مجلة عرب أستراليا ـ بقلم د. فريد لخنش

في ظل التصعيد العسكري في الشرق الأوسط، برز موقف أستراليا تجاه الضربات الأميركية الأخيرة على إيران بوصفه متوازنًا بين القلق من التهديدات النووية والدعوة إلى التهدئة. فقد أعربت الحكومة الأسترالية عن قلقها إزّاء البرنامج النووي الإيراني، معتبرةً أنه يشكّل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين، إلا أنها شدّدت في الوقت نفسه على ضرورة خفض التصعيد وتغليب الدبلوماسية.
وفي حين تبنّى التحالف الفيدرالي الأسترالي موقفًا مؤيدًا للهجمات الأميركية، ظهرت أصوات معارضة من خبراء القانون الدولي وحزب الخضر، حيث وصفوا الضربات بأنها انتهاك صريح لميثاق الأمم المتحدة، الذي لا يجيز استخدام القوة إلا في حال الدفاع عن النفس ضد هجوم مسلح فعلي، وليس مجرد توقّع لهجوم وشيك.
وقد اعتبر الخبراء أن هذه الضربات تشكّل سابقة خطيرة، وتُضعف هيبة القانون الدولي في ضبط العلاقات بين الدول. كما أشار البروفيسور دونالد روثويل إلى أن هذا النهج قد يفتح الباب أمام دول أخرى لتبرير تدخلات عسكرية تحت ذريعة الدفاع الاستباقي، ما قد يُقوّض النظام الدولي القائم على القواعد.
على الصعيد الداخلي، تعمل الحكومة الأسترالية على إجلاء مواطنيها العالقين في مناطق النزاع، لا سيما في إيران وإسرائيل، حيث تجاوز عدد المسجلين للمغادرة 3800 شخص. وقد تم تجهيز طائرات مدنية ومستودعات دعم لوجستي، بانتظار إعادة فتح المجال الجوي.
وفي هذا السياق، حافظ وزير الدفاع الأسترالي على موقف متحفظ، مؤكداً من جهة على خطورة البرنامج الإيراني، ومن جهة أخرى على أهمية الحوار وخفض التصعيد. ومع تصاعد الدعوات الداخلية لرفض الانخراط غير المشروط في سياسة الحلفاء، يتضح أن أستراليا تقف أمام اختبار صعب: بين الالتزام بمبادئ القانون الدولي والحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية.
أستراليا بين مطرقة التحالف وسندان الشرعية الدولية
وفي ضوء هذه الرؤية الضبابية والانقسامات السياسية بالداخل الأسترالي، وكذا التحديات الإقليمية المتسارعة، يبدو أن أستراليا مضطرة لإعادة تقييم موقعها بين حلفائها التقليديين ومبادئ القانون الدولي التي طالما دافعت عنها. فالموقف من الضربات الأميركية ليس مجرد قرار سياسي عابر، بل يمثل اختبارًا حقيقيًا لمصداقية السياسة الخارجية الأسترالية، وقدرتها على الحفاظ على استقلاليتها الاستراتيجية في بيئة دولية تتجه نحو الاستقطاب والتصعيد.
وفي ظل العلاقة الوثيقة التي تربط أستراليا بالولايات المتحدة، سواء على الصعيد العسكري أو من خلال اتفاقيات الدفاع والتجارة، يصبح موقف كانبرا أكثر تعقيدًا. فبينما تسعى للحفاظ على التزاماتها الدولية ودعم النظام القائم على القواعد، تجد نفسها في الوقت ذاته مرتبطة بتحالف استراتيجي يُحتّم عليها مواقف محسوبة تجاه التحركات الأميركية. وبالتالي، فإن أي انحراف عن الحياد أو التصعيد في هذا الملف قد يُلقي بظلاله على مستقبل الشراكة الثنائية، ويضع السياسة الخارجية الأسترالية أمام معادلة صعبة بين المصالح الأمنية والمبادئ القانونية.
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=42977
المراجع:
- Albanese government criticised for ‘weak’ response to US attacks on Iran as experts decry ‘flagrant breach’ of law https://n9.cl/m8v7ox
- Operation Midnight Hammer: US deployed bombers over the Pacific as ‘decoy’ during Iran operation https://n9.cl/ep8km