مجلة عرب أسترالياـ بقلم د. ريـاض جـنـزرلي

شاءت الأقـدار أن يكون الجد بعـيدا عـن أولاده وأحـفاده، ثم شاءت أن تأتي إلـيه حفـيـدته ذات السنتـيـن لـتعـيش معه، فـتملأ الـبـيـت بهجة وسرورا، وتمنحه حياة افـتـقـدها منـذ أن كـبر الأولاد وتفـرقـوا في الـبـلاد، فأحب الشاعـر أن يكتب رسالة لحفـيدته تـقـرؤها حينما تكـبر، فـقال:
غـداً عـنـدما تَـكـبُــريـن
عـنـدمـا حـبـيــبــتي
بـالـعُـمْـرِ تَـكْـبُـريـنَ
أرجُـوك أنْ تَـذَكَّرِي
مـن ذا أحـبـك وارتوى
مِـن ذي الـطـفــولـة
مـن سـنـيـن
مـن جـدّة.. أو والـــدٍ
أو خـالـةٍ
أو مـن جمـيـع العارفـيـن
أحـبـابُ..
أو أصـحـابُ كانـوا
فـي زمـانٍ حـاضـريـن..
جَـدَّتُــكْ قــدْ ألـبَـسَــتْـكِ
مِـن يَـدَيْـهــا
أجْـمَـلَ الـلـبـاسْ
رغــــم الـعـذاب
أو الأنــيـنِ
رغْـــمَ آلامِ الـيـدَيْــنِ
رُغْــمَ هَــمِّ لا يَـبـيـنْ
رُغــم أوجاع تغالـت
لا تـزولُ ولا تـلـيـنْ
جَـدُّكِ الـمَكلـومُ يَـصـبُـو
أن يَـــراكِ في الـحِـمَى
تـغْــدِيـنَ أنــثـى حُـــرَّةً
بـيـنَ الإناثْ جـمـيـعـهم
تَمـشـيـنَ عالـيةَ الجَـبـيـنْ
جَـــدُّكِ الـمُـلـتـاعُ حُـبّـــاً
راغـبٌ
في أنْ يـراكِ.. دائـمــاً
في انـتـبــاهٍ واحـتـراسْ..
سـاجـداً يـدعــو إلـهـا
أن يُـزيـلَ الـهــمّ عـن
كلِّ الخـلائـق راحـمـاً
مِـن كـلِّ بــاسْ
أن يُـعـيـد العـزّ تـاجـاً
والـفَـخَـارَ بـلا انـتِـكاسْ
أن يكون العـمر خـيرا
في رؤاكِ
والحِـمايـةَ والـرّعـايـةَ
فـيـكِ يا أحـلى الإنـاثْ.
سِـيـريـنُ – حـبُّـكِ
في عُـروقِ الـقــلـبِ يَـسْـري
لا يُـغــادرُ.. كالأساسْ.
* * *
أنــت يا أغــلى الأحـبّـةِ
في عُـيــونيَ تَـكْـبُــريـنَ
وغـدا سـيـأتي فـاذْكَّـري
أنَّــا نُحِـبُّـكِ دائـمـاً
مـن غـيـرِ حَـلْـفٍ
أوْ يَـمـيـنْ
رغـمَ الـبـعـادِ، أو الـفـراقِ،
أوِ الأنـيـنْ
أوْ حـيـثُ مـا حَـلّ الـفـنـاءِ..
أو حـيـثُ صِـرنـا
حـيـثُ غـابَ الأصـدقـاءْ
قــولي لهـم:
رغـمَ كلِّ الـحـاسـديـنْ
رغــم كـل العـابـثـيـن..
إنّـا نُـحِـبُّـكِ
صِـادقِ الـحُـبِّ الأمـيـنْ
ذاك حُـبٌّ
لـيـسَ تَـعـرِفُـهُ الأُنـاسُ
وإن بــدا أو لا يُـبـــيـنْ
يا حـلــوتي.. يا إبـنـتي..
أرجــوكِ أن تـتـجـلّـدي..
لا تَـحـزني..
كُـفِّي دُمـوعَــكِ
وانـثَــني..
إن الـفِـراقَ مُـقَــدَّرٌ
بـلْ ذاك مـا حَـكَـم الـقـضـاءْ.
سـيـريـنُ – إنّـكِ
قـد جَـعَـلـتِ الـبـيـتَ.. حَـيّـاً
بعــدَ أن كـادتْ تـمـوتُ جُـذورُهُ
أو يَـشْـــتَـفِي
مـنـهُ الخَـواءْ
كـلُّ الـخـــلائــقِ
قـد أحـبَّـتْ إبـنَـتي
ســيـريـنَ –
مِـن غـيْـرِ افـتِـراءْ
سِــيـريـنُ –
يا زَيـن الـبـنـاتِ وأنـتِ يا
أحـلى الـنِّـساءْ
يا روحَ جَـدِّكِ..
روحَ خـالِــكِ..
روحَ خالـتِـكِ الـرَّضِـيّـةِ
قـلـبَ جَـدَّتِـكِ الحـزيـنْ…
بَـسْمـةَ الأمـلِ الـبـعـيـدِ
شــوقَ كلِّ الـعـاشقـيـنْ
ما عُــدْتُ أقـدِرُ أن أُتِمَّ
بُـنَـيَّـتي
مِـن جَـذوةِ الأشــواقِ
أو فَـــرْطِ الـحـنـيـــنْ
يا أكثَرَ الأطفالِ قُـرْباً
مِـن فـؤادي..
اُذكُـري..
كـم قـد حَـمـلـتُـكِ والـهـاً
كي تَـشـتَـري.. مـا تَـرغَـبـيـنْ
كـمْ قـــد حَـضَـنْـتُـكِ في يَـدايَ
وأنـت طُـرّأً تَـضْحكـيـنْ
في ثـوب حُـضْـني
كـم جَـلَـسْـتِ..
لـتـَعْـبَـثــيْـن.. وتـلـعـبـيـنْ
يـا لـيْـتَ أنّـك
كلّ عـامٍ تَـذكُـريـنْ
الـلــهُ أعـلـمُ هــلْ أراكِ
بُعَـيْـدَ هـاتـيك السـنـيـنْ
أو أنْ أرَى
مَـن بَـعْـدِ بُـعْـدِكِ
كـيف أنـك تَـكـبُـريـنْ؟
ســــيـريـنُ قـولـي
عـنـدما تَـتَـذكَّـرِيْـن
يـا قـلَـبَ جَــدّي؟!
صـاحـبَ الـحُـبِّ العـظـيـمْ
كم كـنتُ ألعـبُ في حِـمـاهُ
وأشـتـري فـي كـلّ حـيــنْ
أشــتـاقُ ســــاعـاً أنْ أراهُ
لِـيَـرجِـعَ الـعَـهـدُ الـقـديـمْ
إن لـــم أكــنْ..
فـتَـخَـيّـلــيْـني.. واقـرَئي
بـالـحـمْـدِ مِـنْ
بَـدْءِ الكـتابِ الـمُـستـقـيمْ
ولِـروْحِ جَـدِّكِ
مَــن أحـبَّــكِ
كُـلَّ هـاتـيْـكَ الـسـنـيْـنْ.
اِهْـدِي لـهُ الآيـاتِ والـذِّكْـرَ الـحَكـيـم.
ثـمّ اقـرَئي (اَلـحَـمْـدَ) عـنّي
واصـبـري
بـل واذكـريـنـي.. واذكُـريـنْ
رابط النشر- https://arabsaustralia.com/?p=42019