مجلة عرب أستراليا”،مع بداية العقد الثالث من القرن ال21 ـ تُؤشِّرُ على عُلُوّ كعبها في عالم الصحافة،مُتعدّدة الأوجه !
بقلم : الدكتور.مصطفى الحلوة ، رئيس الإتحاد الفلسفي العربي
مجلة عرب أستراليا ـسيدني ـ تسنّى لي ،منذ أشهر معدودات ،أن أواكب لِمامًا”مجلة عرب أستراليا”الإلكترونية،فخرجتُ بإنطباع أوليّ ،خُلاصتُه أن الصحافة العربية في أستراليا لازالت بخير،وليتعزّز هذا الإنطباع الإيجابي،بعد أن إطّلعتُ بتأنٍّ على العدد الخامس عشر-كانون الثاني 2021،الذي تفتتح به هذه المطبوعة العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين.وقد كان لي أن أخرج بالخُلاصات الآتية :
أ-إتّسام المقالات الخمس عشرة،التي حواها العدد،بالتنوّع الموضوعاتي،مُترجِّحةً بين السياسة والثقافة،والعلم،والصحة العامة من باب نظام التغذية،والإجتماعيات(المناسبات وسواها)،والفن ،والطرائف،وعالم الموضة.
هكذا يتحصّل أن المطبوعة،عبْرَ هذه الموضوعات المتعدّدة،تُخاطبُ العقل والمشاعر والذوق،بل الذائقة الفنية..كل أولئك يُمثّل الملكات الأساسية ،لدى القارىء.
في تفصيلٍ للمسألة،فإن الموضوعات ،التي تناولت تعديل النشيد الوطني الأسترالي(بكلمة واحدة)،لضرورات الوحدة الوطنية ،كما المقال الذي إستعرض محنة السناتور شوكت مسلماني وخروجه منها منتصرًا، إلى المقال حول الشهيد جبران تويني..هذه المقالات ثلاثتُها تندرج تحت باب السياسة.
في حين أن الموضوعين العائدين لتحفيز الأطفال على المطالعة،وإستعراض حال الثقافة العربية في أستراليا ينضويان إلى باب الثقافة. وعن المقال الذي يُقارب التنويم المغناطيسي،فهو مُنتمٍ إلى مجال العلم-مع تحفُّظنا عن سمته العلمية الصِرفة-فالمسألة خاضعةٌ للنقاش !
وثمة موضوعٌ آخر ،في مجال الصحة،حول جهاز المناعة وشيخوخته،يُمكن إدراجُه في هذا المجال. وفي باب التغذية،نجدُنا بإزاء رجيم الكيتو:إيجابياتٍ وسلبيّات.
أما على الصعيد الفني،فلدينا قصيدة الشاعرة الرقيقة سوزان عون،ومقال حول المخرج السوري المبدع الراحل حديثًا حاتم علي،صاحب ثلاثية غرناطة. ومن مقلبٍ آخر،باب الإجتماعيات/المناسبات،بمقال بل خبر ،حول تكريم الجمعية الطبية الإسلامية من قِبل المطبخ الطرابلسي…إلى باب الطرائف،حيث نقرأ عن أُستراليين حوّلا حافلة مدرسية إلى منزل.وأخيرًا ،ثمة إستراحة مع عالم الموضة والأزياء،بتوقيع المصمّم اللبناني العالمي زهير مراد.
ب- إن هذه المروحة من الموضوعات،تُتيح للقارئ،غير المتخصّص،حرية التنقل من موضوع إلى آخر،فلا يُصيبه الملل.وإلى ذلك،فإن التنوّع الموضوعاتي،يُرضي مختلف الأذواق،ويستجيب لإهتمامات القرّاء المعرفية،وفق مستوياتهم الفكرية المتباينة.
ج-ثمة سمة إيجابية،تتمثّل في رفد كل مقالة بصُور ملوّنة مُشعّة،تتلاءم مع معطيات الموضوع المطروح،وبهذا تكون مخاطبةٌ للعين،عبر هذه الصور.في هذا السياق ينبغي أن لاننسى أننا في عصر الصورة وإبهار الصورة،وفعلها في النفوس !
وعن جميع الصُور،التي إزدانت بها المجلة،فقد تميّزت بنقاوتها،حتى لتكاد تخرج من إطاراتها!..من هنا كانت لُغتان ،تتوجّه بهما المجلة إلى القرّاء: لغة الكلام ولغة الصورة،وكلتاهما ناطقتان !
د-في جملة الميزات الإيجابية جماليةُ الإخراج،مما ينمُّ عن حرفية مهنيّة في عالم الصحافة .وقد جاءت الموضوعات ،لجهة الحرف(caractère) المستخدم،سهلة القراءة ،بما يُريح النظر،لاسيما لكبار السن.
ه-في تقويمنا ما كُتب ومَن كتبوا،نخلص إلى أن غالبية الموضوعات ذات أهمية،من مُنطلق راهنيتها،وإلتزامها الموضوعية في طروحاتها.هكذا غدت ذات فائدة،تُبصّر القارىء ببعض معطيات وحقائق غير مُستهلَكة.وعن اللغة المتوسَّلة ،فقد إمتازت بسلاستها وسهولتها وإنسيابيتها.ولنا،في هذا المجال،ان نتمثّل بالجاحظ،حيث يقول:”خير الكلام ما كان قليلُه يُغنيك عن كثيره،ومعناه في ظاهر لفظه!”
إستكمالًا لمراجعتنا المتواضعة، نتوقف عند الغلاف الخارجي للمجلة،حيث تتصدّر صورة السناتور شوكت مسلماني،بإبتسامته”الطفولية”ووجهه الطافح بِشْرًا ومحبة وتواضعًا،وهو الذي تعرّض لمؤامرة دنيئة ،دُبِّرت في ليلٍ،رمت إلى إخراجه من الحياة السياسية العامة،
ولكن “جاء الحقُّ وزهق الباطل،إن الباطل كان زهوقا!”.ولو قُدِّر لهذه المؤامرة أن تنجح لكانت جاليتنا اللبنانية والجوالي العربية فقدت مرجعية إغترابية،لطالما جسّدت الوجه الوضّاء للحضور العربي في أستراليا.
في تراثنا الشعبي يتردّد “المكتوب يُقرأ من عنوانه”،وإذْ شكّلت صورة السناتور والمقالة القيّمة حوله العنوان الأكثر بروزًا،فهما قد منحتا هذا العدد من المجلة صُدقية عالية،مستمدة من رفيع خُلقه ،ومن القيم السامية ،التي فُطر عليها،ويمارسها في يومياته.
كما أن هذه الصدقية تعود إلى تلك المقالة المبدعة ،بقلم القيّمة على المجلة الإعلامية المتألقة علا بيّاض،إذْ كان لها أن تروح عميقًا في إستعراض محنة سناتورنا المحبوب.
..ختامًا،إننا في تقويمنا “مجلة عرب إستراليا”،لا بدّ أن نُثمّن عاليًا الدور البنّاء،الذي تُؤدّيه ،بكفاءة ملحوظة،راعيتها الأولى ،الإعلامية والكاتبة الطرابلسية/اللبنانية/الأسترالية عُلا بيّاض،إذْ “تُبيّضُ”وجه وطنها الأم ،وترفع إسمه في عالم الإغتراب…إنها ومثيلاتها وأمثالها ،من النُخب اللبنانية والعربية،يمثّلون خطّ الدفاع الأول عن الثقافة العربية واللغة العربية في ما وراء المحيطات والبحار،فَسَلِمَتْ أقلامُهم الحرّة ودامَ عطاؤهم !
بأسمي وباسم فريق عمل مجلة عرب أستراليا، اقدم الشكر والتقدير الى حضرة الدكتور مصطفى الحلوة، رئيس الإتحاد الفلسفي العربي، الى مراجعته النقدية، واعتز بشهادته وان شاء الله نكون عند حسن ظن قراء مجلة عرب أستراليا.
علا بياض ـ رئيسة التحرير وصاحبة الإمتياز
رابط مختصر … https://arabsaustralia.com/?p=13645