مجلة عرب أستراليا سيدني – التسول حول العالم..هوامش بشرية وفنون دعائية
بقلم دكتور علي موسى الموسوي / النرويج
لا تزال التواريخ المنسيّة تقص لمتصفحها أحداثاً وظواهر عالمية تعيد اجترار نفسها وحياتها بكامل التفاصيل والهوامش البشرية، ومنها التي لا يزال الجدل والغموض يحيط بأسباب انتشارها وتأريخية تمددها المُرعب، البعض التقط نظرة تحليلية وأكد من خلالها ان الأزمة الاقتصادية العالمية وراء ذلك الشيوع الغريب والبعض الآخر يرى إن دول أوروبا الشرقية كانت سبباً رئيسياً لانتشار تلك الظاهرة وتدعيمها عبر سياسات التخبط والطبقية.
أما الآلية التفكيكية لأوضاع وطرق التسول في العالم فنجدها مختلفة ثقافياً ومتباينة جغرافياً، ففي الهند مثلا هناك مدينة خاصة بالمتسولين لها قوانينها وطريقة خاصة في العيش داخلها، أما في البلاد الشرقية التي تمزقها الحروب والصراعات الطائفية والمذهبية فيختار المتسولون على الأغلب أماكن العبادة وأرصفة الطرقات على العكسِ من أوروبا التي تجدهم فيها يتمركزون داخل أنفاق المترو والساحات العامة وقرب المتاحف ومنهم من يقدم عروضاً سحرية وهناك من يستعرض بحركات بهلوانية وآخر بأعمال فنية.
ولكن الأكثر جذباً وسخرية هي اللافتات ذات التعليقات الغريبة والمضحكة التي يتفننون في كتابتها وعرضها أمام الناس واضعين من خلالها صندوقاً صغيراً لجمع النقود، فما بين الرسم والموسيقى وتأدية الألعاب السحرية وارتداء الملابس الغريبة ورسم الوجوه بالألوان المختلفة، لجذب السياح والتقاط صور السيلفى ابتكر متسولو الدول الأوروبية طرقهم الخاصة للحصول على الأموال وكذلك الحرص على الجلوس عند أرصفة الطرقات مع وضع علب من البلاستيك أمامهم يكتبون عليها عادة عبارات مثل “أنا جائع” او “الرجاء المساعدة” وغيرها من العبارات المؤثرة، وتُشير المعلومات بهذا الخصوص أن القسم الأكبر من المتسولين أمثال هؤلاء هنا في أوروبا هم بلدان أوروبا الشرقية أو ما يسمى بمجتمعات الغجر.
إضافة إلى أن جلوسهم على الأرصفة والممرات المزدحمة هو أمرا مدروساً بعناية لأنه يؤدي إلى تعرضهم للاصطدام بالمشاة وهو ما يستغله المتسولون في الواقع لجني المزيد من الأموال كما يتعمّد المتسولون أحيانًا لاستخدام أطفالهم بهدف إيقاف المشاة في الطرقات والإصرار على طلب المال بحجة العودة إلى بلادهم فيضطر المارة الاستجابة للتخلص منهم، علماً ان المارة الذين يتعاطفون معهم ويتبرعون لهم بشكل مستمر هم الذين جعلوا منهم ظاهرة اجتماعية خطيرة تقض مضاجع المجتمع الأوربي ومشكلة اجتماعية مرشحة للتفاقم خلال الفترة القادمة سيما بعد صعود أحزاب اليمين المتطرف في بعض بلدان الاتحاد الأوربي والفجوة الاقتصادية الحاصلة بين بلدان أوروبا الغربية والشرقية.
رابط مختصر..https://arabsaustralia.com/?p=19181