مجلة عرب أستراليا سيدني
في السّياسة والاقتصاد… ماذا تعني “إعادة تقييم علاقات” البرلمان المغربي مع “الأوروبي”؟
بقلم الكاتب خلدون زين الدين- النهار العربي
تصويت فـ… ردّ. البرلمان الأوروبي أولاً، صادق على قرار يدين المغرب في مجال حقوق الإنسان، وينتقد ما أسماها “الهجمات على حرية الصحافة وحرية التعبير”. البرلمان المغربي بغرفتيه قرّر تالياً “إعادة تقييم” علاقاته مع نظيره الأوروبي.
في جانب، ممثلو الشعوب الأوروبية داخل المجلس صوّتوا بالأغلبية. القرار توصية تقدمت بها مجموعات من أقصى اليسار ومن الخضر الأوروبيين. في الجانب الآخر، وطوال يومين لم يصدر أي موقف رسمي مغربي. وسائل الإعلام الرسمية تجاهلت الخبر، قبل أن تبدأ بالظهور تباعاً ردود فعل هيئات مدنية، أحزاب، مؤسسات رسمية وأخرى دستورية، فخطوة كانت الأقوى صدرت عن البرلمان المغربي بغرفتيه، فماذا تعني “إعادة تقييم العلاقات” بين البرلمانين؟
“النهار العربي” سأل أستاذ التعليم العالي في الجامعة المغربية الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الخالق التهامي، والإعلامي والمحلل السياسي المغربي مصطفى الطوسة (باريس).
أزمة مع بعض المجموعات
“الموقف الذي عبّر عنه البرلمان المغربي بغرفتيه، هو تقريباً موقف رمزي يهدف، لبعث بعض الرسائل السياسية والإعلامية إلى البرلمان الأوروبي”، يقول مصطفى الطوسة. لا يمكن أن نتحدث عن أزمة أو قطيعة بين المملكة المغربية ودول الاتحاد الأوروبي فقط انطلاقاً من توصية قدمها البرلمانيون الأوربيون “لأن موقف البرلمان الأوروبي لا يُعيد النظر في الاتفاقيات البنوية الموقعة بين المملكة والاتحاد”.
“هناك أزمة بين بعض المجموعات البرلمانية والمغرب”، يقول الطوسة، هذه المجموعات برأيه “ربما تخدم أجندات معينة لدول أوروبية أو لدول خارج أوروبا، لكن ليس هناك بالمعنى السياسي التقليدي أزمة سياسية بين المغرب كدولة ودول الاتحاد كمؤسسة”، وخير دليل إلى ذلك، أن رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فوندرلاين” عندما توجهت إلى المغرب، وحتى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية جوزيب بوريل، كانا يشيدان دائماً بالعلاقات الاستراتيجية بين مؤسسة دول الاتحاد الأوروبي والمغرب، لكن “ما يمكن أن نفهمه من هذا التصعيد السياسي والإعلامي من البرلمان الأوروبي، أن الأخير تحوّل إلى ساحة لوبيات وجماعات ضغط تستغل هذه المنصة لكي تشوّه صورة المغرب، ولكي تحاول أن تنسف الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول الاتحاد (…)”.
لا أزمة بنيويّة
لحد الساعة، يقول مصطفى الطوسة لـ”النهار العربي”: “لم تنجح المجموعات في تحقيق أهدافها، وخير دليل هي المواقف التي عبّرت عنها القيادات الأوروبية؛ وهي مواقف لا تعطينا أبداً فكرة بأن هناك أزمة بنيوية بين المغرب ودول الاتحاد”.
أمام المغرب “وسائل عدّة للإجابة على هذا الهجوم السياسي والإعلامي من البرلمان”، يؤكد الطوسة، فأولاً هو يندد بتدخل مؤسسة برلمانية أوروبية في الشؤون الداخلية للمغرب في قضايا حقوق الإنسان واستهدافه بطريقة واضحة، بينما البرلمان الأوروبي بكل مجموعاته النيابية صامت نهائياً بما خص حقوق الإنسان ووضعية الصحافيين، سواء تعلق الأمر بالجزائر أو تونس، لذلك المغرب، والرأي العام المغربي، يتساءل عن الأسباب الكامنة وراء هذا الاستهداف – يقول الطوسة – والأجندة التي يريد أن يحققها هذا الاستهداف، وهي من وجهة نظر السلطات المغربية، واضحة؛ هذه المجموعات تحاول أن تنسف الشراكة المغربية الأوروبية، ولكن دون تحقيق أي نجاح حتى الساعة “إلا على المستوى الإعلامي وعلى مستوى تشويه وتلويث صورة المغرب في الفضاء الأوروبي (…)”.
قد تكون تداعيات اقتصادية، ولكن؟!
جانبان يضيء عليهما اقتصادياً أستاذ التعليم العالي في الجامعة المغربية الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الخالق التهامي في حديث لـ”النهار العربي”. فبالنسبة للتداعيات الاقتصادية لما تشهده العلاقة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يقول، يجب أن نلاحظ التالي:
أولاً، يقول د. التهامي، ما حدث هو في الأساس مع البرلمان الأوروبي وليس مع المفوضية الأوروبية، بمعنى ليس مع المستوى التنفيذي، وبالتالي “لا أعتقد أنّ الاتفاقيات ستتأثر”. هناك ما هو بين البرلمانيين إعادة نظر في العلاقات هذا صحيح، يقول، ولكن ليس (إعادة نظر) في الاتفاقيات المطروحة، كاتفاقيات التبادل الحر أو اتفاقيات الصيد البحري وغيرها، “فهي بمنأى عن ذلك، لأن هناك فرقاً بين البرلمان الأوروبي والمفوضية، بحيث إن “المفوضيّة لم تُتمّم ما قام به البرلمان الأوروبي بوضوح”.
تداعيات مختلفة
وفي الجانب الثاني، يتابع، “الحالة لحد الساعة ما زالت على المدى القصير”، وبالتالي العواقب لا يلمسها أي أحد على المستوى الاقتصادي. “أعتقد أن الوضع يأخذ وقتاً أطول لتتضح الأمور؛ وهل سيكون لها انعكاس على المستوى الاقتصادي. حتى لو حدث على المستوى المتوسط، ستكون ردود الفعل مختلفة بين المغرب وبعض البلدان في الاتحاد الأوروبي”.
باعتقاد د. عبد الخالق التهامي، “بعض البلدان سيستفيد من هذه الوضعية، لأن ليس هناك الموقف نفسه؛ فموقف فرنسا مثلاً سيئ، ويمكن أن تكون له انعكاسات، لأنها هي التي تزعمت الحركة ولكن لن يكون هناك مثلاً رد الفعل نفسه مع إسبانيا ومع بلدان أخرى”، يؤكد. وبالتالي على المدى القصير، لن يكون هناك أي شيء، بينما على المستوى الاقتصادي قد يكون ذلك على المدى المتوسط، وقد يكون مختلفاً من بلد إلى آخر نظراً لمستوى التشنج، “الذي هو تراكمي مع فرنسا، وهذا يمكن أن تكون له عواقب وسيفقد فرنسا بعض المراتب والمراكز مع المغرب، لكن أعتقد أنه سيتم تدارك ذلك بسرعة”، يقول.
رابط مختصر- https://arabsaustralia.com/?p=27286