معينة من زيادة ناتجها الأجمالي بشكل ثابت وتراكمي يجب ان نميز بين الفترات الزمنية في مجال الطابع المتوازن او غير المتوازن للدولة.
اواخر العهد العثماني في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين نمت بيروت والمناطق المحيطة بها نتيجة اعتبارها مرفأ اساسياً لشرق المتوسط ومركزاً لتصدير الحليب واستيراد المصنوعات الأوروبية.عدلت سلطات الأنتداب الفرنسي الى حد ما من هذا اللاتوازن عكس الاعتقاد السائد!عممت التعليم الرسمي, كذلك الأستشفاء الحكومي وطورت الزراعة في الأطراف والغت ضريبة العشر.
في عهد الأستقلال بدأت ترجمة ميثاق الأستقلال الوطني عام(1943)اقتصادياً مقابل توزيع السلطة بين الطوائف جرت اعادة توزيع للمال العام بقنوات التعليم والأستشفاء والمياه والتوظيف عهد الرئيس فؤاد شهاب حيث جرت عقلنة مفهوم الإنماء المتوازن في الوحدة الوطنية والعدالة الإجتماعية, منتصف الستينات بلغ التراخي حد الشلل التام؛وفي بداية الحرب الأهلية العام 1975 أدخلت عناصر اخلال فاضحة بالتوازن في ميادين التطور الاقتصادي الاجتماعي بفعل المعارك التي دارت وما رافقها من تهجير.
مع انتهاء الحرب الأهلية ادخل مفهوم الأنماء المتوازن كهدف اساسي للدولة في صلب دستور الطائف وهو بند في مقدمة هذا الدستور. وتميزت السياسات الإنمائية للدولة اللبنانية بعناصر تدفع الى إنماء اكثر توازناً مع عناصر تدفع الى انماء أقل توازناً. وعند التنفيذ تسبب بوجود مفاعيل عناصر تدفع في الأتجاهين:المرحلة الأولى, العناصر باتجاه الأنماء المتوازن؛ تم توسيع نطاق التعليم الرسمي والاستشفاء والطرق مع وجود ثغرات عديدة في التخطيط والتنفيذ كذلك توسعت شبكة مياه الشرب والصرف الصحي والكهرباء والهاتف رغم اخفاقاتها المعروفة حتى الآن.
من جهة ثانية؛كانت هناك عناصر تدفع باتجاه انماء غير متوازن على الصعيد الأقليمي عندما حرمت مناطق واسعة من الإنفاق الضروري على الشبكات إياها أي المناطق العكارية خصوصاً والشمالية عموماً كما انفق بشكل غير عقلاني وغير متوازن في بيروت والجبل،كذلك على الصعيد القطاعي المتعلق بدعم القطاع المصرفي من خلال السياسات المالية والنقدية المعروفة على حساب القطاعت المنتجة الأخرى منها السلع والخدمات التي كانت عناصر قوة الإقتصاد السابق, وانفق بإسراف في قطاعات عديدة من البنى التحتية دون جدوى كإنتاج الكهرباء ..
كذلك القطاع الصناعي عرقل ولوجه الى مشاريع الدولة الإعمارية ثم سياسات جمركية واتفاقات خارجية, كذلك بالنسبة للقطاع الزراعي فقد اهملت مشاريع الري واستصلاح الأراضي،رفعت الحماية عن هذا القطاع واغرقت الأسواق بالمنتجات الرخيصة الثمن على حساب الجودة وباتت السلع المحترمة نادرة
عكار خير شاهد على هذا الوضع غياب سياسات الدعم بالمطلق حتى التعويضات الكوارثية تذهب الى جيوب ما يشبه الطبقة المافيوية التي يصعب اختراقها أدت سياسات دعم صرف الليرة الى الإخلال بالإقتصاد والمجتمع,أعاقت القطاعات المنتجة للسلع والخدمات من خلال خنق التصدير وتسهيل الإستيراد، عممت هذه السياسات اصحاب الدخول الريعية على حساب المنتجين وضربت القوى العاملة برفع مستوى البطالة واغرقت الداخل بالقوى العاملة الوافدة من بلدان ذات مستوى معيشي متدن
واهمل التعليم الرسمي وزاد اللا توازن الإجتماعي بإضعاف فرص العمل المجدية امام ابناء هذه الفئات الإجتماعية التي تشكل الشريحة الشعبية الأوسع،إضافة الى تدني مستوى تشغيل المستشفيات الحكومية وسائر المؤسسات العامة.
(كاتب )-زياد علوش
رابط مختصر https://arabsaustralia.com/?p=1865
الكاتب :الصحفي :زياد علوش